
بدأنا بتجهيز الدبابات تحت شعار التجهيز للعرض العسكري الذي سيقام بمناسبة عيد النصر للإمام
كان الجندي يعيش على عشرة ريالات وأربع كدم
الحديث عن ثورة 26 سبتمبر هو الحديث عن وطن كما يقول اللواء قاسم الروحاني احد مفجري هذه الثورة الذي يسترجع ذكرياته عن يوم تفجير ثورة سبتمبر حيث يقول في يوم 25سبتمبر وصلت معلومات بأن البدر سيلقي القبض على ضباط اتهموا بالتخطيط والتنظيم للثورة وانه سيتم التنيكل بهم لذلك تم اتخاذ قرار تفجير الثورة في ليلة 26سبتمبر واتجه الضباط الأحرار إلى العميد عبدالله السلال الذي يشغل قائد الحرس الملكي كون المقدم عبدالله جزيلان كان ضابطاٍ مغموراٍ لا يعرفه إلا القليل.
ويضيف اللواء الروحاني قائلا: بعدها تلقينا أوامر بنقل الذخيرة التي كانت مخصصة لتنفيذ مشاريع تدريبة في نهاية العام من الكلية الحربية إلى معسكر فوج البدر عبر السطوح استعدادا للتحرك لمحاصرة القصور الملكية والإذاعة وقصر السلاح وكلف الملازم حسين السكري الذي كان يعمل في دار البشائر باغتيال الإمام الجديد البدر وبمجرد تنفيذ مهمته سيتم التحرك وللأسف فشلت المحاولة لذا فقد صدرت الأوامر الساعة العاشرة بالتحرك وكان على رأس المدرعات الملازم عبدالرحمن الترسي والملازم عبد الحميد والملازم عبدالله الحزوقة والملازم عبدالله البرطي…وغيرهم.. مزيدا من التفاصيل في سطور الحوار التالي.
• لو تعطينا لمحة مختصرة عن أوضاع اليمن قبل ثورة 26سبتمبر الخالدة¿
-كان اليمنيون يعيشون في بؤس وشقاء وجهل مطبق إذ كانت المدارس على عدد اصابع اليد وكان التدريس يقتصر على قراءه القرآن لا حفظه, ويعتمدون في شفائهم على الشعوذة وكانوا شبه مسجونين في قراهم لا يعرفون إلا أسواقهم التي كانت تقام في كل أسبوع ليصوموا رمضان بإشعال النيران في الجبال وسطوح المنازل وفي ذلك تنبيه أن الإمام أمر بالصيام أو الإفطار وكان الإمام يعتمد على «النشادين» فيمرون على كل القرى لنقل ما يريد الإمام إيصاله إلى المواطنين وعلى «الدواشين» أن يبلغوا الناس بأي أحداث ودعوتهم للتجمع أو لأداء عمل يقومون به مستقبلا.
وكان المشايخ هم ممثلون للإمام في جباية الواجبات والتجنيد والحل والعقد في عزلهم لأن المواطنين لا يصلون إلى عْمال الإمام ونادراِ ما يحضرون إلى القضاء للفصل في القضايا التي يرفعها الشيخ أو عاقل القرية إلى درجة أنه في أحد الأيام وجد أحدهم ريشة نسر ولم يعرفوا أهالي القرية ماهي فلجأوا إلى الشيخ الذي كان أجهل منهم فقال هذه ريشة ضبي وكان المواطنون يلجأون إلى مدرسي الكتاتيب لقراءة رسائلهم أو الرد عليها.
أربع كدم
• بداية لو تحدثنا عن وضع الجيش قبل وأثناء تفجير الثورة وأبرز المواقف التي دونت¿
-كان الجندي يعيش عيشة رديئة حيث أن مرتبه لا يتجاوز عشرة ريالات وأربع كدم وحصيرة وقطعة من الصوف بطول 170سم طول والعرض 50سم وبدلة تصرف له في رأس السنة فقط وكان الجيش يقسم إلى الحرس الملكي (العكفة) وكانوا يختارون من أسر رفيعة والذين هم أكثر ولاء للإمام وتسليحهم عبارة عن «زاكي كرام» (ألماني) والجيش المظفر وكان يتكون من ستة لواءات منتشرين في كل المراكز الهامة وحدود الدولة وسلاحهم «بشلي» إيطالي وعدد من سرايا القناصة والنامونة ويمتازون بالتدريب العالي حيث يتم تكليفهم في المهام الصعبة وأسلحتهم «جرمل» وكذلك جيش الدفاع وهم المجندون الإجبارياٍ الذي كان اختيارهم يفرض على كل أسرة من قبل شيخ المنطقة تحت إشراف عامل القضاء أو الناحية وسلاح المدفعية وكانوا يسمون بـ»الطبشية» حيث كانت المدفعية من مخلفات الحرب العالمية الأولى والتي تركها الجيش التركي عند انسحابهم من اليمن وهي تسمى عالي جبل-برق لاح-والمنكل وكلها تسحبها البغال.
وهناك أيضا ما يسمى الجيش البراني ويتكون من جماعات كل جماعة لها عريف وعادة ما يكون عرايف المراني يتوزعون على القضوات والنواحي التي لا تواجد فيها الجيش النظامي أو الدفاعي والهجانة والفرسان وتتكون من خيول والجمال, وسرايا النقليات وتتكون من الدواب وتعمل على سحب المدافع وكبار قادة الجيش لعدم وجود وسائل نقل أخرى وفي الفترة الأخيرة أمر الإمام بتجنيد الجيش الوطني وقائده محمد حجر.
روما
• كيف كانت الاستعدادات لتفجير الثورة وما هي الإرهاصات التي رافقت ذلك¿
-عندما غادر الإمام إلى روما للعلاج ظن المثقفون -وهم قله-أن الإمام لن يعود إلى اليمن واعتبروا أنه أزيح كابوس من اليمن. فقد كان الإمام يعتمد على جهاز استخباراتي رهيب نشرهم في كل القرى على شكل متسولين وكان يستقبلهم مباشرة ويناقشهم في كل صغيرة وكبيرة والويل لمن يكذب في تقاريره حتى ضن اليمنيون أن الإمام يستخدم الجن في نقل الأخبار واستهتروا بولي عهده إذ لم يكن مثل أبيه وذو نزعة سلمية مما شجع بعض المشايخ مثل آل الأحمر وآل الطلوع وابن عنان ومن مشايخ خولان الشيخ الغادر والزايدي والقيلي وآل القردعي من مراد وغيرهم وتوافدوا إلى صنعاء تمهيديا لأخذ البيعة للشيخ حميد حسين الأحمر بدليل زاملهم المشهور (إمامنا الناصر ومن بعده حميد سبحان من بدل العوائد لأهلها) وقد يكون البدر أو الأسرة تواصلوا مع الأمام وطلبوا منه العودة قبل فوات الأوان ولعدم وجود وسائل نقل جوي اضطر أن ينتقل عبر البحر حتى وصل إلى الحديدة ليلقي خطابه الشهير عبر الإذاعة وقوله (لن أرحم أبيض أو أحمر ومن كذب جرب وهذا الفرس وهذا الميدان) مما أرعب المشايخ وجعلهم يقفزون من فوق أسوار المدينة التي كانت تغلق أبوابها ليلا وتفرقوا شتى منهم حميد هرب إلى الجوف ومنهم من حاول الهروب إلى عدن ولكن أين الهروب من «مخبري» الإمام المنتشرة في كل مكان فالتقارير التي رفعوها استطاع الإمام إلقاء القبض عليهم والتنكيل بهم .
وبالنسبة للأحمر كلف إمارة الجيش النظامي والجيش الدفاع بإرسال عدة سرايا بقيادة أمير الجيش آنذلك وخططهم على كل أسرة في حاشد حتى يصلوا إلى هاربهم من الأرض أو السماء وفعلا أوصلوه سجن القاهرة بحجة حيث اعدم مع والده والشيخ عبدالخالق الطلوع وأمر الإمام القبض على كل الضباط والعساكر وسجنهم في حجة والحديدة ووشحة وسنارة صعدة.
وعندما تمرد الجيش في صنعاء احرقوا القصب المخزون في العرضي وكان يستخدم لعلف الدواب التي تسحب المدافع أو ركوب كبار الضباط وتمرد سرية القناصة في تعز و البيضاء وتم استدعاؤهم وتكليف أمير الجيش بقطع الطريق عليهم في نقيل «يسلح» وتجريدهم من السلاح وحبسهم.
وعندما استقر الإمام في السخنة بعد عودته من روما بدأ عرائف البراني يتوافدون إلى السخنة حتى أصبح عددهم أكبر من عدد الجيش فيها من «العكفة» وملوك سنحان وملوك الحمراء مما اضطر الإمام إلى طلب فصيلة دبابة مكونة من مدفع اقتحام ودبابتين في 43 من باجل حيث كان اغلب الدبابت مخزونة في باجل وعند وصولها إلى السخنة اتضح أنها لا تحمل كل كوادرها من حكمدار ورماه ومعمرين حيث أن قائد معسكر باجل النقيب حسين الأسد لم يهتم بتدريب أفرادها أو بالأصح لم يكن يعرف خواصها وكان باجل يعتمد على المخزن للأسلحة لذلك أمر الإمام ولي عهده بإرسال طواقم الدبابات من فوج البدر وكنت ممن اختيروا للسفر إلى السخنة بقيادة الملازم أحمد شرف والرقيب أول شوعي علي مفرح عندما وصلنا إلى السخنة عرفنا مهمتنا حيث أن عارف البراني يقوموا بالتجمع حول القصر في كل صباح يطالبون بحقوق أو بالأصح يريدون أهدار هيبة الإمام وتحديهم ورفع أصواتهم (مظاهرات ضد الإمام) وبأن الدبابات كانت لا تحمل ذخيرة لا خفيفة ولا ثقيلة فقد أمر بتنفيذ حركة دائرة على القصر مما افزع المحتشدين ممن ترك السخنة وما كانت إلا أيام قلائل حتى القي القبض على أغلبهم وكان يوجد سائق قلاب روسي إذا استدعي في ضوء النهار بمعنى أنه سينقل مساجين إلى سجن الحديدة وإذا استدعي بالليل فسينقل المغضوب عليهم ليعدموا ويدفنوا في الصحراء وعند انتهاء محاكمة بعض الضباط أو الأفراد المدانين في حركة التمرد أثناء غياب الإمام في روما قرر الإمام العودة إلى الحديدة للإشراف على تنفيذ الأحكام من هذه العقوبات قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وإعدامهم ومنهم من أمر بقطع رأسه ومنهم أمر بقطع يديه وعند تنفيذ الأحكام كان من المتهمين من يستنجد بالإمام بأنه بريء وكان الجزار ينفذ الأحكام بحسب الكشف بقلب لا يعرف الرحمة في هذه الأثناء استغل النقيب احمد حسين المروني الذي كان الحكم عليه بقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم قطع رأسه فمد للجزار يده اليسرى وقطعها وقال هذه هدية للإمام حيث أن الجزار والقاضي المحبشي رئيس محكمة الحديدة لم ينتبهوا لليد التي مدت مما اضطرهم للرجوع للإمام ولكي يظهر الإمام للناس أنه عادل أمر بإسعافه للمستشفى للعلاج ثم دفع دية مقابل يده اليسرى لكنه رفض استلام الدية لعلمه أنه استلم الدية لينفذ فيه الحكم مما اضطر الإمام إلى حبسه حتى قيام الثورة.
وفي احدى الليالي قام الإمام بزيارة المستشفى لسبب غير معروف استغل هذه الزيارة الشهيد محمد العلفي ضابط المستشفى والملازم عبدالله اللقية الذين كانوا في زيارة زميله آنذاك وقاموا بإطلاق النار على الإمام الذي ارتمى على الأرض مباشرة موهما أعداءه بأنه قتل ففروا هاربين حاملين نشوة النصر وقد ساعدهم في الهرب أحمد الهندوانة.
وأما الملازم اللقية التحق بسرية في المطار القديم جوار ميناء الحديدة والعلفي هرب في اتجاه قلعة الحديدة على الساحل الجنوبي في الحديدة وبما أن الإمام لم يقتل فقد أمر بمطاردتهم وبكل سهولة وجدوا العلفي في عشة بالقرب من القلعة وتبادلوا معه إطلاق النار فلما علم أن الإمام لا يزال على قيد الحياة انتحر بآخر طلقه من مسدسه وأما اللقية تم إلقاء القبض عليه من قيادة سريته وحوكم مع الهندوانة ميدانيا واعدموا في الحديدة.
وبعد ذلك انتشر خبر اغتيال الإمام بواسطة السلكي واللاسلكي وصحح الخبر فيما بعد أن الإمام أصيب بإصابة خفيفة وأن عناية الله هي التي حرسته.
وفي هذه الأثناء زرت الإخوة الضباط وهم قائد الفصيلة محمد المطري ونائبه الملازم حسين الكبسي في سكنهم الذي كان مبني من القشاش جوار دار الضيافة في السخنة وسمعتهم يتحدثون عن مصرع الإمام وبشماته مما جعلني أدق الباب بأن الطاغية لم يمت وهو الاسم الذي كانوا يتحدثون به ونصحتهم ان كلامهم يسمع إلى الخارج. لم ينهروني على جرأتي باعتبار أنهم أعلى مني رتبة فقد ضنوا أني من الثوار حيث أن خالي عبدالله حيدر كان محبوساٍ في الحديدة وأرسلوا إلى سجن المحابشة وكان الملازم حسن الكبسي قد حل محل أحمد شرف وكان متواجداٍ معهم في السكن الملازم لطف الزبيري والنقيب محمد الرعيني وبعد أن استأذنت في الانصراف دهشوا من جراءتي لكنهم أقروا أن يعاملوني باحترام زائد حيث أنهم عرفوا أني لن أبوح بما دار بيننا لأحد مما جعل الملازم حسن الكبسي يتطوع لتعليمي الخط والحساب واللغة الإنجليزية.
بعد إصابة الإمام في مستشفى الحديدة قرر الانتقال إلى مدينة تعز لأنها أكثر أمانا وتحصينا من أي عدوان وعند نقل حسن الكبسي حاول إرسال البديل إلى صنعاء لكي نعود لها بعد عامين من مغادرتها إلى السخنة.
وفي شهر أغسطس من عام 1962م خرجت مظاهرة طلابية منددة بحكم الإمام ومن بينهم علي محمد صلاح الدين وقد طافت بشوارع صنعاء وخرجت من باب الروم جوار الإذاعة وقد كانوا يهتفون بحياة الرئيس جمال عبدالناصر.
التنكيل
• حدثنا عن يوم الخميس يوم تفجير الثورة¿
في يوم 19سبتمبر1962م أعلن وفاة الإمام أحمد في تعز وتم نقله إلى صنعاء وفي اليوم الثاني تم أخذ البيعة لولي عهده محمد البدر وكان على تنظيم الضباط الأحرار وضع اللمسات الأخيرة لخطة تفجير الثورة وبما أن العميد حمود الجائفي كان في الحديدة فقد تقرر إرسال الملازم علي عبد المغني مع زميل له لاستحضاره بهدف إقناع العميد الجائفي بالعودة إلى صنعاء ليتحمل قيادة مسؤولية قيادة الثورة ولكنهم فشلوا في إقناعه.
وفي يوم 25سبتمبر وصلت معلومات بأن البدر سيلقي القبض على ضباط اتهموا بالتنظيم والإعداد لتفجير الثورة و سيتم التنيكل بهم لذلك تم اقرار تفجير الثورة في ليلة 26سبتمبر واتجه الضباط الأحرارالى العميد عبدالله السلال الذي يشغل قائد الحرس الملكي إذ أن المقدم عبدالله جزيلان كان ضابطاٍ مغموراٍ لا يعرفه إلا القليل وبعدها تلقينا أوامر بنقل الذخيرة التي كانت مخصصة لتنفيذ مشاريع تدريبة في نهاية العام من الكلية الحربية إلى معسكر فوج البدر عبر السطوح استعدادا للتحرك لمحاصرة القصور الملكية والإذاعة وقصر السلاح وكلف الملازم حسين السكري الذي كان يعمل في دار البشائر باغتيال الإمام الجديد البدر وبمجرد تنفيذ مهمته سيتم التحرك وللأسف فشلت المحاولة لذا فقد صدرت الأوامر الساعة العاشرة بالتحرك وكان على رأس المدرعات الملازم عبدالرحمن الترسي والملازم عبد الحميد والملازم عبدالله الحزوقة والملازم عبدالله البرطي…وغيرهم.
وتحركت مدرعات الفوج بقيادة الملازم عبد الكريم المنصور والملازم علي الشامي وعلي الحيمي وعبدالله المؤيد حسين ضيف الله قائد السرية الثالثة مدرعات وحسين الرضي وحسين شرف الكبسي وفي أثناء تجهيز الدبابات ونقل الذخائر انتشرت الفوضى في مساكن الجنود فقد شعروا بالثورة ضد الإمام وكانوا من أكثر الموالين له وتعاونا مع ضابط المناوبة الملازم عبد الكريم الحولي في تهدئتهم وأخبرناهم أن الحزب الحسني يحاول محاصرة البدر في دار البشائر ومن يريد أن يتأكد من ذلك فعليه الاتصال بالقصر مع العلم أن وسائل الاتصالات كانت مقطوعة ومن ثم تم محاصرتهم في المعابر حتى تحركت الدبابات وكنا على يقين أنهم لن يفعلوا شيئا باعتبار أن الدبابات المتبقية معطلة.
وعندما اتجهت إلى دبابتي لم أجد الملازم أحمد مطهر حيث أنه أنتقل إلى دبابة أخرى تحمل ذخيرة أخرى للمدفع وكان هو المكلف بقصف دار البشائر ووجدت بدلا عنه الملازم عبد الكريم السكري والملازم هادي عيسى والشيخ محمد القوسي وعند مرورنا في مجرى السيل بخزيمة وجدنا علي الشامي قد انزلق إلى المجرى وبما أننا كنا في عجلة من أمرنا أخذنا معنا علي المنصور.
اقتحم الملازم عبدالرحمن الترسي سور صنعاء الحديث في اتجاه خزيمة بدبابة وتوزعت الدبابات والمدرعات حسب المهمة المكلفه بها وكانت مهمتنا التمركز جوار المدرسة المتوسطة بالقرب من الإذاعة بهدف منع أي تعزيزات أو نجدات للإمام من دار السعادة ودار الشكر وبعد إحراق المدفع المتحرك بقيادة عبدالرحمن المحبشي بقي الطاقم محمد علي الحنافي ومحمد عاطف في المنطقة بجوار دار البشائر من جهة الشمال لدار البشائر وأمرنا بالتحرك لنحل محل المدفع.
وفي الصباح تحرك الملازم عبدالكريم منصور إلى مقر قيادة الثورة ليطلع على أية تعليمات جديدة لعدم وجود اتصالات بين الدبابات وبين القيادة في حين علمت أن العميد السلال قد تسلم قيادة الثورة بعدها استأذنت الملازم عبدالكريم المنصور بتجهيز دبابة لسحب المدفع المتحرك الذي حرق بجوار دار البشائر وعند إيصال المدفع المحرك إلى المعسكر وجدت الملازم حسين الكبسي وانتقلنا لمحاولة فتح قصر السلام انتشرت مدفعية الميدان في خزيمة بقيادة الملازم احمد مطهر والملازم ناجي الأشول ومجموعة من الضباط وقبل الظهر تبادلت المعلومات أن الذخائر نفذت فبدأت القيادة تشعر بالخوف وقد نصحني الملازم حسين شرف أن أرجع إلى سريتي فأجبت عليه نموت ونحيى سويا فالموت أشرف من حياة الذل في السجون.
أمر السلال
• كيف تم فتح قصر السلاح وإنقاذ الموقف الصعب الذي واجهته القيادة نتيجة لنفاذ الذخيرة¿
كان يحيط بقصر السلاح سور مرتفع بني حول مخلفات مباني سابقة ولذلك لا يمكن اجتيازه بسهوله كما حدث مع سور صنعاء في اتجاه خزيمة ومدخل بوابة القصر متعرجة يسهل تدمير أي دبابة تحاول اجتياز بوابة القصر وكان المدافعين عن القصر السرية الخامسة من فوج البدر الأول وسرية من الأهنوم وهي من أخلص الموالين للإمام على اعتبار انه من أبناء شهارة وبما أنها كانت محاولة اقتحام القصر مستحيلة فقد طلبوا من الزعيم السلام تحرير أمر باسم قائد الحرس الملكي لفتح القصر بهدف القضاء على المهاجمين بدار البشائر وبما أن التلفونات كانت مقطوعة ولا يوجد وسيلة غيرها ليتأكدوا من صحتها فقط اضطروا لتنفيذ الأمر وبتدفق الذخائر إلى كل دبابة ومدرعة تأكدنا أن الله كان معنا ومع الثورة مما اضطر البدر إلى الهروب بزي أحد جنوده عبر منزل طميم وبمساعدة الشيخ عادل مصلي على ضلاع همدان ورافقوه في طريقه إلى حجة عبر جبل مسور الذي لم تكن تتوفر فيه طرق مما صعب على الثوار مطاردته.
وفي اليوم الثاني من الثورة اجتمع الزعيم السلال بسرايا الجيش المظفر والجيش الدفاعي وفوج البدر والمدفعية موضحا لهم أن الثورة قامت من اجلهم وعليهم القيام بالدفاع عنها.
السخنة
• من هم أبرز الأشخاص المخططين والمنفذين للثورة¿
عندما كنت في السخنة تعرفت بالملازم محمد المراني والملازم محمد الكبسي والملازم لطف الزبيري والنقيب محمد الرعيني وعندما عدت إلى صنعاء تعرفت على ضباط فوج البدر منهم الملازم أحمد مطاع الزين والملازم حسين الرضي والملازم علي الحيمي والملازم علي الشامي والملازم عبدالله المؤيد والملازم يحيى بيدر والملازم علي منصور المؤيد وأثناء تجهيز الدبابات للعرض الذي كان سيقام في عيد النصر تعرفت بالملازم حسين الزين والملام حسين ضيف الله والملازم ملاطف السياغي وعلى رأس المخططين للثورة المقدم عبدالله جزيلان والملازم علي محمد عبدالمغني والملازم أحمد الزين والملازم أحمد الرحومي والملازم يحيى مهدي والملازم سعد الأشول وأخيه والملازم محمد الفسيل والذين اشتركوا في تفجير الثورة جميع ضباط الدفعة الأولى والثانية والثالثة كلية حربية وكلية الطيران وكلية الشرطة وقليل من صف ضباط وجنود فوج البدر الأول والثاني.
