
اليمن عاشت حقباٍ لا تعرف الإرهاب والمواجهة الأمنية وحدها لا تكفي
الشعوب العربية دفعت فاتورة باهظة من أمنها واستقرارها بسبب الإرهاب
مثل الإرهاب ظاهرة عالمية سببت كثيرا من المشاكل في حياة الشعوب والأوطان انعكست على التنمية والاستقرار وبدل أن تذهب مقدرات الشعوب في إيجاد بنية تحتية وخدمات وإيجاد استقرار معيشي في حياة الناس ذهبت من أجل مكافحة الإرهاب الذي استطاع أن ينتشر وينشر سمومه في عقول البعض الذين تحولوا إلى أدوات تستهدف تنمية الوطن وأمنه واستقراره ساعدها على ذلك غياب الاستراتيجيات الوطنية في نشر الثقافة والتعليم الذي يكون سداٍ منيعاٍ ضد الوقوع في شرك الجماعات الدينية المتطرفة ورغم المواجهة العسكرية للإرهاب إلا أن كثيراٍ من المعطيات تؤكد على ضرورة تجديد وتحديث طرق المواجهة للوصول إلى وطن خالُ من الأفكار المتطرفة ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار.
«الثورة» وبمناسبة العيد 52 للثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة ناقشت ظاهرة الإرهاب في اليمن وتأثيراتها على التنمية والاستقرار من خلال استطلاع لآراء بعض السياسيين والعسكريين وقادة الرأي والفكر وخرجنا بالحصيلة التالية:
الدكتور أحمد الاصبحي – عضو مجلس الشورى والذي استهلينا الحديث معه أكد أن اليمن عاشت حقباٍ مختلفة تتمتع بالأمن والاستقرار لا تعرف الإرهاب لكن عملية الحشد ضد الاتحاد السوفيتي أبان احتلاله لأفغانستان مثلت نقطة التحول والشرارة التي أشعلت جذوة الإرهاب ليس في اليمن ولكن في المنطقة العربية كلها .
وأضاف الدكتور الاصبحي أن الإدارة الخاطئة وظفت المشاعر الدينية توظيفا خاطئا لإسقاط النظام الشيوعي في أفغانستان لكنهم بعد أن أكملوا المهمة في أفغانستان وبعد أن اخذوا كل التدريبات وشموا رائحة البارود فأين يذهبون ¿
كان من الطبيعي أن يعود هؤلاء إلى بلدانهم بما عرف بعد ذالك بأفغان العرب وقد وجدوا في بلدانهم الدعم والمساندة من كثير من الجهات.
وأردف الاصبحي قائلا : لكن هناك أسباباٍ موضوعية كثيرة أدت إلى انتشار ظاهرة الإرهاب في مجتمعاتنا ومن هذه الأسباب غياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفقر وصعوبة الأوضاع الاقتصادية وممارسة الأخطاء في الإدارة وانتشار حالة من الإحباط بين أوساط الشباب بسبب وجود كثير من الفوارق الطبقية بطريقة غير عادلة كل هذا صب في صالح أن تلتقط بعض القوى الإقليمية التناقضات الحاصلة في المجتمعات وتوظفها في صالحها للنفوذ إلى تمزيق كيان المجتمعات .
وأوضح الدكتور الاصبحي في سياق حديثة بالقول : إن اليمن دفعت فاتورة باهظة بسبب الإرهاب من أمنها واستقرارها واقتصادها حيث ضعف الاستثمار الاقتصادي وتوقفت السياحة وهذا الوضع جعل الدولة تسعى للإنفاق المهدر في مكافحة الإرهاب بدل أن تصرف تلك الأموال في تنمية المجتمع وتقديم الخدمات والتخفيف من الفقر ومحاربة البطالة وفي ظل وضع مثل هذا تكون عملية المواجهة مع فكر التطرف مسألة في غاية الأهمية وعندما نقول مواجهة لا نقصد فقط المواجهة العسكرية وحدها ولكن نقصد أن تقف الدولة على جذور مشكلة الإرهاب والأسباب التي أدت إلى انتشار الظاهرة وتفنيدها من خلال خطين متوازيين وبشكل مستمر الحوار مع المظللين وتحصين المجتمع من الوقوع في شرك أفكار الجماعات المتطرفة من خلال إستراتيجية شاملة تحتوي أو تتضمن إعداد المناهج على أسس وطنية بما يجعلها تنمي الحس الوطني وتتبع القيم السمحة للدين الإسلامي التي تدعو للوسطية والاعتدال .
