● تحقيق /وائل علي –
في كل حي على أقل تقدير توجد مغسلة أتوماتيكية وهذا ما يكتب في لوحتها الإعلانية والهدف منها بالطبع تنظيف وتعقيم ملابس ومفروشات الزبائن ولكن هل هذا فعلاٍ ما يحدث …¿ إذا ما نظرنا إلى شكلها الخارجي فالإجابة حتماٍ ستكون نعم ..أما إذا تعمقنا بالخفايا فإننا سنجد عكس ذلك تماماٍ كيف لا وعدد غير قليل من تلك المغاسل تغسل الملابس يدوياٍ ولا تقوم بتغيير مياه الغسيل بعد كل غسلة كما أنها تقوم بخلط ملابس الأصحاء والمرضى بنفس المكان والنتيجة لا تخفى عليكم نقل الأمراض الجلدية من شخص إلى آخر طبقاٍ لتأكيدات أطباء جلد محليين .. تفاصيل أكثر حول ذلك تجدونها في هذا التحقيق الصحفي .. نتابع:
طريقة غسيل الملابس داخل المغاسل الاتوماتيكية الحديثة كما تسمي نفسها لم تعجب الكثيرين خاصة بعد معرفتهم أن الغسالات العملاقة التي تمثل جزءاٍ كبيراٍ من واجهة المحل لا تغسل جميع الملابس وهذا الموقف السلبي لمسناه عند فارس عبدالقادر – طالب لغة انجليزية الذي عبر بسخط عن قيام العاملين في المغسلة بخلط الملابس كلها في حوض واحد معللاٍ ذلك بأن هناك ملابس ممتلئة بالدماء وربما الأمراض التي قد تنقل إلى ملابسة جراء هذا التلوث خاصة وإنها تغسل بصوره جماعية وبطريقة بدائية .
هذه الطريقة البدائية لم يشاهدها فارس وحده فرشاد الحكمي خياط هو الآخر أبدى استياءه من أصحاب المغاسل فقد كان يظن أن ملابسه تغسل بالغسالة الاتوماتيكية ولكن حين تمكن من الدخول إلى داخل المغسلة في الحي الذي يقطنه شاهد العمال يغسلون ملابس الزبائن بحوض واحد بأقدامهم ومن ذلك اليوم اضطر رشاد إلى غسل ملابسه بنفسه وكيها عند أصحاب المغاسل لأنه كما قال لديه أقدام ويستطيع القيام بهذا العمل مثلهم.
(طفح جلدي )
لم يكن يعلم طلال القباطي – جندي – أن ملابسه التي يرتديها بعد خروجها من المغسلة هي السبب وراء إصابته بطفح جلدي إلا بعد أن زار طبيب الجلد في مستشفى الثورة العام وأخبره أن هذا المرض انتقل إليه من خلال الملابس التي يكون قد ارتداها بعد شخص آخر أو من خلال غسل ملابسه مع ملابس شخص مصاب بهذا الطفح والتحسس الجلدي.
طلال لم يرتدي ملابس أحد ولا يوجد شخص في بيته مصاب بهذا الشيء حينها تأكد أن حكة الجلد التي يشعر بها بعد ارتدائه الملابس التي قام بغسلها في المغسلة هي السبب خاصة الملابس الداخلية والقمصان البنطلونات.
( داخل المغسلة )
بعد أن حكى لي علي فارس ورشاد ما شاهداه داخل بعض المغاسل الاتوماتيكية كما تسمى نفسها سعيت للتأكد مما قالاه قمت بالذهاب إلى إحدى هذه المغاسل في حي بأمانة العاصمة حيث يوجد بداخلها معمل لحباكة الملابس واتخذت من الأمر حجة لرؤية المعامل من الداخل بصفتي خياط وما أن دخلت للمغسلة حتى وجدت العاملين فيها يغسلون الملابس بأقدامهم ومن ثم وضعها ككتلة واحدة فوق ركن الغرفة وبعض الأوساخ لا تزال عالقة بأكمام ورقبة الملابس وهنا يقومون بدعكها بمكنسة حتى يتم إزالة البقع وهكذا تتم عملية الغسيل أما إذا كانت المياه غير متسخة للغاية فإن دفعة أخرى من الملابس توضع عليها وتعاد نفس العملية وهكذا تتم عملية الغسيل البدائية داخل بعض تلك المغاسل.
(دراسات علمية)
أثبتت دراسة علمية حول هذه المغاسل أن مغاسل الملابس تعد من أهم وسائل نقل الأمراض وأن مادة ”البيروكلوروايثيلين” تعتبر إحدى المواد التي تستخدم عالمياٍ في عمليات المصابغ والتنظيف الجاف للملابس وهي غير محظورة دولياٍ لكن هناك توصيات من منظمات عالمية بضرورة استخدامها تحت ضوابط معينة وحسب لوائح السلامة الصادرة لهذه المادة وبينت الدراسة شأنها شأن أي مواد كيماوية أخرى خطرة قد تستخدم في عملية الغسيل حيث تعد هذه المواد مضرة صحياٍ إذا ما تم استخدامها بصورة خاطئة ومن دون قيود أو ضوابط. وقالت الدراسة التي صدرت عن الموسوعة العربية لعلم العناية بالملابس التي أجرتها سناء الغمغام إن الملابس قد تكون سبباٍ للإصابة بالعديد من الأمراض..
وهذا ما يستدعي مراقبة أكثر جدية لحماية المواطن من تلك المواد الكيماوية وغيرها من التجاوزات التي تقوم بها تلك المغاسل.
( مغاسل بدائية )
غسيل الملابس بشكل مدمج يحدث في كل المغاسل بأمانة العاصمة إلا إذا أراد الزبون غسل ملابسه بمفرده وهذا قلما يحدث حينها يطلب منه ضعف المبلغ كما يحدث في قسم كبار الشخصيات لدينا .. هذا ما أوضحه صلاح عبد الرب المدير العام لمجموعة مغاسل وايت برايت الاتوماتيكية .. ولكنه في نفس الوقت نفي بأن المجموعة تقوم بغسل الملابس بطريقة بدائية وأكد أن عملية الغسل في معملهم تتم بواسطة غسالات حديثة بعكس المغاسل الأخرى التي تتبع أساليب قديمة ولا تستخدم مساحيق جيدة ولا معطر للملابس كما يحدث في المغاسل النموذجية القليلة في أمانة العاصمة.
( إجراءات قانونية )
رئيس قسم صحة البيئة في المجلس المحلي بمديرية آزال المهندس / سعيد العواجي أكد أن فريق الصحة في المديرية يقوم بالنزول الدوري لفحص المغاسل والتأكد من أنها مبلطة وتحتوي على طفاية للحريق بالإضافة إلى نظافة العامل نفسه وفحص بطاقاته الصحية والتأكد من خلو العامل من الأمراض وهنا تتوقف حدود عمل صحة البيئة كما قال.
واختصر حديثه بالقول: ما يخص طريقة الغسيل ونوع المساحيق المستخدمة فهذا يرجع إلى ضمير العاملين فيها ولا يوجد لدينا توجيهات أو قانون يلزمنا بمراقبة هذه الأشياء وإلا لقمنا بعملية الرقابة والمحاسبة.
( مخالفات )
النزول الذي يقوم به أفراد قسم الصحة البيئية عشوائي ولا يمكن أن يحقق نتائج مثمرة .. هذا ما أكده لي أحد رؤساء الأقسام داخل قسم صحة البيئة فضل عدم ذكر اسمه وارجع سبب هذه العشوائية في العمل لوجود موظفين داخل قسم الصحة بالمديرية لا يملكون سوى شهادة إعدادية وبعضهم لا يجيد القراءة وهذا ما يجعل المخالفات الصحية تنتشر في عموم أحياء العاصمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
وأكد على وجود تدخلات من وراء نافذين بإعفاء بعض المحال من الرقابة بالرغم من وجود مخالفات في داخلها .
(أمراض جلدية )
غسل الملابس بشكل جماعي خطأ يقع فيه أصحاب المغاسل هكذا استهلت الدكتورة / فتحية العواضي أخصائية أمراض جلدية حديثها عن المخاطر الصحية التي قد تصيب المواطن جراء غسل ملابسه في بعض المغاسل التي لا تهتم للنظافة. وتؤكد بأن هناك حالات أتت إليها أصيبت بالعدوى بعد ارتداء أصحابها ملابس قاموا بغسلها في بعض المغاسل العامة. وحسب قولها فإن غسيل الملابس بشكل مدمج وبمساحيق غسيل رديئة والأهم من ذلك عدم تعريضها للهواء ولأشعة الشمس التي تقتل الجراثيم يتسبب بتلك العدوى المحتملة.
أما عن قائمة الأمراض التي قد يصاب بها المواطن في حالة وجود ملابس شخص مريض بمرض جلدي مع ملابسه الشخصية تقول الدكتورة ثريا محمد علي – أخصائية أمراض جلدية : هناك حالات مرضية كثيرة قد يتعرض لها المواطن بعد ذهابه لغسل ملابسه في تلك المغاسل التي لا تهتم للنظافة ومن أبرزها الجرب والفطريات كالنخالة المرقشية بالإضافة لطفح جلدي وبعض التحسسات .
وأوردت الدكتورة ثريا محمد أسباب أخرى للأمراض الجلدية التي تنتقل إلى الإنسان من خلال الملابس كالاستخدام الخاطئ لبعض الكيماويات عند الغسيل .
( نصائح )
من جهته ينصح رئيس الجمعية لحماية المستهلك فضل منصور المواطنين بعدم غسل ملابسهم في المغاسل التي لاتطبق الشروط الصحية لأن عملية خلط الملابس أثناء الغسيل ينتج عنها انتقال الأمراض من شخص إلى آخر. كما لفت منصور إلى مشكلة أخرى وهي حين يخطئ بعض أصحاب تلك المغاسل بتقدير كمية المواد الكيماوية المستخدمة للتنظيف والمواد المستخدمة في إضافة روائح للملابس لذا من الأفضل أن يقوم المواطن بغسل ملابسه في المنزل أو أن تكون هناك غسالات عمومية يستطيع الفرد غسل ملابسه بصورة فردية كما يحدث في الدول الأخرى.
● تصوير/مراد مبروك