الخارج
• أنت تتحدث عن تسميات عسكرية لجيش عصري ..كيف حدث هذا التطور قبل قيام الثورة¿
عندما أعلن الاتحاد الكونفدرالي بين مصر والسعودية واليمن وتحرشات الانجليز وعملائهم على الحدود الشرقية والجنوبية لليمن اقر في أحد اجتماعات القمة الثلاثي بأن على اليمن أن يتجه إلى الكتلة الشرقية لشراء الأسلحة الحديثة وقد كلف الإمام ولي عهده محمد البدر بزيارة الاتحاد السوفياتي وبعض دول حلف والصوا وتم توقيع اتفاقية بشراء تسليح فرقة كاملة من مدرعات ومدفعية ودفاع جوي وأسلحة خفيفة ومتوسطة وبعد عودة البدر من تلك الزيارة اقر تجنيد فوج البدر الأول من لواء حجة ولواء كوكبان وتم تدريبه على المدفعية 57ملم و76ملم و85ملم ومدفعية الهون 82ملم و120ملم بالإضافة إلى الأسلحة المتوسطة والخفيفة وبما أن الفوج الأول لم يغط الأسلحة التي وصلت فقد تم تجنيد اللواء الثاني فوج البدر في عام 1957م وكنت ممن انظم إلى هذا اللواء وتم توزيعهم على الدبابات من نوع 34 ومدفعية الاقتحام 100ملم والمدرعات 4في4 ومدفعية الـ «م ض» والإشارة.
هروب البدر
• ماذا عن أهم الأحداث والمعارك التي دارات خلال الأيام الأولى للثورة¿
بعد هروب البدر من صنعاء واتجاهه إلى ضلاع همدان في الطريق قرر مجلس قيادة الثورة تكليف الملازم أحمد مطهر مع مجموعة من الضباط والأفراد بمطاردته في اتجاه شبام كوكبان الطويلة لكن البدر تحرك عن طريق ثلا ومسور ذات الطرق الوعرة والتي لم يتوقعها أحد وكان في استقباله في حجة النقيب محمد الأهنومي وزملائه الذين أطلق سراحهم في سجون حجة واستطاعوا صده ومنعه من دخول حجة مما اضطر البدر الاتجاه إلى السعودية عن طريق مبين والشرفين ووشحة والخوبة وبدأت السعودية بحشد قواتها واستنفرت المناصرين للإمام في الجوف وأرحب وبدأوا للزحف عبر وادي المطمة وهران في اتجاه صنعاء وحشد الانجليز قواته في بيحان واستنفر الموالين للإمام من مراد وخولان وبدأت أول مناوشة مع الملازم علي عبد المغني في جهم في الأسبوع الثاني للثورة وجهزت قوة إلى عمران الذي كان يتواجد فيها أفراد من الأهنوم الأكثر ولاء للإمام وكانت القوة المتحركة بقيادة الملازم عبدالسلام صبرة وأنا كنت من ضمنهم وجهزت قوة للتحرك إلى هران لأن الموالين للإمام منعوا السيارات التي كانت تنقل الحطب لأفران الكدم بقيادة محمد مطهر زيد ونتيجة لعدم توفر المعلومات عن العدو وعن الأرض ونتيجة لعدم وجود الكفاءة في القيادة على إدارة المعارك في الميدان حيث كان مستوى القادة لا يزيد عن قادة سرايا ولم يسبق لهم ان اشتركوا في معارك فعلية من قبل.
الخدعة الكبرى
• كيف سارت الأحداث في معركة سنوان.. وما هي قصة الخديعة الكبرى¿
كانت القوة بقيادة الملازم محمد مطهر زين مكونة من 3 دبابات و2 مدافع ميدان و4 مدرعات مسلحة برشاشات متوسط وقد تحركت بسلام إلى وادي هران وبعد استراحة تحرك الفوج بنفس الترتيب السابق في اتجاه المطمة ولم يهتم القائد بدفع حراسات أمامية أو حراسات جانبية ونظرا لوعورة الطريق وقعت القوة في كمين فاجأهم وبمجرد تدمير الدبابة الأولى أصبحت القوة في مأزق وقد استمرت المعركة عدة ساعات حيث قتل وجرح الكثير منهم قائد الحملة مما اضطره إلى العودة إلى قشلة سنوان ووقع تحت الحصار الشديد لعدة أيام وقد كلفت أن أتحرك بدبابتي من عمران لدعم القوة المتحركة من صنعاء مكونة من سرية المشاة ودبابتين وكان تحركهم عن طريق ذيفان ريدة وكانت بقيادة الملازم صالح العروسي ومجموعة من قبائل عيال يزيد بقيادة الشيخ سنان أبو لحوم وتأخرت الدبابة المتحركة من صنعاء إلى نهاية اليوم وتم إسعاف الملازم محمد مطهر وحل محله الملازم صالح العروسي منحونا أربعة أيام لصيانة الدبابات وبدأ التحرك في اتجاه المطمة وأثناء المسيرة لاحظت أن الضباط الذين اشتركوا في المعركة السابقة يمشون مترجلين مثل الملازم ناجي المسيلي والملازم المنثى الحضيري.