وقال الاصبحي : يجب إن تقوم المؤسسات الثقافية بدورها الفاعل في توعية المجتمع بمخاطر الإرهاب والتطرف وما يمثله من إعاقة لجهود التنمية وهذا الأمر ينسحب أيضا على وسائل الإعلام المختلفة وعلى الأحزاب السياسية باعتبارها تمثل النخبة التي تقوم بقيادة المجتمع لأنها تتبنى برامج حزبية بموجبها تكسب ثقة الأعضاء والمناصرين وكذلك ثقة المجتمع الذي تنشط في وسطه وأن تخلق البيئة المناسبة للقيام بتنفيذ تلك البرامج بعدها تكون المواجهة العسكرية في الأخير كما يقال آخر العلاج الكي ومن ضمن مخرجات الحوار الوطني الكثير من القرارات فيما يتعلق بإعادة بناء الجيش والأمن والذي تقتضيه عملية مكافحة الإرهاب باعتباره من الجرائم المنظمة والمطلوب أن يكافح من خلال قوات سريعة التحرك تتجاوز سلبيات الحركة التقليدية للجيش النظامي .
واختتم الدكتور الاصبحي حديثة قائلا : إن الحاجة ماسة إلى أن يقف الجميع وقفة تقييمية وتقويمية للحالة التي وصلنا إليها والتي تتنافى مع أهداف الثورة اليمنية السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر ومع التاريخ النضالي للحركة الوطنية وأن نتخذ من المناسبات الوطنية وقفة جادة للانتصار للقضايا الوطنية وبناء المستقبل وان نتذكر نضالات الشهداء ونستفيد من تجربة الكثير من المناضلين الذين لا يزالون على قيد الحياة وفيما يتعلق بالإرهاب يجب إعادة النظر في إستراتيجية مكافحة الإرهاب وتطوير الأدوات والوسائل والاستفادة من التقنيات الحديثة حتى نخلص الوطن من خطر الإرهاب على التنمية والأمن والاستقرار .
وادعو الجميع من أجل الأمن والاستقرار والشراكة الوطنية أن يتعاون ويجعل من مخرجات الحوار الوطني الشامل برنامج عمل صوب المستقبل .
من جانبه يرى العميد الدكتور علي حمدي العولقي رئيس مركز البحوث والدراسات الأمنية بأكاديمية الشرطة أن غياب الاستقرار السياسي وصعوبة الأوضاع الاقتصادية يوفر بيئة مساعدة لانتشار جماعات الإرهاب فهناك من يمارس جرائم عنف مثل جرائم تفجير أنابيب البترول أو جرائم الاختطاف المختلفة وعندما تعمل الأجهزة الأمنية على ضبط مثل هؤلاء تجدهم يبحثون عن الحماية لدى القاعدة وهذا يجعل الأرضية خصبة لاستقطاب جديد إلى صفوف القاعدة .
وأضاف العميد العولقي قائلا : رغم كل ما تتمتع به اليمن من موقع استراتيجي ووجود المنافذ البحرية وتمتعها بمناخ فريد إلا أن الإرهاب حول كل هذه المميزات الاسترتيجية من نعمة إلى نقمة.. فعملية التنمية شبه متوقفة والسياحة تعاني من هذا الوضع والكثير من رجال الأعمال يشتكون من هذا الوضع الذي أحدثه الإرهاب انعكس على نشاطهم التجاري وارتفاع التأمين البحري إلى اليمن أضف إلى ذلك تفشي الفساد والرشوة والمحسوبية وغياب التخطيط السليم.
وأردف العولقي قائلا : إن الخيار الأمني في مكافحة الإرهاب دون وجود استقرار سياسي واقتصادي لن يكتب له النجاح والمطلوب إذا أردنا بالفعل أن نحاصر الإرهاب ونجفف منابعه علينا أن نعمل على إنهاء الفقر والجهل وتوفير الخدمات للمواطنين والاعتراف فقط بالتعليم العام من خلال مناهج تخلق الانسجام والتعايش لا من خلال تعليم يخلق الخلاف والتوتر .
وأشار رئيس مركز البحوث والدراسات الأمنية قائلا : إن الالتصاق بالجماعة المتطرفة والعلاقات الاجتماعية التي تنشأ من خلالها تخلق شخصيات تمتاز بقوة المعتقد فهؤلاء تجدهم يهربون من محيطهم الاجتماعي فهو يجد نفسه في الجماعة وهي وحدها من يشعر بالاعتزاز للانتماء لها وبالتالي فإن بشاعة ما يرتكبونه من جرائم تعبر عن شدة الالتصاق بالجماعة والتعبير عنها وبالتالي على وسائل المكافحة ان تمتلك وتحدث من وسائل مواجهتها لخطر الإرهاب بنفس تطور الجريمة وإلا كانت عملية المواجهة ناقصة .
