كيـف نواجـه ” الإرهـاب ” .. ¿!!


الأحزاب والقوى السياسية والمكونات المجتمعية تدين على الدوام الهجمات الإرهابية التي يتعرض لها اليمن وتستهدف قوات الجيش والأمن والمواطنين.. فهل تكفي الإدانة لما يخلفه الإرهاب من آثار مدمرة على المجتمع في كافة مجالاته السياسية والاقتصادية والأمنية وكذا الاجتماعية لابد أن نعرف أولاٍ كيف نواجه آفة “الإرهاب ” ¿¿.. وذلك من خلال استطلاع رأي لنخبة أكاديمية وقانونية ..
في البدء يحدثنا المحامي صقر عبد العزيز السماوي – أمين عام نقابة المحامين اليمنيين قائلاٍ : بلادنا تمر بمرحلة عصيبة وظروف حرجة جراء صراعات أدت إلى تغييب الأمن ما شكل مرتع خصب نشطت فيه الجماعات الإرهابية وسهل لها ارتكاب جرائمها الإرهابية الجبانة ليس فحسب بحق أبناء قواتنا المسلحة والأمن كما كانت تفعل من سابق وإنما بدأت تستهدف المواطنين الأبرياء تحت مبررات طائفية ومذهبية كما حدث في الجريمة الإرهابية الشنعاء التي وقعت يوم الخميس التاسع من اكتوبر2014م بميدان التحرير بالعاصمة صنعاء وتزامن مع تلك الجريمة جريمة إرهابية أخرى وقعت بإحدى النقاط الأمنية بمدينة المكلا محافظة حضرموت وتهدف تلك الجرائم الإرهابية إلى إدخال اليمن في دوامة عنف طائفية كما هو الحال في بعض البلدان العربية في إطار مخططات ومؤامرات تستهدف البلدان العربية وتسعى إلى تمزيقها وتفتيتها إلى دويلات صغيرة والقضاء على النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية لتلك البلدان العربية.
وأردف السماوي : ولاريب أن ذلك يستلزم من جميع القوى والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وكافة أبناء الشعب والأجهزة الأمنية التكاتف والتعاون في مواجهة ومكافحة الإرهاب والحيلولة دون السماح له بالتمدد والانتشار في أوساط المجتمع حتى لا تفلح أثاره الكارثية في تدمير العملية السياسية وفي الإجهاز على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وبما لا يخدم أحد بل يعود بالويل والثبور على الجميع والحديث في ذلك يطول ولكن بما أن جوهر السؤال هو عن كيف نواجه الإرهاب فإنه في اعتقادي أن هناك أمور كثيرة لمواجهة الإرهاب ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: يجب على جميع القوى والأحزاب السياسية والوطنية مراجعة مواقفها وحساباتها والانطلاق في مواقفها وتصرفاتها مستقبلاٍ بما يراعي ويستهدف مصلحة البلد العليا بعيداٍ عن حسابات المصالح الشخصية والحزبية الضيقة التي أدى مراعاتها فيما مضى إلى تغييب الدولة وزعزعة الأمن والاستقرار وبما وفر بيئة نشطت فيها الجماعات الإرهابية كذلك تحصين وحدة المجتمع بالوعي الوطني الجامع وتأصيل ثقافة الدين الإسلامي الحنيف والتوعية بالفكر الإسلامي التنويري القائم على التسامح والإخاء والرحمة والمحبة والتعايش السلمي ضد مفاهيم القوى الإرهابية المتطرفة المغالية  التي تلجأ إلى استنباط اجتهادات وتأويل بعض الآيات الدينية بتأويلات مغلوطة لتحقيق أغراض سياسية لتبرير أعمالها الإجرامية الإرهابية مستغلة العديد من الشباب وصغار السن بعد تعبئة عقولهم بتلك المفاهيم المتطرفة والمغالية وجعلهم يؤمنون بها وبما يحولهم إلى حطب ووقود في معارك طائفية ومذهبية.
تنسيق الجهود
ويضيف أمين عام نقابة المحامين اليمنيين: أيضا يجب على الأسرة القيام بدورها التربوي والاجتماعي في الإشراف المباشر على أبنائها ومعرفة تحركاتهم ورفقائهم وتنشئتهم التنشئة السليمة وإبعادهم عن الضغوط النفسية وأسباب الفشل والعمل على توفير فرص النجاح لهم وتنمية ثقافتهم الوطنية والاجتماعية والدينية السليمة والحرص على أن لا يقعوا في أيادي أفراد تلك الجماعات المتطرفة وتوعيتهم بمخاطر تلك الجماعات وأساليبها في استهداف الشباب وصغار السن واستدراجهم للانضمام إليهم تحت التمظهر بالتقوى والتدين. ذلك أن غفلةْ الأسرة وتقلص دورها من أهم أسباب نشوء هذا الفكر الضال وكذلك ضرورة أن تنهض الأجهزة الأمنية بواجباتها بما في ذلك الأجهزة الخاصة بمكافحة الإرهاب وتنسيق الجهود بين الجهات الأمنية المختلفة ذات العلاقة وتعزيز المشاركة المجتمعية للتعاون من قبل الجميع في مكافحة الإرهاب.
أيضاٍ لابد من إحكام السيطرة على حدود البلاد ومنع تسلل عناصر الجماعات الإرهابية إلى اليمن وتجفيف كافة منابع تمويل تلك الجماعات والتعاون والتنسيق مع كافة الأجهزة الأمنية في الدول الأخرى في سبيل ذلك وإنشاء مجامع فقهيه ودور رعاية وتأهيل خاصة مزودة بمناهج دينيه معتدلة وبأكاديميين أكفاء يتم من خلالها إعادة تأهيل الشباب الذين تم استقطابهم من قبل تلك الجماعات المتطرفة .
