سقطرى: كيف السبيل إليك¿

تحدثت في مقالة سابقة عن سقطرى بمناسبة صدور القرار الجمهوري الذي قضى بتحويلها إلى محافظة وأشرت إلى بعض جوانب التفرد البيئي للأرخبيل اليمني البديع كما توضحه العديد من التقارير الوثائقية المصورة والكتيبات والأبحاث التي تتحدث عن التراث الفريد للجزيرة خصوصا تلك التي نشرها أكاديميون متخصصون في علوم الجزر والمحميات مثل (سيو كريستي) و(رودريك داتون) اللذين عملا لفترة غير قصيرة في الجزيرة يسبران أغوارها ويدرسان أسرار مكوناتها النباتية والحيوانية ويعيشان تقلبات طقسها البديع أحيانا والقاسي أحيانا أخر. وقد تيسر لي زيارة الجزيرة مؤخرا وكانت الصورة كما تتحدث التقارير: جزيرة آية في الجمال إلا أن الوصول إليها والتمتع بجمالها دونه مبالغ باهظة بالنسبة لحال الغالبية الساحقة من أبناء هذا الشعب فتذكرة الطيران إلى سقطرى تقترب من الـ (300) دولار أي ما يزيد عن 60 ألف ريال يمني وهذه لعمري تسعيرة مبالغ فيها لأننا نتحدث عن رحلة داخلية فمثل هذا المبلغ يكفي لشراء تذكرة إلى دولة أخرى فمثلا تكلف تذكرة السفر إلى الإمارات العربية عبر طيران العربية أقل من (300) دولار ذهابا وايابا. ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى أن الطائرة التي أقلتنا من صنعاء إلى سقطرى لم يكن فيها سوى ثلثها وربما أقل من الثلث وعند العودة لم يكن الحال أحسن من ذلك فمن ذا الذي يقدر على دفع مثل هذا المبلغ¿ ولو كانت التذكرة بـ (100) دولار مثلا لامتلأت الطائرة تماما بل ولكانت هناك حاجة لرحلات يومية بدلا من رحلتين في الأسبوع كما هو الحال اليوم. ألن يكون هذا أكثر ربحية وأكثر تسويقا للسياحة الداخلية¿ الأمر الثاني الذي يواجه السائح عند الوصول هو فقر البنية التحتية السياحية للجزيرة فليس هناك الكثير من الفنادق عدا فندقين أو ثلاثة في حديبو عاصمة المحافظة أما في قلنسيا ذات الشاطئ الساحر الذي يفوق جماله شاطئ الديتونا بيتش الشهير في الولايات المتحدة فلم نسمع أو نر فيها فنادق! والفندق الوحيد الذي يمكن ان يطلق عليه اسم فندق في حديبو مركز المحافظة سعره (75) دولارا للغرفة المفردة للفرد الواحد ولو ذهب المرء مع أسرته فالتسعيرة بالسرير وليس بالغرفة والسرير يكلف (75) دولارا حسب تعليمات ذلك الفندق! وهذه كلفة مبالغ فيها لا يطيقها حتى أصحاب الوظائف العالية كمدراء العموم ووكلاء الوزارات الذين لا يرضون لأنفسهم “الهبر”. هذه الأسعار الباهظة للتذاكر والفنادق يجد السائح أثرها جليا أثناء حله وتجواله في ربوع الجزيرة فالفندق السالف الذكر مثلا لا يعمل ولا حتى بربع طاقته الاستيعابية فذات صباح وبينما كنت أنا وصديقين نتأهب لتناول وجبة الفطور في مطعم الفندق لاحظنا تأخر فتح المطعم عن موعده وبعد فتحه لاحظنا أنا كنا ثلاثة فقط ورابعنا الطباخ الذي كان أيضا يخدم علينا وحين سألته عن سبب التـأخير أجاب “ليس هناك إلا أنتم في الفندق “إن جمال سقطرى وطيبة أهلها يغريان كل يمني بزيارة هذا الجزء البديع من بلادنا والتعرف على أهلنا فيه والاستمتاع بطيب هوائه ومفاتن مروجه ووديانه وشطآنه لكن تظل كلفة الوصول إليه مسألة ذات أهمية تحتم على شريكتي النقل الرئيسية في البلاد: اليمنية والسعيدة التفكير مليا فيما اقترحناه كما يحتم على أرباب رؤوس الأموال إنشاء فنادق وشاليهات تستوعب السائح الأجنبي وتراعي حالة السائح اليمني متوسط الدخل.

قد يعجبك ايضا