في صنعاء القديمة يحتفى به كالأعياد الدينية

“يا نفس ما تشتهي”.. موروث يمني للمّ الشمل وتوطيد العلاقات

 

مطاعم في صنعاء تخصص وجبات “يا نفس ما تشتهي”

الثورة / تقرير وتصوير / أسماء البزاز

يا نفس ما تشتهي، أو يا نفس ما تشتي، تقليد اجتماعي تتوارثه الأجيال في عدد من المحافظات اليمنية في أواخر شهر شعبان وفي الأغلب يوم الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من شعبان، حيث تجتمع الأسر والأقارب والأصدقاء وهناك الكل يأتي بما جاد من طعام ومشروبات ويتم الجلوس على ما يشبه الوليمة يعلوها جو من المرح والترانيم والأهازيج.
وقد تجتمع النساء مع جاراتهن وصديقاتهن وكذلك الرجال مع أصدقائهم وأشقائهم ويخرجون لإحياء هذه المناسبة في احدى المنتزهات أو الحدائق أو الأماكن الأثرية والسياحية.
يقول محمد مثنى 35 عاماً أن الجو المجتمعي والتآلف الذي تخلقه هذه المناسبة هو الهدف من إحيائها وأن ما تحويه من مأكولات ومشروبات تعبّر عن جمال أكلاتنا الشعبية وتفنن النساء في صنع الحلوى وتسابقهن في تقديم أفضل ما لديهن في هذه المناسبة التي نحن بحاجة لها في ظل ما شغلتنا الحرب والظروف الاقتصادية وأفقدتنا هذه اللمة الرائعة.
وينتظر أهالي صنعاء القديمة هذا اليوم الذي له خصوصية مرتبطة بشكل كبير بأشهى الأكلات المتنوعة، ورغم أنه يعد من العادات لدى الكثير من اليمنيين في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، إلا أنه في صنعاء القديمة أصبح أشبه بالأعياد الدينية، نظراً للاهتمام الكبير الذي يوليه السكان بيوم “يا نفس ما تشتهي”.

تهان وتبريكات
وجرت العادة لدى أبناء صنعاء القديمة في اليوم الأخير من شهر شعبان، بأن يتبادل الجيران أنواع الأكلات الشعبية والحلويات، والتهاني بمناسبة قدوم رمضان.
ويفسر الاسم الذي يطلق على هذا اليوم «يا نفس ما تشتهي؟»، بأنه تساؤل ذاتي، حيث يسأل الشخص نفسه ماذا تشتهي (من الوجبات بشكل خاص)، ويحاول تلبية هذا الطلب الذي تشتهيه نفسه.
النساء يجتمعن في مجلس مع بعض فيما يجتمع الرجال بمجلس آخر، وبعد إعلان رؤية هلال رمضان يذهب الرجال إلى المساجد للصلاة والتسابيح وقراءة القرآن، فيما تذهب النساء إلى الحمامات البخارية التقليدية، حيث تمثل النظافة جزءا مهما لدى نساء صنعاء القديمة لاستقبال رمضان.

انتشار لافت
هذا الموروث الشعبي انتشر وتطور بشكل ملفت، وأصبحت بعض المطاعم في العاصمة صنعاء تخصص ليوم «يا نفس ما تشتهي» مأكولات شعبية مثل بنت الصحن والسلتة والفحسة، ومأكولات أخرى، كالحلوى والموالح والمشروبات بأسعار مخفضة.
ومنذ بداية شهر شعبان تبدأ بعض المطاعم الترويج للوجبات التي تقدمها بمناسبة «يا نفس ما تشتهي»، وتختلف مدة التخفيضات لهذه المناسبة من مطعم إلى آخر.
وفي الوقت الذي تكتفي بعض المطاعم بإعلان تخفيض أسعار الوجبات، أو تقديم باقة أكلات متنوعة بسعر مخفض لمدة يوم واحد، تمدد مطاعم أخرى هذه التخفيضات لمدة أسبوع، ويكون آخر أسبوع من شهر شعبان.

محطة جديدة
دنيا حازم، تربوية قالت بأن هذه المناسبة ليست مجرد للأكل والشرب، بل هي فرصة للتسامح وطي الخلافات وبدء صفحة جديدة من الإخاء والتخطيط لكيفية استغلال شهر رمضان بالقرآن والاستغفار والتزاور ومشاهدة ما يفيد وينفع من البرامج التلفزيونية.

ظروف الحرب
لم تمنع الحرب وأبعادها الاقتصادية من التأثير والحد من هذه الظاهرة المجتمعية وهو ما قاله محمد النجدي 56 عاما حيث قال: صحيح أن الإمكانيات المادية شحيحة نتيجة الحرب وانقطاع المرتبات، ومع ذلك لا زلنا نجتمع ونحيي ما يسمى بالشعبانية أو ما يسميه البعض يا نفس ما تشتهي بقدر ظروفنا ولو حتى على مائدة أو مائدتين المهم أن نجتمع ونلتقي مع أهلنا وأحفادنا ونتبادل الضحكات والمواقف ونسترجع الذكريات فمن يدري من يموت أو يعيش للعام القادم.

قد يعجبك ايضا