عنما يتمكن الطمع من الانسان ويتحكم في تفكيره وتصرفاته ,يصبح أسيرا للشيطان بل ويتقمص شخصيته ليصبحا شيئا واحدا .
هذا ما ينطبق على ثلاثة من الابناء اعمى الطمع أعينهم وحول قلوبهم إلى احجار قاسية فاقدموا على قتل زوجة أبيهم اثناء محاولاتهم اخراج الجنين الذي في بطنها حتى لا ينافسهم في ميراث الأب.
امضى الحاج محمد نحو (30) عاما من عمره في خدمة ورعاية ابنائه فقد تزوج وهو في الخامسة والعشرين من العمر بفتاة كانت مثالا للزوجة الصالحة المطيعة لزوجها والمَعينة له على ظروف الحياة فأنجب منها ثلاثة من الابناء الذكور فقط ,ثم شاءت الاقدار ان تفارق الزوجة الحياة إثر مرض عضال وعمر اكبر ابنائها لم يتجاوز 15 عاما.
تحمل الاب مسألة رعاية ابنائه الثلاثة فكان لهم الاب والام والاخ وحاول جاهدا ان يعوضهم عن حنان الام الذي افتقدوه ولم يشعرهم لحظة بالقوة التي يمارسها الكثير من الاباء مع أبنائهم فنذر حياته لهم ولم يبخل عليهم بشيء وفضل تحمل العيش بدون زوجة حتى لا يأتي بزوجة أب قد تضطهد ابناءه او تمارس معهم نوعا من عنف الخالات.
مضت الايام والسنوات وبلغ الابناء مرحلة الشباب وأكمل الاب واجبه تجاهههم بتزويجهم الثلاثة واستقل كل منهم في منزل منفرد ,عندها شعر الاب بالوحدة الحقيقية رغم سعادته بنجاحه في اداء مهمته تجاه ابنائه لكنه لم يكن يعلم ان وفاءه لهم سيقابل بالجحود والنكران وان ابناءه سيستثقلون بقاء هذا العجوز على قيد الحياة.
حين بلغ الاب الخامسة والخمسين من عمره وضعف جسمه وحاصرته الأمراض المزمنة كان جميع أبنائه منشغلين بزوجاتهم وأولادهم وباتوا لا يسألون عليه حتى ولو بالتليفون وحين توجه لزيارتهم واحدا واحدا ضاقوا ذرعا به ولم يتحمل البقاء عندهم نظرا لمعاملة زوجاتهم القاسية له امام مرأى ومسمع ابنائه.
اسودت الدنيا في عين الرجل العجوز وضاقت به الارض بما رحبت فشكا حزنه إلى احد أصدقائه القدامى فرشح له امرأة مطلقة من اسرة فقيرة في العقد الرابع من العمر للزواج بها وبالفعل تقدم لخطبة هذه المرأة فوافقت وذهب إلى ابنائه ليزف اليهم الخبر السار كما كان يعتقد ولكنه فوجئ بثلاثتهم يعترضون بشدة وبلغت الوقاحة بأكبرهم ان يتهمه بالخرف.
رغم ألم الرجل من موقف ابنائه إلا أنه لم يعبأ لرفضهم وأتم الزواج من المرأة وبعد ايام جاء اليه ابناؤه يطلبون منه تقسيم امواله عليهم فجن جنونه ولم يتمالك نفسه من هول المفاجأة فهو لا يزال على قيد الحياة ورغم ذلك يرغبون في ورثه وبرروا ذلك بخوفهم من ان يرزق بطفل من زوجته الجديدة يقاسمهم املاكه.
كاد عقل الاب يطير من غرابة طلب ابنائه فثار في وجوههم وطردهم من المنزل وهدد بكتابة امواله كاملة لزوجته الجديدة وابنها في حال انجبت منه, فشاءت ارادة الله تعالى ان تحمل الزوجة من الرجل العجوز الذي احس ان الشباب يعود إليه حين سمع بالخبر ,اما أبناؤه فقد وقع هذا النبأ على رؤوسهم كالصاعقة وخافوا من ان ينفذ الأب ما سبق وان هدد به وهو ان يكتب جميع أملاكه لابنه من الزوجة الجديدة.
عاد الأبناء إلى والدهم وحاولوا إقناعه مرارا بتقسيم التركة بينهم بالتساوي لكنه رفض ذلك رفضا قاطعا وذكرهم بجحودهم له حين لجأ اليهم بعد ان بلغ من العمر عتيا ,فأصيب الابناء بحالة من الغضب والغليان إزاء قرار والدهم وأصروا على التخلص من اخيهم الذي ما زال في بطن والدته ,وبعد تفكير عميق قادتهم نواياهم الشيطانية إلى طريقة وحشية لا سقاط الجنين من بطن خالتهم وتنفيذا لهذه الخطة قام الابناء الثلاثة بمراقبة منزل والدهم ,وحين اطمأنوا إلى خروجه منه , ارسلوا اصغرهم اليه ليقوم بالتجول معه ومحاولة تأخيره عن العودة إلى المنزل سريعا بينما قام الاثنان الاخران بالدخول إلى المنزل ,حيث تقبع خالتهما الحامل وقاما بسد فمها بقطعة قماش وتكتيفها ثم انهالا عليها ضربا بالأيدي ورفسا بالأقدام في بطنها وانحاء متفرقة من جسدها محاولين اسقاط الجنين لكن الحقد والطمع اعمى عيونهما ولم يشعرا بها الا وهي جثة هامدة , لقد فارقت الحياة تحت اقدامهما.
فزع الشقيقان حين تأكدا من موت خالتهما فتركاها حيث هي وفرا من المنزل معتقدين ان احدا لم يرهما وفي تلك الأثناء كان الاب عائدا إلى منزله وقلبه يخفق بقوة على غير العادة الأمر الذي اشعره بحدوث مكروه لزوجته وقبل ان يصل إلى المنزل رأى ابنه الأكبر والذي يليه يخرجان من باب المنزل بحركة سريعة فزاد الشك داخله واسرع نحو زوجته ليجدها جثة هامدة وجسدها ما زال موثوقا بالحبال.
اصيب الاب بحالة هستيرية مذهولا من هول المنظر وخرج إلى سطح المنزل يصرخ ويستنجد بالجيران ان ينقذوا زوجته علها ما زالت على قيد الحياة, فتكالب الأهالي من كل مكان وعلموا ان أبناءه هم الذين قتلوا زوجته فابلغوا الأجهزة الأمنية عنهم وإثناء التحقيق اعترف الابناء انهم كانوا ينوون اسقاط الجنين وليس قتل المرأة وابدوا ندمهم على ما اقترفوه بحق والدهم وزوجته وأخوهم الذي لم ير النور وأيضا بحق زوجاتهم وأبنائهم الذين سينشئون بدون آباء.