يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، على الإنسان مسؤولية تجاه أسرته وأبنائه، ومسؤولية تجاه أبناء مجتمعه، ومسؤولية في أن يسعى لما يقيهم من عذاب الله، وأول ما يقيهم من عذاب الله: هو أن يعمل على تزكية أنفسهم، على تربيتهم وتنشئتهم النشأة الطيبة، النشأة الصالحة، النشأة الزكية والمباركة، وأن يسعى لأن يكونوا مستنيرين بنور الله، مستبصرين بهدى الله، على بينةٍ من ربهم، على هدى من ربهم، حتى أن لا يكونوا عرضةً لإضلال المضلين، والسقوط في فساد المفسدين، وإذا لم يهتم الإنسان بتربية وتنشئة أولاده النشأة الطيبة الصالحة فسيكون مقصرًا ومفرطًا في بناء جيلًا صالحًا، يتحمل إصر إبنه إذا ضل أو فسد أو انحرف.
فبدلًا من أن يتسكع أبناؤنا في الشوارع، وبدلًا من أن يلتحق أبناؤنا بالمضلين فيضلونهم بغير علم، وبدلًا من أن يسقطوا أخلاقيًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي علينا جميعاً أن نقدم أبناءنا وندفع بهم للإلتحاق بالدورات الصيفية (المراكز الصيفية)، نتجه إلى أبنائنا لتنشئتهم نشأة طيبة منذ نعومة أظافرهم، ليستقوا من معين العلم النافع، من منابع هداية الله، ليتربوا على مبادئ الإيمان وأخلاق الإسلام العظيمة، ولهذه التنشئة المباركة منذ الطفولة والصغر ثمار عظيمة جدًا، حيث يقول السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-: (التنشئة الطيبة، التنشئة المباركة منذ الطفولة والصغر، تكون ثمارها عظيمة جداً، آثارها عظيمة جداً، تحقق الأثر والسمو الكبير: في نفسية الإنسان، في طاقاته، في مداركه، في مواهبه، في مؤهلاته، فيبتني بناءً مميزاً، ويؤدي في هذه الحياة دوراً عظيماً، دوراً مميزاً بما يمتلكه:
– من زكاء نفس، من هداية فكرة، من مواهب، من طاقات، من قدرات، فيقدم في واقع مجتمعه الخير الكثير، يكون عنصراً فاعلاً، خيِّراً، مثمراً، منتجاً، ولذلك العناية بهذا الجيل الناشئ مسؤولية كبيرة جداً).
في المراكز الصيفية التي تقام فيها الدورات بمختلف أنواعها: المغلقة والمركزية والمفتوحة، يتلقى الطالب فيها تعليم القرآن الكريم تلاوة وإتقاناً وحفظًا، وترسيخه في نفسية الطالب لينعكس بالفضيلة على سلوكه وأخلاقه وعمله فيجسده في واقع الحياة.
ومسؤوليتنا تحصين أبنائنا والأجيال بثقافة القرآن الكريم حتى لا يتأثروا بثقافة التدجين أو يسقطوا في الزيغ والانحراف.
يتعلم أبناؤنا في هذه المراكز كتاب الله، يتلقوا فيها المعارف الصحيحة، ليسمو ويرقى ويكبر بهم، ويساعد الطالب على الاستقامة في مسيرة حياته، ينطلق في هذه الحياة وهو يحب الله فوق كل شيء، يخشى ويخاف الله فوق كل شيء، فيتحرر من أغلال المحبة المادية المفرطة، ويتحرر من قيود الخشية من الناس، فيمتلك الطاقة الإيمانية الهائلة، يحظى من خلال هذا الإيمان وهذه العلاقة بالرعاية الإلهية الدائمة: هدايةً، وعوناً، وتأييداً، وسكينةً، وتوفيقاً، ويكون لهذا أثر كبير في حياته.
القرآن الكريم الذي يجب علينا جميعًا الاهتمام به تلاوة وإتقاناً وحفظًا وتجسيدًا في واقع الحياة، هو من يمنح الإنسان العلم الحقيقي والمعارف الصحيحة والذي من أهم آثاره في الإنسان أنه يزكِّي النفس البشرية، يربيها على مكارم الأخلاق، فيسمو بها؛ حتى تكون نفساً تعشق مكارم الأخلاق، وتمقت مساوئ الأخلاق، إنساناً يرى الشرف في العفة، يرى الكرامة في الطهارة، فيرى الشرف والكرامة شيئاً عظيماً ينشد إليه، ينجذب إليه، يتأثر به؛ فينشأ إنساناً صادقاً، صالحاً، عنصراً خيِّراً في واقع الحياة يسعى لإصلاح الحياة.
المفترض بنا كأمة تنتمي إلى القرآن الكريم أن نهتم طوال حياتنا بالقرآن الكريم وأن نتعلم دين الله، نتعلم كيف نعرف الله لنعبده بشكل صحيح ونصلح بذلك الحياة، وهذه فترة قصيرة إذا اهتم الجميع فستكون لها أثرها الكبير في تغيير الواقع.
الدورات الصيفية فرصة ومحطة مهمة لبناء الجيل المستنير بنور القرآن، بهدى الله، فلا يضل ولا يشقى.
ولذلك يجب على الجميع التعاون والاهتمام والجد في إقامة هذه الدورات التعليمية، لأن هذا العمل عظيم يحتاج إلى تعاون من الجميع، كل الشخصيات العلمائية والثقافية والاجتماعية، العلماء، والخطباء، والمثقفين والمدرسين، والاجتماعيين، الكل يجب عليه أن يساهم في نشر ودعم هذا التعليم الصحيح.
يجب على المجتمع كل المجتمع أن يدفع بأبنائه للالتحاق بالدورات الصيفية، وأن يتوجه الذين يمتلكون القدرة التثقيفية والتعليمية، والخلفية العلمية والثقافية اللازمة والواعية، للإسهام في هذه الدورات الصيفية، والعناية بها، والسعي للاستفادة منها.
الجميع عليهم مسؤولية في دعم هذه الدورات معنويًا وماديًا وتعليمًا وتشجيعًا وتحفيزًا، كل عليه مسؤولية بقدر ما مكنه الله من فضله.