اليمن بدأت تخطو بثبات باتجاه أسس الحكم الرشيد


استطلاع / نجلاء الشيباني –

⚀ الحريات العامة مرتكز الحكم الرشيد..واليمن قطعت شوطا مشهودا في هذا النهج

الثورة أعطت الفرصة لليمنيين لزرع بذور الحرية والديمقراطية والحقوق للأفراد

سطر أبطال ثورة 26 سبتمبر المجيدة ملامح بطولية أسسوا من خلالها لجمهورية فتية كانت الأولى في الجزيرة العربية آنذاك .. بعد أن عانى الشعب اليمني من الظلم والاستبداد مرحلة طويلة من الزمن ..
وكان هدف الثورة تحقيق مجتمع عادل وآمن ومستقر تقوم مرتكزاته الأساسية على مؤسسات وقواعد الحكم الرشيد هذا الملمح الذي يعتبر حلقة هامة من حلقات النضال اليمني في العصر الحديث.. والحكم الرشيد هو محور حديثنا في هذه الاستطلاع.
السعي إلى هدف سامُ هو الوصول بالدولة إلى تحقيق مبادئ الحكم الرشيد كان هما ثوريا في كل الثورات اليمنية ابتداء من سبتمبر المجيد وانتهاء بثورة فبراير ثورة الشباب هذا ما يراه المحلل السياسي صادق عثمان وأضاف: نحن الآن نمضي وفق مخرجات الحوار الوطني المؤسسة لمجتمع الحكم الرشيد ولا بد من الشروع نحو تأسيس منظومة الحكم الرشيد التي تقوم على الشفافية والمسؤولية و المساءلة حيث إن أغلب مخرجات الحوار دعت إلى إيجاد مؤسسات حكم جديدة سيتم بناؤها على أساس مبادئ الحكم الرشيد وهي ( الشفافية والمساءلة , المساواة والعدالة ,الكفاءة والفاعلية , وتوسيع المشاركة الوطنية , وسيادة القانون ومحاربة الفساد ) .

