مثلث الكوارث !! (٨)

عبدالله الأحمدي

 

عين الغرب على مصر منذ الغزو الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت، وبعده الاستعمار البريطاني.
كانت المخابرات الأمريكية تراقب الأحداث في مصر بشكل لافت.
مصر لها أهمية عند الغرب كونها ثقل العرب البشري والحضاري، ومركز قرارهم بالنسبة للجامعة العبرية ( العربية ) والأزهر غير الشريف، ومصر هي القوة المواجهة لاسرائيل، مفرزة الغرب المتقدم في المنطقة.
انتقلت شرارة الحراك الثوري من تونس إلى مصر. نزل الناس إلى الميادين والساحات والشوارع.
نزل اليسار والمستقلون والعلمانيون، وكان الإخوان يراهنون على الفشل، لكثافة القمع الذي وقع على الثوار في الميادين والساحات، لكن بعد فشل النظام وأجهزة القمع في احتواء حراك الشباب، قرر الإخوان بعد أسبوعين النزول إلى الميادين والساحات، جاءوا يحملون نفسهم الإجهاضي الفاشل، سلم مبارك السلطة لقيادة الجيش ( المجلس العسكري ) بقيادة المشير حسين طنطاوي.
ركزت المخابرات الأمريكية كاميرات المراقبة فوق كل سطح مواجه للساحات والميادين التي تعتصم فيها الجماهير، كانت التقارير ترسل على مدار الساعة؛ مخابرتيا وإعلاميا.
استخدم النظام في مصر كل الأساليب التي لا تخطر على بال لقمع الجماهير؛ رأينا موقعة الجمل التي استخدمت للقمع، والسيارات التي تمر بسرعة البرق بين المعتصمين فتسحق من تجده أمامها من الناس.
نظم المجلس العسكري انتخابات خلت من النزاهة.
كان الامريكان وراء كل ذلك. اتفقوا مع الإخوان على استلام السلطة في مصر على ثلاثة شروط هي :
الاعتراف باسرائيل، وتبادل المصالح معها.
وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.
وتسليم سيناء لداعش لإقامة الدولة عليها.
قال الإخوان إنهم لن يرشحوا للرئاسة، فرشحوا محمد مرسي العياط.
قالوا سيعينون نوابا للمسيحيين والفئات الأخرى فتراجعوا عن ذلك.
استفردوا بالرئاسة والبرلمان، وبدأوا خطة التمكين والتكفير، فبدأوا بإزاحة القضاة.
لم يقدموا برنامجا لحل قضايا مصر، وبالذات في الجانب الاقتصادي.
كتب محمد مرسي العياط عندما وصل إلى الرئاسة رسالة لرئيس وزراء العدو الصهيوني قال فيها : ( صديقي العزيز… !! ) بدأت المخابرات المصرية تراقب مكالمات مرسي مع داعش، ومع دول وجماعات أخرى.
وزيرة الخارجية الأمريكية فجرت قنبلة في كتابها ( خيارات صعبة )، قالت «كنا على اتفاق مع الإخوان في إعلان الدولة؛ تقصد داعش في سيناء. وكنا على اتفاق مع دول كثيرة للاعتراف بها، لكن الجيش المصري قطع الطريق علينا ولم ندر ماذا نفعل.. حركنا السفن الحربية إلى البحر الأبيض المتوسط، لكن الجيش المصري قوي، ولن يتركه شعبه».
السعودية خافت من وصول الإخوان إلى السلطة في مصر، فدعمت العسكر.
دولة الإمارات دعمت الإخوان في مواجهة العسكر، والقضية هي تقسيم أدوار بين السعودي والإماراتي لضرب دور مصر، وإحلال دول النفط بديلا عنها.
عزل الرئيس مرسي المشير طنطاوي من وزارة الدفاع، وعين السيسي لأنه كان يصلي في أمريكا عندما كان مبعوثا هناك.
انتظرت الجماهير ماذا سيقدم لها الإخوان والسلف ولم تر شيئا.
بدأ الناشطون يجمعون التوقيعات لرحيل الجماعة، لدرجة أن ناشطا واحدا جمع خمسة ملايين توقيع.
خرج الناس إلى الشارع يطالبون برحيل الإخوان. حاصروا القصر الجمهوري. وجاء العسكر فاعتقلوا العياط.
نزل الإخوان إلى ميدان رابعة بعد فوات الأوان، وفي الوقت الضائع؛ فجاءت قوات الأمن لتفريقهم، فاستخدموا السلاح، واتخذ النظام من المقاومة المسلحة مبررا لسحقهم.
في تجربة الإخوان في مصر ظهر الإقصاء للقوى الثورية التي نزلت إلى الشارع قبل الإخوان، ضعف شباب الثورة أنهم لم يكونوا منضمين، وفي الحالتين سُرق حلمهم في التغيير.. في المرة الأولى سرقه الإخوان، وفي المرة الثانية سرقه العسكر، ومازالت أحلامنا مسروقة وموؤودة، أو مؤجلة.

قد يعجبك ايضا