ذكرى الطفولة في 17 ديسمبر.. الانتهاكات..فعل مستمر!



¶ العنف والقتل والتجنيد والاستغلال في الحروب   والتهريب والإتجار .. أبرز الانتهاكات

¶ تقارير دولية :
مليون وستمائة ألف طفل عمالة .. والفقر والجهل هما الدافع  
يحتفل العالم في الــ17من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للطفولة , غير أننا نجد أنفسنا أمام حالة من التجديد المؤلم لذكرى الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل اليمني وتتنوع بين الانتهاكات الحقوقية واللا إنسانية لملايين الأطفال  كالعنف والقتل  والإصابة الجسدية وظاهرة  التجنيد أو الاستغلال في الحروب والنزاعات المسلحة والاغتصاب والاختطاف وقضايا الاتجار ..

أبرز المخاطر التي يتعرض لها الطفل اليمني يلخصها  المحامي – حمزة الشرجبي بالقول : يواجه الأطفال في اليمن  ظاهرة عمالة الأطفال وهي من الظواهر التي تهدد الطفولة ليس في اليمن فقط بل في كل الدول التي تعاني من هذه الظاهرة, ففي اليمن نجد أن أهم أسباب هذه الظاهر الحالة الاقتصادية للمواطنين أو عدم وجود رب للأسرة بسبب موت أو سفر أو لا مبالاة وإهمال مما يدفعهم إلى إرسال أطفالهم للعمل في أي مكان بحثا عن لقمة العيش وقد يضطر الطفل للعمل بنفسه لتوفير احتياجاته الأساسية ..
وأضاف : في الوقت الذي يجب أن يكون الطفل فيه في المدرسة أو في الملاهي نجده يعمل صباحا ومساء ويجوب الشوارع بحثا عن لقمة العيش وهنا يظهر تقصير دور الجهات المعنية في هذا الجانب. 
دور الدولة
وعن دور الحكومة قال : يقع على عاتقها رعاية هؤلاء الأطفال بحيث لا يضطرون للعمل بالإضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال وخاصة مجلس الأمومة والطفولة خصوصا وقانون حقوق الطفل اليمني واتفاقية حقوق الطفل قد راعت هذا الجانب ..
وركز على الحلول التي ينبغي أن توضع لمواجهة أسباب هذه الظاهرة وفي مقدمتها الفقر لذا يجب أن نوفر لهم الرعاية الكاملة بحيث لا يضطرون للعمل وإن لم نستطع ذلك فيجب على الأقل أن ننظم عملية عمالة الأطفال بحيث نحفظ لهم حقوقهم ولا نحرمهم من التمتع بطفولتهم .
الأحداث
فيما تطرق المحامي خالد الغيثي إلى الانتهاكات التي يلقاها الأطفال في السجون وخاصة في محاكم الأحداث ونيابات الأحداث , واصفا ذلك بالحال الذي يرثى له لأن التعيين فيها لا يقوم على أساس تخصصي أو تأهيلي كما أن المواد التوعوية التي تقدم للقضاة لا تتضمن أي دراسات خاصة بالأحداث وقوانين الطفولة عدا إسهامات منظمة اليونيسف ..
كما لفت إلى أن ميزانيات المحاكم لا تفي حتى بتوفير أبسط الاحتياجات من قرطاسية وغيرها واغلب مساعدي القضاة من إداريين وأخصائيين وكتاب غير مؤهلين ولا يستطيعون التعامل مع الأحداث ..
إلى جانب ذلك يشير إلى غياب دور الجهات المختصة في وضع استراتيجية تأهيل الكوادر البشرية العاملة في قضاء الأحداث من قضاة وأعضاء نيابة ومختصين وإداريين رغم أن هناك تمويلات من منظمات وجهات حقوقية بملايين الدولارات ولكن سوء استخدامها يمنع من الاستفادة منها.
انتهاكات جسيمة
من جهته بين أحمد القرشي – رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة جملة من الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة في اليمن والتي قال :إن من أبرزها العنف الممارس من عدة جهات ويبدأ من الأسرة والمجتمع كالقتل أو الشروع في القتل والإصابة الجسدية إضافة الى ظاهرة   التجنيد أو الاستغلال في الحروب والنزاعات المسلحة والاغتصاب أو هتك العرض (التحرش الجنسي) وتزويج الصغيرات والتعذيب الجسدي أو النفسي  وحجز الحرية أو السجن خارج القانون  والتهريب إلى خارج الحدود والاتجار بهم وبأعضائهم.. وتابع القرشي:ويأتي أيضا استغلالهم  في تجارة وتهريب المخدرات , بالإضافة إلى  الاستغلال الجنسي أو في الأنشطة الإباحية والاستغلال الأسوأ شكلا في  عمالة الأطفال وغيرها من الانتهاكات والجرائم في غياب واضح لدور الجهات الحكومية المسؤولة في هذا الجانب وغياب القوانين المحصنة لحماية حقوق الطفل اليمني .