وتوقفنا في وادي هران الذي انقلب فيه المدفع المتحرك بقيادة حسن محمد يعقوب وفي الصباح اتجهنا في اتجاه وادي المطمة لكي نجتازه قبل الظلام وبما أن القوة المتحركة تحركت بدون حراسة أمامية وجانبية وقعنا في كمين على مدخل المضيق واستمرت المعركة إلى الظهر وكانت الخسائر فادحة مما اضطرت القيادة بإعطاء أمر بالانسحاب وأثناء العودة انكسر جنزير دبابتي أكثر من 4 مرات مما جعلني في آخر القوم ولم أصل إلى القشلة إلا في اليوم الثاني ونتيجة لخبرة العدو بالأرض استطاع أن يواكب القوة من الأجناد والاستمرار في الاشتباك معها وأثناء الظلام اصبت في طلقة بيدي اليسرى لأنني ارتدي ساعة فسفورية وبدأ العدو بالاشتباك بالقوة التي وصلت إلى القشلة واستشهد قائد الحملة صالح العروسي.
وفي اليوم الثاني تم إسعافي بعدد من لقم الجنزير بالإضافة إلى الأكل والماء وفي نفس الوقت ارسلت القيادة الملازم حسين عينان ليحل محل الملازم صالح العروسي كما وصل الشيخ عبدالواسع نعمان ليحل محل الشيخ سنان أبو لحوم والسرية الثانية مشاة من الفوج الأول ودبابات بقيادة الملازم محمد مفضل والملازم حسين الرضي والملازم عبدالله حزونه والملازم احمد البطل وكانت خطة الدفاع على القشلة تعتمد على التمترس خلف الأسوار وبعض النوب أو المباني المجاورة للقشلة ولم يدفعوا بواقع إنذار أمامية أو جانبية وتكثفت القوة بالكامل داخل القشلة بالإضافة إلى الوقود وكان وضع مدفعية الميدان في الجهة الشرقة من القشلة والدبابات في الجهة على جانبي المدفعية وفي الأحراش شمالي القشلة.
في اليوم السابق للمعركة وصلوا بعض مشايخ آل عبدالله منهم النقيب صالح داوود والذي سبق لي المعرفة به فقد كان ضابط إنشاءات السخنة للإمام وبعض مشايخ أرحب وبني الحارث منهم آل دخيش كنت قد عرفتهم من سابق وطلبوا من القيادة السماح لهم بالانضمام للجمهورية مع قبائلهم غيرهم من نهم وسفيان وعند موافقة القيادة طلبوا أن يجمعوهم في تلك اللية في القشلة ووافقت القيادة على ذلك وابلغت القيادة بأنهم سيصلون وسيجمعون فلولهم على بعد 7كيلو على أساس يدخلوا الصباح بالزوامل حسب عرف القبائل وكنا نتلذذ بمنظر الأضواء بين الاحراش وهي بين الذهاب والإياب ونحلم باستقبالهم كضيوف أعزاء على الثورة وبمجرد طلوع أول ضوء فتحت مدفعيتهم التي نشروها في الليل على القشلة بكثافة كبيرة وأحدث دماراٍ كبيراٍ من الناحية الشرقية واستمرت المعركة حتى بعد الظهر ودمرت القشلة تقريبا مما جعل الملازم الحمزي يشعل النيران في ما تبقى من المحروقات والذخائر والأغذية واستشهد في نفس الوقت داخل القشلة واتضح أن زيارتهم كان لها ثلاثة أهداف هي إيهامنا أنهم سيصلون وينظمون إلى الجمهورية ليتمكنوا من نشر مدفعيتهم بالقرب من القشلة دون أي اعتراض من قبلنا واستطلاع قواتنا ومعرفة تمركزهم وكذلك أنذروا قبائل جبل عيال يزيد بوقوع الهجوم الصباح مما سبب فرار القبائل الأمر الذي أدى إلى تعرية الجانب الغربي والشمالي للقشلة الأمر الذي سهل للعدو الالتفاف على القشلة وعندما لاحظت رفع العلم الأبيض في الجزء المتبقي من القشلة عرفت أنها قد سقطت بيد العدو مما جعلني ألْف على الدبابات لكي أعلمهم بذلك وفي هذه الأثناء جرح الملازم حسين الرضي والملازم محمد مفضل وكانت حصيلة الخسائر بشكل عام ما يقارب ثلاثة أرباع القوة المدافعة عن القشلة كما شاهدت من الشهداء عبداللطيف هادي سالم.
وبما أن دبابتي كانت الأخيرة فقد ركز عليها العدو حيث ضرب عجلة نقل الحركة الرئيسية وتحاصرنا لمدة ساعتين وعندما طال الوقت طلبوا مننا الاستسلام وأثناء محادثتي مع القبائل من فتحة السائق أصبت بطلقة في الجنب الأيسر.
هناك ملاحظة وهي أثناء الاشتباك مع العدو عن قرب لاحظت أجانب قد يكونون سعوديين أو أردنيين أو إيرانيين وهم الذين أداروا المعركة واستخدموا المدفعية الثقيلة والمتوسطة والبوازيك والهاونان.
القبائل
• هناك مذكرات وإشاعات بأن دار البشائر لم يقتحم من قبل قوات الثورة إلا بعد دخول القبائل ما حقيقة ذلك¿
-في الحقيقة لم أكن مطلعاٍ على تفاصيل خطة الهجوم وبما أن الشيخ محمد علي القوسي كان بصحبتي في الدبابة لا استبعد أن القيادة كلفت مجاميع من القبائل باقتحام القصر لعدم توفر القوة البشرية الكافية حيث أن جنود القوات المسلحة لم يشتركوا فعليا إلا في اليوم الثاني بعد محاضرة الزعيم عبدالله السلال في أرض الميدان وعرفت فيما بعد بأن بعض القبائل التي اشتركت من خولان اليمانيتين والأعروش وقبائل الحدا.
الأخلاق
• ما هو تقييمكم لدور المشايخ والقبائل في دعم القوات المسلحة سلبا أو ايجابا¿
-قد يؤثر تصرفات القادة نحو المواطنين لدعم الثورة وقد يسيء القادة على فرد أو شيخ مما يجعل القبيلة تتمرد على الدولة ولو كانت ممن يؤيدها.
السيرة الذاتية
من مواليد عام 1957م في قرية روحان ناحية الرجم بمحافظة المحويت متزوج ولدي ولد واحد وثلاث بنات توفي والدي رحمه الله وأنا ابن خمسة أشهر وترك لي ثروة ليست بالقليل حاولت التعلم في مكتبة روحان الذي كان يعلم القرآن الكريم وشروط وأركان الصلاة التحقت بالجيش في عام 1960م واستكملت التعليم في القرآن والكتاب والحساب التحقت بالدبابات وكنت الأول في رماة المدفعية ت34 ورقيت إلى رتبة عريف وبعد عام رقيت إلى رتبة رقيب حيث أني نجحت في قيادة الجماعة ولم يوجد رقيب للفصيلة بعدها انتقلت إلى السخنة مع مجموعة ضباط طلبنا الإمام عند عودتي من السخنة رقيت إلى رتبة رقيب أول للسرية الأولى دبابات في الأيام الأولى رقيت إلى رتبة ملازم أول وألحقوني في الدفعة الثانية خريجي الكلية الحربية كلفت بقيادة فصيل ودبابات عند اشتراكي في فتح طريق حجة في نهاية عام 1962 م كلفت بقيادة فصيلة دبابات في قعطبة في عام 1963م كلفت بقيادة الانضباط في الحديدة في اول عام 1964م كلفت بقيادة مدرعات المحور الغربي ورقيت إلى رتبة نقيب التحقت بالكلية الحربية الدفعة العاشرة وتخرجت في عام 1972م عينت أركان حرب في لواء المجد بقيادة المرحوم اللواء محمد عبد الله صالح في عام 1973م عينت قائد الكتيبة الثانية مشاه من اللواء الأول بقيادة اللواء علي محمد صلاح عينت قائد اللواء الأول المجد في شهر يونيو 1994م وكان مقره في محافظة تعز انتقلت إلى قيادة اللواء الأول مشاه في عام 1983م المنتشر في محافظة صعدة انتقلت إلى دائرة التأمين الفني في عام 1998م حولت إلى التقاعد في عام 2006م.