اعتدى على النساء والمسنين ومارس طقوسه العبثية داخل حرم الأقصى

قبيل يوم القدس العالمي العدو الصهيوني يصعّد في انتهاك المقدسات لفرض أمر واقع

كيان الاحتلال في أسوأ مراحله والموت يحاصره من كل الاتجاهات
جنوب لبنان يحطم كبرياء العدو بوابل من الصواريخ ومخاوفه حددت ردة فعله

الثورة / وديع العبسي
بكل صلف تجاوز جيش الاحتلال الصهيوني كل الأعراف وكل الاتفاقات ودخل باحات الأقصى ليمارس عدوانيته بحق النساء والمسنين وباقي المصلين والمعتكفين بصورة إجرامية لا طائل ولا جدوى منها إلا إشباع الرغبة لمصادرة حق الفلسطينيين في ممارسة طقوسهم وهم أبناء الأرض، وأصل تاريخ المكان.
لم يستطع الكيان الإسرائيلي اتخاذ أي حجة أو مبرر قانوني لسلوكه، فتارة تحدث عن ما أسماه بعناصر تخريبية تختبئ فيه المكان، وتارة يقول إن ما يحدث عبارة عن عسكرة للمسجد الأقصى وهؤلاء العاملون يحتمون به، إلا أنه غاب عنه قراءة الزمن، فالزمن كان يشير إلى حدثين بارزين: الأول ما يسمونه بعيد الفصح والذي يريدون إحياءه داخل المسجد، والثاني الذكرى العالمية ليوم القدس العالمي، مثّل الحدثان منعطفين، النجاح في تنفيذ ما جرى تحديده لهما يعني القدرة على صياغة الواقع وفق المخطط المتطرف الذي يصرف الفلسطينيين والمسلمين على أي مجال بأرض فلسطينية أو أماكن مقدسة.
أرادوا بالأول إقامة طقوس عيدهم بأريحية في الأماكن المقدسة، بما يعنيه ذلك منه إخلاء الساحات لليهود المتطرفين والسماح لهم بممارسة طقوسهم الغريبة.
وارتدوا في الثاني، قتل مناسبة يوم القدس العالمي بتكريس وضع يجعل منه هدف المسلمين لاستعادة القدس أمراً مستحيلاً.
صعّد كيان الاحتلال من إجراءاته تماشياً مع التوجه المتطرف لحكومته الجديدة، فاستهدف في هذا المنعطف المصلين والمعتكفين بلا تمييز فاستهدف النساء كما استهدف المسنين وهم يمارسون عباداتهم، وهو أمر يتناقض مع كل المواثيق الدولية، فضلاً عن الوضع غير القانوني للكيان الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة.
في مواجهة ذلك لم يكن بالأمر العجيب أن تؤكد فصائل المقاومة بأنها لن تقف “مكتوفة الأيدي” إزاء “العدوان” الإسرائيلي على المسجد الأقصى، فهو رد فعل طبيعي، وحكومة الاحتلال تتحمل كامل المسؤولية عما يجري من عدوان وحشي على المسجد الأقصى المبارك وعلى المصلين والمعتكفين فيه”.
ولعله كان من المهم على كيان الاحتلال ألا ينسى أو يتناسى أن المقاومة فعل مكفول في مواجهة احتلالهم وانتهاكاتهم لكل القيم والشرائع في التعامل مع الفلسطينيين، الشعب المحتلة أرضه، سواء كانوا مقاومين أو مواطنين، وألا ينسى أن فصائل المقاومة أكدت ولا تزال أن فعل المقاومة لن يقف حتى زوال الاحتلال، مبدأ لا يمكن الحياد عنه، وكان على المحتل ألا يركن إلى وعود الأمريكان وأوروبا بالتزامهم بأمنه، ولقد بينت العمليات البطولية المقاومة كيف أن المقاومة باقية.
مع ذلك كان العدو يدرك أن هناك رد فعل من قبل المقاومة قادماً لا محالة، رفع من جاهزية قواه الأمنية واستنفر قواته تحسباً لأي فعل يهدم عليه الخطة، لتسقط عليه صواريخ المقاومة بذات الرسالة التي حاول تناسيها وهي أن المقاومة حاضرة للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات، وكعادته كان الكيان يخفي أي آثار يخلفه فعل المقاومة، لتبين ردة فعله واستهدافه غزة، الوجع الذي أصابه، وربما أيضاً الشعور بالإحباط من ضعف قُبته الحديدية في تأمين السماء من أي جسم قادم غريب.

صواريخ الجنوب
الفعل الذي اطمأنّ العدو إلى أن نسبة حدوثه تبقى ضئيلة، هو أن تصله هجمات من خارج الكيان، فقد ركن الاحتلال إلى أن عمليات التطبيع سيكون لها تأثير في منع أي رد فعل عملي ضده، ليأتيه الرد من الجنوب اللبناني بالتزامن مع ارتفاع عمليات المقاومة ضد المستوطنين كان منها عملية فور الأردن، مع ما يلتهب أيضاً داخل الأراضي الأردنية ضد ممارسات الكيان والمطالبات بطرد السفير الإسرائيلي وقطع أي علاقات معه.
من الجنوب اللبناني، صعق الكيان بوابل من صواريخ “الكاتيوشا وغراد” في أكبر هجوم من نوعه منذ حرب 2006، ليعبر ذلك بداية عن التضامن الكامل مع المُرابطين في المسجد الأقصى، وردَّا على اقتِحامات جنود الاحتلال له، والاعتداء الهمجي على المُعتَكفين في باحاته، وتجسيدًا لوحدة السّاحات في الأراضي المُحتلّة وخارجها.
حينها وعلى الفور، العالم المنافق يستنكر ويدين وحاول إلحاق العملية بحزب الله الذي لم يعلن صراحة تبنيه للعملية، وهو الذي اعتاد الإعلان عن أية عملية يقوم بها ضد الكيان الصهيوني، فأدان الاتحاد الأوروبي الهجمات في أرض الكيان وإطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه الدولة العبرية، كما أكّدت فرنسا “تمسّكها الراسخ بأمن إسرائيل”، وقال نائب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلما أن بلاده “تدين بشدّة الهجمات الصاروخية العشوائية التي استهدفت الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من غزة وجنوب لبنان”، وعبّر الكيان الأمريكي عن تأييده حقّ إسرائيل في الدّفاع عن النفس إثر إطلاق صواريخ من لبنان، والجميع كانوا يتجاهلون عن عمد، الإشارة إلى الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الأراضي العربية والانتهاكات للحرمات والمقدسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورغم تأكيد المتحدّث باسم الخارجيّة الأميركيّة فيدانت باتيل في بيان بإنّ “استهداف مدنيّين أبرياء، من أيّ جنسيّة كانوا، هو أمر غير مقبول”، حسب قوله إلا أن المعايير الأمريكية كما يبدو تستثني الفلسطينيين والعرب من هذا المبدأ.. يضيف باتيل صراحة أن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب حكومة إسرائيل وشعبها”.
كان الغريب أن صواريخ الجنوب اللبناني قطعت رحلتها وأصابت أهدافها وإن كان العدو لم يعترف إلا بعدد من الصواريخ نجحت في اختراق القبة الحديدية، مع ذلك مثّل هذا الوصول انتصار بذاته، وهدما لمنظمة الحماية
ورغم ما صدر من نتنياهو من وعيد بالانتقام إلا أن حقيقة الأمر، كانت تؤكد بأنه لم يكن في وارد استعداد الكيان الصهيوني بشقيه العسكري والسياسي فتح جبهة في جنوب لبنان، ومع أن التصريحات تتابعت بشكل مباشر وسريع لتشير بأصابع الإدانة إلى حزب الله، إلا أن نِتنياهو لم يُهدّد كعادته بضرب قوات الحزب وتدمير لبنان وإزالته من الوجود، وكان الأمر لافتا للكثير من المراقبين، فيما جاء التعليق الصريح والقوي لحزب الله الذي لم يفصح بشكل صريح مسؤوليته عن العملية، متوعدا من أي عمل عدائي ضد لبنان، ليدفع بالكيان إلى التراجع عن تصريحاته مكتفيا بتحميل حركة حماس المسؤولية، ليؤكد هذا التراجع، مقدار الثقل الذي صار عليه حزب الله أو يمثله في نفوس القيادات لدى الكيان، فيما ذهبت التسريبات للصحف العبرية للتأكيد بأن نتنياهو لا يُريد شن حرب على لبنان.
الهجمة الصاروخية من جنوب لبنان إلى جانب صواريخ المقاومة داخل الأراضي المحتلة، كشفت عند مدى الهشاشة الأمنية التي يتمتع بها الكيان خصوصا مع الفشل في التصدّي لها جميعًا، وبالتالي العجز الواضح عن توفير الحِماية للمُستوطنين، ممّا يعني انهيار الأمن، وانتِهاء عُنصر الاستِقرار، وهُروب رؤوس الأموال وشركات الاستِثمار، وتَعاظُم الهجرة المُعاكسة، حسب مراقبين.

تآكل الكيان
تعكس العبثية الصهيونية بتصعيد عدوانه ضد المقدسات والمواطنين العزل حالة الغليان التي يعيشها لعدة أسباب فلم يعودوا يستبينوا ما هو صح وما هو خطأ وما هو لائق وما هو فقط إجرام ويضاف إلى سلسلة العمالة الإجرامية بحق الإنسانية.
هذه الحالة بدأ يعيشها الكيان منذ أكثر من عام بشكل واضح فيما كانت الإرهاصات قبل تنذر بمستقبل قاتم للكيان، فمع الصراعات التي تجلت في العمليات الانتخابية التي كانت تكشف عن الانقسام الحاد في مجتمع المستوطنين، بدأت حالة الاستقطابات في محاولة لترجيح كفة محددة توضح منهجية العمل السياسي لدى الكيان وبالتالي توجهه العسكري، ليخلص الأمر إلى ظهور الكتلة المتطرفة إلى سطح العمل السياسي لتدخل بالكيان إلى نفق مظلم تجلت منذ تسلم نتنياهو الحكومة عقب انتخابات كرست حالة الانقسام لم يستطع معها إلا وضع تصور ائتلاف يرتفع به إلى أحقية قيادة الحكومة، وعلى إثره ظهرت أفعال الحكومة المتطرفة ليعيش الكيان غلياناً داخلياً يعصف بواقعه وينذر بتلاشيه، وهي مسألة أكدتها الغرف السرية الاستخباراتية والبحثية لدى الكيان كما قرأها رئيس الكيانات، فيها مقدمات للتدمير الذاتي الذي يحدد ما تبقى الكيان من سنوات.
تزامن مع الارتباك، فالأزمة السياسية لدى الكيان محاولات تنفيس من قبل المتطرفين باستهداف الفلسطينيين ومحاولة فرض التغيير الزماني والمكاني على القدس ليتبع ذلك بشكل مباشر عمليات فدائية راحت فيها عشرات الأرواح من قوات الكيان ومستوطنيه، في إنجازات نوعية وصفها الساسة هناك بأنها حالة تجرؤ صارت عليها المقاومة ما يعكس التطور التكتيكي والمستوى المتقدم في التسليح وهذا بدوره أمر في غاية الأهمية، إذ يشير إلى أنه مع الزمن تزيد قوة المقاومة ومستوى أدائها.
في بعض محاولات الاستفزازات الصهيونية، كان الكيان يفر من الداخل المأمون إلى محاولة إهداء المجتمع الصهيوني انتصارات وهمية على الشيوخ والأطفال والنساء، أو تأكيد مصير المستوطنين على الأرض المحتلة، إلا أن ذلك لم يجد نفعا ولم يُحدث الأثر المخطط له لدى المواطنين الذين باتوا لا يثقون بما توفره لهم حكومتهم ليتقاطروا بين كل حين وآخر إلى المخابئ هربا من ضربات المقاومة.
