في بَلد غني بالثَّروات النِّفطية والغازيّة، حتى وإن لم تُشِر الأرقام إلى ذلك نتيجة التَّعتيم وسرية الاتفاقيات التي تُعقد ما بين صُناع القرار وبَعض الشّركات النفطية، يُعاني مُعظم أبْناء الشَّعب اليمني من شِحّة وارتفاع في أسعار مادة الغاز المنزلي وكذلك المُشتقّات النّفطية اللازمة لحَركة السَيارات ومولدات الكهرباء والمصانع وغيره، وفي وقت تُمارَس فيه أكبر سَرقة في تاريخ اليمن من نَهْب لثَروة جيل وأجْيال قادمه، فلأن خفايا تلك السّرقة مُتشعّبة وبأرقام فَلَكيّة كَفيلة بسداد ديون اليَمن وحَل جميع مشاكِله الحاليّة والمُستقبلية، وإحداث نَهضة تَنموية بإمكانها أن لا تُبقي على مُغترب إلا وأعادته إلى بلاده.. التّفاصيل كَثيرة لكنّي سَأكتفي بتقديم مُلخَّص عن جُزء يَسير من فساد يَندى له الجبين لاتفاقية أُبْرمت بين شركة توتال الفرنسية والحكومة اليمنية السابقة مُمثلةً بِوزارة النفط، تُفيد بتمكين الأولى من الاستفادة من بيع الغاز المُسال مُقابل أرباح لليمن لمُدة أربع سنوات لم تتجاوز 800 مليون دولار في الفترة من عام 2009م وحتى 2013م نهبت خلالها شركة توتال وشركاؤها مليارات الدولارات على مرأى ومسْمع من بعض المسؤولين –آنذاك- الذين لم يُحركّوا ساكناً بِسبب إسكاتهم ببعْض العُمولات، وبِسبب مُغالطات في البيع عن طريق استغفالهم بالاستعانة بمُعادلة رياضيّة جَعلت سعر المليون وحدة حرارية لا يتجاوز 4 دولاراً رغم ارتفاع أسعار الغاز العالمية إلى 57 دولاراً للمليون وحده حرارية !!
القطاع النفطي رقم 18 الذي مُنح لشركة هنت الأمريكية بامتياز ثم آل بجميع مُنشآته ومُمتلكاته إلى الحكومة اليمنية سابقا بتاريخ 14 نوفمبر 2005م بعد انتهاء فترة تعاقدها، يتم استغلاله اليوم بطُرُق مُلتوية غير قانونية، وبتواطؤ من قبل بَعض المسؤولين في وزارة النفط بحكومة الفنادق، حيث تم تسليمه إلى شركة وهميّة تُسمى شركة مارب لخَدمات المنبع، هذه الشّركة لا تَحمل أي صفة قانونية، واتضح فيما بعد أنها الواجِهة الرَّسمية لشركات توتال وهنت واكسون موبيل التي تُمعن في امتصاص ما تبقّى من ثَروة غازية ونفطية من أملاك الشعب اليمني، وبِتواطؤ من بعض المسؤولين من خلال اتفاقيات تفوح منها روائح الفَساد ولا تتمتع بأي صِفة قانونيّة، ولمْ يتم حتى الالتزام بما جاء فيها من بُنود !! وهي شركات تَستفيد من هذا القطاع من خَلف السّتار بعد رَفْض التَّجديد لشركة هنت الامريكية لخمس سنوات أخرى، اليوم شركة توتال الفرنسية سيِّئة السُّمعة تَستأنف عملية الإنتاج والتصدير في مُنشأة بلحاف بعد سلسلة من اللقاءات مع بعض المسؤولين في وزارة النفط في حكومة الفنادق للاستيلاء على مَخزون يصل إلى 3 تريليونات قدم مكعب من الغاز تم تَخصيصه في الاتفاقية لتَشغيل ثلاث محطات كهربائية بطاقة إنتاجية عالية تزود اليمن بالطاقة الكهربائية لمدة 40 عاماً!! وكذلك محاولَتهم رَفْع الطاقة الاستيعابية في مُنشأة بلحاف لتخزين 9 ملايين طن سنوياً وتصديرها، رغم أن ما هو مُقَر في الاتفاقية فقط 5.3 مليون طن، وكذلك محاولة نهب الغاز البترولي (الغاز المنزلي) الذي يُعاني المواطن الأمرَّين للحصول عليه بأغلى الأثمان من السوق السوداء، أو الانتظار فترات تصل إلى أشهُر عن طريق عقّال الحارات!!
هذه دَعوة لجميع اليمنيين في شمال البلاد وجنوبها وشرقها وغربها، في الداخل والخارج، حُكاماً ومحكومين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم لإسقاط هذه السرقة التاريخيّة التي تُنْهب من خلالها خيرة ثروات الشعب اليمني وفي ظروف صَعبة وقاسية يكاد المواطن لا يجد فيها ما يُبْقيه على قيْد الحياة، دعوة بمُختلف الوسائل المُتاحة لإلغاء هذا الاتفاقيّة الظالمة التي لا تَتَمتع بأي صفة قانونية، مع التأكيد على أن الوثائق والتقارير الرسمية الصادرة عن الجِهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتقارير الخبراء الفنيين وشركة صافر التي كشفت ذلك الفساد متوفّرة وبالأرقام، وسَيتم نشْرها في مقالات لاحقة بإذن الله تعالى.
* رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي