رغم ما خلفه العدوان والحصار على مدى تسع سنوات من تردٍ في الأوضاع المعيشية وانقطاع المرتبات ومآس إنسانية واقتصادية وحقوقية إلا أن كل تلك المنغصات لم تخف فرحة اليمنيين بالعيد ولم تطمس معالم احيائه من لمة الأهل والأقارب والتزاور وتعزيز روح التكافل الاجتماعي والإنساني، فروائح العودة والبخور والعطور طغت على روائح الباروت والصواريخ، وكعك وحلوى العيد رغم بساطتها كفيلة برسم البسمة في محيا الزوار والأطفال، وصدى أغاني “آنستنا يا عيد” تزهو بها الشوارع والأحياء..
الثورة / أسماء البزاز
أنور المغربي -ناشط حقوقي- تحدث فقال: يحيي اليمانيون عيدهم للعام التاسع على التوالي في ظل العدوان والحصار وانقطاع المرتبات وفي ظروف معيشية صعبة أثقلت كاهل المواطن في ظل ارتفاع الأسعار وانقطاع المرتبات.
وأضاف المغربي: لقد أصبح العيد عند أغلب الأسر اليمنية كسائر الأيام خاصة عند النازحين، ومن تسبب العدوان بنزوحهم وتهجيرهم من بيوتهم وقراهم، عيد بدون فرحة خاصة عندما تكون بعيداً عن أهل قريتك وزملائك وأصدقائك، أما من حيث المقارنة بين العيد في نطاق حكومة صنعاء وبين حكومة المرتزقة من حيث ارتفاع الأسعار فالعيد في ظل حكومة صنعاء أفضل ولا وجه للمقارنة.
عوامل الفرحة
من جانبها تقول الكاتبة رجاء المؤيد: إن حال اليمن واليمنيين في عيد الأضحى المبارك بعد صمود استمر 3000 يوم على عدوان بربري سعو صهيوأمريكي وحصار وقتل وتشريد وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنع دخول الأدوية والبضائع الضرورية ومنع الحجاج من أداء الركن الخامس وهو الحج الذي الهدف الرئيس والغاية منه التي أرادها الله لعباده وهي إعلان الولاية لله، وإعلان البراءة من أعدائه واجتماع المؤمنين على صعيد واحد ليتعارفوا ويتبادلوا المعارف والخبرات ويقوموا بالقسط ويواجهوا أعداءهم، ويواجهوا مخططاتهم، خاصة في هذا الزمن الذي تعددت أساليبه وأدواته وأشدها وأخطرها ما تقوم به أمريكا الشيطان الأكبر من فرض وشرعنة الفاحشة (المثلية) بعد أن فرضوا على عملائهم من حكام الأعراب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب.
وأضافت المؤيد: في ظل كل هذه الآلام والمآسي يحل علينا العيد ونحن بحمد الله على أهبة الاستعداد لمواجهة العدو وكسر غطرسته وعنجهيته إن لم يجنح للسلم ويوقف عدوانه ويرفع حصاره على الشعب الذي لم يعد يدري ما يواجه هل العدوان الخارجي أم الفساد الداخلي الذي يطال كل شيء سواء البضائع بكل أشكالها الغذائية والألبسة والأدوية التي أسعارها غالية ولا تمتلك ادنى درجة في جودة الصنع وإنما تدخل أسوأ المنتجات والبضائع الخارجية وأسعارها مرتفعة وهذه البضائع عبارة عن بالية أو بضائع دامرة تتمزق قبل غسلها واحيانا لا تتم فرحة الطفل يوم العيد إلى نهاية اليوم بل يعود للغداء وثوبه أو فستانها ممزق أو سرواله أو الحذاء أو الجزمة عز الله قدركم والقارئين.
وتابعت حديثها قائلة: ينبغي على هذا الشعب وهذه الدولة إن أرادت الفوز والنجاة والسعادة في الدنيا قبل الآخرة أن تسعى حثيثا من أجل العودة إلى الاكتفاء الذاتي سواء كان في الغذاء أو الدواء أو الملابس والصناعات الدوائية وكما يقول المثل: «العيد عيد العافية» واستشهد بقول الإمام علي عليه السلام: «كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد»، وكل عام وبلادنا وقائدنا ومجاهدينا وشعبنا في خير وسلام ورضا وطاعة ومن نصر إلى نصر وحاجون بإذن الله بعد الفتح وتطهير الحرمين من رجس المشركين وأوليائهم.
مظاهر عيدية
التربوية فايزة علي الحمزي تقول من جهتها: يستقبل اليمنيون عيد الأضحى المبارك بفرحة كبيرة رغم الحصار والعدوان إلا أن الشعب اليمني يتحدى كل الصعاب، ومنها انهيار العملة اليمنية، وارتفاع الدولار، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد.
