الثورة نت/..
يواصل العدو الصهيوني عدوانه الوحشي النازي على قطاع غزة عبر عمليته العسكرية “عربات جدعون2” المدعومة أمريكيًا، من خلال الاستمرار في قصف السكان المدنيين في الخيام والمباني المدمرة، واستمرار تدمير الأبراج السكنية في مدينة غزة بشمال القطاع، بموازاة استمرار سياسة التجويع الممنهجة، من خلال إغلاق جميع المعابر، ومنع دخول المساعدات، في الوقت الذي يصدر فيه العدو أوامر مستمرة للسكان بإخلاء مدينة غزة، في خطوة يهدف بها الى تهجير الفلسطينيين قسرا من القطاع تحت وطأة القصف والتدمير والمجازر والتجويع والتهديد بالقتل.
يأتي هذا بالتزامن مع مصادقة ما يسمى برئيس وزراء حكومة العدو الإسرائيلي مجرم الحرب المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، بنيامين نتنياهو، مساء اليوم الخميس، على خطة (E1) لتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية والمحيطة بالقدس المحتلة.
وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) يهدف هذا المخطط الاستيطاني إلى عزل القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني، وقطع التواصل الجغرافي والسكاني بين القدس والتجمعات الفلسطينية، وعزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتحويلها الى جيوب تخضع في حركتها لسلطة العدو.
كما يعمل المخطط على توسيع حدود القدس الشرقية من خلال ضم تكتل “معالي أدوميم” الاستيطاني لها، وسيؤدي إلى تهجير وتشريد سكان التجمعات البدوية مرة أخرى من أراضيهم، مقابل زيادة عدد المستوطنين في القدس على حساب المواطنين الفلسطينيين الأصليين، خاصة بعد إخراج تجمعات فلسطينية مثل كفر عقب وعناتا شعفاط.
وكانت محافظة القدس حذرت في وقت سابق اليوم، من توقيع حكومة العدو اتفاقية “سقف”، مع بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم”، تتضمن تخصيص نحو 3 مليارات شيقل لمشاريع بنية تحتية، تمهيدًا لبناء أكثر من 7,600 وحدة استيطانية، بينها 3,400 وحدة في منطقة (E1) شرق القدس المحتلة.
وأشارت المحافظة في بيان إلى أن هذا الاتفاق، الذي يُبرم بحضور نتنياهو ووزير ماليته المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وما تسمى بـ “وزارة الإسكان”، وأعضاء كنيست العدو وجمعيات استيطانية، يهدف إلى تسريع البناء الاستيطاني، وتعزيز المخططات الاستيطانية من خلال ربط “معاليه أدوميم”، بالمنطقة الصناعية “ميشور أدوميم” والمشاريع الأخيرة المصادق عليها اليوم.
وعودة إلى قطاع غزة، أكدت مصادر محلية بأن جيش العدو الإسرائيلي دمر اليوم الخميس، 9 مبان سكنية تضم عشرات الشقق وتم تسويتها بالأرض وتشريد سكانها في مناطق حي النصر ومخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وحي الزيتون شرقا.
خطان متوازيان
يمضي العدو الإسرائيلي بخطى حثيثة لاستكمال قضم الجغرافيا الفلسطينية؛ فبينما يستكمل مشروع تدمير كل شيء في قطاع غزة، بموازاة استهدافه الوحشي للانسان على امتداد القطاع عبر القتل والتجويع؛ يستكمل مشروع الاستيطان في القدس والضفة دون حدود.. ليؤكد بذلك، كعادته، مضيه باتجاهين: الأول قضم وتهيئة الأرض للتهويد والاستيطان، والثاني قتل وتهجير الانسان الفلسطيني والقضاء على هوية الوجود الفلسطيني.
هذا ليس بجديد على العدو الإسرائيلي؛ فبقدر ما يعمل على استكمال فرض السيطرة عبر الاستيطان على جغرافيا الضفة الغربية والقدس بهدف تهويدها من خلال الاستيطان المستمر، وفرض واقع جديد، وبالموازاة يستكمل توغله في قطاع غزة مستكملًا تدمير المباني، بما فيها أبراج مدينة غزة، التي يريد من خلال كل ذلك التدمير القضاء على ما تبقى من معالم الاستقرار السكاني، بموازاة قتل وتجويع وتهجير السكان؛ وهما خطان يمضيان بهدف القضاء على ما تبقى من جغرافيا وحضور انساني فلسطيني لقيام دولة فلسطينية، كما يعتقد العدو المحتل.
وهنا لا يمكن أن نتجاوز ربط ما يرتكبه في قطاع غزة من تدمير وقتل وتجويع وتهجير بمشروع أعلن عنه ترامب مستهل العام، والذي يتضمن رغبته في تحويل القطاع على ما اسماها “ريفييرا الشرق الأوسط”، بعد تهجير الفلسطينيين واستبدال بيوتهم بـ”مدن ذكية” وفنادق فاخرة تحت إدارة أمريكية مؤقتة.