وأشار رئيس منظمة سياج إلى أن أكثر من  26  حدثاٍ قاصراٍ محكوم عليهم بالإعدام ونحو 170 آخرين معرضون لذلك في اليمن خلافاٍ للقانون والتشريعات الدولية قابعون خلف قضبان السجون ..
 مطالبا الجهات الرسمية والمؤسسات الدولية والمحلية بإيقاف الأحكام القضائية التي صدرت بحق أشخاص تبين أنهم كانوا أحداث قصر أثناء وقوع الجريمة ولا تنطبق عليهم عقوبة الإعدام. 
  تشريعات
فيما يرى القانوني  أحمد الأديمي من جامعة صنعاء أن التشريع اليمني الذي يتكون من مجموعة من القوانين والأنظمة إضافة إلى دور الأجهزة المعنية بالطفولة يبعث على الارتياح إذ نجد أنه نظم أحكام اجتماعية وضمانات فيها صيانة للحدث ويظهر ذلك جليا في القوانين الجنائية ابتداء من سن المساءلة القانونية وضمانات المحاكمة وتخصيص قضاء نوعي للنظر في القضايا المتعلقة بالأحداث إضافة إلى ضمانات أماكن التوقيف وأخيرا العقوبة ومدتها وتحديد المسئولية الجنائية ,
وأضاف بالقول : كما نجد أن قانون العمل اليمني  نظم أيضا مجموعة من القواعد المتعلقة بتشغيل الأحداث من حيث الأجر وساعات العمل ونوعه والتدريب والتلمذة المهنية.
مقارنا حال النصوص القانونية بالواقع وقال :  من يتابع ويطلع على  القوانين والأجهزة المعنية يظن أن طريق الطفولة مفروش بالورود  لكن كل تلك الضمانات القانونية والأجهزة نصوص مفرغة من محتوياتها تماما ويكفي لمعرفة ذلك الانتقال والخروج إلى الشارع لتجد أطفالا لم يبلغوا سن الرابعة يتسولون في الجولات ويمتهنون مختلف المهن فذلك يبيع الصحف وآخر المياه المعدنية والعديد من المهن ويبقى التسول أبرزها .
طفولة مؤلمة
وتساءل الدكتور الاديمي بالقول: أين دور الحكومة وأين هي تلك  الضمانات القانونية المحددة في القانون¿ وأضاف : إنها غائبة ليس فقط في ابسط الحقوق وهو حق الحياة بل حق التعليم والسكن والرعاية وضمانان المسئولية وزواج القاصرات وكذلك انعدام دور الجهات المعنية تجاه الأطفال المعاقين وأطفال التوحد (ذوي الاحتياجات الخاصة )والرمي بهم إلى أحضان القطاع الخاص في هذا المجال الذي لاتزيد بنيته التحتية عن معهدين تستغل أوضاع الطفولة والجهات المانحة  .
حقوق منتهكة
من جانبه يقول العقيد محمد أحمد الصباري – مدير عام العلاقات بالبحث الجنائي ومسؤول إدارة مكافحة الاتجار بالبشر  في وزارة الداخلية سابقا : إن  الطفولة اليوم بحاجة إلى دور إيواء  ومراكز تأهيل للأطفال الضحايا وإعادة دمجهم في المجتمع وإزالة الجرائم والآثار النفسية التي تعرضوا لها في طريق التسول أو  الاتجار بهم  أو جراء الحروب والنزاعات المسلحة التي شهدها اليمن في الآونة الأخيرة .
ولفت إلى أن غياب نصوص تشريعية تجرم انتهاك حقوق الأطفال والاتجار بهم واستغلالهم ومن يقفون وراء المتاجرة بهم وبطفولتهم ومستقبلهم هو سر تفشي هذه الظاهرة المنتهكة لحقوقهم  .
وقال :لو اجتهد القضاء مثلما اجتهدت الاجهزة الأمنية في ضبط المتورطين  لما عادوا إلى جرمهم وتوسيع نشاطاتهم وإعادة استغلال هؤلاء الأطفال  والمتاجرة بهم مجددا علنا .!    
محذرا المنظمات التي تسعى إلى كسب المال على حساب افتعال الأزمات والجرائم بحق الأطفال من مغبة الاستمرار في ذلك معتمدة على التضليل والزيف وتحويل القضية إلى قضية رأي عام محليا ودوليا .
وأضاف الصباري : نحن لا ننكر أن هناك جرائم جسيمة بحق الطفولة ونحن نتابع بشكل دائم تلك الانتهاكات ومن يقوم بها خصوصا عصابات الإجرام بمختلف شبكاتها محليا ودوليا حيث هناك تشابك وتعاون بين أجهزتنا الأمنية وأمن دول الجوار لتتبع كل الشبكات التي تستغل ربيع طفولة أبناءنا.
