يشكل الاحتباس الحراري إحدى أخطر الظواهر الرئيسية لتغيير المناخ الذي بموجبه يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بسبب التراكم الزائد للغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الناتجة من الانبعاثات الغازية من عوادم السيارات والمصانع وتوجد الغازات الدفيئة الطبيعية في الغلاف الجوي بنسبة معتدلة وبكمية محددة تعمل على امتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من سطح الأرض وتحتفظ بها في الغلاف الجوي لتحافظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وبمعدلها الطبيعي ” أي بحدود 15°c “.
ونتيجة النشاطات الإنسانية المتزايدة وخاصة الصناعية التي أدت إلى زيادة الغازات الدفيئة لدرجة أصبح مقدارها يفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وعند مقدار معين بوجود كميات إضافية من الغازات الدفيئة وتراكم وجودها في الغلاف الجوي يؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي وبالتالي تبدأ درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع محدثة ظاهرة الاحتباس الحراري .
وفي هذا الاطار توصل المندوبون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في ليما لاتفاق خلال المفاوضات الخاصة لتجاوز الخلافات بين الشمال والجنوب بين الدول المتقدمة والدول النامية حول صيغة التعهدات أو المساهمات الوطنية بخصوص السنة المرجعية ومدة الالتزام وخطة التحرك والقطاعات المعنية التي ستتخذها الدول عام 2015م لخفض انبعاثات الغازات في مؤتمر باريس القادم.
وتم تمديد المؤتمر يومين اضافيين بمشاركة الدول الـ 195 الأعضاء في معاهدة الامم المتحدة حول المناخ بعد أن أمضت أسبوعين في مناقشة أسس اتفاق يفترض أن يبرم في باريس 2015م.
وسعت الوفود المشاركة لوضع اللمسات الاخيرة على نص مقبول من الجميع يشكل اطاراٍ بتعهدات تقطعها الدول في 2015م بشأن حفض انبعاث الغاز المسببة للدفيئة والتي ابدت كل من الصين والهند تحفظاٍ على كل الارقام المطروحة من اجل ذلك .
وطالبت دول الجنوب بدعمها من أجل التحركات الخاصة بالتكيف مع الاحتباس الحراري بينما يرى مشاركون أن مفاوضات ليما في مؤتمر العشرين للأطراف المعنية صعبة جداٍ إذ تطلب من الدول الصناعية لخفض الانبعاثات الغازية السامة من ثاني أكسيد الكربون من مصانعها حفاظاٍ على البيئة والذي سيؤدي بدوره إلى خفض الانتاج الصناعي لها.
من جانب آخر أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ رغم التقدم الملحوظ من تدني العمل المشترك الذي لا يضاهي المسؤوليات المشتركة.
ودعت جميع الأطراف المشاركة في ليما للالتزام بخمسة أشياء هامة أولها صياغة مسودة متوازنة ومنظمة ومتماسكة لاتفاق تغير المناخ في عام 2015م الذي سيوفر أساسا صلبا لمفاوضات العام المقبل في باريس…ثانيا حصول التقدم الملموس على صعيد توطيد نظام تمويل المناخ داعية الدول التي لم تساهم بعد في صندوق المناخ الأخضر إلى التفكير في إعلان تعهد مالي طموح في ليما أما المطلب الثالث الذي طرحه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فهو ضرورة منح الأولوية لتوفير الدعم في مجالات التكيف وبناء الصمود للأكثر ضعفا وخاصة الدول الأقل تقدما والبلدان الجزرية الصغيرة الناميةوتمثل المطلب الرابع في حث المشاركين في مؤتمر ليما على اتخاذ قرار لحفز وتيسير التعاون في نطاق أكثر شمولا من الأفعال التي تقوم بها مختلف الأطراف بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني والمدن وأخيرا دعوة الدول التي لم تصدق بعد على تعديل الدوحة لبروتوكول كيوتو إلى فعل ذلك بشكل عاجل مؤكدة على أهمية كتابة تاريخ جديد لكوكب الأرض من مدينة ليما التاريخية ونادى بالعمل المشترك لوضع اتفاقية شاملة ذات مغزى حول المناخ يتم اعتمادها في العام المقبل في باريس.
ومع استفحال هذه الظاهرة يجعل من طبقة الأوزون تبدأ بالتآكل مما يسهل من وصول الأشعة الضارة الصادرة من الشمس خاصة في السنوات الأخيرة من القرن العشرين حتى الآن محدثة عواقب وخيمة على كوكب الارض مما أدى إلى تزايد الدعوات من بعض الدول الصديقة للبيئة للحفاظ على البيئة على رأسها الأمم المتحدة من خلال عقد مؤتمرات وندوات وورش عمل من أجل التحذير من خطورة ما ينتظر كوكبنا من كوارث طبيعية جراء ما يحدث بسبب تلك الظاهرة .
وأكدت تلك المؤتمرات على أهمية السعي لإيجاد الحلول في الحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة التي أحدثتها أيادي الانسان الجشعة والطامعة في الحصول على الثروات المادية والمالية متناسية أن من حق العالم أن يمتلك هواء نقياٍ ومنع الاشعة تحت الحمراء من الوصول إلى الكوكب المسببة للعديد من الأمراض في حالة وصولها إلى الارض جراء الثقوب الموجودة في طبقة الاوزون بسبب تزايد انبعاث ثاني اكسيد الكربون .
إلا أن تلك المؤتمرات والتي كان آخرها مؤتمر ليما الذي عقدته الامم المتحدة في عاصمة بيرو من أجل حماية المناخ وايقاف التغيرات فيه لم تأخذ حد الجدية في تعاطي تلك الظاهرة أو حتى بوضع القوانين التي تلزم الدول الصناعية التي تنشر غبار غازاتها السامة في الهواء الجوي مؤدية بذلك إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
وتعمد تعهد ممثلون من 30 دولة أواخر نوفمبر الماضي في العاصمة الألمانية برلين بتمويل صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة بقيمة 9.3 مليار دولار مما يسمح للدول النامية بطلب المعونات المالية إلى حين افتتاح مؤتمر باريس المناخي في نهاية عام 2015م.
وعلى الرغم من أن هذا المبلغ أقل من القيمة التي تعهدت الدول المتقدمة بها والتي تبلغ 15 مليار دولار إلا أن هذا الأمر قد أظهر جهود الدول المتقدمة في حل المشاكل المالية لمواجهة التغير المناخي.
يشار إلى أن مؤتمر كوبنهاجن المناخي عام 2009م اعلن أن الدول الغنية ستقدم 100 مليار دولار أميركي كل سنة إلى الدول النامية لمساعدتها على تخفيض الانبعاثات والتكيف مع التغير المناخي وذلك اعتبارا من عام 2020م ولكن هذه الدول لم تتحرك بشكل فعال وسريع في هذا الشأن.
ويرىمراقبون أن جميع البلدان والمناطق التي يشكل حجم انبعاثاتها نحو 60 % من إجمالي الانبعاثات العالمية سيكون لها موقفها الحاسم وأهدافها الواضحة لمواجهة التغير المناخي في مؤتمر باريس .