وقالت الحمزي: ومع هذا وذاك إلا أن أبناء اليمن هم السند بعضهم لبعض ويستمرون في أداء طقوس العيد كذبح الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمساكين وزيارة الأهل والأصدقاء بتبادل التهاني وإقامة شعائر الله بأداء صلاة العيد ولبس ملابس العيد، امتثالاً لقوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
وتابعت: وبهذه المناسبة العظيمة من الواجب علينا أن نقدس هذا اليوم العظيم وننشر السعادة في أرجاء كل بيت ونصل الأرحام كما وصانا سيد البشرية محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ورغم ما تمر به البلاد من أزمات مختلفة ومتنوعة إلا أن الشعب اليمني يتصف بالشهامة والعطاء والكرم حتى بأبسط ما لديهم.
ومضت تقول: كما لا ننسى فرحة الأطفال بالعيد وكيف يستقبلونه بملابسهم الجديدة وابتهاجهم عند إعطائهم العيدية وذهابهم إلى المنتزهات.
وختمت حديثها قائلة: وفي الأخير لا ننسى رجال الرجال في جبهات العزة والكرامة وقوتهم وشجاعتهم في تخطي هذه المواجهة الصعبة وابتعادهم عن أهلهم وعدم حضورهم بيوم العيد، لحرصهم على سلامة وأمن هذه البلدة الطيبة، دمتم ودامت بلادنا بألف خير وكل عام واليمنيون في أمن وأمان واستقرار.
رغم الجراح سنفرح
الدكتور محمد محسن الحوثي -جامعة صنعاء- تحدث فقال: إن العدوان ذو أوجه متعددة، العدوان الاقتصادي ممثلاً في ثلاثة أمور رئيسية هي: الحصار الشامل: وشمل عدة أمور، الحصار الاقتصادي في منع الواردات إلى اليمن وتحديدا التي تقع تحت سلطة المجلس السياسي، وكما هو معروف في الحروب أنها لا تشمل المواد الغذائية والحليب والسكر والمحروقات، لكن العدوان يمارس على اليمنيين، هذا الحصار الغاشم والظالم، ولما عرف العدوان ثبات وصمود اليمنيين قام بنقل وظائف البنك المركزي إلى عدن، وكان قد أعد خطة ممنهجة، الغرض منها تجفيف السيولة، وبحيث تصل في النهاية إلى تذمر المواطنين، وإسقاط الدولة من الداخل، ورغم الوضع المرير، وعدم القدرة على صرف الرواتب للموظفين، وعدم صرف أي مبالغ في الأبواب الثاني والثالث والرابع، عدا النفقات التشغيلية الضرورية في الباب الأول، إلا أن العدوان فشل في هذه الاستراتيجية، إضافة إلى اتخاذ استراتيجية مالية مواجهة في هذا الجانب، ورافق ذلك ارتفاع الأسعار لاسيما في السلع والخدمات الضرورية، كما عمل العدوان على تسليم العملة المطبوعة الجديدة إلى ما يسمى حكومة العملاء والخونة، فأدت إلى تدني قيمة سعر الريال أمام العملات الخارجية،- الدولار- تحديداً، وفرض ضرائب إضافية بما فيها سعر الدولار الجمركي، أضف إلى ذلك حرمان اليمن من ثمن منتجات النفط والغاز، والسماح للعملاء والمرتزقة ببيع ما يعادل مائة ألف برميل يوميا حتى جاءت الضربات التحذيرية للسفن في شبوة والمكلا بداية العام المنصرم، علماً أن الثمن يورد إلى البنك الأهلي السعودي بالرياض، وفرض الوصاية على اليمن والخونة والعملاء بوجه خاص، والهدف خنق اليمنيين بما تعنيه الكلمة من معنى ومع ذلك فنحن نحيي العيد ونعيش أجوائه متغلبين على كل تلك الكوارث التي تسبب فيها العدوان حيث أوصلوا اليمنيين إلى أبلغ كارثة إنسانية عرفتها البشرية وذلك غيض من فيض.
وقال الحوثي : ولولا توكل اليمنيين على الله، وحكمة القيادة الثورية، والسياسية, والصبر والثبات والتعافي في الحدود الدنيا حتى بدأ الخروج من الأزمة الخانقة إلى حد ما، وما يزال العدوان يمارس كثيرا من سياسات المماطلة والتهرب من الالتزامات الواجبة ممثلة في الجوانب الإنسانية استكمال تبادل الأسرى والكشف عن المفقودين، إطلاق الرواتب وصرفها من حقوق الشعب اليمني وثرواته المنهوبة، والذي شكلت غصة أمام فرحة الشعب بهذه الأيام العيدية المباركة ، وهنا ندعو لإلزام العدوان برفع الحصار عن مطاراتنا وموانئنا، وإعادة الإعمار والتعويضات التي تقدر بترليونات الدولارات، ورفع يد الوصاية وإنهاء الاحتلال من الأراضي اليمنية لاسيما في المهرة وحضرموت وشبوة وسقطرى…إلخ.
