
■ الوعي بمشاكل اليمن الكثيرة والمعقدة مفتاح معالجتها
إنهاء حالة الصراع السياسي والقضية الجنوبية يحتاج إلى وفاق وطني
لا لاستخدام الدين لقمع الآخر ويجب التعامل بجدية مع الصراعات الطائفية
مشاركة الشباب والمرأة سياسيا سيغير خارطة التحالفات مستقبلا
تلقي الأوضاع السياسية في اليمن بظلالها على القضايا الراكدة التي تراكمت في فترات سابقة على مستويات الأبعاد السياسة والاقتصادية والاجتماعية وتدفعها لتطفو في السطح كإشكاليات تهدد استقرار حاضر ومستقبل اليمن سياسيا وتنمويا وتقوض نسيجه الاجتماعي .
يوما بعد يوم تتجذر القناعة بأن ترحيل المشكلات والتساهل في مواجهتها يغذي الصراعات السياسية ويقود إلى العنف الذي يشكل مأزقا للقوى الفاعلة يتعلق بحدود قدرتها على إدارة الحاضر وإرادتها في تغييره نحو الأفضل من خلال إعادة صياغة كثير من القناعات والأفكار الراسخة التي أدت إلى الخلط بين رؤى ديمقراطية تنافسية لإصلاح الوضع القائم وتجاوز تعقيداته وتجنب انحرافاته ومظاهره وما يغذيه , وبين مشاريع يشوبها غياب الرؤية وتخفي في طياتها بعض ألوان ممارسات إبراز المتناقضات وبما يضع البلاد في منحنى تاريخي يهدد الكيان اليمني .
من هنا يأتي مضمون هذا الحوار مع الأستاذ حسن زيد -أمين عام حزب الحق ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء- منطلقاٍ من فكرة قدرة القوى السياسية اليمنية على صياغة رؤية لتجفيف المنابع التي تغذي إشكاليات الوضع السياسي الحالي واختيار الوسائل المناسبة في معالجتها , ونقطة البداية بسؤاله :
* ما هي قراءتكم للمشهد السياسي في اليمن حاليا ¿
– وضع معقد ومتشابك لا نستطيع تحديد مسارات توجهاته والوقوف على إشكالياته في ظل ازدواجية السياسات والسلطات فعلى سبيل المثال انتشار المليشيات المسلحة على مشارف ومداخل أبواب رئاسة الوزراء لا يعبر عن الوضع الطبيعي بل يلخص الأزمة التي تعاني منها البلاد ويعد مؤشرا على غياب أو انعدام الثقة في الأجهزة الرسمية ومنح تلك الثقة للجان الشعبية , ومع أنني من حيث المبدأ لست ضد اللجان الشعبية وكررت القول بأنني لا أتنصل من موقفي بأنها حققت الأمن وحلت بعض الإشكاليات وإن حدثت بعض التجاوزات إلا أنني حريص على أن يكون ذلك في سياق التعاون داخل أطر المؤسسة الرسمية وليس خارجها. وعموماٍ يمكن القول إن مشاكل اليمن كثيرة جدا ومعقدة وتحتاج إلى وعي الناس جميعا بما نعاني منه كيمنيين كمفتاح لحلها وبما يساعدنا على تجاوزها.
* ماذا عن برنامج الحكومة الجديدة في هذا السياق وما المطلوب من القوى السياسية لإنجاحه¿
– البرنامج في إطار الإعداد النهائي وهناك اتفاق عام داخل مجلس الوزراء بأن يكون برنامجاٍ عملياٍ قابلاٍ للتنفيذ وأن يكون مقنعا وملبيا لمتطلبات المرحلة ويركز على الأولويات السياسية والأمنية والخدمية والاقتصادية, لذلك فإن على القوى السياسية أن لا تشكل عائقا أمام الحكومة ومهامها من خلال إثارة الشائعات بل يجب أن تكون حاضنة اجتماعية سياسية تدعم هذه الحكومة في أداء مسئولياتها ومراقبتها عن كثب وتقييم مدى التزامها من عدمه في تنفيذ هذا البرنامج.
* في اعتقادك كيف يمكن إنهاء حالة الصراع السياسي الذي تعيشه البلاد¿
– هذه القضية تحتاج إلى جهود كبيرة من الجميع من خلال حوار وطني بين القوى السياسية يتم فيه الإفصاح فيه عن النوايا وطرق القضايا الحساسة والإقرار بالحقوق المشتركة وتدعيم مساحة الحريات العامة وبما يؤدي إلى وفاق وطني يركز على مكافحة الفساد والإرهاب ورفض الاستعلاء وأساليب الإقصاء والقمع التي تمارس من قبل أي طرف تجاه طرف سياسي آخر.
* كيف تنظر إلى استخدام الدين من قبل بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية في العمل السياسي¿
– أنا مع الأحزاب التي تستمد برامجها من الشريعة والفكر الإسلامي لكني في الوقت نفسه ضد استخدام كل من الدين والوطنية في العمل السياسي كشعار أو ستار يمارس من خلاله قمع الآخرين أو لدغدغة مشاعر البسطاء وكسب تأييدهم.
* من موقعك كأمين عام حزب الحق أحد أعضاء أحزاب اللقاء المشترك كيف ترون مستقبل التحالفات السياسية¿
– التجربة تؤكد الحاجة إلى الصدق لتعزيز الثقة بين القوى السياسية كما أنها تتطلب من الأحزاب السياسية أن لا تستغل التحالفات للاستقواء على القوى والتنظيمات التي تختلف معها.
