
حين تذكر وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن أن أعداد المستخدمين للهاتف النقال يتجاوزن 13مليونا و890 ألف مشترك في 2012م تتجه الأنظار نحو معرفة حجم تجارة هذا الهاتف ومستلزماته والمعروفة في السوق بسوق الهواتف النقالة وهي تجارة أنشئت حديثا لكنها ورغم مرور 12 عاما وأكثر على ظهورها لاتزال عشوائية تفتقد للتنظيم حيث تزايدت حدة المنافسة غير الشريفة فيما بين أطرافها الأمر الذي أعاق تطورها ونموها بالشكل المطلوب .
سوق ذكية
تعرف سوق الهواتف النقالة في اليمن حاليا بأنها سوق الهواتف الذكية ولهذا لم يعد السوق يتحدث عن الهواتف العادية التي لا تعمل بأي نظام حديث إلا ما ندر ويقول التجار أن دخول الأنظمة الجديدة جلبت معها هواتف اللمس الأمر الذي جعل مئات الآلاف من الهواتف العادية في خبر كان ومع هذا التطور قاوم السوق وتخطت مرحلة القديم إلى الجديد بأقل الخسائر وبسرعة قصوى إذ تمكن التجار من توفير هواتف من هذا النوع بسعر لايتجاوز 50 دولاراٍ .
سوق مفتوح
تتسم سوق الهاتف السيار في اليمن بالانفتاح والمرونة فهي مستجيبة للتطورات والجديد الذي يظهر كل يوم ولا تواجه أي قيود لنموها أو انطلاقها ويقول عبدالله عومان من شركة عومان للاتصالات ووكيل يمن موبايل للخدمات والاتصالات أن سوق الهاتف النقال في اليمن سوق واعدة وهي سوق مفتوحة تندفع لاكتساب أي جديد نظرا لعدد السكان الكبير من جهة ووجود فئة شبابية كبيرة تتطلع لاقتناء أي جديد وبالتالي تفرض على التجار البحث عن الموديلات الأحدث الأجود أيضا وكذا الأنسب سعرا نظرا للحالة الاقتصادية في اليمن.
التكنولوجيا المعرفية
حين تم جمع باقات المعرفة في الهاتف النقال أصبحت المعرفة عبر النت وبواسطة شبكات التواصل الاجتماعي محل طلب من اليمنيين ولهذا تعزز الطلب على هذه الهواتف بشكل يدعو للدهشة ويقول المهندس عبدالله با ناصر متخصص في البرمجة أن الهواتف النقالة أصبحت حاليا النمط المستقبلي للمعرفة فيه تسابق الكومبيوتر والوسائل التقليدية كالتليفزيون والإذاعة لهذا نجد الطلب عليه من كافة الفئات في الريف والحضر نظرا لتطلعهم للاتصال بالعالم الخارجي عبر النت وهذا ما جعل التجار يتسابقون على توفير الأجهزة المناسبة وبالأسعار المنافسة وهي ما يبشر بانتشار المعرفة يوما بعد آخر.
استحواذ الهاتف على السوق
تستحوذ تجارة الهاتف السيار وقطع غياره على صدارة تجارة معدات الاتصال والاستقبال والتسجيل في اليمن وتشكل نسبة 80 % خلال الثلاث السنوات الماضية وتعكس الأرقام الرسمية عن الواردات لهذه التجارة والصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء عن نمو كبير في الواردات الأمر الذي يعكس الأهمية التي تحظى بها كنشاط تجاري يحقق قيمة مضافة كبيرة وتقول البيانات أن آلات الاتصال (التيلفون السيار) ارتفعت وارداتها من 11 مليارا و560 مليون ريال في 2008م إلى 23 مليارا و234 مليون ريال في 2009م وفي حين تراجعت الواردات منها إلى 12 مليارا و208 ملايين ريال في 2011م شهدت هذه الواردات نموا في 2012م إذ ارتفعت إلى 13 مليارا و990 مليون ريال ثم قفزت في 2013م إلى 18 مليارا و114 مليون ريال .
