الحادي والعشرون من سبتمبر طريقنا لآفاق عهد جديد

د. تقية فضائل

 

 

ثورة الـ 21 السبتمبرية وليدة معاناة شعب من ظلم أنظمة قمعية عميلة فاسدة وتابعة لهيمنة استعمارية خارجية تتحكم في مقدرات الشعب وقراره السيادي ومواقفه من قضايا أمته وتحد من انطلاقته الحضارية ونهضته التنموية ودوره الفاعل إزاء ما تواجه الأمة من تحديات، هذه الثورة المباركة مستمرة ونحيا أحداثها منذ ثمان سنوات حتى يومنا هذا ، وطيلة هذه السنوات لم يتوقف اليمنيون عن مواجهة أعداء الوطن وعملائهم بكل الصور الممكنة عسكريا وإعلاميا واقتصاديا وسياسيا وصناعيا وثقافيا؛ وها نحن ذا نرى الانتصارات والإنجازات في كل الجبهات منذ بدء العدوان على اليمن، وما العروض العسكرية إلا بعض من إنجازات ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، وهذه العروض العسكرية الضخمة والمنظمة تنظيما دقيقا والأسلحة المصنعة محليا، تعلن للعالم أن اليمن عازم على استكمال مشوار التحرر والاستقلال ولن تثنيه تحالفات الشر ومؤامرات المستكبرين وسيكون مستعدا أكثر من ذي قبل لصد أعداء اليمن في البر والبحر والجو، ولن يسمح لأحد بأخذ شبر واحد من وطننا الحبيب، وها هو الشعب اليمني وجماهيره السبتمبرية حاضرة بقوة وعلى الدوام ترسم صورة بديعة تبرز ملامحها خطوط الصبر والثبات والتحدي وتلونها الحكمة والمبادئ والقيم القرآنية، برغم المعاناة الكبيرة جدا التي يتجشمها شعبنا اليمني في شتى أمور الحياة بسبب العدوان الكوني والحصار المطبق وتدمير الاقتصاد والبنية التحتية وقطع المرتبات واختلاق الأزمات ونشر الفساد على أيدي عملائهم في الداخل، وما الفعاليات والاحتفالات الوطنية الدينية والتوعوية على مدار العام وبهذا التفاعل المنقطع النظير إلا تجسيد لموقف الصمود والتحدي والوعي وهو سلاح كل يمني حر ولن يغمده لأنه عامل نجاح الفعل الثوري .
وقد سعت القيادة الثورية الواعية للنهوض بالزراعة خاصة لضمان الأمن الغذائي في زمن أصبح حرب الغذاء جزءا من الحرب على الشعوب لإخضاعها لقوى الاستكبار العالمي، وفي جانب آخر نجد تنمية الوعي المجتمعي بضرورة الاكتفاء الذاتي، حيث تبرز ظاهرة جديدة في الواقع الثوري وهي الأسر المنتجة التي تتلقى التأهيل والدعم والتوجيه وقد بدأت منتجاتها تنتشر في أوساط المجتمع بعد أن كان الاستهلاك هو الطابع العام في حياة الشعب.
ومن بركات ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الجهود الحثيثة للقضاء على الثأرات القديمة التي أودت بحياة الكثيرين من أبناء الشعب وتسببت في صراعات استنفدت جهود اليمنيين وصرفتهم عن النهضة ببلادهم، وقد أدركت القيادة الثورية أنه لا بد من نشر السلم الاجتماعي، فجعلته من أولوياتها وبذلت في سبيل ذلك كل ما بوسعها ؛ كونه سبيلا لمجتمع متآلف يسعى لنهضة وطنه بعيدا عن أصفاد الأضغان والأحقاد، ، وما هو بارز للعيان بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر اليقظة الأمنية العالية لأبطال وزارة الداخلية، و كما أنها أحبطت مؤامرات العدوان على كثرتها وتنوعها وخطورتها على أمن المجتمع واستقراره ، وفي الجانب الاقتصادي أضحت زكاة الأموال تمنح لمستحقيها، فتنفس كرب المعدمين وتخفف من معاناتهم وهذا الدور العظيم للزكاة كان مغيبا ولا يسمع عنه شيء يذكر فيما مضى.
ومما لا يخفى على أحد انتشار الوعي والثقافة القرآنية الصحيحة، وهو ما كان أمرا محظورا ومحاربا بضراوة، وهذا الوعي جعل الشعب يدرك ما يدور حوله ويتعلق بدينه وقضاياه الإسلامية وتاريخه التليد وحياته وعلاقاته مع الآخرين من حوله وصراعه مع أعدائه من يهود ونصارى ومؤامراتهم، فالإعلام المسموع والمقروء والدروس والفعاليات والمحاضرات التوعوية والدينية المكثفة في كل مكان وفي كل مناسبة، سُخِّرت لتصحيح المعتقدات والفكر والتاريخ وإزالة الغشاوة من على أعين الناس ، فأثمرت وعيا شعبيا قرآنيا استحال إلى جهاد لا يعرف التلكؤ أو التقاعس وعمل دؤوب في كل مناحي الحياة الاجتماعية وصمود وتحد لم يعرف له التاريخ نظيرا.
ما ذكرت في الأسطر السابقة هو مجرد وقوف قصير على أعمال عظيمة وجهود جبارة استغرق إنجازها السنوات الثورية الثمان الماضية وجنِّد لها الكثير من السبتمبريين المخلصين الذين يسيرون تحت قيادة ثورية حكيمة تستمد رؤاها من كتاب الله وسيرة نبيه _صلى الله عليه وعلى آله وسلم _ وعترة آل البيت _عليهم السلام _وما زالت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وستظل ثورة مشتعلة تحرق أعداء اليمن بلا هوادة ، وفي نفس الوقت تنير دروب الحياة للشعب اليمني لينطلق إلى آفاق عهد جديد.

قد يعجبك ايضا