
على اليمن أن تتصدى لمرضي الحصبة والحصبة الألمانية بعنفوانهما المسبب للعديد من الاعتلالات الخطيرة
– تستهدف حملة التحصين باللقاح الثنائي الجديد المضاد لمرضي الحصبة والحصبة الألمانية كافة الأطفال والفتيان والفتيات من سن(9أشهر-15سنة) وبلقاح شلل الأطفال لجميع من هم دون سن الخامسة.
الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال أمراضَ أذاقت البشرية على مر العصور مرارات كثيرة..
هي اليوم أمام مرمى جهود حثيثة لاجتثاثها عالمياٍ ومحلياٍ من خلال التطعيم على غرار النجاح الذي تحقق للبشرية في استئصال مرض الجدري قبل ثلاثة عقود.
في ثنايا هذا اللقاء الذي جمعنا بالدكتور/ عبد الناصر الرباعي- مسؤول التحصين بمنظمة الصحة العالمية نقف على حقيقة الأوضاع والأحوال ذات الصلة بأمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال وكل ما يتعلق بالحملة الوطنية للتحصين ضد هذه الأمراض الفيروسية الثلاثة والتي تقرر موعدها في الفترة(9-18نوفمبر2014م) بعموم المحافظات اليمنية بما في ذلك جهود منظمة الصحة العالمية ومجالات دعمها لهذه الحملة مع التفاصيل..
ثلاثية
* لم نعتد من قبل مسألة اجتماع ثلاثة في حملة تحصين واحدة.. لماذا- برأيك- تستهدف وزارة الصحة أمراض مثل الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال في حملة تحصين وطنية واحدة¿
* من المهم أن نشير أولاٍ إلى أن حملة التحصين الوطنية ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال ستكون في الفترة من (9-18نوفمبر الجاري) ستشمل جميع محافظات الجمهورية.
هي تستهدف باللقاح الثنائي الجديد المضاد لمرضي الحصبة والحصبة الألمانية جميع الأطفال والفتيان والفتيات من سن(9أشهر-15سنة) وبلقاح شلل الأطفال لجميع من هم دون سن الخامسة في المرافق الصحية والمدارس كما تتضمن فرق تحصين أخرى متنقلة تتخذ مواقع مؤقتة ومستحدثة في إطار تكاملي للتغطية الشاملة للمستهدفين في مختلف المناطق والمحافظات.
وفي الواقع خْصصت هذه الحملة في الأساس للتحصين ضد مرضي الحصبة والحصبة الألمانية ولكن نتيجة الوضع السيئ الذي فرضه انتشار فيروس شلل الأطفال في عددُ من بلدان المنطقة العربية والجوار الأفريقي بدت الفرصة سانحة لضم لقاح شلل الأطفال إلى الحملة باعتباره يمثل أهمية قصوى للحد من دخول وباء فيروس الشلل المنتشر في القرن الإفريقي وبعض الدول العربية مثل سوريا والعراق.
على اليمن أن تتصدى لمرضي الحصبة والحصبة الألمانية بعنفوانهما المسبب للعديد من الاعتلالات الخطيرة على الصحة ولأشكالُ ومستوياتُ مختلفة من حالات الإعاقة الدائمة مدى الحياة وذلك من خلال العمل الدؤوب على رفع وتيرة تحصين الطفولة ضد هذين المرضين وتقليص حدوث الإصابة بهما إلى أدنى المستوياتº بما يكفل نزع فتيل تداعيات مشكلة الحصبة والحصبة الألمانية وكبح خطرهما.
إلى جانب الاستمرار بالتطعيم ضد مرض شلل الأطفال من أجل الحفاظ على بقاء اليمن وبيئته نظيفةٍ وخاليةٍ من فيروس الشلل والنأي بالطفولة من خطر هذا الداء المروع – إن وفد إلى البلاد وعاود الظهور فيها من جديد بعد سنوات طويلة من الغياب التام.
الحصبة.. والحصبة الألمانية
* كيف تنظرون إلى مشكلة انتشار مرضي الحصبة والحصبة الألمانية في اليمن¿
* في حقيقة الأمر شكلت الحصبة السبب الرابع لوفيات الأطفال دون الخمس سنوات قبل عام 2006م بحسب مسح صحة الأسرة في العام 2003م وقبل عام 2006م قدرت منظمة الصحة العالمية حالات الإصابة بالحصبة في اليمن سنوياٍ بنحو(30 ألف) حالة نتج عنها حوالي (5آلاف) وفاة.
ويعتبر العام 2006 نقطة تحول أساسية قوضت كثيراٍ من انتشار مرض الحصبة في اليمن إذ نْفذت ولأول مرة حملة وطنية أساسية للأطفال من عمر(9 أشهر إلى 15 سنة) وعددهم- آنذاك- بلغ حوالي (9 ملايين) طفل محققةٍ نسبة تغطية عالية بلغت (98%) هذا ما أكدته تقارير المسح الميداني للمراقبين المحايدين فانخفضت حالات الإصابة بالحصبة بعد تلك الحملة الوطنية بشكل ملحوظاٍ لتسجل (13)حالة إصابة بالحصبة عام 2007م و(55) إصابة عام 2008م.
وضمن مسار تطبيق استراتيجيات القضاء على مرض الحصبة في اليمن فقد نفذت حملات تحصين وطنية متتابعة خلال العامين 2009 و 2012م من أجل تعزيز المناعة ومنع تراكم الأطفال غير المطعمين.
في الوقت الذي شهدت فيه بعض مناطق اليمن ضعفاٍ في نسبة التغطية بلقاحات التطعيم الروتيني وعلى رأسها لقاح الحصبة وحتى في حملات التحصين الأمر الذي أدى إلى تزايد حالات الإصابة بمرض الحصبة لاسيما في عامي 2011 و 2012م .
في حين أن نسبة حدوث الحصبة الألمانية في اليمن مرتفعة -عموماٍ- بمعدل (50,5) حالة لكل مليون من السكان مما يعني إصابة أكثر من ( 1300) حالة إصابة عام 2014م بينما معدل الإصابة بهذا المرض عام 2013م وصل إلى (30) حالة لكل مليون من السكان.
من الملاحظ جداٍ ارتفاع نسبة الحدوث للحصبة الألمانية في العامين 2013 و 2014م نتيجة تحسن الترصد الوبائي للحصبة الألمانية ومسار التبليغ عن حالات الإصابة في عموم محافظات الجمهورية.
علماٍ بأن وزارة الصحة العامة والسكان ستقوم بتأسيس نظام ترصد خاص لمتلازمة الحصبة الألمانية الخِلقية لتقييم عبء المرض وأثر اللقاح الذي سيتم إدخاله ضمن أنشطة التحصين الروتيني قريباٍ.
لماذا الحصبة الألمانية¿
* بما أن مرض الحصبة الألمانية أقل ضراوة من الحصبة العادية.. ما الداعي- إذن- لاستهداف الحصبة الألمانية بالتحصين¿
* بالفعل مرض الحصبة العادية أكثر خطورة وفتكاٍ بالأطفال مسببةٍ الكثير من الوفيات نتيجة للمضاعفات التي تترتب على الإصابة الحادة وتشمل (الالتهاب الرئوي الإسهال الحاد الجفاف سوء التغذية والتهاب الدماغ) حيث تتراوح نسبة الوفاة بسبب هذا المرض في الدول النامية ما بين( 3- 5%).
غير أن زيادة حالات الإصابة بفيروس الحصبة الألمانية بشكلُ مضطرد في السنوات الأخيرة يجسد مشكلة في حد ذاتها لما يسببه من أمراض وإعاقات خطيرة على الجنين أثناء إصابة الأم الحامل بالفيروس في الأشهر الأولى للحمل والذي ينتقل إلى الجنين من خلال الحبل السري ليؤدي إلى موته داخل رحم أمه أو إصابته بتشوهات خلقية تسمى(متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية) والتي يعاني بسببها الجنين المصاب من الصمم أو العمى أو من عيوب خلقية في القلب أو من تخلف عقلي وقد تقود أحياناٍ إلى الوفاة.
ونظراٍ لشدة هذه المضاعفات وخطورتها على الجنين تم إضافة لقاح الحصبة الألمانية إلى لقاح الحصبة في شكل لقاح ثنائي(اثنين في واحد) يسمى لقاح الحصبة والحصبة الألمانية MR)) والمستهدفين بالتطعيم بهذا اللقاح الجديد في حملة التحصين الوطنية هم فئة الأطفال من سن(9 أشهر وحتى 15 سنة).
الموقع في الخارطة الوبائية
* ماذا عن آخر التطورات إزاء تهديد فيروس الشلل على مستوى المنطقة¿ وأين يكمن اليوم موقع اليمن في الخارطة الوبائية¿
* اليمن – بحمد الله- لا يزال إلى اليوم خالياٍ من فيروس شلل الأطفال منذ العام 2006م بفضل الجهود والاستراتيجيات التي طْبقت من أجل الحفاظ على هذا الإنجاز في الوقت الذي لا يزال فيه الفيروس يشكل تهديداٍ كبيراٍ للمنطقة خاصة مع استمرار ظهور حالات جديدة في القرن الأفريقي وبالذات في الصومال.
كما أنه منتشر- حالياٍ- في سوريا وظهر قبل أشهر متعددة داخل العراق (البلد الجار لسوريا) ثم إنه لا يزال يستوطن بلداناٍ أخرى مثل (باكستان أفغانستان)º قد تبدوان بعيدتين عنا جغرافياٍ لكن فيروس الشلل لا تعيقه المسافات طالما تسنت وواتت له الظروف الملائمة في التمدد والانتشار.
