العـشـيـقـــان 1928

برأي ماغريت أن الحياة ليست سوى لغز كبير وأن من المتعذر كسره أو فك طلاسمه. وكان يعتقد أن طبيعة الإنسان تدفعه لئلا يرى إلا ما يريد أن يراه أو ما يبحث عنه. ومن ثم فإن إدراكنا مرتبط إلى درجة كبيرة بطبيعة توقعاتنا.
كانت والدة ماغريت امرأة غير سعيدة في حياتها وقد حاولت الانتحار مرارا.
وفي عام 1912 وكان عمر رينيه لا يتجاوز الثالثة عشرة غادرت أمه منزلهم ليلا وعندما بلغت أحد الجسور ألقت بنفسها في مياه النهر.
عندما انتشلت جثتها بعد أيام كان وجهها مغطى بطرف فستانها الذي كانت ترتديه ليلة خروجها من المنزل للمرة الأخيرة. وقد رأى ماغريت جثة والدته عند استعادتها من الماء ولم تبرح تلك الصورة المزعجة ذاكرته حتى وفاته. وبعد مرور سنوات على الحادثة أي في العام 1928 رسم الفنان مجموعة من اللوحات التي يظهر فيها أشخاص غطيت وجوههم ورؤوسهم بقطع من القماش.
في هذه اللوحة نرى شخصين يقفان متلاصقين وجها لوجه وفي نسخة أخرى من اللوحة يظهر الشخصان وهما يقبلان بعضهما بعضا. والقاسم المشترك بين اللوحتين هو أن الشخوص فيهما بلا ملامح فقد غطيت رؤوسهم بقطع من القماش الذي يحجب ملامح وجوههم عن الناظر. ورغم حميمية المشهد وتلقائيته فقد أصبح رمزا للعزلة والانسحاق والموت. غير أن غموض اللوحة دفع الكثيرين ولغايات مختلفة وأحيانا متناقضة إلى تحميلها بمضامين أخلاقية معاصرة.
في حين لا يرى بعض نقاد الفن في اللوحة أكثر من كونها تجسيدا بسيطا ومباشرا للمقولة الشائعة “الحب أعمى”.
كان معروفا عن ماغريت براعته في تقنية مزج الصور وكان يردد دائما أن الكلمات بلا معنى وأننا نحن من نخلع عليها المعاني التي نريد وبطريقة متعسفة أحيانا.
وبعض النقاد ممن درسوا لوحاته قالوا بأنها انعكاس لرغبة الفنان في التعبير عن اعتراضه على رتابة وعبثية الحياة. والبعض الآخر رأوا فيها ما يمكن اعتباره حيلة هروبية ونكوصا عن مواجهة الواقع. والبعض الثالث تحدث عن دأب ماغريت ومثابرته في توظيف فنه من اجل كشف بعض المناطق المظلمة والمعقدة في الطبيعة الإنسانية. وهناك فريق آخر من النقاد ممن لا يخفون افتتانهم بجمال مناظره وجاذبيتها رغم كون بعضها مربكا ومستفزا.
MaRo

قد يعجبك ايضا