تنظيم الطلاب لأعمالهم اليومية في جدول أنجح الطرق للمذاكرة في رمضان
أثبتت الدراسات أن الصيام يساعد على زيادة الذكاء والفهم ويحمي خلايا المخ من التلف
تقرير/ محمد الجبري
إن حلول شهر رمضان أثناء العام الدراسي أو خلال فترة الامتحانات يسبب قلقًا كبيرًا بالنسبة للطلاب وأولياء الأمور؛ وذلك لما نعرفه عن الشهر الكريم من اضطراب في أوقات النوم والصيام لساعات طويلة تؤثر على التركيز والاستيعاب عند الكثيرين، وضف إلى ذلك عاداتنا الاجتماعية المتعلقة بالشهر الكريم من عزائم وزيارات عائلية، مما يجعل المذاكرة في رمضان وتنظيم الوقت مهمة تكاد تكون مستحيلة عند الكثيرين.
إن المذاكرة في رمضان من أكبر التحديات التي يواجهها الطلاب بسبب طبيعة الشهر الكريم الخاصة والصيام وتأثيره على جدولهم اليومي، نقدم هنا مجموعة من النصائح للطلاب لتنظيم الوقت والمذاكرة في رمضان.
الأهداف والأسباب
نقدم هنا مجموعة نصائح مُجرّبة لتنظيم الوقت والمذاكرة في رمضان للطلاب، عدّلها حسب ظروفك وقدراتك الخاصة واجعل رمضان نقطة انطلاقك نحو النجاح وتحقيق الآمال ولا تعتبره ثلاثين يومًا من الكسل وضياع الوقت، ولا تنسى أن في رمضان بركة ستراها عندما تهتم بتنظيم وقتك كما يجب.
وإن تغيير عاداتنا اليومية في أيام الصيام في شهر رمضان يتسبب في تغيير أنشطتنا ويختلف مستوى قدرتنا على بذل مجهود بدني أو حتى ذهني، لذلك عليك تنظيم وقتك لتصل إلى أقصى استفادة ممكنة منه مما يصب في مصلحة مذاكرتك لدروسك وأداء واجباتك المسندة إليك.
كما نريدك أن تستمتع بالتجمعات العائلية والأنشطة الرمضانية الرائعة ولا نريد أن تفوتك فرصة أداء عباداتك من صلاة في المسجد وقراءة للقرآن للتقرب من الله عز وجل، كل هذا بجانب مذاكرتك وتحصيلك لدروسك. المعادلة بسيطة لا تقلق وستتحقق إذا نظمت وقتك بحكمة والتزمت بهذه النصائح.
علاقة الصيام بالتركيز والفهم
في البداية نريد أن نغير فكرتك وقناعاتك عن أنّ التركيز أثناء الصيام يقل والقدرة على الفهم مع الصيام تتلاشى، البعض منّا يستطيع التعلم والتركيز والحفظ أثناء الصيام، بل ويتحدث البعض عن أن قدرتهم على الاستيعاب والتركيز تتضاعف في بعض ساعات الصيام، وهذا بالضبط ما توصلت إليه الكثير من الأبحاث العلمية التي أثبتت أنّ الصيام بريء من عدم التركيز، بل ويساعد الصيام على زيادة الذكاء؛ حيث يزيد الصيام من نسبة عنصر «النيوروتروفينات» – neurotrophic factor (BDNF) التي تغذي الأعصاب في المخ مما يزيد من كفاءة عملها، كما يساعد «النيوروتروفينات» على القدرة على التعلم والمذاكرة ويحمي خلايا المخ من التلف، وقد أثبتت الدراسات أنّ هناك علاقة قوية تربط بين انخفاض هذا الهرمون والإصابة بالاكتئاب وضعف وفقدان الذاكرة. كما أنّه من المثبت أنّ الجسم يضخ كمية من الدم ويوجهها لعملية الهضم، أما أثناء الصيام فالمخ يستفيد بهذه الكمية من الدم ويوجهه من أجل التركيز والحفظ والفهم.
ولكن عدم القدرة على التركيز حقيقة نعيشها ولن نتجاهلها بالطبع بمجرد قراءة دراسات حتى وإن كانت علمية وننسى ما نعيشه بالفعل، وهذا ما تتحدث عنه الدراسات أيضًا من أنّ عدم اتباع نظام الصيام الصحي الذي يشتمل على وجبات منظمة ومتوازنة في الكم والنوع وكذلك بعض العوامل الأخرى هي التي تمنعنا من الشعور بفائدة الصيام، لذلك اتبع هذه النصائح التي ستمكنك من الاستمتاع برمضان والاستفادة بوقتك والقدرة على مذاكرة دروسك خلاله.
