أكاديميون: على كافة القوى السياسية والدينية والجماعات والأحزاب العمل بجد لمحاربة الأفكار الضالة والمتطرفة
* يعد الخطاب الديني في المجتمعات الإسلامية ذا أهمية وفاعلية كبيرة لارتباطه الوثيق بالدين الإسلامي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والذي اعتمد أساساٍ على مبدأ التسامح والتعايش السلمي مع الجميع.. وشهد الخطاب الديني في الآونة الأخيرة توجهاٍ خاصاٍ أضفى عليه لغة التشدد مما تسبب للكثير بفهم الدين ومبادئه وأحكامه بطريقة خاطئة بعيدة كل البعد عن سماحة الدين الإسلامي ..
أكاديميون يتحدثون لـ «الثورة» عن الخطاب الديني المتشدد وظاهرة التطرف وكيف بالإمكان مواجهته خلال استطلاع رأي إلى التفاصيل :
الدكتور عبدالله الحكيم – أستاذ القانون الجنائي المساعد جامعة تعز ـ يعرف الخطاب في الاصطلاح بأنه «الكلام الموجه إلى المخاطِبين به إخباراٍ بشأن أو طلبا لأمر أو تبليغاٍ لرأي أو موقف» ويضيف: ولفظ الخطاب ينطبق على خطاب الله تعالى لعباده بواسطة وحيه إلى رسوله ولهذا عرف الأصوليون الحكم الشرعي بكونه الخطاب المتعلق بأفعال المكلفين أمراٍ أو اقتضاء أو تخييراٍ وعندما نقصر الخطاب على الدين بقولنا الخطاب الديني فإننا نقصد به ما أنزله الله على رسوله الكريم من نصوص وآراء البشر حول هذه النصوص.
وتابع الدكتور الحكيم: ما من شك بأن انتشار التسلط والظلم والقهر والفقر والخوف والجهل والمرض في المجتمعات الإسلامية يدل بما لا يدع مجالا للشك بأن هناك مخالفة للدين لأن الله عز وجل هو الذي خلق الإنسان وكرمه وميزه بنعمة العقل دون سواه وخاطبه بالوحي لأنبيائه ورسله الذي كان آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء بدين ليبين للإنسان الطريق المستقيم بما يوافق سنن الله تعالى الكونية والفطرة البشرية السليمة وبين للإنسان ما يصلح أموره في كل زمان ومكان وإنه لمن المؤكد بأن أي خلل في الخطاب الديني سينتج عنه أفكار تخالف الدين الإسلامي وتكون سببا في خلل بسنن الله وفطرته التي فطر عليها الإنسان وسيؤدي ذلك إلى اضطراب في تفكير الإنسان ونفسيته ومعيشته وعدم استقامة في سلوكه ومعاملاته مما يحدث خللاٍ في السلم والأمن في المجتمع كما أنه ومن المسلم به أن الدين الإسلامي يتضمن نصوصا قطعية الثبوت قطعية الدلالة لها قدسيتها لا يجوز الاجتهاد بما يخالفها وهي تكاد أن تكون نادرة في تشريعنا الإسلامي وكما يتضمن الدين الإسلامي نصوصا قطعية الثبوت ظنية الدلالة جعل الله لكل متعلم أن يجتهد برأيه بما يلبي احتياج الزمان والمكان وهذا هو الفكر الإسلامي الذي يمثل الرأي البشري والذي لا يحمل أي قداسة ويجوز مخالفته ولا يجوز تسفيهه أو الأمر بعدم اتباعه ويجب قبوله والحوار حول صحته.
ويؤكد الدكتور الحكيم بقوله: «لن يستقيم حالنا إلا إذا جددنا خطابنا بما يوافق مصلحة مجتمعاتنا وبما لا يخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء بعيدا عند التعصب لمذهب أو طائفة أو جماعة أو حزب وإذا التزمنا بأدب الخلاف ونشر ثقافة الحوار بعيدا عن التعصب لرأي أو مذهب أو طائفة … ونبذنا ثقافة العنف والكراهية وتجهيل الغير وتكفيرهم والتشهير بهم».
يحتاج لمراجعة
* من جانبه يقول الدكتور محمد سعد نجاد – نائب عميد كلية الشريعة والقانون – أستاذ أصول الفقه الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية بجامعة صنعاء بأن الخطاب الديني في اليمن يحتاج إلى مراجعة ويحتاج إلى أن تتحمل الدولة مسؤولياتها ..
ويضيف: ليس لدى الجهات ذات العلاقة استراتيجية ورؤية أو اهتمامات بما يتعلق بالخطاب الديني .. ومن الملاحظ بأن الخطاب الديني تتصدى له مجموعة من الجماعات لها أجنداتها الخاصة ورؤيتها الخاصة .. وتحاول أن تعكس من خلال ذلك رؤيتها على الخطاب بما يؤثر على عقليات الناس وما يطرأ على عقليات المجتمع ويشبع المجتمع بأفكار تلك الجماعات بتلك الأفكار .. نجد أن الدولة غائبة ونلاحظ أنه على مستوى المنهج الذي يدرس والمدارس والجامعات أو حتى على مستوى وزارة الأوقاف ووسائل الإعلام الرسمية تجد أن الخطاب الديني والتوعية بالخطاب الديني هو عكس الإسلام المستنير والواعي والراسخ.. نجد بأنه معدوم والسبب بأن الدولة لم توجه اهتمامها بهذا المجال.. لا بد أن يكون للدولة رؤية واستراتيجية وأهداف من أجل مخاطبة الناس ..
