في مفاوضاتِ السلام الكل منتصر إلا من أبى

د . هناء الوزير

 

وفاءً لدماء الـشـهـداء وصدق تضحياتهم، وصدق عقيدتهم، وأحقية قضيتهم العادلة.. كان يجب أن ننتصر .
وبوعي وإيمان المجـاهدين بالله وثقتهم به وتوكلهم عليه وواحدية الغاية والهدف والعقيدة القـتالية التي حملوها وتسليمهم المطلق للقيادة العسكرية الواحدة وتضحياتهم ودمـائهم الزكية ( انتصــرنا عسكريا ) ، ولأننا كنا الأصدق في نقل الأحداث بشفافية، فصدق الكلمة، والحقيقة كما هي والتعاطي الجاد مع القضايا بمسؤولية، هو ما ميز الخبر الإعلامي، في مواجهة هجمات التضليل والتعمية الإعلامية ، ورغم ترسانة العدو الإعلامية الضخمة التي اتسمت بالكذب والتزييف وتشويه الحقائق انتصرنا إعلاميًا – خصوصًا وان المعركة اليوم إعلامية بامتياز وبكل المقاييس – فعوامل النصر فيها لا تختلف عن عوامل النصر في المعركة العسكرية! والبقاء فيها للأصدق .
وبالوصول إلى المفاوضات لإحلال السلام كلام في طي التصريحات فالموافقة على تسليم المرتبات اعتراف بأن السعودية هي من تنهب ثروات اليمن، وتستحوذ على مبيعات النفط والغاز اليمني .
والموافقة على إعادة الاعمار هو اعتراف بأنها تتحمل تبعات العدوان الذي كانت هي أحدى أذرعه الآثمة، ورأس حربته .
ورفع الحصار هو رفع وكف اليد التي تمارس الحصار وتقود المعركة، والسفير السعودي الذي حاول التهرب من مواجهة الحقيقة بأنه مهزوم خائب، فراح يتشدق بأنه وسيط، رغم أنه ما جاء إلا صاغرًا يستجدي السلام والمفاوضات، بعد أن توسل بأطراف أممية ومحلية ودولية للوصول إلى هذه اللحظات التاريخية، معلنًا هزيمته، وهزيمة تصريحاته وعنترياته خلال سنوات العدوان، وإلا فكيف يفسر وهزيمة جيش بلاده أمام رجال الرجال من أبطال اليمن الميامين؟
في الحقيقة ربح الجميع ، فكل الأطراف اليمنية تحققت لها العزة والنصر والغلبة، إلا من أبى، ممن تؤلمهم مشاهد العزة والكرامة، انتصر الجميع، فصنعاء فرضت معادلات الردع والسيادة والجنوب تعرت أمامه مطامع أيادي البغي والفساد، وتكشف من هم أعداء الجنوب، الذين خانوا القضية الجنوبية، وأحلوا قومهم دار البوار، فلا قضية عادلة وقد انتهك المحتل السيادة والكرامة، ودنس الأرض والعرض، وداس على الرقاب بمعية مطية مرتزقة الداخل من الخونة والشراذمة .
وتكشَّف تجار الحروب وبائعي الأوطان الذين لفظهم التاريخ إلى مزبلته ، وإلى غير رجعة .
وحراس الجمهورية باتوا أتباع الملكية والإمارة ، ورغم كل المعارضين والناقمين على صنعاء ومن في صنعاء ، إلا أنهم وإلى اليوم لم يجدوا ملاذا أمنا لهم غيرها، ولازالوا يرتمون في أحضان صنعاء ، فصنعاء عاصمة الروح، وعاصمة كل اليمنيين .
ربح الجنوب قضيته، فالأنصار من موقعهم على الأرض يطالبون بخروج كل محتل من كل شبر في الوطن جنوبه قبل شماله، وهو مطلب مشروع ينتصر للوطن قبل أن ينتصر لدعاة الانفصال والتشرذم والتشظي.
وفي الشمال انتصرت الزيدية بمبادئها ورسخت قواعدها التي طالما نقم الظالمون منها؛ لأنها تتبنى الخروج على الظلمة والطغاة، فانتصرت لثوابتها وجسدت ذلك واقعًا عمليًا، وهزمت الظالمين.
وانتصرت الجمهورية التي تخلى عنها الأدعياء بأنهم حراس الجمهورية، انتصرت بالشرفاء الأحرار الذين بذلوا جماجمهم رخيصة في سبيل الله وفي سبيل الحفاظ عليها .
وانتصر السيد القائد مع أنصاره الذين تصدروا مشهد المواجهة والتصدي منذ أول يوم من أيام العدوان، فبدأ السيد قائدًا مجاهدًا فذا يدافع عن حياض الوطن وحقوق الوطن كل الوطن، معلنًا أنه مستعد حتى أن يضحي برأسه فداء لوطنه وشعبه، وكان رجل القول والفعل، ومن خلفه رجاله وأنصار الدين الذين هم أنصار الوطن والحق والسيادة والقضية العادلة، في الوقت الذي تخلى عنه، بل وباعه كل العاهات من الخونة والمرتزقة بثمن بخس ودراهم مشبوهة ملطخة بدماء أبناء شعبهم، وتسابقوا ليرتموا يين أحضان الغزاة والمعتدين، تاركين وراءهم وطنا تنهشه ذئاب وشراذم العالم من غزاة ومحتلين ومرتزقة وتجار الحروب، ومن معهم من المُستأجرين لسفك دم أبناء الشعب اليمني من أفارقة وجنجويد وبلاك ووتر.
واليوم نرى الأقزام يتطاولون وينبشون قبور خونة الماضي ليعلنوا أنهم كانوا أرباب السلام مسبقًا، وأنى لهم ذلك ؟!
فهل من دعا لمد يد السلام مع المعتدي منكرا فضل المجاهدين والشهداء، مدعيا أنها حرب عبثية يزج فيها بالأطفال، متجاهلًا تضحيات الشهداء وجراحات الجرحى وعذابات الأسرى ومن خلفهم من أهلهم وذويهم، في مشهد مخزٍ أسقط الحقوق، وأبدى تعاطفًا وتماهيًا مع المحتل المعتدي الآثم؟!
والله تعالى يقول ” فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْـمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ “من سورة محمد- آية (35).
وهل سلام ومفاوضات اليوم المشروطة بعودة حقوق الشعب كل الشعب، ورفع الوصاية عن الوطن، كسلام دعا إليه خائن مد يده صاغرًا مأجورًا، داعيًا لوقف الجهاد المقدس ضد العدوان والغزاة ليستبدلها بحرب أهلية تأكل الأخضر واليابس، مسلطًا كلابه على المجاهدين، وموجهًا طعناته نحو من وقفوا إلى جانبه حين رفضه أسياده، شتان بينهما لمن كان له قلب يعقل، أو ألقى السمع وهو شهيد!! .
انتصر الصغار -رغم ما عانوه – بما امتلأت به قلوبهم من العزة والعنفوان، وانتصرت الأمهات وقد سطرت أروع مشاهد الثبات والبذل والتضحية، بل ولو صح لي أن أتحمس وأقول : انتصرت السعودية حين رضينا لها أن تخرج من الحرب بماء الوجه، لتبدو وكأنها مدت يدها للسلام، رغم ما نالها من اليد الطولى على أيدي رجال الله من ضربات حيدرية أربكتها أمام العالم، وما فرضته صنعاء ورجالها من معادلات الردع وفرض خيارات البحث عن السلام في لقاءات جدية ومشاورات حثيثة لنحصد بشائرها اليوم بوصول دفعات متتالية من الأسرى المحررين، الذين كانوا طوال فترة أسرهم في حدقات العيون، وعاد أسرانا المحررون شامخين أعزاء منتصرين على سجانيهم، وعلى آلامهم بعد ان سطروا ملاحم الثبات والعزة، وجباههم الساجدة على أرض المطار تحكي نصرًا، ولحظات العناق لمحبيهم وذويهم نصر آخر، ومشاهد استقبالهم بكل حفاوة وترحاب تروي نصرًا، وإطلالة الأسيرة المختطفة سميرة وهي رافعة رأسها تلوح بيدها تروي جانبًا من انتصار القضية، وانتصار المبادئ التي تحلت بها القيادة في حرصها واهتمامها، وتكشف انحطاط وسقوط مختطفيها وسجانيها من أدوات العدوان (الإخوان وحزب الإصلاح) الذي أقدم على عيب أسود مخز ومخجل فكانت سميرة خاتمة نصر، وفاتحة لنصر جديد قادم .
وكلنا منتصر بإذن الله ..
ولا عزاء ولا شرف لمن أبى من الخونة والأذناب..

قد يعجبك ايضا