أهم النصائح:
الأولى: النوم بقدر كاف
نعرف أنّ شهر رمضان تضطرب فيه مواعيد النوم؛ فنستيقظ في الليل لتناول وجبة السحور وهذا ليس بالأمر اليسير خصوصًا إذا كنا ننام في ساعة متأخرة وعلينا الاستيقاظ مجددًا في الصباح الباكر للذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أيضًا، لذلك فتقسيم احتياجاتك من النوم على مدار اليوم فكرة جيدة تساعدك على حصولك على القدر الكافي من النوم. إذا وجدت نفسك في فترة انتظارك لوقت الإفطار لا تستطيع التركيز أبدًا، فالاختيار الأمثل هنا هو النوم لساعتين تستثمر فيهما وقتك في شيء مفيد أفضل من تضييع الوقت، وبالطبع فستساعدك هاتان الساعتان على التركيز في فترة ما بعد الإفطار.
الثانية: الاهتمام بالطعام الصحي
في وجبة الإفطار ووجبة السحور ركز على العناصر الغذائية التي تمد الجسم بالطاقة؛ فالطاقة هي العنصر الأساسي الذي يعمل المخ معتمدًا عليه، لذلك فاحرص على أن تحتوي وجبتك على نسبة كبيرة من البروتينات والكربوهيدرات المركبة مثل الجبن والبيض والفول والزبادي والفواكه التي تمد الجسم بالفيتامينات والسوائل، ومن المهم التركيز على الأطعمة التي تهضمها المعدة ببطء بحيث لا تشعر بالجوع سريعًا.
لا يعني التركيز على العناصر الغذائية الصحية والمفيدة أن تُكثر من كمية الطعام المتناول؛ لأننا بتناولنا لكمية كبيرة من الطعام نوجه الجسم لبذل كمية كبيرة من طاقته في عملية الهضم.
بعد أول نصيحتين التي قد يعتبرها البعض بعيدة عن نصائح تنظيم الوقت، والتي لن تستطيع أن تنفذ ما بعدهما من نصائح دون تنفيذ هاتين النصيحتين، نبدأ في نصائح وضع جدولك للمذاكرة في رمضان.
الثالثة: وضع جدول يومي
هذا الجدول اجعله يشتمل على موعد كل شيء تريد إنجازه في يومك والتزم به، مثل: وقت النوم والاستيقاظ، والدروس والمواد الدراسية التي تريد مذاكرتها، وقت الراحة، وقت العبادات.
الرابعة: تحديد الأولويات
رمضان نظرًا لظروفه الخاصة يجب أن نحدد فيه أولوياتنا، فقد اتفقنا أنه كشهر يختلف عن غيره من الشهور، وعلى ذلك فلا تعامله كغيره من الشهور. وتبعًا لأوقات قوة تركيزك وضعفها حدد الأشياء التي ستفعلها ومتى، فمثلًا خصص لمذاكرة دروسك أفضل وقت يكون ذهنك فيه صافيًا ومستوى تركيزك في أعلى درجاته، قد يكون هذا الوقت في المدة بين وقت السحور والظهر، هذه الفترة يطلق عليها الكثيرون اسم (الفترة الذهبية)، خاصة إذا كنت ممن ينامون بعد صلاة العشاء ويستيقظون وقت السحور، وقد يكون في الساعات الممتدة بين صلاة التراويح والفجر أو بعد الفجر بعدة ساعات … وهكذا، وتذكر أنّ وقت المذاكرة للمذاكرة فقط، فليس هناك متسع لسارقي الوقت كتصفح مواقع التواصل الاجتماعي مثلًا.
الخامسة: مراعاة طبيعة المهام والتركيز
فمثلاً ذاكر المواد الدراسية التي تحتاج لتفكير وتركيز في أفضل أوقاتك التي تستطيع التركيز فيها، فمثلا مادة الرياضيات ومادة العلوم أو المواد التي تحتاج إلى حفظ وصفاء ذهني من الممكن مذاكرتها في الفترة بين صلاة الفجر والظهر إذا كانت هذه الفترة هي فترتك الذهبية.
أما مواد التاريخ والأدب والقراءة فمن الممكن مذاكرتها في الوقت الذي تكون فيه أقل تركيزًا، وأما الأنشطة الواجب عليك القيام بها ولكنها لا تحتاج لهذا القدر الكبير من التركيز تستطيع إنجازها في فترة قبل موعد الإفطار، فمثلًا إذا كان مقررًا عليك كتابة بحث أو نسخ بعض المعلومات مما لا يتطلب تفكيراً وتركيزاً فهذا الوقت مناسب لأداء هذا النوع من الواجبات.
وفي الأخير، لا بد عليك أن تراعي في أخذ قسطً من الراحة يعادل العشر دقائق ليس أكثر بعد مرور كل ساعة من التركيز والمذاكرة؛ لتجديد الطاقة.