
لم يكمل العامين في كلية الهندسة قبل أن يتخذ فارس السماوي قراره هذا العام بالبدء من جديد في تخصص آخر يراه الأنسب والأفضل بالنسبة لقدراته وإمكانياته وكذا لمتطلبات سوق العمل وتغيراتها المتلاحقة واتجاهها لبعض التخصصات والمهن الأكثر ارتباطا بالوظائف وأنشطة الأعمال.
كان قرار فارس الانتقال إلى كلية التجارة ليتخذ من المحاسبة تخصصا دراسيا جديدا والتضحية بعامين دراسين لأنه يجد نفسة أكثر في مهنة المحاسبة التي وصفها له كثيرون بأنها الأفضل حاليا في سوق العمل الذي يشهد تكدساٍ كبيراٍ لخريجي الهندسة وبعض التخصصات والمؤهلات الأخرى.
لكن بالمقابل تواجه مهنة المحاسبة والمراجعة في اليمن عددا من الصعوبات والمشكلات وأوجه القصور والتي تعيق تطورها وقيامها بأداء دورها المطلوب على الرغم من أهميتها التشغيلية في سوق العمل ومختلف الأعمال والمهن.
يتطرق عبدالوهاب الحسني – أستاذ المحاسبة بجامعة صنعاء – إلى أبرز المشاكل التي تعاني منها هذه المهنة وأهمها عدم وجود معايير للمحاسبة والمراجعة محددة ومتكاملة تلائم البيئة المحلية وغياب الضوابط اللازمة التي تحكم العلاقة بين المحاسبين القانونيين فيما يتعلق بممارسة المهنة الأمر الذي ترتب عليه التنافس غير الشريف بينهم, وقد ساعد على ذلك غياب الوعي لدى بعض المحاسبين والعملاء بأخلاقيات المهنة وحيادية المحاسب القانوني.
ويرى أن دوافع الاهتمام بالمحاسبة والمراجعة في اليمن متعددة فبعضها يعود لعوامل داخلية مثل التطورات الاقتصادية وما يحيط بها من مشكلات وتحديات وبعضها يعود لأسباب خارجية مثل التطورات التكنولوجية المتسارعة وبروز دور الشركات متعددة الجنسية وقرب انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية.
تفوق
تحظى المحاسبة بحضور واهتمام لافت في سوق العمل تتفوق فيه على تخصصات أخرى أكثر شهرة وجذبا للدارسين مثل الحاسوب واللغة وغيرها .
لكها كمهنة تعاني من تدني المهارات والقدرات التي تجعل منها مهنة احترافية في الوقت الذي أصبحت المكاتب المحاسبية المحلية مهددة بالتحول المرحلي للنظام المحاسبي من النمط المحلي إلى المعايير العالمية.
ولمواجهة التحديات والصعوبات التي تحيط بمهنة المحاسبة والمراجعة في اليمن فإن الأمر يستلزم بحسب الدكتور الحسني” وضع خطة واضحة للنهوض بمستوى مهنة المحاسبة والمراجعة).
ويوضح أن المحاسبة في اليمن تعاني من تدني المهارات المهنية وهذا يعود إلى القصور الواضح في مناهج التعليم المحاسبي .
ويشير إلى أن الفجوة واضحة بين متطلبات سوق العمل ومهنة المحاسبة والمراجعة وبين مخرجات التعليم المحاسبي على الرغم من وفرة الفرص المتاحة في هذا المجال.
ويؤكد أن هذه الفجوة ستزداد اتساعاٍ مع تواصل التطورات وفي مقدمتها العولمة وتكنولوجيا المعلومات والتجارة الالكترونية .
ويرى ضرورة تطوير مناهج التعليم المحاسبي بشكل يؤمن خريجين مؤهلين لسوق المهنة من خلال إدخال تعديلات وإضافات على المناهج التعليمية.
خطوات
يقترح خبراء مجموعة من الإجراءات والخطوات لتطوير التعليم المحاسبي من خلال التحديث المستمر للمناهج وإدخال مقررات جديدة لمواكبة التطورات الجديدة وتزويد طلاب المحاسبة في الجامعات بالمهارات والمعارف اللازمة التي تتطلبها بيئة الأعمال المتغيرة باستمرار وكذا العمل على توفير جميع الوسائل والتقنيات الحديثة والمتطورة لخدمة العملية التعليمية وتغيير أساليب التقييم وتشجيع التأليف في المجال المحاسبي وتقليل عدد الطلاب في القاعات الدراسية .
وبحسب الدكتور خالد علي عبدالرب – عضو جمعية المحاسبين القانونيين – فإن هناك أهمية للتنسيق بين الجامعات الحكومية والخاصة لإيجاد توافق في المقررات الدراسية بالإضافة إلى زيادة الاهتمام باللغة الإنجليزية من خلال إضافة مواد تدريس باللغة الإنجليزية وتشجيع الطلاب على استخدام المراجع الأجنبية الحديثة .
تأسيس
لمواصلة التأهيل العلمي للمراجعين بعد تخرجهم , يرى الدكتور خالد ضرورة تأسيس معهد متخصص للمحاسبة والمراجعة تحت إشراف جمعية المحاسبين القانونيين مع قيام الجهات المعنية بإلزام مزاولي المهنة بالتعلم المستمر طيلة ممارستهم المهنة عن طريق إجراء اختبارات دورية لهم.
ويدعو الدكتور خالد إلى إقامة الدورات التدريبية المهنية للمراجعين والإسراع في إنشاء المجلس الأعلى لمهنة المحاسبة والمراجعة لإنجاز مهام قانونية لتطوير المهنة وتبني معايير محلية للمحاسبة والمراجعة تتوافق في إطارها العام مع معايير المحاسبة الدولية .
ويؤكد على أهمية وضع قواعد للسلوك المهني كميثاق شرف بين مزاولي المهنة وتطوير التشريعات الحالية المتعلقة بمهنة المراجعة والمحاسبة وإزالة التعارض في نصوص هذه التشريعات القائمة والتي تتعارض ومتطلبات منظمة التجارة العالمية أو بغرض الارتقاء بالمهنة .
ويؤكد تردي مناهج التعليم المحاسبي وعدم تطورها وعدم وجود معاهد لتدريب المحاسبين في ظل الظروف الجديدة وإعادة تأهيلهم وكذا تدني مستوى بعض المحاسبين وضعف أنظمة الرقابة الداخلية لدى الشركات محل المراجعة مما يؤثر في مقدار الوقت والجهد الذي يحتاج اليه المحاسب في عملية المراجعة وعدم ملاءمة أتعاب المراجعة مع حجم العمل في كثير من الأحيان.