قوات أمريكية تصل عدن، وانتشار لقوات بريطانيا في المحافظات الشرقية..
السعودية تستكمل ما بدأته بخلق المجالس المناطقية للمحافظات لتصل إلى المهرة، والإمارات تعيّن حاكماً عسكرياً على حضرموت وشبوة، وتلحقه بـ«حاكمة عسكرية» على سقطرى تسمى العنود.
«سداح مداح» وفوضى عارمة تجتاح المحافظات الجنوبية وفق مخطط الاحتلال الأجنبي، وبالتوازي، لا حضور هناك يذكر، للعليمي ومجموعته ومعين وفريقه ولا حتى الانتقالي الذي ينادي بدولة، من أجل وضع حد لعبث المحتل، الذي زعم يوماً أنه هنا بطلب من بعض المنتمين لهذا البلد، قبل أن يتجه لصناعة كيانات متنافرة.
الاحتلال اليوم تجاوز هذه الكيانات التي أوجدها وبدأ يعمل بشكل مباشر ومستقل في تنفيذ أجندته في المحافظات الجنوبية، وبالتزامن يزيد من أسباب سحق المجتمع هناك بما ينسجم مع الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة بتفجير الأوضاع الداخلية في الدول المستهدفة.
واليوم يخرج أبناء المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف وخاصة عدن في جولة جديدة من الغضب ضد السياسات الفاشلة في إدارة شؤون حياتهم، وهي مسألة باتت تشير بوضوح إلى تعمد زعزعة استقرار المجتمع هناك والإبقاء على وضع التذمر والاستنفار بين المواطنين ومن عينوهم كقيادة، من أجل تفرغ الاحتلال لإحكام السيطرة على المناطق الاستراتيجية، سواء مناطق النفط والغاز أو المناطق ذات الجغرافيا الحيوية.
وفي هذا المناخ، نرى عدن الجريحة وقد خضعت لسلطتين، سعودية وإماراتية، سلطة المجلس الانتقالي المسيطِرة، وسلطة حكومة معين المحاصرة في المعاشيق، بينما الناس هناك في الشارع تبحث عن ملاذ من هذا الاستخفاف بمصيرها، تنتشر في الشوارع وتندب حظها العاثر.
انهيار تام في الخدمات ووضع معيشي بائس بفعل تدهور سعر العملة الوطنية في مقابل الدولار، إذا توفر الماء انقطعت الكهرباء وإذا توفرت الكهرباء انعدمت المشتقات النفطية وإذا توفر المشتقات النفطية انعدم الغاز وهكذا دوامة من الهموم المتتالية، ولا فعل مسؤول يُظهر مدى استشعار من يمتلكون القرار بحاجة الناس للاستقرار.
ويبدو أن هذه الحالة المزمنة من الفوضى أصبح لا يجدي معها حتى الحديث عن توفر السيولة المالية، فحين أعلنت السعودية عن وديعتها المليارية قبل أسابيع لم يكن لهذا الأمر أي تأثير لجهة التحسن في سعر الصرف أو شيء من الاستقرار في الخدمات، حتى يكاد الأمر قد صار بحاجة لعلاج اقوى.
والى ذاك الحين ستمضي أمريكا في تصعيد حالة الفوضى في المحافظات الجنوبية ومحاولة نقل التجربة إلى المحافظات الشمالية بما يساعدها على فرض شروطها لإحلال السلام ويحقق لها المستوى الآمن من التحرك في البلاد، والتأثير في تكوين القرارات.
يحدث هذا أيضا، ولا يبدو في وارد النظام الأممي وضع حد ونهاية حاسمة لهذه الفصول المأساوية، فالمبعوث جروندبرج ها هو يعود بزعم نقل مقترحات جديدة، وما هي بجديدة، إذ تكشف تسريبات مكتبه بأنها نسخة حرفية لأطروحات المبعوث الأمريكي الشؤم ليندركينج، ما يبين أنها ليست أكثر من محاولة لإظهار صنعاء في موقف المتشدد والرافض لأي مقترحات.
وما هو معلوم للقاصي والداني، أن صنعاء تدرك حدود المعقول في مطالبها، فلم تقفز على الواقع ولم تضع «العُقدة في المنشار» كما تفعل أمريكا، ولكنها تطالب بحقوق طبيعية وواقعية، وخروج الاحتلال وهو من المطالب، كفيل بأن يُخرج البلاد من هذه الدوامة وينقذ المناطق المحتلة من ضنك العيش، وان كان نفس الحال في شمال الوطن مع فارق أن مناطق حكومة الإنقاذ تمتلك قرارها، لذلك تحاول وضع البدائل التي يمكن أن تخفف من وطأة الحصار ومصادرة عائدات الثروة النفطية والغازية الوطنية.