عشوائية
يؤكد تجار الهاتف النقال في اليمن أن السوق تتسم بالعشوائية مدللين على ذلك بالعديد من البراهين أولها أن التنافس بين الموردين يغلب عليه عدم النزاهة فمن يتمكن من الحصول على توكيل رسمي لبيع موديل ما من الهواتف في اليمن يفاجأ بعد عدة أيام أن زميل له قد جلب جهازا جديدا بنفس المواصفات مع سعر ارخص ما يؤدي إلى خسارة الوكيل المعتمد للبيع وبالتالي خسائر اقتصادية كبيرة .
ويشير احد أصحاب العلامات التجارية في الهواتف النقالة إلى أن المنافسة غير النزيهة بين التجار تؤدي إلى إلحاق خسائر لبعضهم البعض فمثلا تلفون ما تم تسجيل علامته التجارية باسم وكيل وتاجر معين وتم بذل جهود كبيرة في برمجته وتعريبه للعربية وإدخال تحديثات عليه ثم نشر إعلانات وتكلفة دعاية يقوم شخص منافس بسرقة تلك الجهود وجلب هاتف مقلد له بسعر اقل بين ليلة وضحاها.
التوكيلات
وهم التوكيلات للماركات الدولية للهواتف النقالة يعتبر احد الأمور المثيرة للجدل بسوق الهاتف النقال في اليمن فالكثير من المحلات التجارية تتوسع في النشر الدعائي والملصقات لهواتف من إنتاج شركات عملاقة دولية كما تدعي في ملصقاتها وأنها الوكيل الحصري والوحيد في اليمن والحقيقة كما يقول محمد اليمني تاجر هواتف في صنعاء أنهم عبارة عن موزع معتمد للوكيل في دبي حيث أن دبي هي المنطقة الرسمية للمبيعات في الشرق الأوسط ومنها اليمن وبالتالي يقوم التجار اليمنيون بالحصول على حاوية أو حاويتين لبيعها في السوق ولا يحملون أية توكيلات حصرية أو مزايا ذهبية من المنتجين كما في الدول الأخرى كما تختلف قوة ومهارة الصيانة التي يقدمونها بعد البيع عن الوكالات الرسمية.
جمارك مرتفعة
في تجولنا في سوق الهواتف في شارع القصر والقيادة بالعاصمة صنعاء اخبرنا بعض التجار من ذوي الأسماء المعروفة في السوق أن تجارة الهواتف النقالة تعتبر معقدة ويقولون رغم أنها مربحة وتحقق قيمة مضافة جيدة إلا أنها عشوائية ولم يتم تنظيمها فمن جهة هناك تهريب يصل إلى أكثر من ضعفي الموجود رسميا والسبب كما يقولون هو ارتفاع تكلفة الجمارك في مطار صنعاء الدولي إضافة إلى تكلفة النقل الدولي ويقول مدير مبيعات في احد الشركات أن جمرك مطار يأخذ 5-10 الآلاف ريال على كل هاتف يدخل عبره مما يضاعف قيمة الجهاز وهذا يؤدي إلى نمو التهريب حيث يستفيد المهربون من فارق رسوم الجمرك وبالتالي يؤثرون على الرسوم الممكن أن تحصلها الدولة وكذلك يسهمون في تهريب أصناف وماركات ليست معروفة ولايوجد لديها أية صيانة او خدمات ما بعد البيع وبالتالي تؤدي لخسارة لليمن.
بدون ضمان
يجلس عبدالله محمد في ركن بشارع علي عبدالمغني يبيع هواتف نقالة عديدة الواحد منها بعشرة آلاف ريال وحين يتم تشغيل الجهاز تظهر عليه لغة أخرى لاتوجد بها اللغة العربية ورغم أن الجهاز يظهر انه ماركة عالمية متطورة فإن عبدالله يؤكد للزبائن انه صيني وأنه لايتحمل أية ضمانات بعد الشراء هذا الوضع يكثر في السوق اليمني حيث يجلب العديد من التجار كميات من أسواق مجاورة وتباع دون ضمانات ولو ليوم واحد.