* هل تتوقع أن تشهد الساحة تغييرا في خارطة التحالفات السياسية مستقبلا¿
– أكيد فلكل مرحلة إفرازاتها فمثلما حدث تغيير في التحالفات السياسية عام 1997م, وجدنا أن التغيير في شكل ومستوى التحالفات ما بين عامي 2011 و2014م كان أكبر بكثير فإذا كان التغيير الذي أحدثته انتخابات 97 البرلمانية قد أنتج تحالف اللقاء المشترك فإن التغييرات الناتجة عن أحداث ما بعد 2011 قد أفرزت نتائج جديدة أهمها توسيع قاعدة المشاركين في العمل السياسي خاصة من قبل الشباب والمرأة إضافة أي التطور الاجتماعي الذي لم يكن مخططا له والذي أحدثته وسائل الاتصال فمثل هذه العوامل لابد وأن تفرز حالة جديدة من التحالفات تغير كثيرا شكل خارطة ومكونات التحالفات السياسية.
* هل تتوقع أن تكون الأرضية الجامعة للتحالف أو الشراكة السياسية على مستوى الحكم أم المعارضة¿
– في هذه المرحلة لا أعتقد أنه توجد معارضة لكن يمكن القول إن القوى التي لم تمثل في التوقيع على اتفاق السلم والشراكة من الممكن أن تلجأ إلى المعارضة لكن القوى الموقعة على ذلك الاتفاق التزمت بدعم الحكومة ومساندتها والدفاع عنها وعدم التشكيك ووضع العراقيل أمام جهودها لأن هذه الحكومة أمامها مسئوليات كبيرة جدا رغم قصر الفترة الزمنية المتاحة لها إذ عليها مهمة تهيئة اليمن للاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات وأعتقد أن هاتين المهمتين تحظيان بحرص جمعي من كل القوى السياسية على عدم معارضة الحكومة وإنجاح توجهاتها في الوفاء بالمسئوليات الموكلة إليها.
* لكن من الملاحظ أن الثقة بين الأحزاب السياسية والعامة من المواطنين في تدن كيف ستعالج الأحزاب هذه المشكلة¿
– للأسف الشديد أن الأحزاب فقدت الكثير من شعبيتها في الفترة السابقة لكن الظروف الحالية في تصوري وكما لاحظت في آخر اجتماع للجنة المركزية للاحتفال بالأخت وزيرة الثقافة بأنه قد عادت الروح للأحزاب الوطنية التي يجب أن تتعامل بجدية مع الآثار السلبية الناتجة عن الصراعات التي يراد لها أن تأخذ طابعا مذهبيا وطائفيا.
* كيف تنظرون إلى علاقة حزب الحق بالمكونات السياسية وخاصة أنصار الله¿
– ننظر إلى الجميع كمكون وطني واحد ونحن إن شاء الله سنظل أحد المكونات الأساسية في اللقاء المشترك فما يجمعنا مع القوى السياسية أكبر بكثير مما يفرقنا ومسئوليتنا جميعا هي المحافظة على الدولة من خلال التكامل في بنائها ولا أستطيع أن أميز نفسي عن مكون أنصار الله لأنهم موجودون في منزلي وحولي وهم إخواني وأبنائي.
* باعتبار أن حزبكم مكون أساسي في اللقاء المشترك ما هي رؤيتكم للقضية الجنوبية والدعوة لفك الارتباط¿
– أنا رؤيتي الشخصية أنه لا يمكن المحافظة على علاقة الوحدة بالقوة لأنها مكلفة لليمن عموما كما أنني ضد الانفصال بالقوة لأنه سيجرنا إلى صراعات تاريخية فأنا مع الوحدة ولكن وحدة طوعية متفق عليها وطنيا بين أبناء الشمال والجنوب.
* ماذا عن واقع الدولة المدنية الحديثة في ظل الوضع السياسي الراهن ¿
– المهم أولا أن نوجد الدولة ثم بعد ذلك نحدد مواصفات هذه الدولة وذلك وفقا لمقررات مخرجات الحوار الوطني من خلال فريق بناء الدولة والحكم الرشيد والحقوق والحريات والتي حددت بوضوح الإطار العام لملامح وشكل الدولة المدنية وعليه نتمنى أن تتحول هذه المقررات إلى نصوص دستورية وكل ما يتعلق بإجراءات تفعيلها عمليا وبما يهيئ لقيام دولة مدنية عادلة كما كان ينادي الدكتور الراحل محمد عبدالملك المتوكل .
* وجهت لك انتقادات بسبب قبولك منصب وزير الدولة لشئؤن مجلس الوزراء كيف تعاملت معها ولماذا قبلت المشاركة في الحكومة ¿
– احترم تلك الانتقادات وأتفهم دوافعها ونواياها لأني أنتقد وأقيم نفسي لكن التزامي بدعم الحكومة دفعني للاستجابة للمشاركة فيها فقبول المنصب تعبير عن الالتزام فنحن ملزمون وملتزمون بدعم الحكومة وسنستمر في مساندتها وفاء للوعد والعهد وأحمد الله أن مسئوليتي أقل من مسئولية غيري من الوزراء فكثير من الإخوة الوزراء تولوا مسئوليات وزارات خدمية فيها جزء من النظام الإداري غير المتعاون ويسعى لإفشال جهودهم خاصة في تلك الوزارات المليئة بالمشاكل وبشكل يصعب معه تحقيق إنجازات أو حتى إيقاف تدهور الخدمات التي تقدمها وإن كان ليس مستحيلا ولكنه يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والمثابرة والتعاون من الجميع.