ومضى بالقول: المجتمع اليمني مجتمع متدين دينه الإسلام يتعاطف كثيراٍ مع النصوص القرآنية ويسعى جاهداٍ إلى الالتزام بها . وكذلك الحال فيما يتعلق بنصوص النبي صلى الله عليه وسلم وليست المشكلة في النص بقدر أنها تكمن في فهم النص وتأويله ومن الذي يتصدى لذلك التأويل.. ونجد بأن هناك جماعات معينة لها رؤية ولها أهداف بما يخدم قناعاتها وبالتالي الجهات ذات العلاقة غائبة ومغيبة عن القرار والتوعية الدينية..
مشدداٍ على أن على الجميع تحمل مسئولياته وبالأخص الدولة بالسعي لترشيد الخطاب الديني وتوعية الناس في الخطاب الديني وتتحمل مسئولياتها عن طريق المنهج وعن طريق إعداد الأستاذ والعالم والفقيه والخطيب الذي بمقدوره أن يعكس للناس سماحة الإسلام وأصول الإسلام وأقوال النبي صلى الله علي وسلم .
بث الأحقاد
* ويعتبر الدكتور عبدالباسط الحكيمي ـ أستاذ القانون الجنائي بجامعة صنعاء : التعبئة الخاطئة والشحن المذهبي والطائفي أيا كان مصدره لن يورث إلا الخراب والدمار للبلد كما أن الفهم الخاطئ أو التفسير والتأويل الخاطئ للدين والشحن والتعبئة المصاحبة لذلك سيؤدي بالبلاد إلى المهالك وإلى الحروب والاقتتال والإرهاب المضاد وبث الأحقاد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد الذي عرف التعايش والتسامح طوال الفترة الماضية .
وتابع الدكتور الحكيمي: ولذا يتعين على كافة القوى السياسية والدينية والجماعات والأحزاب العمل بجد لمحاربة الأفكار الضالة والمتطرفة أينما كانت ومهما كان من يدعو لها والعمل على بث ثقافة الوسطية والاعتدال وقيم التعايش والتسامح الديني والمجتمعي كما أن على رجال الدين مهما كانت مذاهبهم يقع عليهم العبء الأكبر للعب دور فاعل في هذا المضمار وعدم ترك الساحة للجهلة والعوام للحديث وبث سمومهم وتطرفهم وغلوهم وإرهابهم باسم الدين والدين منهم براء..
تآخ وتعايش
* ويستحضر الدكتور أحمد علي العماد – القائم بأعمال سفارة بلادنا في كندا: عمق وتاريخ حضارة اليمن الإنساني قائلاٍ: «ملأ الإنسان اليمني الأرض محبة وسلاما وقدم أنصع صورة لتلاحم أزلي أخوي بين كل مكوناته المذهبية شافعية وزيدية « والاجتماعية بمختلف المناطق والعادات بل وحتى الدينية ـ مسلمين ويهوداٍ ـ في لوحة رسمها أجدادنا مستمدين ذلك من فحوى الإسلام الحقيقي الذي يسالم الناس كل الناس وأضحت اليمن وستظل رغم كل الأفكار الدخيلة على ديننا ووطننا تتعايش وتتآخى مع كل مكونات المجتمع الثقافية والاجتماعية».
ويضيف: لنعلم جميعا أن آفة المجتمعات والحضارات هي الفتن الداخلية ذات الخلفيات الدينية أو المناطقية وما استطاع الغرب أن يصل إلى ما وصل إليه من تقدم وانسجام مجتمعي رغم الفوارق الدينية والعرقية إلا بعد تجاوز تلك المآسي والتضحيات التي سببتها الخصومات والحروب بين مكونات تلك المجتمعات.. حتى خلصت إلى أهمية أن يتسع الوطن للجميع وعملوا كفريق واحد لبناء وتطور دولهم ومجتمعاتهم بل أضحى حتى السؤال عن الدين أو القومية جنحة يعاقب عليها القانون في بعض تلك الدول وهذا ما علينا أن نحافظ عليه في مجتمعنا وأن نرفض بعزم ووعي كل رأي أو فكرة لفرد أو جماعة تعمل على إثارة النعرات الطائفية أو المناطقية وغيرها لأنهم بذلك يغرقون وطنا لا يعيشون فيه بمفردهم ويعبثون بمثل وقيم طالما كانت فخرا نتباهى به بين الأمم وحاضرا نمضي به بوطننا الحبيب قدما إلى الأمام . حفظ الله اليمن الميمون..