وقال: تلك أدنى الحالات التي ما منها بد، لأن البديل هو الحرب وقد شهدنا المسيرات والعروض العسكرية، وأخيرا وليس آخرا المناورة في محافظة الجوف، إضافة إلى التطور العسكري في التصنيع، ولدى اليمن مخزون هائل من الصواريخ والطيران المسير، إضافة إلى الإرادة الصلبة التي سمعناها في خطابات القائد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس السياسي الأعلى/ مهدي محمد المشاط، ووزير الدفاع/ محمد ناصر العاطفي، وبقية القادة والمجاهدين، ولا أعتقد أن العدوان سيغامر ويتخذ خيار المواجهة لأن تجربته خلال ثمان سنوات من العدوان والهزائم التي مني بها يجعله يعيد حساباته مئات المرات، وسيذعن مرغماً للخيار الآخر وإن على مضض، فحالة اللا سلم واللا حرب لم تعد مجدية، ولهذا نحيي العيد هذا العام ونحن في حالة أفضل من السنوات السابقة، وزرنا أقاربنا وأصحابنا، وجيراننا، وكما هو معهود منا، ونزور المجاهدين المؤمنين في جبهات القتال، وإن بأدنى المتطلبات، وسنفرح بعودة حجاج بيت الله الحرام، لا سيما وفي مقدمتهم وفد رسمي لأول مرة منذ بداية العدوان ٢٦ مارس٢٠١٥م، ويمثل جزءا من الانفراجة المأمولة، ونسأل الله عز وجل أن يبلغنا حج بيته الحرام، وزيارة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
مناسبة جليلة
الحسين السقاف -مدير مكتب رئيس قطاع قناة عدن الفضائية- يقول من جهته: يمثل عيد الأضحى المبارك مناسبة لها مكانتها الكبيرة وتجلياتها الخاصة لدى أبناء الشعب اليمني منذ فجر الإسلام حتى اليوم ويتجلى ذلك من خلال مظاهر الابتهاج بهذه المناسبة الدينية العظيمة التي يقوم فيها اليمنيون وكافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بأداء شعائر الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج والشعائر المصاحبة له كالسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ونحر الهدي تقرباً إلى الله تعالى وتترافق هذه الأيام المباركة قبل الوصول إلى الوقوف بعرفات بكثرة التهليل والتكبير لله تعالى في كل مكان في اليمن والعالم العربي والإسلامي ويهتم اليمنيون بهذه المناسبة بشكل كبير، فترى مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في كل المحافظات اليمنية لاسيما في الليالي العشر الأواخر من ذو الحجة والتي يتقرب بها معظم اليمنيين إلى الله تعالى بالصيام والقيام وكثرة الذكر وقراءة القرآن الكريم، لأنها ليالٍ مباركة ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم وذكر فضلها وفضل الدعاء والاستجابة من الله تعالى.
وتابع السقاف: كما أن هناك مظاهر خاصة لهذه المناسبة في عاصمة الصمود اليمني صنعاء وهي مظاهر قديمة جدا توارثها الأبناء من الأجداد حيث يتم توديع حجاج بيت الله الحرام الذين يتوجهون إلى مكة المكرمة والدعاء لهم بأن يتقبل الله حجهم وتقام في معظم منازل وبساتين صنعاء ما تسمى بالمدرهة، حيث تقوم النساء والفتيات والصغار بأداء التواشيح الدينية الجميلة التي تتحدث عن مناسبة الحج الأعظم والابتهال إلى الله تعالي بأن يتقبل من الحجاج شعائر الحج.
مبيناً أنه وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها العدوان الغاشم والحصار الجائر إلا أن اليمنيين مستمرون في الاحتفال بهذه المناسبة ومستمرون في الفرح والزيارات للأهل والأقارب بمناسبة عيد الأضحى المبارك كما أن الكثير من الناس الميسورين والتجار في صنعاء وغيرها من المحافظات الأخرى يقومون بشراء الأضاحي وتوزيع لحومها على الفقراء والمعوزين اكتساباً للأجر والتزاماً بتوجيهات الله تعالى وهذه ميزة يتميز بها أبناء الشعب اليمني منذ القدم حتى اليوم ولم تتغير بتغير الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي فرصها العدوان الغاشم، والحصار الجائر، كما يتم تزيين الشوارع بالأعلام والرايات المخطوطة بآيات من القرآن الكريم احتفاءً بعيد الأضحى، فالزائر لصنعاء يلاحظ أن مظاهر الفرح واضحة في الشوارع والمنازل والمساجد ابتهاجا بهذه المناسبة الدينية الجليلة وهو ما يعكس مكانتها الكبيرة في قلوب أبناء الشعب اليمني رغم قساوة الواقع نتيجة استمرار الحصار الخانق المفروض عليهم ظلما وعدوانا من قبل تحالف العدوان ومرتزقته.