
لا تزال تعز تعيش حالة كبيرة من الفوضى في أسواقها العامة وتكاد أن تكون جميع طرقاتها أسواقاٍ شعبية حولت المدينة في معظم مديرياتها إلى ركام من القمامات التي تسيء إليها كعاصمة ثقافية لليمن.
ففي هذه المدينة الجميلة مازال الجميع سواء مواطنين أو مسؤولين يتعاملون بطريقة غير حضارية ويرمون بكل شيء في أي مكان دون استحياء حتى أصحاب المحلات والباعة المتجولون يمارسون نفس السلوك ومثال ذلك أصحاب السوق المركزي في أهم شارع بتعز (شارع جمال) الذين لم يراعوا قيمة هذا المكان فلوثوا الأرض والجو وبدلاٍ من أن نستنشق الهواء النقي بعد الأمطار التي تتساقط على هذه المدينة نستنشق الروائح التي تزكم الأنوف.
والغريب في الأمر أن جميع المسؤولين في المحافظة يشاهدون مثل هذه التشوهات في العديد من الشوارع والأحياء المختلفة في المدينة لكنهم يمرون مرور الكرام كأن شيئاٍ لا يعنيهم وليس عليهم أي مسؤولية تجاه ذلك. ورغم أن الجهات المسؤولة بالمحافظة تقوم ببعض الحملات المتقطعة في المناسبات المتباعدة إلا أنها لا تحل المشكلة بشكل نهائي ومن الضروري أن تكون هناك حلول جذرية لمثل هذه المشاكل التي يتأذى منها جميع الناس دون استثناء فالقمامة التي ترمى على جانب الطريق بشكل مكثف والمتسولون الذين يقفون على الرصيف ويقطعون وسط الطريق والموتورات التي أصبحت أكثر من تعداد المارة والباصات التي تتوقف في أي لحظة وفي أي مكان على طول الشوارع وعرضها وأيضا السيارات التي تحجز جانب الطريق من الصباح الباكر حتى المساء كل هذه تشكل أعباء إضافية على المواطن وتجعل الحياة غير مريحة يتأفف منها الجميع دون استثناء حتى المخالفون أنفسهم وهي بحاجة إلى معالجات جادة ومستمرة.
فهل يعقل مثلاٍ أن إدارة مرور تعز لا تستطيع أن تمنع الوقوف على جانب الطريق في المواقع المزدحمة ولماذا لا تعمل إدارة الإسكان على استغلال المساحات الخلفية كمواقع للوقوف ثم كيف تقف إدارة الصندوق والنظافة عاجزة على أن تعطينا شارعا واحدا أو طريقا واحدا نموذجيا على طول وعرض العاصمة الثقافية وهي التي تمتلك مئات الموظفين من العمال والناقلات والمشرفين.
والحقيقة أن العاصمة الثقافية تعز بالإمكان أن تكون الأفضل لكنها بحاجة إلى قرارات جريئة وحاسمة تنفذها قياداتها لمعالجة مثل هكذا إشكاليات وذلك مثلا بتحديد أراضُ معينة لمواقف السيارات وذلك حتى عن طريق الشراء لهذه المساحات لاسيما في الشوارع المزدحمة بحيث تمنع الوقوف في تلك الشوارع, إضافة إلى إلزام عمال البلدية وصندوق النظافة للقيام بواجباتهم على أكمل وجه يرافق ذلك منع أصحاب المطاعم والمحلات التجارية من رمي مخلفاتهم أمام محلاتهم وفرض عقوبات على المخالفين وكذا منع أصحاب محلات الخضار والجواري من البيع وسط الطرقات ورمي مخلفاتهم على قارعة الطريق وأماكن سير المشاة.
والحقيقة أن تعز صارت بحاجة ماسة إلى انتفاضة في النظافة وترتيب طرقاتها وشوارعها فالزائر لها قد يفاجأ بشكل لافت للنظر عند مدخل المدينة في منطقة الحوبان بما يراه من فوضى وقد يصاب بالذهول حينما يصل إلى جولة القصر الجمهوري وما حولها من الباعة الذين شوهوا صورة هذا الشارع وشكلوا ازدحاما في الطريق حتى أن معظمهم لم يعد يكتفي بالبقاء في الأطراف بل وصل العديد منهم إلى منتصف الطريق والنصف الآخر لأصحاب الباصات وسيارات الأجرة الذين يقفون بشكل خاطئ على طول هذا الخط.
وهناك الكثير والكثير من المشاكل والصعوبات التي يلمسها الجميع في تعز.. ولا ندري عن ماذا نتحدث بالضبط فهل نتحدث عن الصعوبات التي يواجهها الطلاب أثناء العام الدراسي أم نسرد حكاية رجال مرور يقفون موقف المتفرج لكل ما يحدث أمامهم من أخطاء كأنهم مجرد كومبارس أم نتحدث عن الأخطاء الكبيرة التي يرتكبها سائقو السيارات الحكومية وأطقم الشرطة والنجدة والإسعاف.. للأسف فالحديث عن كل تلك الهموم والمشاكل تحتاج إلى مساحات كبيرة جداٍ لسردها, كما أن الجميع يعرف ذلك ونحن لسنا بحاجة إلى سرد المشاكل بقدر حاجتنا إلى الحلول.
وخلاصة القول: إن هناك الكثير من المشاكل التي هي بحاجة إلى وقفة جادة من قيادة المحافظة لمعالجتها بحيث يتم تحويل هذه المدينة العشوائية إلى مدينة نموذجية وذلك لن يتم إلا بقليل من الإحساس والمسئولية وكثير من العمل والرقابة والإشراف.
كما أن تعز تحتاج إلى تعاون جميع أبنائها لكي تصبح عاصمة حقيقية للثقافة.
واعتقد سيكون من الجيد لو أن الأخ مدير المرور قام بالنزول الميداني إلى شارع جمال كشارع رئيسي مثلا والسير فيه خلال الفترة الزمنية ما بعد العاشرة صباحا حتى الثانية ظهرا وكذلك تفقد شارع 26 سبتمبر ما بعد الثالثة عصرا , والذهاب إلى شارع الحوبان ابتداء من جولة القصر مابين الثانية عشرة والثانية ظهرا.. واجزم إذا قام بذلك فإنه سيصاب بصدمة كبيرة من هول ما سيشاهد من أزمات وعدم احترام لرجال المرور وحق الطريق.
وأيضا الأخ مدير صندوق النظافة في حال كلف نفسه بزيارة للأسواق الشعبية في جميع أنحاء تعز في أي وقت فإنه سيعرف تماما أن إدارته لا تعمل إلا القليل ولا تكلف نفسها عناء التنسيق مع جهات الاختصاص الأخرى لتلزم أصحاب المصالح بالحفاظ على شكل الشارع والطريق وعدم رمي أي شيء إلى الطرقات أو على قارعة الطريق صغر أو كبر حجمه.
وبالمثل نتمنى أن يقوم مسؤولو المرافق الأخرى ذات الصلة بأعمالهم على أكمل وجه.. ويتعاون الجميع لإظهار تعز بوجهها الحضاري الجميل والمشرق ليتسنى للجميع بعد ذلك الحديث عن عاصمة ثقافية يتشرف ويعتز بها الجميع دون استثناء.