لكل بطولة بداية ونهاية ويسبقها معسكر استعدادي، ويعقبها تقييم للمشاركة، مع التقييم الدائم أثناء البطولة، لإصلاح أي أخطاء قد تحدث.
كشباب ورياضيين خضنا مع الأمة الإسلامية بطولة صوم شهر رمضان المبارك، المسابقة سنوية، ومدتها بين 29 و30 يوماً، وبالتأكيد أن كل مشارك فيها، يطمح إلى تحقيق الفوز.
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ينتظرون هذه المسابقة 6 أشهر يدعون الله أن يبلغهم إياها (فترة استعداد)، ثم طيلة الـ 6 الأشهر اللاحقة، يدعون الله أن يكونوا ممن فازوا بها (فترة تقييم وترقب لعلامات التوفيق والفوز).
اليوم للأسف الشديد تأتي هذه البطولة السنوية، وقد حولناها من عبادة إلى عادة، بل اننا بدل نتسابق فيها ونتنافس في الفوز بها، أصبحنا نتسابق عنها، من خلال اختراع مسابقات رياضية أو تلفزيونية أو ثقافية، وكلها وان كانت مفيدة ولها قيمة كبيرة، ولكن توقيتها غير مناسب، فمعنا 11 شهرا في العام كله، وفيها متسع لمثل هذه المسابقات.
نحن في اليوم الـ24 من البطولة الرمضانية (الصوم والعبادة) فكم منا وفقه الله تعالى للمشاركة الفاعلة بحسب تعليمات البطولة (صوم الجوارح مع الامتناع عن المفطرات الحسية) فما نعلم أن أي بطولة لها قواعد وضوابط منظمة لها، وخروج المتسابقين عنها، يعني أبعادهم عن الفوز بجائزتها.
في المسابقات الرياضية تكون الجائزة عادة، إما الظفر بالكأس أو المقابل المالي، وهي عند مقارنتها بجائزة رمضان، لا تساوي شيء.. فعَنْ سِهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبيِّ صلى الله عليه واله وسلم قَالَ: «في الجنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ فيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانُ لا يَدْخُلُهُ إِلاّ الصَّائِمُونَ» رَوَاهُ البخاري، وكل مسابقة يجعل المنظمون لها مراقبين، وقد يجاملون البعض، ولكن الصوم من المسابقات التي تشرفت بأن المشرف والمراقب الوحيد لها هو الله تعالى، ففي الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به» ولهذا حري بنا أن نؤديها على أكمل وجه، بغية مرضاة الله عز وجل.
في بقية المسابقات يكثر الصخب والصياح والجدال، وربما العراك والخصام، من أجل الوصول للفوز بالجائزة، ولكن مسابقة صوم رمضان، فيه تزكية للنفس وتربية للبدن وتنوير للبصيرة.
في المسابقات الرياضية هناك ما يسمى بالنقاط وإحراز الأهداف، وهي في الغالب تكون الفيصل في معرفة هوية الفائز.. وفي رمضان وطالما والجميع متساوون في صيام كامل الأيام فإن مراتب التتويج تختلف من شخص لآخر، بقدر ما حافظ على صيامه من أي خادش له، إضافة للقيام بمختلف أنواع أعمال الخير، سواء تلك المتصلة بالغير، كاطعام الطعام (تفطير الصائمين ولو بشق تمرة) ففي الحديث الشريف (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، أخرجه الشيخان البخاري ومسلم.. فيا لها من جائزة عظيمة.
من الأعمال التي ترفع مراتب المتسابقين (الصائمون) تلاوة القرآن الكريم، الذي انزل فيه القرآن قال تعالى ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ? وفي هذا يقول ابن عباس: إنه أنزل في رمضان، في ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلا في الشهور والأيام. رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، فأي شيء نتبعد الله به ونحن صائمون أفضل من تلاوة كلامه الكريم.
لم يتبق على انتهاء البطولة سوى أقل من أسبوع، فلينظر كل منا كيف كان حاله طيلة أيام السباق، هل صمنا حق الصيام وقمنا حق القيام، إيمانا واحتسابا لوجهه تعالى، إما أنا تسابقنا لأجل فلان أو علان، أو لأجل يقال هذا الصائم القائم والعياذ بالله.
كل الرياضيين يحلمون بالمشاركة في بطولة كأس العالم وتقليد أمهر اللاعبين (وجلهم من غير المسلمين) فهل هم كذلك حريصون على المشاركة في بطولة الصوم الرمضانية، وتقليد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واله وأصحابه في صيامهم وقيامهم وتلاوتهم للقران الكريم.. هذا ما ينبغي أن نكون عليه كشباب ورياضيين مسلمين.
وفقنا الله وإياكم إلى الفوز بجائزة رمضان، وما أعظمها من جائزة، إنها مغفرة الله ورضوانه، ومن غفر له ورضي عنه، ادخله جنته… جعلنا الله منهم… وكل عام وأنتم بخير..
Next Post