
إذا لم نخدم أنفسنا لن ينفعنا الآخرون
لا زالت معاناة المواطنين تزداد يوماٍ بعد آخر والنخب السياسية تركز على المكاسب والمحاصصة.. كما أنها تحافظ على مصالحها الاقتصادية باستخدام السياسة كغطاء رسمي للتستر على مآربها الأخرى.. أما المواطنون فهم في آخر قائمة اهتماماتهم.
“الثورة” أجرت حواراٍ مع الدكتور طه الفسيل –أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- تحدثنا معه حول الواقع المعيشي الذي يعيشه المواطن ومكانته لدى القوى السياسية بمختلف توجهاتها ودور الحكومة في التخفيف من معاناته وتوفير احتياجاته الضرورية.. فكانت الحصيلة التالية:
* بداية.. المواطن لا زالت معاناته تزداد يوماٍ بعد آخر والنخب السياسية تركز على المكاسب والمحاصصة.. أين المواطن من اهتمامات هذه النخب¿
– هذه لا زالت إشكالية حيث لا يزال المواطن بعيداٍ عن اهتمامات السياسيين ويلاحظ هذا من خطوات الحكومة بشأن تشكيل اللجنة الاقتصادية والجوانب الأخرى.. أنا أعتقد أن الإشكالية الأساسية بدأت منذ بدء تنفيذ المبادرة الخليجية والحوار الوطني وأعتقد أن عدم تلازم تصحيح المسار أو المسار السياسي مع تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أدى إلى اختلالات عديدة.. أولا أنه تم الاهتمام بالجانب السياسي وإهمال احتياجات المواطن الأساسية من الخدمات التي يحتاج إليها.. الشيء الثاني استمرار الأوضاع في التدهور وللأسف الشديد حكومة الوفاق السابقة لم تنتبه إلى وعي المواطنين واحتياجاتهم مثل كيف يمكن حل إشكالياتهم وإنما اهتمت بالقضايا السياسية.. الذي نأمله من الحكومة الحالية أن تولي المواطن نفس الاهتمام بالجانب السياسي لتحسين أوضاعه وأعتقد أن القضية الأساسية تتمثل في تحسين الأوضاع وتحقيق الأمن والاستقرار وخلق فرص عمل لأن المواطن لم يعد لديه الإيمان أو الإحساس بأن هناك حكومة قائمة أصلا.
المشكلة اقتصادية
* إذا عدنا إلى أساس المشكلة في اليمن بالذات سنجدها أنها مشكلة اقتصادية بحته.. إلا أن هذه المشكلة تلقى تجاهلاٍ من القوى السياسية.. ما تعليقك¿
– الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة ومنذ بداية توليه منصب رئيس الجمهورية دائما يشير في خطاباته إلى أنه 75% من إشكاليات اليمن هي إشكالية إقتصادية كذلك الحكومة بمعنى أنه ليس هناك شيء.. المواطن لا يهمه من يحكمه ولا كيف يحكمه لا يهمه الصراع السياسي القائم بين النخب المختلفة.. يهمه بدرجة أساسية مصلحته وكيف يمكن تحسين مستوى دخله أو على الأقل كيف يحافظ على نفس المستوى المعيشي.. كيف يحصل على السلع والخدمات الأساسية التي يدفع ثمنها مثل الماء والكهرباء.. كيف تحقق الأمن والاستقرار هذه هي القضايا الأساسية التي تهم المواطن.. أما من يحكم أو من هو رئيس الوزراء أو من هو الوزير هذا شيء لا يعنيه.
رؤى وبرامج
* برأيك.. لماذا الأحزاب السياسية لا تمتلك برنامجاٍ اقتصادياٍ واضحاٍ لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين معيشة المواطن وتحمل المسؤولية المجتمعية¿
– من ضمن الإشكالية التي نواجهها ليس الوضع السياسي في اليمن وإنما الولاءات الضيقة للأسف بدأت تنتشر وتتعمق في المجتمع اليمني سواء كانت ولاءات ضيقة لأحزاب سياسية أو مناطقية أو مذهبية هذه للأسف الشديد كشفتها الأزمات التي تشهدها اليمن منذ ما سمي بـ”الربيع العربي” .. يعني نفس الوجوه منذ أن ولد وهي نفس الوجوه لم تتغير.. بمعنى أن هذه الوجوه ليست قادرة على التغيير.
