منهاتن اليمن

تقع مديرية شبام في محافظة حضرموت شرق اليمن وتشكل مدينتها المسورة التي تعود إلى القرن السادس عشر أحد أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العمودي حيث بنيت منازلها منذ حوالي 600 سنة وأول من سكنها المشايخ آل باعبيد وآل باجرش وآل هويدي وآل باصهي وآل باسويدان وآل جبر وآل مصفر وآل باذيب وآل شماخ وآل لعجم وآل بلفقيه وآل مسلم والسادة آل بن سميط وآل الهدار والسلاطين القعيطي و الكثيري وغيرهم.
وتبرز شبام التاريخية في سورها المحيط بها من كل الاتجاهات والمبني على الطراز القديم ولها بوابة وحيدة كانت تغلق ليلا وبيوتها عبارة عن ناطحات سحاب هي الأولى على مستوى العالم مبنية من الطين النيئ وتتراوح طوابقها من 6 إلى 7 طوابق وارتفاع كل طابق ما بين 4 إلى 6 أمتار وتمتاز بالنقوش والزخارف على أبوابها ونوافذها المصنوعة من الخشب المحلي (السدر) شجر النبق وتعمر البيوت إلى أكثر من500 سنة إذا وجدت الصيانة الدورية لها. 
كما أطلق عليها الغربيون( مانهاتن الصحراء ) وسماها أهل اليمن (أم القصور العوالي ) إلى جانب تقليدها لعشرات الأسماء التي جعلت منها أشهر مدن حضرموت جنوب شرق اليمن تلامس صحراء الربع الخالي بدثارها المزين بأشجار النخيل وتلامس السحب بتاجها الطيني.
وتوجد فيها العديد من المواقع التاريخية منها الجامع الكبير والمسمى (جامع هارون الرشيد) الذي تم تشييده في العام 166 هجرية بالإضافة إلى مسجد الخوقة الذي كان مركزا للاباضيةويوجد فيها أيضا القصر الشمالي الذي بني في الفترة 617 هجرية وكان مقرا لحكام الدولة المتعاقبة حيث اتخذه ابن مهدي في ذات العام مقرا له وفي 618 هجرية حفر خندقا أحاط بالحصن ممتدا إلى مسجد الخوقة وحفر علي بن عمر الكثيري بئرا بجانبه سنة 836 هجرية وهو مازال قائما إلى الآن بعد أن أزيلت منه ثلاثة طوابق وهو مقر الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في حضرموت ويسهم في إعادة بناء ما عبثت به أيادي الإهمال.
هذه هي شبام التاريخية مدينة السحر والجمال مهد العلم والتجارة والوادي وكنز من كنوزه التي يفتخر بها كل يمني ويعتز بما وصل إليه تفكير أجدادنا من إثراء فن البناء المعماري في وادي حضرموت وما لقبت به شبام من أسماء وألقاب لا تعطيها حقها لأنها كانت ومازالت وستظل حقيقة أروع من الخيال.

قد يعجبك ايضا