معوقات
يظل التقليد والتزوير للماركات والعلامات التجارية سيد المعيقات لنمو انتظام سوق الهواتف النقالة في اليمن فالتجار يشتكون من بعضهم البعض من الاعتداء على الماركات التي يجلبونها من الصين وهي قصة محيرة كما يقول مختار الحرازي تاجر جملة للهواتف النقالة حيث أن الكثير من التجار لديهم تصميمات ونماذج محددة تم إنفاق اموال كثيرة في إنتاجها ويتم الذهاب بها للصين لصناعة موديلات بها ويتم تعريبها وبرمجتها واستحداث أشياء كثيرة تتعلق بالمستهلك اليمني فيها إضافة إلى تحرى الدقة والجودة فيها ويتم جلب قطع الغيار لها والبرامج من السوفت وير لها وفتح المراكز والصيانة لها وتوفير العمالة للبيع وإذ بتاجر آخر يقوم بتقليد ذلك الهاتف بل ويجعل التاجر الأول يوفر له قطع الغيار والصيانة وهذا يمثل اعتداء وخسارة مالية كبيرة للتاجر.
المستعمل
تظل السوق اليمنية تركن للهواتف الأميركية المستعملة ماركة الايفون والجالاكسي أكثر من ركونها على هواتف غير معروفة من صناعة الصين ولهذا نمت مبيعات التيلفونات النقالة المستعملة الواردة من أميركا خلال العامين الماضيين بنسبة 50 % كما يقول إسماعيل النجار مدير مبيعات للهواتف مشيرا إلى أن تلك الهواتف تجلب بطريقتين إما عبر دبي أو عبر أميركا مباشرة وتشحن جوا وتدخل بطرق رسمية حيث يتم بيعها بسعر مابين 250 – 350 دولارا للهاتف وهي في الأصل مستعملة لكنها مجددة وتقوم شركات متخصصة بإعادة صيانتها وبيعها للدول النامية .
استحواذ
تستحوذ تجارة الهاتف النقال على جزء كبير من تجارة أدوات الاتصال وقد عكست أهميتها في ميزان تجارة السلع الإليكترونية كالتلفزيونات والمذياع والآلات الصوتية وحسب الأرقام لإحصائية تراجعت واردات التليفزيون من 2 مليار و493 مليون ريال في 2008م إلى اقل من 33 مليونا و473 ألف ريال في 2013م أما المذياع فإن حجم وارداته في العام لاتزال بين 190 – 200 مليون ريال فقط.
سوق واعدة
تعتبر سوق الهاتف السيار سوقا واعدة في اليمن نظرا لحداثتها لكنها تحتاج للتنظيم القانوني والعملي وهذا يستوجب على الحكومة التدخل ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة ووضع حد لعمليات التقليد والتزوير والاعتداء على الماركات ويدعو خبراء إلى ضرورة وضع ميثاق شرف لتجار هذا السلعة بحيث تسخر الإمكانيات لصالح قيام شركة يمنية تتحول يوما ما إلى الصناعة بدلا من الاعتماد على الاستيراد والبحث عن المنتجات من الدول الأخرى ويقول عاصم البيلي تاجر جملة للهواتف السيارة أن التطورات اليومية تلقي على التجار عبئا ثقيلا فحين يستورد منتج حديث من شركة ما يفاجأ بعد بضعة أيام أو شهور قليلة بدخول منتج آخر مطور اكثر فتحدث منافسة في الأسعار وغيرها وهذا يؤدى إلى خسائر أحيانا بين الطرفين الأمر الذي يستلزم الوقوف لحل هذه المعضلة ووضع خطوط لعملية التجارة ويطالب بالتحالف والوصول لقيام صناعة يمنية في هذه التكنولوجيا.
تجارة الجملة
يعمل في تجارة الجملة في الإليكترونيات ووسائل الاتصال ولوازمها 88 منشأة تستقطب 365 عاملا حققت قيمة إنتاج بمقدار مليار ومليون ريال أما تجارة التجزئة فهناك 803 منشآت تعمل في اليمن وعدد العاملين بها 1800 عامل وحققت إنتاجا بقيمة مليارين و706 ملايين ريال.