تقارير مخيفة
ويؤكد تقرير دولي خاص بوضع الأطفال في اليمن أن جميع التقارير عن الوضع في اليمن تتفق على أهمية التصدي للفقر وأن جميع خطط العمل الوطنية وتحليلات السياسات العامة والخطط الاستراتيجية تتضمن توجهات ترمي إلى الحد من الفقر بين الأسر أو التخفيف من آثاره عليها غير أنه يلاحظ أن بعض الأطفال يعانون من الفقر بشكل أكبر مقارنة بغيرهم من الأطفال وأن الاستجابات الوطنية الراهنة للتعامل مع الفقر لا تحقق سوى آثار مستدامة ضعيفة أو غير مباشرة على الفقر.
التقرير الذي أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومنظمة اليونيسف تناول في جزءينº الوضع العام ووضع التنمية البشرية وحقوق الإنسان على المستوى الوطني ووضع الأطفال في جوانب الفقر والخدمات الأساسية والحماية. لافتاٍ إلى المكاسب الجيدة التي تم تحقيقها في مجال الحد من الفقر. 
واظهر التقريرتعرض الأطفال في اليمن  لأشكال متطرفة من العنف والإساءة والاستغلال الجنسي وكذا الاستغلال الاقتصادي ومخاطر الإصابات البدنية الناجمة عن عمالة الأطفال التي لوحظ تصاعدها في أعقاب الصراع الذي شهدته البلاد عام 2011م حسب ماو رد في التقرير الذي بين أن أكثر من مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماٍ يمارسون أعمالاٍ مرهقة وأن 51% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماٍ منخرطون في الخدمات المنزلية غير مدفوعة الأجر .
فيما كشف  التقرير الأخير لمنظمة العمل الدولية أن أكثر من  مليون وستمائة  ألف طفل في سوق العمل يعملون من اجل مساعدة أسرهم مالياٍ و تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و11 سنة.
وبحسب التقرير  فإن قطاع الزراعة يستقطب العدد الأكبر من الأطفال العاملين بنسبة 65.1% يليه عمل المنازل (29%) فالتجارة بالجملة والتجزئة (قرابة 8%) فضلا عن قطاع البناء (2.7% تقريبا). ويشكل الأطفال ما بين سن الخامسة والسابعة عشرة نسبة 34.3% من سكان اليمن أي 7.7 مليون طفل.
مخرجات الحوار
لقد جاءت مخرجات الحوار كافلة لحلول ظاهرة انتهاكات الطفولة بمحدداتها الدستورية .داعية إلى تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية للحد منها والقضاء عليها ,وهنا يقول : مقرر الحقوق والحريات بمؤتمر  الحوار الوطني ماجد فضائل  : إن  العديد من المواد والموجهات الدستورية الخاصة بحقوق الطفل  موجودة حيث أن عدد المواد التي تتحدث عن الطفل ضمن الوثيقة الوطنية تصل إلى 55 مادة وموجهاٍ دستورياٍ وقانونياٍ وهذا يدل على الاهتمام الكبير بهذه الشريحة.
وطبقا لهذه النصوص حسب فضائل فإنه يحظر تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن الإلزام التعليمي في أعمال لا تناسب أعمارهم و تمنع استمرارهم.. في التعليم و تتخذ الدولة جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية ..
كما تجرم النصوص طبقا لفضائل تجنيد الأطفال دون هذا السن ولا يجوز إشراك الأطفال في الحروب والنزاعات المسلحة أو تشغيلهم بأي شكل وتتعهد الدولة بحماية الطفل من كافة أشكال الاستغلال و تلتزم برعايته وحمايته عند فقدانه أسرته.
 مبينا أن مخرجات فريق بناء الدولة في الأسس الاجتماعية لحماية الطفل  تضمنت عقوبات سوء المعاملة أو الإهمال أو الاستغلال والحماية من ممارسات العمل المستغلة وألا يطلب من الطفل أو يسمح له بأن يؤدي عملاٍ أو يقدم خدمات غير ملائمة لسنه أو تعرض مصالحه أو تعليمه أو صحته الجسدية والنفسية أو نموه العقلي أو الاجتماعي للخطر .
ونبه الفريق حسب فضائل إلى ضرورة اتخاذ الدولة التدابير اللازمة لمكافحة وتجريم عمالة الأطفال وتهريبهم .
أما فريق استقلالية الهيئات فقد وضع أسس المؤسسة المستقلة  التي تحمي الأطفال  وذلك بإنشاء هيئة وطنية عليا لشؤون الأمومة والطفولة مستقلة تعمل على الحفاظ على القيم والبناء الاجتماعي وتراقب حقوق الطفولة والنشء والوقوف على أسباب الفساد والاستغلال والإهمال في الصحة والتعليم والأمن الاجتماعي وتهيئة أفضل الظروف لبناء اجتماعي سليم على أن تقوم هيئة الأمومة والطفولة بتقديم التوصيات الخاصة بالسياسات الوطنية وأولوياتها التي تتعلق بالأسرة اليمنية.

قد يعجبك ايضا