
في الوقت الذي تشهد فيه الاسواق تحولات جذرية بعملية التشغيل واتجاه الطلب على العمالة الماهرة من اصحاب التخصصات المهنية والتقنية تتسارع خطوات هذا النوع من التعليم التنموي المتوسط نحو الانحدار والعجز التام عن القيام بأي دور تعليمي تنموي يواكب هذه التحولات ويساهم في التصدي لمشاكل الفقر والبطالة.
ووفقاٍ لخبراء فأن هناك اهمية للعمل على وضع الخطط والبرامج اللازمة لرفع مستوى التعليم المتوسط واستحداث برامج وتخصصات ملبية لاحتياجات سوق العمل بالإضافة الى تشجيع وتنويع الاستثمارات بالتعليم الفني والتدريب المهني وتطوير البنية التحتية للمؤسسات التعليمية والتدريبية.
نفقات
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المعاهد التقنية والمهنية يصل الى 65 معهداٍ ونظرا لأهمية التعليم الفني والتدريب المهني فقد تزايدت نفقات ذلك النوع من التعليم من 4 مليارات ريال إلى 11.6 مليار ريال خلال السنوات الخمس الماضية أي أن الزيادة بلغت 186.6% لكن وعلى الرغم من تلك الزيادة إلا أن هذا النوع من التعليم لا يزال يعاني من ضآلة في النفقات بين مراحل التعليم حيث أن هذا النوع من التعليم تكاليفه عالية مقارنة بالتعليم العام ولذلك فإنه بالنظر إلى متوسط تكاليف الطالب نجد بأن تلك التكاليف قد ارتفعت من (120.99) الف ريال في المتوسط للعام 2004 إلى (130.979) الف ريال في المتوسط للعام 2006.
ويعاني قطاع التعليم الفني والمهني من سيطرة الدراسات النظرية على التطبيقية مما أدى إلى ضعف الكفاءةـ وعدم الثقة بمخرجات التعليم الفني والمهني .
ويؤكد خبراء ان ذلك أدى أيضا الى تدني مستوى تأهيلهم واختلال التوازن بين مخرجات التعليم الجامعي والتعليم الفني والتقني مما قلب هرم القوى العاملة لصالح التعليم الجامعي .
ويرجع ذلك لوجود قصور كمي وكيفي في إعداد وتأهيل المعلمين المهنيين والتقنيين بشكل عام و الوفرة النسبية لمدرسي المواد النظرية مع قلة المدرسين للمواد التطبيقية .
وترزح هذه المؤسسات التعليمية تحت وطأة العديد من الاختلالات التي جعلتها عاجزة عن تقديم الجديد في العلوم المسايرة لتطورات العصر بسبب تقادم برامجها وعدم مواكبتها لحركة التغيير الذي أفقدها قدرتها في إعداد معلم للتعليم العام ناهيك عن إعداد مدرسي التعليم الفني والتدريب المهني التي لم تبدأ هذه الكليات بعد بالتفكير بإعداد البرامج المناسبة التي تجمع بين الجانب المعرفي والتطبيقي.
خطط
يدعو خبراء إلى ضرورة العمل على وضع الخطط والبرامج اللازمة لرفع مستوى التعليم الفني والتدريب المهني واستحداث برامج وتخصصات ملبية لاحتياجات سوق العمل.
ويؤكد المهندس مصطفي الشويع احد الكوادر العاملة في التعليم الفني أهمية تشجيع استثمارات القطاع الخاص بالتعليم الفني والتدريب المهني وتطوير البنية التحتية للمؤسسات التعليمية والتدريبية
ويرى ان هناك العديد من التحديات التي تواجه التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن تتمثل في ضعف الطاقة الاستيعابية وتدني الارتباط بسوق العمل والنقص الحاد في التجهيزات وتغليب الدراسات النظرية على التطبيقية بالإضافة إلى تدني الكفاءة الداخلية والخارجية وضعف المخصصات الاستثمارية وتدني استخدام المتاح منها.
ويشدد على اهمية رفع الطاقة الاستيعابية للتعليم الفني والتدريب المهني وربط المناهج والبرامج التعليمية والتدريبية باحتياجات سوق العمل وكذا تحسين كفاءة ونوعية مؤسسات التعليم الفنية والتدريبية.
ويؤكد الشويع على أهمية تطوير البنية التحتية للمؤسسات التعليمية والتوسع في برامج التدريب المستمر وتطوير نظام الامتحانات بما يتفق والمناهج التعليمية والتدريبية ورفع قدرات المدرسين والمدربين مع تأمين فرص وظيفية جديدة لمواجهة التوسع وسد العجز بالإضافة إلى تأسيس وتنفيذ مجالس الجودة والاعتماد الأكاديمي في الوزارة والمؤسسات التابعة لها واستكمال بناء نظام المعلومات الفنية والمهنية.
برامج تقليدية
يؤكد خبراء أن الطلب على الايادي العاملة خلال الفترة القادمة ستتركز بشكل رئيسي في التعليم الفني والمهني لأن وضعية الأسواق تتشكل بإتجاه العامل المحترف صاحب المهارة الإنتاجية.
وتظهر الارقام الرسمية أن تكلفة الطالب في التعليم الفني والتدريب المهني كانت 5.5 ضعف تكلفة الطالب في التعليم العام في عام 2004 في حين كانت تلك التكلفة 5 أضعاف تكلفة الطالب في التعليم العام في عام 2006 ويرجع ارتفاع تكاليف الطالب في التعليم الفني والتدريب المهني إلى أن هذا النوع من التعليم له مستلزمات كثيرة لابد من توافرها خاصة وانه يتم تطبيق كل ما يتم تعلمه على الأجهزة والمعدات وآلات والورش والتي لها تكاليف عالية والدليل على ذلك فإن تكلفة إنشاء معهد تقني واحد مع تجهيزاته يكلف مليار ونصف المليار ريال بينما التعليم العام لا يحتاج مثل تلك المستلزمات حيث إن تكلفة إنشاء المدرسة الواحدة المكونة من 24 فصلاٍ دراسيا لا يزيد عن 144 مليون ريال.
ويرى استاذ الادارة الحديثة بصنعاء الدكتور احمد النجار ان التعليم الفني والتدريب المهني يواجه عدة عوائق تحد من تطويره والنهوض بهذا النوع من التعليم التنموي من أهمها تقليدية البرامج ونمطيتها وضعف أعداد المدرسين والمدربين وعدم تأهيلهم بصورة مستمرة لمواكبة التطورات التقنية والعلمية.
وبالطبع فقد انعكس ذلك كما يقول على تدني مستوى المخرجات وعدم ملائمتها لاحتياجات التنمية بالإضافة إلى عدم كفايتها كما يظهر انخفاض الوعي بأهمية التعليم الفني والتدريب المهني في البناء الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن ذلك الدور الذي يمكن للمرأة أن تساهم فيه من خلال هذا النوع من التعليم علاوة على ذلك محدودية الروابط بين مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني وقطاعات الإنتاج المختلفة .
فرص
تكشف دراسة رسمية حديثة أن المنشآت الصغيرة ستمثل المصدر الرئيسي في توفير فرص العمل بنسبة تزيد على 60% واتجاه الطلب على القوى العاملة بدرجة أساسية نحو حملة المؤهلات الفنية والتقنية بنسبة تقترب من 25%
وترى الدراسة أن المنشآت الصغيرة التي يتراوح عدد العاملين فيها (1-4) عمال تمثل المصدر الرئيسي للتشغيل وتشكل ما نسبته (64%) من العاملين في المنشآت. وتوزع النسبة المتبقية بين المنشآت ذات الكثافة العمالية المرتفعة.
كما أن مؤشرات الوضع الراهن للقوى العاملة بحسب الحالة التعليمية تبين أن 57.1% هم في مستوى التعليم الأساسي وما دون في حين يشكل خريجو المعاهد التقنية (دبلوم بعد الثانوية) 4.6% والجامعي فأعلى 10.2% من إجمالي العاملين بأجر. وفي الوقت نفسه فإن توقعات الطلب على القوى العاملة ستتجه بدرجة أساسية نحو حملة المؤهلات الفنية والتقنية بدرجة رئيسية بنحو 25% وحملة المؤهلات التقنية ما بعد الثانوية (30.8%) أو الجامعية فأعلى (38.3%).