واختتم العميد دكتور على حميد العولقي حديثه قائلا : نتمنى ونحن نحتفل بالعيد 52 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الذي هو نتاج النضال الوطني صوب التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية وهنا نعترف بحدوث انتكاسات وتلك الانتكاسات تحتاج مراجعة وتصحيح للأخطاء التي سببتها النظر إلى المستقبل بتفاؤل وإذا بالفعل شرع الجميع بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفي ما يتعلق بمواجهة خطر الإرهاب يجب ان نتعاون جميعا في مواجهة هذه الكارثة ولن ينتصر اليمنيون الا بتكاتفهم جميعا ونعول على إصلاح الجهاز الأمني والعسكري ورفده بالوسائل والإمكانيات حتى يغدو جهازاٍ قادراٍ على مواجهة تطور الجريمة.
من جهته أوضح عمد عبدالفتاح إسماعيل وكيل أمانة العاصمة المساعد أن احتفالات شعبنا بمناسبة العيد 52 للثورة السادس والعشرين من سبتمبر تأتي في ظروف جديدة وشديدة التعقيد يعانيها الوطن وأمانة العاصمة على وجه التحديد عبر المسيرات المطالبة بإلغاء الزيادة السعرية على المشتقات النفطية ويجب على جميع اليمنيين وخاصة في سبتمبر شهر الثورة أن يحكموا العقل وتكون الحكمة والحوار هما الطريق الوحيد لحل مشاكل البلد وتكون مخرجات الحوار الوطني هي الأساس لذالك.
وأضاف وكيل أمانة العاصمة المساعد قائلا : إن مشاكل اليمنيين لا يمكن أن تحل إلا بالحوار أما طرق العنف الأخرى فهي تمثل انتحاراٍ ودماراٍ فلماذا لا نتحاور ونتفق قبل الوصول إلى الدمار ¿ ومن أجل تجنب الدمار على اليمنيين أن يقفوا جميعا في وجه مخاطر الإرهاب الذي غدا ظاهرة عالمية ودولية والذي أعاق التنمية وضرب الاقتصاد الوطني ولكون رأس المال جبان كما هو معروف فهو يبحث عن الأماكن الآمنة والمستقرة.
وأردف عمد عبد الفتاح اسماعيل وكيل أمانة العاصمة المساعد قائلا : إن السياسة اليوم هي الاقتصاد عصب الحياة في أي مجتمع من المجتمعات ولهذا من أجل توفير البيئة المناسبة لاقتصاد قوي ومزدهر لابد من وجود رؤية جديدة لمواجهة الإرهاب تقوم على أساس فتح حوار واسع مع هذه الجماعات وتوضيح كثير من المفاهيم التي للأسف ساعدت على سقوط كثير من الضحايا في شرك الجماعات المتطرفة ومن ضمن التجديد في الرؤية لمواجهات الجماعات المتطرفة أعادة النظر في المناهج الدراسية وطرق التدريس من أجل نشء جديد خال من العصبية والكراهية جيل يقبل بالرأي الآخر .
وأشار وكيل أمانة العاصمة المساعد قائلا : إن من واجب الدولة الحفاظ على أمن واستقرار المواطنين وبالتالي عليها أن تستخدم القوة العسكرية المناسبة والمتطورة ضد الجماعات المتطرفة التي تعرض استقرار الوطن للخطر .
واختتم عمد عبدالفتاح اسماعيل في ختام حديثة لنا : أتمنى ومعي كل اليمنيين واليمنيات لوطننا الأمن والاستقرار وينعم الجميع بالسلام وان ينبذوا العنف والتطرف وان يعمل الجميع من أجل معبدنا الكبير الذي نحافظ عليه وهو اليمن.
فيما أشار الأستاذ عبدالسلام الغولي تربوي في جهاز محو الأمية وتعليم الكبار أن يوم 26 من سبتمبر يوم تاريخي وخالد في ذاكرة اليمنيين واليمنيات وهو اليوم الذي اختار فيه الشعب اليمني طريق الحرية والتحرر والانطلاق صوب العلم والبناء والديمقراطية
وأضاف عبدالسلام الغولي قائلا : نتمنى أن يعمل جميع اليمنيين على الحفاظ على المكاسب التي أحدثتها الثورة اليمنية مع عدم نكران أن هناك كثيراٍ من الأخطاء في السياسة وفي الإدارة وفي الاقتصاد التي يجب أن يتم تداركها من أجل استقرار وتطور الوطن فكل ما تحقق من منجزات هي لجميع الناس والمطلوب أن يتجاوز أبناء اليمن المماحكات السياسية التي تؤدي إلى دمار الوطن ومقدراته .
وأردف الغولي قائلا : إن الإرهاب احرم بلادنا الكثير من الفرص الاستثمارية وخاصة في قطاع السياحة وهذا الوضع يتطلب تعاون الجميع لضرب التطرف والوسائل الذي يستخدمها والظروف الذي ينشأ فيها من أجل الأجيال القادمة التي نريد لها أن تعيش في ظل وضع بعيد من خطر أفكار الجماعات المتطرفة.