ليلى الهان تمر من شارع سبعة

ضوء:
“من يتعلم الكراهية/ لا يستطيع أن يغفر” الهان
***
شكل وقرطاس:
(شارع سبعة) احد إصدارات الأمانة العامة لجائزة رئيس الجمهورية وهو للشاعرة ليلى الهان..احتوى الديوان على (345) مقطعا نثريا في (144) صفحة من القطع المتوسط وهو التجربة الرابعة للشاعرة ..
سر (7):
قد يطل سؤال حول دلالة رقم (7) في عنوان الاصدار (شارع سبعة) والمقطع النثري رقم سبعة..هل ثمة علاقة رمزية¿ ..قد يقودنا الاستقراء الى متاهة من عمليات حسابية أكثر منها دلالية لكن إعادة قراءة المقطع من على أفق ما احتمله الديوان من قضايا وسعى لعلاجه يكشف بأنها أشارت الى الأدوات التي تتسبب في اندلاعها..فكما تتسبب (الأداة) المتمثلة في الأسلحة الحديثة في نشوء الحروب تتسبب أدوات ليلى الهان والتي كشفت عنها في المقطع السابع في وقوع الكثير من المشكلات المصيرية..”الزجاجة المشنقة مسمار لولبي/ إصبعي اتجاهات معاكسة لعملية الوجود. صـ8″
كل الأرقام:
افتتاحية الديوان لم تكن ذات طابع كلاسيكي تزدان بمقدمة يكتبها احد النقاد بل احتوت على نص نثري لم يكن مرقما لأن مضمونه باعتقادي يشكل كل الأرقام ..يشكل لب القضايا التي طرحتها الشاعرة بكثير من البساطة والتلقائية المغمسة بالحذق اللغوي والبداهة المفرادتية!!
“لماذا لا ننسى أنفسنا /كصنعاء عندما تغريها الشمس/ بتفاصيل يومها المزدحم/ ولا تقصد إذابتنا.صـ5” ..هل حدد المقطع السابق قضية الديوان¿ هل تلخصت القضية في اطار جغرافي محدد يتمثل في صنعاء¿ وما علاقة الأدوات التي وردت في المقطع السابق¿ سيتضح كل ذلك مع توالي القراء!
هروب فردي:
رغم الم صنعاء ..رغم تكالب الذئاب عليها .. ورغم كل ما يدعو لتثبيط روح الانسان والشاعر على وجه الخصوص فيها إلا أن روح السخرية لم تغب في نصوص الديوان..السخرية الهاربة من واقع هذه البلاد الكسيرة.. السخرية التي تشير الى المأساة بكثير من الابتسامة المغلفة بالدمع!
وكأنموذج المقطع رقم 48 “ائتلاف مزعج/ قبل أن أتزوجك. صـ24″ قصير مثل الصدمة وقامة بقامة اللغة..أما المقطع النثري رقم 94 فهو يمثل بحق تعرية ذكية لحال الكثرة من ذكور البلد ومن ثما تغطية ساخرة لتلك الحالة التي تدعو للرثاء بثلاث اسطر قصيرة”اليوم كغيره يلبس الظهيرة ..يتناول الغداء..يضحك بسخرية/يلملم نفسه/ عبثا يحاول النوم” صـ33
صراع الهويات:
كما للوطن اتجاهات فللهوية ايضا اتجاهات ..غربا تقف..شرقا تصدم..شمالا تجد الطرق مغلقة..جنوبا الطريق غير واضحة المعالم..ثمة حيرة شديدة تتلبس الشاعرة..الى اين تمضي الهويات ¿ تقودها تلك الحيرة الى كتابة المقطع النثري رقم (186)”ضجرت من فكرة عبرت برأسي/ من هدوئي الشاغر/ من وجه متعدد الهوية” صـ66
ثمة رغبة في تغيير المجتمع نحو الافضل ..بلغة السياسي تعن خططا واستراتيجيات وأجندات وبلغة الاقتصادي تعني ارقاما اما بلغة الشاعر فتعني مقطعا كالتالي 153 “لنرتب الاتجاهات /كي لا ينام البشر/ في الطريق المعاكس” صـ91
شارع سبعة:
خصصت المقطع النثري رقم (265) لمضمون عنوان الديوان (شارع سبعة) والمقطع قصيدة نثرية أكثر من كونها نثرية قصيرة كما أغلب نصوص الديوان..ليس ثمة علاقة واضحة في اختيار الترقيم (265) لشارع سبعة..لكن ثمة دلالة واضحة على انها انما تتحدد في الاطار الجغرافي الذي حددته في افتتاحية والمتمثل في صنعاء..القلب الذي اذا تعافت اوردته تعافه كل جسمه!
“في شارع سبعة يتكئ الجوع / تتكئ امرأة على وسادة التسول والدموع/ في شارع سبعة أمشي بجسد عار/ كميت يتوق لغيره/ كفراشة تلتف حول عنق القنديل وتغادر/ في شارع سبعة / أتخيل أولادا يلعبون/ وأناسا يضحكون/ وبيوتا ابوابها متسعة للفضاء/ لخبز/لقهوة/ لامرأة جميلة/ تعد الابتسامات/ تخطف وردة لتهديها / لحبيبها العائد من المهجر صـ98”
هذا هو شارع سبعة ..مجرد شارع من شوارع صنعاء لكنه يلخص كل القضية.. يختصر حاجة هذا البلد..
آخر الشارع:
ولأن ليلى الهان جزء من نسيج المجتمع ..تفرح لفرحه وتحزن لأحزانه تجد نصوصها افتعالا وتفاعلا جامحا لما يعتجن في أفئدة أبناء المجتمع وخاصة (الإناث) ولأنها أنثى لها قضايا تشترك فيها مع بنات جنسها كانت الأكثر قدرة في اجتراح غوامض عوالمهن وتحسسها بكثير من الحرفية الشعرية مستفيدة من التقنيات اللغوية الحديثة.

قد يعجبك ايضا