وبالمناسبة ليست سوريا الغارقة في الحرب بعيدة عن المشهد إذ تسلل إليها الفيروس- بعد غيابُ دام سنواتُ طويلة- قادماٍ من باكستان وهو ما أكدته – بالطبع- نتائج التحاليل الطبية الجينية للعينات المأخوذة من أطفال سوريا المصابين بفيروس الشلل وهذا يعني أن اليمن إذا لم تواصل تحصين جميع أطفالها دون سن الخامسة ضد فيروس شلل الأطفال فلن تكون آمنة ولا بمعزلُ عن عودة هذا الفيروس المروع لاسيما من الجوار الأفريقي الذي لا يزال بعض مواطنيه من الصومال وأثيوبيا يوغلون في التسلل إلى عمق الأراضي اليمنية بشكلُ غير رسميُº يجعلهم – إلى حدُ كبير- بعيدين عن الإجراءات الصحية وحملات التحصين المصغرة ضد فيروس شلل الأطفال التي تشمل كافة اللاجئين- عموماٍ- القادمين من هناك على اختلاف أعمارهم وكذلك المقيمين في المخيماتº ضمن مساعُ حثيثة ترمي إلى منع عودة فيروس الشلل والحيلولة دون وقوع إصابات جديدة في اليمن حيث يفترض ببعض اللاجئين أنهم – ربما- يحملون عدوى الإصابة طالما أنهم يأتون من بلدانُ موبوءة بالفيروس.
لقاح جديد مزدوج
* أليس اجتماع ثلاثة أمراض في حملة تحصين واحدة يشكل إرباكاٍ للمواطنين¿
* على العكس تماماٍ فالتطعيم ضد ثلاثة أمراض يشكل فرصة كبيرة للمستهدفين من أجل الحصول على أكبر قدرُ من الفائدة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن لقاح الحصبة والحصبة الألمانية هو لقاح واحد(أي أن لقاحاٍ مزدوجاٍ) تْعطى منه جرعة واحدة للطفل وهو لقاح فعال بامتياز.
أما بالنسبة للقاح شلل الأطفال فقد تمت إضافته للحملة نتيجة الوضع الوبائي لفيروس الشلل في المنطقة.
وفي الحملة الوطنية للتحصين ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال في الفترة من(9-18 نوفمبر الجاري) يتم استهداف الأطفال والمراهقين من عمر(9أشهر-15عاماٍ) باللقاح الثنائي المضاد لمرضي الحصبة والحصبة الألمانية حتى الذين طعموا ضد الحصبة سابقاٍ ومن أصيبوا بها من قبل حيث لا يستثنى من اللقاح سوى الحوامل والأطفال دون سن تسعة أشهر.
بينما تستهدف حملة التحصين بلقاح شلل جميع الأطفال دون سن الخامسة بلا استثناء.
الجاهزية
هل ثمة كوادر مدربة ومؤهلة لأداء مهمة التحصين في هذه الحملة¿ ما الإجراءات والاستعدادات التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية لتنفيذ حملة التحصين الوطنية ضد الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال وكذا أوجه الدعم الذي قدمته لهذه الحملة¿
* جميع الكوادر المشاركة في هذه الحملة هم من الكوادر الصحية المدربة والمؤهلة تأهيلاٍ عالياٍ أقيمت لهم دورات تدريبية تنشيطية لهم ولا يوجد أي متطوعين في هذا الحملة كما في حملات التحصين ضد شلل الأطفال.
من جهة أخرى شاركت منظمة الصحة العالمية وزارة الصحة العامة والسكان في عملية التخطيط للحملة وإعداد الأدلة الإرشادية والسجلات والاستمارات الخاصة.
بينما تساهم المنظمة- أيضاٍ- في التدريب والإشراف على هذه الحملة من خلال إشراك العديد من الخبراء المحليين والدوليين.
كما ستنفذ مسحاٍ شاملاٍ بعد الحملة سيشمل جميع محافظات الجمهورية والعاملين في هذا المسح هم بالطبع من المحايدين بغرض التأكد من الوصول إلى جميع الفئات المستهدفة.
وفي الختام.. نقول للآباء والأمهات على امتداد هذا الوطن الغالي: بألا يتهاونوا بتطعيم جميع فلذات أكبادهم ليظلوا أصحاء بكامل عافيتهم ولا عذر لمن تقاعس فيمنع ولده أو ابنته من هذا الحق وها هي الحملة الوطنية للتحصين ضد أمراض الحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال على الأبواب.. قد تقرر تنفيذها في الفترة من(9-18نوفمبر2014م) من خلال المرافق الصحية والمدارس وعبر الفرق المتحركة ومواقع التطعيم المؤقتة والمستحدثة مْستهدفة باللقاح العضلي الثنائي(المزدوج) المضاد للحصبة والحصبة الألمانية كافة الأطفال من عمر(9أشهر-15 سنة) كما أنها تستهدف بلقاح شلل الأطفال جميع من لم يتجاوزوا الخامسة من العمر.