وفي خطوة تنفيذية للجريمة الصهيوأمريكية، يستكمل جيش العدو إخلاء احياء مدينة غزة من سكانها؛ مما يدلل على تماهي المشروع الأمريكي بالمؤامرة الصهيونية منذ بداية نشأة الكيان.
وتواصل قوات العدو الصهيوني منذ 7 أكتوبر 2023، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية، شن حرب مدمرة في غزة، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 227 ألف فلسطيني، بحسب مصادر طبية فلسطينية.
ووفقاً للقانون الدولي فإن كلّ هجوم يطال منشآت سكنية يتطلب من الطرف المهاجم، أن يثبت هدفاً عسكرياً محدداً، وأن يتخذ كلّ الاحتياطات الممكنة لتجنّب أو تقليل الأذى المدني؛ وإلا فإنه يرتقي إلى عمل غير مشروع يشكّل جرائم حرب.
خيوط المؤامرة
وارتباطا بالمؤامرة الخبيثة، أجتمع ترامب خلال الفترة الماضية مع صهره جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، بشأن مستقبل قطاع غزة.
ورغم رفض البيت الأبيض مشاركة أي تفاصيل إضافية عما حدث في الاجتماع، إلا أن نظرة على المشاركين فيه لم تترك إلا المزيد من الشكوك في أهداف الاجتماع الذي جاء في وقت بدأ فيه العدو الإسرائيلي خططه للهجوم على مدينة غزة.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مؤخرا، عن الخطة التي اعدتها إدارة ترامب لما بعد الحرب في غزة، وإنها ستقوم على وضع القطاع تحت إدارة أمريكية لمدة 10 سنوات بهدف تحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وتنص الخطة، المؤلفة من 38 صفحة، على ترحيل سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة إلى الدول المجاورة، أو إلى مناطق “آمنة” داخل غزة المدمرة.
وقوبلت هذه الخطة في حينها برفض عربي ودولي واسع، فيما حذرت الأمم المتحدة من خطر “تطهير عرقي” في غزة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل ما طرحه ترامب عن المخطط الصهيوني لابتلاع الأرض وقتل سكانها من الفلسطينيين أو تهجيرهم؛ فالهدف من هذه الخطة هو مسح هوية الأرض الفلسطينية، وفرض هوية جديدة في مسار مخادع يستهدف تسليم القطاع في الأخير للعدو الإسرائيلي، ليتسنى له بذلك استكمال مشروعه التوسعي، الذي يمضي نحوه بخطى متتالية في كل من الضفة والقدس، وها هي حاليا ومنذ عامين ينفذ خطة أخرى لنفس الهدف في قطاع غزة، ممثلا في الاستحواذ على الجغرافيا الفلسطينية والقضاء على الوجود الفلسطيني مستخدما في ذلك كل الأساليب الوحشية؛ وبالتالي يستكمل العدو مخططه التوسعي، الذي لن يقف عند حدود فلسطين، بل سيمضي الى استهداف مناطق أخرى في كل من : مصر، الأردن، سوريا ، السعودية، العراق، لبنان…باتجاه تأسيس “إسرائيل الكبرى”؛ وهو المشروع الذي تحدث عنه مجرم الحرب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية نتنياهو في مقابلة تلفزيونية ، مؤكدا ايمانهم بهذا المشروع؛ وهو ما يمثل تحديا توراتيا لكل المنطقة؛ وما يحصل في غزة والضفة هما جزاءان من هذه الخطة الصهيونية التي بدأ تنفيذها قبل عام 1948 بدعم أمريكي مستمر حتى اليوم.
مما سبق نخلص إلى أن العدو الإسرائيلي لن يتوقف عن تدمير كل مقومات الوجود الفلسطيني، وبخاصة الجغرافيا والحضور الإنساني، باتجاه تعزيز هيمنته العنصرية التوراتية؛ لكنه لا يدرك بعنجهيته واستعلائه، على الرغم من تجاربه الممتدة لأكثر من سبعة عقود، أن الأرض مازالت فلسطينية، ويصمد فيها فلسطينيون كجذور أشجار الزيتون، وتحدوا الموت، وآمنوا بالمقاومة كدرب لتحرير الأرض وكسر وطرد المحتل.
والدليل على ذلك، بقاء جيش العدو بكل إمكاناته وعتاده ومن وراءه الولايات المتحدة في قطاع غزة لنحو عامين وعلى الرغم من ذلك، لم يستطع خلالها تحرير أسراه أو تأمين سيطرته في القطاع؛ بينما يسقط منه كل يوم قتلى وجرحى، من خلال مقاومة لا تملك سوى إمكانات ذاتية، لكنها قبل ذلك متسلحة بإيمانها بالحق الفلسطيني المتجذر على امتداد خريطة هذا البلد العربي.