توجه حكومي شعبي
بدوره يقول المستشار القانوني الدكتور عبدالباسط الضراسي أستاذ مساعد القانون التجاري بأكاديمية الشرطة : نشعر بالأسى والحزن العميقين لما حدث في التاسع من أكتوبر2014 م . والذي راح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى في صنعاء وكذا الحادثة التي وقعت في المكلا والتي راح ضحيتها عشرات الجنود المرابطين أثناء تأدية واجبهم إذ تأتي هذه الجرائم ضمن سلسلة من الجرائم المرتكبة من قبل تنظيم القاعدة ضد الجنود في المناطق الجنوبية والشرقية وفي نفس الوقت نطالب الفرقاء السياسيين العمل على إنجاز اتفاق السلم والشراكة وسرعة تشكيل الحكومة لتتحمل المسؤولية وبالأخص الملف الأمني والالتفاف حول الحكومة التي ستشكل لتمكينها من القيام بالدور المنوط بها حيث أن تأخير تشكيل الحكومة سيؤدي حتما إلى انفلات أمني كبير..
ويضيف الدكتور الضراسي : يتعين على الجميع الاصطفاف ويكون هناك توجه حكومي وشعبي لمحاربة هذه الظاهرة لأن الإرهاب وكما هو معروف لا دين له كون الجماعات الإرهابية تستغل الفراغ والفجوة الأمنية الحاصلة وتتجه للاتساع” وهذا لن يتأتي إلا بفرض الدولة لهيبتها وقيام مؤسساتها بالدور المنوط.
من جانبها تقول الدكتورة انطلاق المتوكل عضو مؤتمر الحوار رئيس مؤسسة تنمية القيادات الشابة : الإرهاب ليس بضاعة يمنية بل مستورد صهيوني فقد تعود اليمنيون أن يواجهوا خصومهم وجهاٍ لوجه حتى في نزاعات الثأر لذا يجب أن يقف اليمنيون جميعا ضد هذا العنف الجبان المستورد. كما يجب على الدولة والمجتمع والأسرة المساهمة في التوعية بآفة الإرهاب وعلينا أن نصمم برامج للشباب كفيلة برعايتهم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم نحو البناء فالقوة ليست الحل لردع وإنهاء العنف وعلى القيادات أن تعي بأن العنف يولد عنف أقوى وعلى القيادات أيضاٍ أن تدرك بأن شباب الوطن هم الثروة إذا استطاعوا تنميتها وهم أيضاٍ قنبلة موقوتة إذا تم إهمالهم.
سياسة الاحتواء
الحديث عن الإرهاب المقترن بالدين وكيفية مواجهته والقضاء عليه موضوع كبير ومتشعب والحديث هنا يقتصر على كيفية مواجهة الإرهاب المدمر هكذا بدأ الدكتور خالد المطري أستاذ تاريخ العصور الوسطى ومناهج البحث المساعد حديثه ويضيف : السياسة التي تنتهجاها الدولة خلال هذه المرحلة تتسم بالقصور لأكثر من سبب ويأتي في مقدمة تلك الأسباب أنها جعلت هدفها المعلن القضاء على الإرهاب والمتمثل بشكل محدد في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واتخذت القوة وسيلة لتحقيق ذلك الهدف ولم يحقق بالمقابل أي نتائج حقيقية وملموسة .
وما العمليات الأخيرة وبالتحديد الهجوم الانتحاري الذي وقع بميدان التحرير بالعاصمة وكذا والهجوم الذي استهدف نقطة العبر العسكرية في حضرموت وضخامة أعداد الضحايا الذين سقطوا جراء الهجوميين إلا دليل تأكيد على فشل تلك السياسة.
ويرى المطري أن مواجهة هذه الآفة ينبغي أن تعتمد سياسة الاحتواء بدلا عن استخدام القوة واستهداف الأسباب والجذور المنتجة للفكر الإرهابي وليس محاولة القضاء على ما تنتجه تلك الجذور من ثمار وهو الأمر الذي يستدعي قيام هذه السياسة على خطة متكاملة الجوانب تشمل التربوي والديني والاقتصادي الاجتماعي وكذلك الرياضي لكون هذه الجوانب مجتمعه تمثل البيئة الخصبة لمنظري الفكر الإرهابي حيث يسهل عليهم بث ذلك الفكر المدمر في أوساط الشباب المليء بالحماسة والحيوية والطموح للانجاز والمغامرة والذي يفتقد في الوقت ذاته إلى الإمكانيات والوسائل التي تمكنه من تحقيق تلك الطموحات وإفراغ طاقته وحماسته بشكل سوي.
ومضى : كذلك اعتماد الأسرة لرقابة الأبناء ومتابعة أنشطتهم والمتغير على سلوكياتهم وقيام الدولة بحضر أنشطة منظري الفكر الإرهابي ومنعهم من التواصل مع الشباب إضافة إلى قيامها بمعالجة الجوانب المكونة لهذه الخطة والتي تساعد على احتواء واستيعاب طموحات وطاقات الشباب بشكل ايجابي بما يعود بالفائدة عليهم وعلى نماء وتطور البلد الذي ينتمون إليه. وينبغي أن يتم كل ذلك بالتعاون مع البلدان التي تعاني من ذات الآفة وكذلك البلدان المصدرة لذلك الفكر ومنع القوى الغربية الكبرى من تحديد مكونات هذه الخطة أو التدخل في عملية تنفيذها من خلال ماسبق ذكره. يمكن القول أن بوسعنا ليس مواجهة هذه الآفة وحسب وإنما القضاء عليها بشكل نهائي.

قد يعجبك ايضا