أيبولا إسرائيل ..ومعاناة غزة!
أتفهم –كغيري- التفاعل الدولي المكثف والسريع تجاه البحث عن مساع ناجعـة لمكافحة وباء(الأيبولا) القادم من أفريقيا, فضلا عـن تنسيق الجهـود وحالة الطوارئ التي تعيشها المنظمات الصحية والإنسانية وحشد الطاقات العلمية لاختراع وتصنيع دواء فعال لهذا المرض الفتاك.
أتفهم كل هذا وأكثر بالنظر الى خطورة هذا الوباء وسرعة انتقاله بين البشر, الأمر الذي قد يؤدي إلى كارثة كونية غير محمودة العواقب.. وبالتالي فإن التفاعل الأممي البناء في هذا الإطار من الأمور الطبيعية التي تؤكد مسؤولية هذه المؤسسات والدول المتقدمة لمحاصرة والقضاء على مثل هذه الأوبئة.. وهـو ليس بالأمر الجديد إذا ما طبقنا هذه المعايير على حالات مشابهة في الماضي.
المسألة الأخلاقية الجديرة بالمناقشة هنا هي التساؤل عن غياب هذه الإرادة الأممية وهذا التفاعل البناء والإيجابي مع حالة الاضطرابات العسكرية الناشبة مخالبها في منطقة الشرق الأوسط وبدرجة أساس في ما يتعلق بالحرب المدمرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكثر من شهر والتي خلفت سقوط أكثر من ألفي شهيد وما يربو على عشرة آلاف جريح,فضلا عن تدمير المساكن والمؤسسات ومشروعات البنية الأساسية بتكاليف باهظة لا يمكن للفلسطينيين بمفردهم إعادة البناء والتعمير.
وحسب التقارير الدولية الأولية الصادرة عن المنظمات الحقوقية والهيئات الطبية فإن ثمة كارثة بيئية وسكانية وشيكة الوقوع جـراء انعدام تلك الخدمات واختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي وتكدس العائلات الفلسطينية في مساكن غير مؤهلة أو صالحه للعيش الآدمي!
حقا..هذه هي الصورة المأساوية في أوضاع الفلسطينيين داخل قطاع غزة جراء استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم وتنصل قادة الكيان العنصري عن الوفاء بالتزامات المبادرات المطروحة لإحلال وقف دائم لإطلاق النار وتخليها عن الاستجابة لأبسط الشروط القانونية والإنسانية التي يطلبها الفلسطينيون في القطاع وبأن يكون لهم مرفأ آمن وفتح المعابر وانسيابية التجارة ورفع مظالم الاحتلال في مناطق الضفة والقطاع على حد سواء.. وهي أبسط مطالب شعب يعيش ظروفا قاسية تحت وطأة الاحتلال المتواصل منذ عدة عقود .
ولما كانت هذه الحالة المأساوية التي يعاني منها أهالي قطاع غزة خاصة والفلسطينيون بصورة عامة تنذر بكارثة إنسانية وشيكة, فضلا عن المخاطر التي تترتب على استمرار العدوان الإسرائيلي على مستقبل دول وشعوب المنطقة ككل, فإن الأجدر بالمجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية إيقاف هذا العدوان سرعة تقديم العون والمساعدة للفلسطينيين ومحاولة إخراجهم من محنتهم الراهنة وبالتالي النظر إلى هذه المأساة الإنسانية تماما كما تنظر إلى وباء (ايبولا).. فإن لم يكن بمقدور المجتمع الدولي فعل ذلك خشية اللوبي الصهيوني فعلى الأقل التعامل باعتبار أن الاحتلال الإسرائيلي المتصاعد أشد فتكا من مرض (أيبولا) الذي يبرر في أبسط الأحوال تقديم العون الإنساني فحسب.. وإنا لمنتظرون ¿!