حماية مصالحها
* البعض يقول إن القوى السياسية وبعض الأحزاب السياسية تقوم بحماية مصالحها واستثماراتها بدخولها السياسة مستغلة الأوضاع التي تمر بها البلد¿
– هو صراع مصالح اقتصادية صراع مصالح ذاتية.. ليس صراعاٍ من أجل المواطن وهذا شيء واضح لا أحد يستتطيع نكرانه.
* ويبقى المواطن هو الضحية!
– دائما المواطن هو الضحية في كل الأحوال.. إن سدوا سدوا عليه.
* كيف لنا أن نلزم هذه القوى السياسية أن تعمل من أجل المواطن¿
– قبل كل شيء تتقي الله سبحانه وتعالى وتعرف أن هناك حساب وعقاب إن لم يكن في الدنيا فهو في الآخرة.. الشيء الآخر أنها تلتقي برؤاها وأفكارها وبرامجها بحيث تلامس هذه الرؤى والبرامج والأفكار السياسات والمواقف ملامسة حقيقية احتياجات المواطن.. نسعى إلى تأسيس الدولة المدنية الحديثة وللأسف الأحداث داخلها لم تتطور فيها الديمقراطية.. نتحدث عن الديمقراطية والأحزاب التي تحكمنا ليست ديمقراطية أصلا.
تجاهل القوى
* ألا ترى أن تجاهل القوى السياسية والأحزب وصانعي القرار عن قضايا المواطنين أنه يولد أزمة جديدة أبطالها الجياع¿
– أكيد.. بلا شك.. أضرب لك مثالاٍ بسيطاٍ جداٍ أني قلت دائما أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية دون إيجاد إصلاحات حقيقية يلمسها المواطن في إطار احتياجاته ومتطلباته الأساسية.. إذا لم نخدم أنفسنا فلن يخدمنا الآخرون.. إذا لم نراع مصالحنا فلن يراعي مصالحنا الآخرون لأن الآخرين سواء الدول المانحة والجهات المانحة تراعي مصالحها أولاٍ وأخيراٍ.. وللأسف تجد من القوى والأحزاب والنخب السياسية وحتى النخب المتعلمة لا تجارها في أفكارها ورؤاها دون أن يطرح رؤى بديلة.. إلى الآن لا تجد لدينا رؤية اقتصادية وهذه هذه الإشكالية التي نعيشها.
المخرجات والاتفاق
* ماذا عن مخرجات الحوار واتفاق السلم والشرا_ة الخاصة بالقضايا الاقتصادية¿
– هل يتم مراعاة احتياجات المواطنين فعلا.. أم أنه مجرد تشكيل لإيجاد مبررات لرفع الأسعار.. الإصلاح الاقتصادي الذي ندرسه ودرسناه هو مجموعة شاملة كاملة متكاملة يتم وفق رؤى واستراتيجيات محددة وأهداف وغايات ملزمة لجميع الأطراف.. وللأسف الشديد إلى الآن لم نجد هذه الرؤى والأهداف في اتجاهات من يحمنا.
أولويات
* أخيراٍ .. ما هي الأولويات الاقتصادية التي يجب على الحكومة مراعاتها وتنفيذها خلال الفترة القادمة¿
– ثلاث قضايا أساسية.. القضية الأولى إيجاد دولة حقيقية يحس بها المواطن ويشعر بها.. فرض سيادة وسلطة الدولة على كافة أجهزة الدولة.. الشيء الثاني وهو الأهم تحقيق الأمن والاستقرار لا يمكن أن أتكلم عن الاتجاه الاقتصادي أو حدة الفقر وعلى إيجاد فرص عمل أو إقامة استثمارات والمواطن لا يأمن على نفسه من أصحاب رؤوس الأموال.. الشيء الثالث أن نضع المواطن نصب أعيننا والشيء الآخر قبل اتخاذ أي إجراءات تصحيحية تبدأ هي بنفسها وتؤسس الدولة.