روسيا_ أوكرانيا.. الغرب وأمريكا وسياسة حافة الهاوية
طه العامري
( 1)
تذهب الأزمة الروسية مع الغرب والأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية حول العملية العسكرية الروسية لحماية إقليم الدونباس في أوكرانيا مدى ربما لم تكن المنظومة الغربية وخلفها أمريكا يتوقعون الوصول إليه خاصة وان الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لم يستوعبوا- ربما ما حمله خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام قادة روسيا الاتحادية من المدنيين والعسكرين- والذي دشن به بدء العملية العسكرية الموجهة أساسا ضد مجموعة المتطرفين في أوكرانيا أو من يطلق عليهم بالنازيين الجدد الذين فعلا اخذوا أوكرانيا أرضا وشعبا كرهينة في أيديهم، وخلال السنوات الخمس المنصرمة استطاعت هذه الجماعة من التوغل في مفاصل السلطة والمؤسسات العسكرية والأمنية وأصبح نفوذها داخل مفاصل الدولة الأوكرانية يطغي على نفوذ المؤسسات العسكرية والأمنية والنيابية والرئاسية ناهيكم ان هذه الجماعة تدين بولاء مطلق للمنظومة الغربية – الأمريكية وخاصة لندن وواشنطن اللتان اعتبرتا هذه الجماعة بمثابة خنجرهما الذي قد تغرزانه في الخاصرة الروسية متى استدعى الأمر ذلك.
وقد حصلت هذه الجماعة على تأهيل وتدريب وتمويل وتسليح من الغرب وأمريكا طيلة السنوات التي أعقبت مواجهة إقليم الدونباس -الناطق بالروسية- والذي ارتكبت فيه هذه المجموعة النازية جرائم إبادة ذهب ضحيتها قرابة 15 الف مواطن غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ، والمؤسف أن الغرب وأمريكا لم يقابلوا كل هذه الجرائم حتى ببيان إدانة ورغم توقيع اتفاقية ( مينسك) التي نصت على منح إقليم الدونباس حكما ذاتيا فإن نظام كييف لم يخضع ولم يلتزم بهذه الاتفاقية منذ العام 2014م تلبية لرغبة أمريكا والمنظومة الأوروبية.
بيد أن نمو وتوسع روسيا على الخارطة الجيوسياسية والجيوبولوتيكية أثار قلق الغرب والمنظومة الغربية وحلف الناتو وبدا هذا من خلال مواقف روسيا وحضورها على المسرح الدولي كقوة دولية فاعلة تنشد هيكلة الخارطة الكونية وتبشر بعالم متعدد الأقطاب وبإصلاح المنظمة الدولية والمنظمات التابعة لها وتوسيع عضوية مجلس الأمن والاهم هو وقف سياسة تصدير الديمقراطية عبر طائرات حلف الناتو أو دبابات أمريكا وإيقاف التدخلات بشؤون الأنظمة والدول وإسقاطها بقوة السلاح الأطلسي والأمريكي كما حدث في يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا وكان يراد حدوثه في سورية.
هذا التوجه الروسي والمدعوم من قبل الصين وإيران وبعض دول البريكس أزعج أمريكا والغرب خاصة بعد المعادلة التي واجهتهم بها روسيا في سورية وبعض دول أسيا الوسطى خاصة أفغانستان التي انسحبت منها أمريكا والناتو بصورة مذلة وكان هدفهم من الانسحاب هو إرباك روسيا ودول معاهدة الأمن الجماعي التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي والمرتبطة بمعاهدة أمنية مع روسيا الاتحادية وتابعنا ما كان يراد بدولة كازخستان والتي تم إخمادها من قبل روسيا، أضف لهذا ما يتصل بسورية والملف النووي الإيراني، فإذا أضفنا لكل هذا العلاقة الاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية والأكثر من كل هذا هو تمدد النفوذ الروسي اقتصاديا على الخارطة الكونية لدرجة أن موسكو استطاعت ولأول مرة في تاريخها الدخول إلى المناطق التي كانت محرمة عليها أمريكيا وغربيا وهي منطقة الخليج العربي والقارة الأفريقية، فان كل هذه العوامل كانت كافية كذريعة بيد أمريكا والناتو والغرب لتحريك أدوات استهداف روسيا في أوكرانيا وبدء الحديث والمناقشات لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، دون اعتبار لقلق موسكو التي سبق وقدمت للناتو والغرب وأمريكا قائمة الضمانات الأمنية بأبعادها الاستراتيجية والتي تجاهلها الغرب وأمريكا رغم تعهداتهم المسبقة بعدم توسع حلف الناتو شرقا باتجاه العمق الاستراتيجي لروسيا جغرافيا…