ورغم تزايد عمليات الكيان في القتل والاعتقال وتدمير البيوت الا أنها لم تنجح في إيقاف تصاعد وتيرة المقاومة وكلما شعر بالعجز زاد من عملياته، وكلما لمس تحركاً نوعياً المقامة تظهر فيه أسلحة كفيلة بإقلاق سكينته قام بضرب البنية التحتية في غزة، وقبل أيام شنّت إسرائيل عدوانًا على قطاع غزّة بهدف ما سماه “تأديب” المُقاومة الفلسطينيّة، وفي مُقدّمتها حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، إلا انه قوبِلَ بإمطار جنوب الكيان بوابلٍ من الصواريخ استهدفت المُستوطنات والمدن الإسرائيليّة، بما في ذلك صواريخ مُضادّة للطائرات.، ويثبت هذا الحال النتيجة الصفرية التي تحققها دولة الاحتلال من عملياتها ضد أصحاب الأرض، لتغدو العمليات الإجرامية محاولة تهدئة فقط لحالة الرفض للسياسة التي تدير الكيان.
قبل أيام توعد جيش الكيان باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار واحد أبطال سيف القدس، وهو المطلب الذي جعله الاحتلال هدفا استراتيجيا له منذ معركة سيف القدس لكنه فشل فيه، واليوم يعيد الأمر إلى الواجهة بعد أن خلص في تحليلاته واستنتاجاته إلى تأثير هذا القائد لجهة إحياء المقاومة في الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة الكيان، وهو دليل يكشف عن حالة التخبط لدى الكيان وعدم قدرته في أن يرفع عن جيشه الوهن في مواجهة العمليات الفدائية التي زعزعت الكيان وهو يحتفل بما يسمونه عيد الفصح.
يؤكد الخبراء والمُحلِّلون الإسرائيليون أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة حماس، تمكّنت في الأيّام الأخيرة من فتح عدّة جبهاتٍ ضدّ دولة الاحتلال في آنٍ واحدٍ، لافتين إلى أنّ هذا الأمر بحدّ ذاته يُعّد انتصارًا لحماس، وبالمُقابل لا يصُبّ بمصلحة الكيان غيرُ المُستعِّد لحربٍ على عدّة جبهاتٍ في آنٍ واحدٍ، على حدّ تعبيرهم.
وتابع الخبراء، بعد عملية تل أبيب – التي وقعت في الساعة العاشرة ليلاً من ليلة الجمعة الماضية – أن يكون المُنفِّذ من قرية كفر قاسم، في المثلث الشماليّ، أيْ داخل الخّط الأخضر، فإنه نذير خطرٍ وشؤمٍ، لأنّ المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة حذّرت مرارًا وتكرارًا من انضمام فلسطينيّ الداخل إلى الكفاح المُسلّح التي تنتهجه حركة حماس، على حدّ قولهم.

القدس مرة أخرى
إضافة إلى ما سلف فإن الكيان يحرص إلا تأتي مناسبة اليوم العالمي للقدس وشوكة المقاومة عالية فيما وضعه منكسر، إذ سيعزز ذلك من قوة حضور القدس كخط أحمر في نفوس كل المسلمين، ليأتي الاحتفاء به استثنائيا في صالح ثبات كل الأصوات والتحركات الهادفة إلى استعادة الأرض المحتلة، وتراجُع المواقف المتخاذلة تجاه قضية العرب والمسلمين الكبرى.
والى جانب ذلك حاول الكيان إفشال حالة التقارب التي نجحت في تحقيقها إيران مع دول المنطقة بعد قطيعة سنوات كان الكيان وأمريكا من يقفان خلفها، فضلا أن إيران هي من تقود حركة إبقاء قضية القدس وفلسطين حية في نفوس كل المسلمين.
كما أن هذا الإحياء سيعيد المبدأ الثابت الذي دعا إليه الإمام الخميني، حين حدد الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس، وهو اعتبار القضية الفلسطينية، “محور الصراع الإسلامي مع الكيان الصهيوني الغاصب.. ودعا في خطاباته وندواته ورسائله إلى مناصرة القضية الفلسطينية، وتقديم العون للشعب الفلسطيني بالمال والسلاح والأرواح، وبذلك أعاد الثقة والصمود للشعب الفلسطيني بعدالة قضيته، بعد أن تاجر فيها غالبية الحكام العرب، ومع مرور الأعوام ظلت القضية الفلسطينية تتصدر أولويات جمهورية إيران الإسلامية في أروقة العالم والمحافل الدولية والمؤتمرات الإسلامية، حرصا منها على انتزاع الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا