سيرة الوزير هاشم جمعت بين العطاء الإنساني والموقف الوطني الصلب

حسن حمود شرف الدين

 

 

ارتقى ابن عمي المجاهد الشهيد/ هاشم أحمد شرف الدين وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة التغيير والبناء، تاركًا فراغا عميقا في الواقع الأسري وفي المشهد الإعلامي والوطني، بعد استهداف صهيوني إسرائيلي غادر استهدف اجتماعا لحكومة التغيير والبناء.
كان الشهيد مثالا حياً للأخلاق الحميدة، نشأ في كنف أُسرة عُرفت برموزها في بناء الدولة المدنية الحديثة، فكان والده البروفيسور الشهيد أحمد عبدالرحمن شرف الدين -رحمه الله- من أعلام هذا النهج، استشهد -والده- مسلِّما به حتى آخر لحظة من حياته، واستلهم الابنُ -الشاب- هذا الإرثَ المتميز، فأكسب شخصيته بُعدا مدنيا حضاريا يؤمن بالمسؤولية المجتمعية أولا وأخيرا.
كان الشهيد سريع البديهة في تقدير معاناة الآخرين، يفتح خطوط التواصل مع كل محتاج يقصده، ولا يتوانى لحظة عن تقديم دعمٍ سخيٍّ لأولئك الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة.. لم يكن مُحسناً على الضعفاء من العائلة فحسب، بل تجاوزه إلى مواطنين من مختلف الفئات، حتى باتت كلمته للمتألمين دواءً يخفف عنهم آلامهم المعيشية أو الصحية.. وفي الوقت نفسه، جمع العزيز هاشم بين الليونة والود في الطباع، والحزم الإداري كمسؤول هدفه تصحيح الوضع المزري، فلم يهادن مرتزقا أو عميلا أو فاسدا، ولم يكن مظلة لأي سلوك يخدم المصالح الضيقة أو يخدم مصالح العدو المتربص على حساب المصلحة العامة.
يعتبر الفقيد ابنُ الإعلام، كان عاشقا لمهنة الصحافة والإعلام منذ نعومة أظافره؛ ففي جلسة ودية معه، استذكر كيف وجد صوته يصدح عبر إذاعة البرنامج العام “إذاعة صنعاء”، عمل فيها مذيعا ومعد برامج إذاعية، حتى رسّخ نفسه كمذيعٍ محترف، ثم اتجه للتخصص الأكاديمي بدخوله كلية الإعلام، حيث صقل أدواته النظرية والعملية معا، وتخرج منها، ما مهد له طريق العمل لدى إحدى القنوات الفضائية الدولية كمراسل ميداني قل نظيره.
ورغم انشغاله في مهامه الإعلامية الميدانية، التحق الشهيد -رحمه الله- بصفوف الثورة الشبابية وثورة تصحيح المسار، فساهم بصفته الثورية والإعلامية المناهضة للنظام في ذلك الوقت، حتى أصبح من أبرز الأصوات الإعلامية الثورية التي تسعى إلى إسقاط النظام وتصحيح مسار الثورة بوضوح وجرأة.
عُينَ الشهيد الأستاذ/ هاشم أحمد شرف الدين نائبًا لوزير الإعلام، وكان له فيها بصماتٌ واضحة حتى استقال من منصبه لأسباب غير معلنة، وتفرغ للعمل في الإعلام الثوري، وكان له أيضا بصمة واضحة، ثم عُينَ ضمن حكومة التغيير والبناء في منصب وزير الإعلام والتي شكلت قبل عام تقريباً، ليقود سياسةً إعلاميةً تنشد العصرنة، وتواكب ثورة الاتصالات الرقمية بكل أشكالها.. كما أنه أسس لإعلام جهادي مواجه للإعلام المضلل الذي يتبناه العدو الإسرائيلي الأمريكي، إضافة إلى صياغة مشروع قانون الإعلام وغيرها من اللوائح التنظيمية للمؤسسات الإعلامية التي تشرف عليها وزارة الإعلام.
في أقل من عامٍ، لم يكتف الوزير هاشم بتطوير الأداء المؤسسي للمؤسسات الإعلامية الحكومية فقط، بل تحول إلى جسرٍ يربط بين هموم اليمنيين وهموم غزة، مجسّدًا التلاحمَ القيمي بين المظلومين في كل مكان، من خلال دمج المنصات الإعلامية الرسمية مع وسائل التواصل الاجتماعي، فأتاح منصات تفاعلية بين الحكومة والجمهور، أتاح منصات تفاعلية بين اليمن وشعوب العالم، وهذا ما عزز من شفافية الأداء وفاعلية الرسائل.
إن استشهاد الوزير هاشم شرف الدين وعدد من زملائه الوزراء في حكومة التغيير والبناء، يتزامن مع تصاعد الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، ما يجعل لهذا العمل الغادر صدىً أكبر في وجدان اليمنيين المناصرين لفلسطين، إن دماء الشهداء الوزراء -ومنهم وزير الإعلام- لن تذهب هدراً، بل ستكون وقودا لرفد قوافل الدعم والإسناد للقضية الأُولى للأمّة الإسلامية، هذا الاستهداف لم ينهِ عزيمة اليمنيين بل زادها إصرارا على التضامن مع أهل غزة، وتأكيدا على أن التضحية بالنفس في سبيل الله سبحانه وتعالى نصرة المظلومين تعتبر تضحية قيمة لا تقاس.
يبقى إرثُ الوزير هاشم شرف الدين نابضا في وجدان الأمة، من خلال سيرته المهنية والأخلاقية التي جمعت بين العطاء الإنساني والموقف الوطني الصلب، وسيظل دعاؤنا الصادق أن يلهم الله أسرته الصبر والسلوان، وأن يعزّ مهج الشهداء في الفردوس الأعلى، ويمنحنا القوة للاستمرار على نهجهم، مواصلين دعم القضية الفلسطينية حتى انتصارها الكامل.
وإنا على نهجك يا هاشم لسائرون فإما النصر أو النصر لا خيار ثالث لهما، أما الشهادة فهي اصطفاء خص الله -سبحانه وتعالى- به المؤمنين من عباده ونسأل الله تعالى أن نكون منهم.

قد يعجبك ايضا