مؤكداٍ على ضرورة تجفيف وسد منابع الفساد في كل المجالات وإخضاع كل مسؤولي الحكومة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام لمعايير المسؤولية المؤسسية والفردية وفق منظومة الحكم الرشيد.
وقال: إن هذه المرحلة تتطلب دعماٍ غير محدود من المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة لكون اليمن يمر بمرحلة حساسة لبناء الدولة الاتحادية الجديدة وتفعيل الدور الرقابي المحلي والدولي في مراقبة سير تنفيذ المخرجات ومعاقبة معرقلي تنفيذها لما يسهم في توطيد وإرساء معالم الأمن والاستقرار في البلد .
مؤسسات دستورية
كما يرى عثمان ضرورة تشكيل حكومة كفاءات مهنية واحترافية بعيدة عن سيطرة مراكز النفوذ بالإضافة إلى تشكيل هيئة تأسيسية جديدة وفقا لقاعدة الشراكة الوطنية لكونها الضامن الوحيد للحفاظ على المكتسبات والنضالات الثورية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني لأن مخرجات الحوار تحتاج إلى مؤسسات دستورية قوية تعمل على تنفيذها من خلال جدول زمني واضح ومحدد , مع اعطاء صلاحيات كاملة للهيئة الوطنية المشكلة من مكونات مؤتمر الحوار لتقوم بالرقابة على تنفيذ المخرجات ومراقبة حكومة الكفاءات والهيئة التأسيسية المعنية بتنفيذ مخرجات الحواروفقا للآلية الزمنية المحددة كما تقوم بعملية تقييم كل 3 أشهر للحكومة للتأكد من مدى التطبيق والانجاز في التنفيذ.
أما الناشط السياسي فهد شجاع فقد اعتبر أن المكونات الشبابية هي المعيار والحسم في تنفيذ ومتابعة أهداف الثورة وعملاٍ بالقاعدة الفقهية القائلة بأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح لان هذا هو الغالب اليوم على تفكير الشارع السياسي وفكر كل اليمنيين بعيدا عن محاولات إفشال الثورة والعبث ببعض الأوراق وخلطها من هذا الطرف وذاك والتي من شأنها الإضرار بالسكينة العامة.
وقال : سندع الأيام وعدالة السماء أن تحكم فيهم بحكمها وسيف القانون فوق أي متسلط أو قاتل أو مخرب لأنه لابد أن تمضي الأمور نحو التأسيس السليم لقواعد الحكم الرشيد كي تستقر الأوضاع في الداخل بعد أن صار الأمر محكوما بالسلطة التنفيذية وصار الجميع يحتكم للدستور الذي توافق عليه الجميع وبعدها من شذ عن هذا المنهاج فقد شذ في النار وهي مأوى له وأما من يده بيضاء ويتطلع للأمن والاستقرار والرخاء فإنه سيجد اليمنيين إلى جانبه.
تطلعات مشتركة
ويرى السياسي علي العولقي بأن بعض أهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر لم تتحول إلى فعل بل ظلت مجرد شعارات بالرغم من أن الثورتين تحملان نفس أهداف وتطلعات الشعب اليمني الواحد الموحد الطامحة لبناء دولة مدنية قائمة على مبادئ الحكم الرشيد بعيدا عن مراكز النفوذ القبلية والعسكرية ولا سبيل إلى ذلك إلا بتكاتف القوى السياسية والمجتمعية ونسيان المصالح الضيقة وترك المؤسسات القانونية تحل القضايا دون التدخل في مهامها والابتعاد عن المهاترات السياسية .
وأكد أن ما سيعزز الدولة المدنية هو تبادل السلطة سلميا عبر الانتخابات وتوزيع الثروة من خلال ميزانية منضبطة في صورة مشاريع تنموية لا مكافآت شخصية وهبات ومنح لذوي النفوذ بالإضافة إلى إعادة أراضي الجنوب والشمال لأصحابها وللدولة وإعادة من تم إقصاؤهم الى وظائفهم وكل هذا كفيل باستقرار اوضاع من تضرر.. باختصار: قليل من السياسة كثير من القانون.
استرداد الحقوق
* من جهته يقول الناشط الحقوقي حمدي الزريقي : كانت ثورة سبتمبر ضرورة ملحة للوصول إلى مجتمع عادل وآمن ومستقر بعيدا عن الفقر والظلم وهذه أولى مرتكزات الدولة المؤسسة على قواعد الحكم الرشيد, وبالتالي كان انتصار ثورة سبتمبر ملهما للثوار وأعطاهم حافزاٍ قوياٍ للتحرك ضد المستعمر البريطاني البغيض في الجنوب فأشعلوها ثورة في كل أرجاء المحافظات الجنوبية حتى تحقق النصر بطرد آخر جندي بريطاني في 30 من نوفمبر 1967م..والشروع في تحقيق تلك المبادئ التي امن بها الثوار.
وتابع حديثه قائلا : وكأي أي ثورة في الدنيا كان لا بد أن تكون لهذه الثورة أهداف عظيمة تسعى لتحقيقها ورغم أن بعض أهدافها ظل حبراٍ على ورق حتى يومنا هذا , لكن يكفي أن يعيش هذا الوطن آمناٍ مستقراٍ مزدهراٍ ينعم بالحرية والديمقراطية في ظل دولة مدنية حديثة عادلة يسودها النظام والقانون .
مشروع النضال
فيما يقول الباحث مفيد جعلان في ذكرى احتفالات بلادنا بالعيد الوطني لثورة سبتمبر باعتباره الملهم الوطني الأول في رحلة البحث عن دولة مدنية عادلة مبنية على أسس وقواعد الحكم الرشيد نتذكر الأبطال من أبناء شعبنا الذين سطروا أروع ملاحم النضال والكفاح ليشكل اليمنيون من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب فسيفساء ثورية أكدت واحدية الثورة اليمنية شمالا وجنوبا برغم الظروف القاسية التي مرت بها ثورة أكتوبر والتي مر بها الثوار من انتكاسات وخيبات أمل وتجارب وصراعات استنزفت روح الثورة واستهلكت خيرة شبابها.
ويرى أن هناك عوامل عديدة صعبت مهمة الثوار منها ما هو داخلي ومنها ماهو خارجي بفعل فترة الاستقطاب والصراعات الدولية التي عكست وفرضت نفسها على الأرض العربية واليمنية منها خصوصا في تلك المرحلة التي كانت القوى المعادية في حالة اشتغال على ذلك الواقع.
ويضيف جعلان: إذا كان العديد من أبناء المحافظات الجنوبية اليوم قد أصابهم الإحباط من منظومة الحكم الوحدوي للجمهورية اليمنية نتاج عوامل الجميع يدركها وتسببت بشرخ في الوحدة الوطنية بشكل عام ليس على مستوى الشمال أو الجنوب بل حتى على مستوى الجزئيات والمكونات الأصغر حجما لكن ما يحدث اليوم أن شعبنا يعيش وضعاٍ جديداٍ في واقعه من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تجاوز كل النقاط والمحرمات وصارت تلك المخرجات جزءاٍ من مفهومنا السياسي والاجتماعي وتأسيسا لمبادئ الحكم الرشيد بعد أن كنا نرى الحديث عنها أو ملامستها نوعاٍ من الخروج عن القيم والمثل العليا في حين أن ما يحدث هو أمر طبيعي في ظل القبول بالحوار..وكما حافظ أبناء اليمن على ثورتهم هم جديرون بالحفاظ على وحدتهم.
معوقات
لاشك أن الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر كانت إرادة وطنية نحو تحقيق الحكم الرشيد وامتداداٍ لثورة شباب فبراير وقد حققت هذه المسيرة الكثير من الإنجازات على مختلف الأصعدة هذا ما أكد عليه الناشط السياسي زياد ضيف الله خلدون.
وأضاف أن أهمية الثورة أنها حققت استقلال وحرية الأرض اليمنية وتوحيدها وبناء الدولة المركزية القوية وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي نعتبرها منجزاٍ حضارياٍ رغم التشويه الذي رافق تحقيق هذه الأهداف وحاول إعاقة استكمال بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة والمساواة ومراعاة حقوق الإنسان والتنمية البشرية وبناء الإنسان.
وأشار ضيف الله في سياق حديثه إلى أسباب تعثر تحقيق الحكم الرشيد في اليمن والتي من أهمها الصراعات السياسية ونهب الثروة وغياب الديمقراطية الحقة وتوسيع قاعدة المشاركة والشراكة وتراجع دور الشباب والمرأة والإقصاء .

قد يعجبك ايضا