إنشاء مركز وطني لإحصاء أيتام ضحايا الصراعات
حقوقيون:
تقديم الدعم المادي والاجتماعي والنفسي للأيتام للتخفيف من وطأة صدمتهم.. ضرورة
منظمات مجتمع مدني تقدم مساعدات خجولة.. على قدر الفراش..!!
● قصص يندى لها الجبين وضحايا بالجملة , أيتام في عمر الزهور أفقدتهم الأحداث والصراعات والاغتيالات آباءهم , فلا عائل لهم ولا ونيس يكفكف دموعهم ويعينهم على تجهمات الحياة ومصائبها, في يوم عيدهم الذي يقيمون أول جمعة من كل عام الذي هو ذكرى لمأساتهم تجدد أحزانهم.. لكنه واقع يقرع الأجراس, وضع ينذر بكارثة إنسانية إن لم يتم احتضانها بعين الإحسان والعطاء والرعاية ونشر ثقافة التسامح والتوعية..لكن السؤال أين الاهتمام الرسمي وأين اهتمام المنظمات الإنسانية والحقوقية والتنموية وما أكثرها¿! ولا أبالغ إن قلت إن عددها قد يتجاوز عدد ضحايا الأحداث والحروب.. وهنا نتابع فصلاٍ من مأساة وتطلعات الأيتام.
الطفلة اليتيمة عبير في ربيعها الثامن ما إن اقتربنا منها لسؤالها حتى جاشت دموعها وبدأت تتمتم بكلمات خنقتها العبرات وهي تروي لنا قصة وفاة والدها المهندس نبيل الدرة والذي توفي جراء الضربات على خطوط الكهرباء بمحافظة مأرب أثناء أدائه عمله في إصلاح إحدى خطوط الكهرباء التي تم إتلافها من قبل عناصر التخريب مما أدى إلى حرق جثته بطريقة مدمية ووفاته على الفور.. ..
ومضت عبير تقول : منذ وفاة والدي لم تأت أية جهة لتدعمنا أو تنظر لحالنا رغم أن والدي استشهد في سبيل الوطن وفي عملية إرهابية كانت تستهدفه !!
ولا نملك إلا الترحم على والدي وعلى حالنا من بعده.
الجحود من الدولة
من جانبه يقول الطفل «محمد» ابن الشهيد الجندي عامر حسين الخفجي: ذهب والدي شهيد الواجب في سبيل تثبيت الأمن والاستقرار في اليمن والذود عن مرافق ومؤسسات الدولة العسكرية بعد أن أقدم مجهولون على الاعتداء عليه وهو مرابط في عمله حيث استقرت رصاصة طائشة في عينيه سلبته حياته .
وأضاف بكلمات خنقتها العبرات والألم : هل فكرتم كيف ستغدو حياتنا بعد رحيل والدنا الذي كافح من أجل قوت يومه وناضل في الدفاع عن وطنه حتى آخر قطرة من دمه وهو يحمي منشآت اليمن لنْطرد من منزلنا ويتدهور بنا الحال إلى غرفة هي السكن والعيش والملاذ لي ولكافة أفراد أسرتي وبالمقابل لا نلقى إلا الجحود والإهمال من الدولة !
الأعمال الإرهابية
ولا يختلف واقع الأسى الذي حمله إلينا مجدداٍ الطفل اليتيم محمد ابن الشهيد العقيد حسين الشبيبي أحد قيادات الأمن البارزة في البلاد والذي استشهد إثر كمين نصبه له عناصر القاعدة هو ومجموعة من رفاقه في أبين , حيث قال : منذ رحيل والدنا ولم نلق إلا النكران من الجهات المعنية ومن تلك المنظمات والمؤسسات التي تتغنى بالشهداء والأيتام , ولم نلق سواء النكران, وزاد بالقول: يذكروننا في مناسبات رحيلهم , رغم أن والدي بذل نفسه في سبيل هذا الشعب وفي سبيل أن يحيا أبناؤكم بأمن واستقرار وحياة كريمة , فهل صارت تلك الأمنيات حكراٍ علينا !!
وقال: إلى الآن ونحن مصابون بأزمة نفسية حادة ويعترينا ذلك المشهد المرعب لأبي بعد استشهاده بعد حربه ودحره مكامن الإرهاب والذي كان المفترض على الدولة أولاٍ أن تقدر هذه التضحية على الأقل لأسرة الشهيد ولكن أملنا ورجاءنا بالله !!
وعن دور الجهات المعنية أفادتنا الأخت أمل المأخذي – المدير التنفيذي في المركز اليمني لحقوق الإنسان أنه تم إنشاء هذا المركز ليهتم بضحايا الحروب والنزاعات في اليمن للتأهيل والتدريب على القانون الدولي الإنساني وتحديداٍ اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الملحقان بها ورصد وتوثيق الحروب والنزاعات المسلحة غير الدولية والحروب القبلية وإعداد التقارير عنها وعن ضحاياها وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية لأسر الضحايا من الأيتام , وإجراء دراسات مسح وتقصي لأوضاعهم واحتياجاتهم المعيشية والصحية والتعليمية وغيرها .
أيتام الأحداث
في حين أوضح لنا ياسر الجابري من مؤسسة وفاء لرعاية أسر الشهداء أن المؤسسة تقدم الدعم المادي لأسر شهداء الثورة حيث يتم منح مبلغ مليون ريال لأسرة كل شهيد والبالغ عددهم 1345 من شهداء 2011 -2012- 2013م للتخفيف من حدة ومأساة أيتام الشهداء ويندرج بعدها الجرحى والبالغ عددهم أكثر من 1524 جريحاٍ وأضافت المؤسسة حسب الجابري لائحة جديدة تضم ضحايا الأحداث والحروب والنزاعات المسلحة المرافقة للثورة وبعدها باعتبارهم في حكم شهداء وجرحى الثورة وتقديم الدعم لهم وتخفيف الصدمة النفسية عن ذويهم الأيتام وإعادة دمجهم ورعايتهم .
الصدمة والتأهيل
على الصعيد ذاته يقول أحمد القرشي – رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة : إن المنظمة تبنت رعاية العديد من الأيتام ضحايا الحروب والنزاعات والاغتيالات , وعمدت إلى إنشاء مركز لرعايتهم وتأهيلهم لمواصلة حياتهم بصورة طبيعية من خلال التأهيل النفسي والاجتماعي والاقتصادي ومساعدتهم على تجاوز الصدمة والتركيز على التأهيل النفسي بتقديم خدمات الدعم والإرشاد النفسي للضحايا وأسرهم من خلال برنامج متخصص تنفذه أخصائية علم نفس تقدم جلسات دعم نفسي للضحايا وإرشادات تثقيفية كما يتضمن البرنامج المعاينة وتنفيذ دراسات بحثية وأخرى ميدانية عن هؤلاء الأيتام الضحايا ومساعدتهم في التغلب على مشكلات ما بعد الصدمة النفسية الناجمة عن تعرض أهلهم وذويهم لحوادث التفجير.
ومضى يقول : وبعد ذلك نقوم بالتأهيل الاجتماعي حيث يقدم المركز برنامجاٍ متكامل لتأهيل الضحايا اجتماعياٍ وإعادة دمجهم وذلك من خلال دورات جماعية للضحايا وأسرهم يتم التركيز فيها على تنمية الثقة بالنفس وإكسابهم مهارات التغلب على الأزمات والتكيف مع الوضع الحالي وتقوية إحساسهم بالأمل والتفاؤل.