بريطانيا والحلم المفقود

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

هناك الكثير من البشر يصلون إلى سن الشيخوخة وأحياناً الخرف أو يصابون بالزهايمر، مع ذلك يظل الواحد منهم يتصابى ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه ما يزال شاباً وأنه سيقدم على الزواج في أي لحظة، مع أن كل شيء يُوحي أنه وصل إلى سن اليأس، وهذا هو حال الدولة العظمى “المملكة المتحدة البريطانية” كانت في يوم من الأيام مسيطرة على كثير من مناطق العالم، ويُقال عنها أنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لكنها لم تتمسك بهذا الموقع وأهدته لأمريكا بعد أن صنعت أعظم جريمة في التاريخ الإنساني ممثلة في ما أقدم عليه بلفور وزير خارجيتها الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق عام 1917م، وسُمي بوعد بلفور ثم سلمت كل شيء لصنيعتها الجديدة أمريكا وفضلت بأن تعيش في درجة الوصيفة لهذه الدولة التي باتت تتحكم في شؤون العالم، وهكذا كان أحدهم يتمثل قول الشاعر لأحد الخلفاء المسلمين على لسان أمه:
أبكي مثل النساء مُلكاً مضاعاً***لم تحافظ عليه مثل الرجالِ
واليوم ها هو الطموح يعود إلى أذهان مسؤولي هذه الدولة في شكل حلم قديم وأمل مفقود، من خلال تصريحات الخارجية البريطانية التي قالت أنها تتحمل مسؤولية حماية المضايق والممرات الدولية البحرية في العالم، وكأنها لا تزال تتصابى وتحلم بالوصاية على الشعوب غير مدركة أن هذا الأمر بات مستحيلاً في زمن الخروج من القمقم والانطلاق إلى عالم بناء الذات من قبل الدول الصغيرة وكل هذا الموقف لا شك أنه يعود إلى ما قام به أنصار الله في البحر الأحمر من أعمال بطولية أدت إلى منع إبحار السُفن من باب المندب كأول خطوة في التاريخ حولت البحار إلى جزء مُكمل للمعركة الفاصلة في غزة، وبات يُهدد الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، وهنا تكمن العظمة وتتجلى أهمية ما أقدمت عليه القوات المسلحة اليمنية من أعمال بطولية حفزت الآخرين لأن يأخذوا قصب السبق للمشاركة في ملحمة البطولة التاريخية التي يخوضها أبناء فلسطين المجاهدون ضد العدو الصهيوني الغاصب للأرض المحتلة .
أحدهم قال وهو يتحدث عن موقف بريطانيا الأخير وتصريحاتها: ماذا نُسمي هذا هل هو الخرف وعدم القدرة على التمييز أو ماذا ؟! هذه الدولة لا تزال تعاودها أحلام اليقظة وتُعلن على الملأ أنها المسؤولة عن الممرات البحرية والمضايق وتأمين خطوط التجارة، وهذا يجعل الدول المطلة على البحار والمحيطات التي تحدثت عنها بريطانيا من جبل طارق وحتى باب المندب في حرج شديد، إذ ما جدوى وجود دول لا تملك السيادة على مياهها الإقليمية، إذاً فإن وجودها كالعدم، وهذا ما تعنيه بريطانيا عندما تتحدث عن أنها المسؤولة عن حماية طرق التجارة في البحار والمحيطات، وهي عندما تقوم بهذا الدور إنما تمثل إرادة سادتها وأولياء أمرها في واشنطن، بعد أن تحولت إلى مجرد تابع لهم، وواشنطن خياراتها محدودة تتلخص في توفير سلامة الكيان الصهيوني وضمان تدفق الأسلحة والبضائع إليه في المقام الأول، وفي المقام الثاني تحاول إحباط مشروع طريق الحرير الذي تتبناه الصين مع عدد من الدول ليكون بديلاً عملياً وقوياً للتحالفات الاقتصادية الأخرى، وهذه هي إحدى الأسباب التي أدت إلى جرائم غزة وما نتج عنها من أعمال إجرامية كادت تأكل الأخضر واليابس ولا يزال الحبل على الغارب، وأمريكا وقبلها بريطانيا يتدخلان بقوة لمنع أي قرار حازم يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، ولا يزال الفيتو الأمريكي هو محور الإجرام لأنه لا يوظف إلا لخدمة الدول الإمبريالية المغرقة في الظلم والطغيان .
أخيراً أختم بقول الشاعر الشهيد زيد الموشكي “رحمه الله “:
يا بريطانيا رويداً رويدا ** إن بطش الإله كان شديدا
كلمات عظيمة قالها الرجل وبريطانيا تتحكم في شؤون البشر أثناء وجودها في عدن، فهل تتعظ هذه الدولة؟! وتتذكر قول الشاعر :
إذا حنك الموت ** ما حنك الكبرِ
لتعرف أنها آيلة للسقوط في أي لحظة، اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد، والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا