بعد إعصار اليمن 2.. الجهوزية على أتمها للتالية على قاعدة “إما سلام للجميع أو لا سلام”

 

“العملية كرَّست بأن السفر إلى الإمارات مخاطرة والاستثمار غير آمن
استنفار إماراتي بإجراءات مرتجلة وملاحقات للمصورين وإيقاف لفعاليات إكسبو

تتواصل ردود الأفعال السياسية والعسكرية والاقتصادية، إزاء عملية “إعصار اليمن الثانية”، التي نفذتها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر، من خلال عملية عسكرية واسعة داخل العمقين السعودي والإماراتي، مستهدفة قاعدة الظفرة الجوية وأهدافاً حساسة أخرى في أبوظبي، بعدد من الصواريخ البالستية نوع «ذو الفقار»، كما استُهدفت «مواقع حساسة وهامة» في إمارة دبي، بعدد من الطائرات المسيّرة من نوع «صماد 3».

تقرير / محمد شرف

عملية “إعصار اليمن الثانية”، استهدفت أيضاً عدداً من القواعد العسكرية في العمق السعودي، على رأسها قاعدة شرورة ومناطق سعودية أخرى بالطائرات المسيّرة من نوع «صماد1» و«قاصف 2k»، كما تعرضت «مواقع حيوية في جيزان وعسير للاستهداف بعدد كبير من الصواريخ البالستية».
وهي ثاني عملية هجومية واسعة في غضون أسبوع، حيث سبقتها عملية “إعصار اليمن الأولى “، التي استهدفت منطقة المصفاة الصناعية في أبوظبي، أبرز منطقة صناعية في الإمارات، ويقع أقدم موانئ الإمارات في نفس المدينة، حيث توجد شركات ومصانع كبرى للتشييد والصناعات الثقيلة، ومصانع وشركات للصناعات الخفيفة وشبه الثقيلة، وشركات تكنولوجيا وهندسة صناعية دولية كبرى (عادةً ما تكون أمريكية وأوروبية)، وشركات وصناعات (التكنولوجيا الفائقة)” .
وفقاً لمراقيبين؛ فإن العمليتين الهجوميتين، تمثلان صدمة كبيرة للنظامين الإماراتي والسعودي، من خلال قدرتهما على تغيير قواعد الاشتباك، ونقل المعركة اليمنية إلى قلب أبوظبي ودبي ومدن سعودية أخرى، حيث تتجه التحليلات للشأن اليمني إلى أن ذلك التطور سيشكل بعدا آخر لتفاصيل المشهد للفترة المقبلة، عنوانه الأبرز إغراق دويلة الإمارات في الوحل اليمني، وتحولها إلى دويلة غير آمنة، بعد أن كانت تمثل واحة للأمن والاستقرار والاستثمار .
على الرغم من التحذيرات المتكرّرة التي أطلقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية والعسكرية لدويلة الإمارات بعدم التمادي ،إلَّا أنها لم تستوعب الدرس، ولهذا سرعان ما ترجمت هذه التهديدات على أرض الواقع، وذلك بتلقي العمق الإماراتي عمليتين نوعيتين خلال أسبوع .
فقد شكلت العملية العسكرية الأولى التي استهدفت العاصمة الإماراتية أبوظبي، بعدد من الصواريخ الباليستية وعدد كبير من الطائرات المسيَّرة المفخخة، تطوراً لافتا، كونها استهدفت مناطق استراتيجية حساسة، فشركة «أدنوك» هي المسؤولة عن جميع أنشطة الحكومة الإماراتية بقطاعات النفط والطاقة، كما يعد مطار أبوظبي الشريان الأهم للعاصمة الإماراتية وإحدى أهم المنشآت الحساسة في البلاد.
لتأتي عملية “إعصار اليمن الثانية”، متوسعة في بنك أهدافها ومساحة هجومها الجغرافية في دول العدوان وفي وقت واحد، حاولت صنعاء من خلالها إرسال رسالة قوية لدويلة الإمارات وأمريكا والعدو الإسرائيلي .
فقد استهدفت العملية الهجومية قاعدة الظفرة الجوية (أمريكية)، وأهدافاً حساسة أخرى في أبوظبي، بعدد من الصواريخ البالستية نوع «ذو الفقار»، كما استُهدفت «مواقع حساسة وهامة» في إمارة دبي، بعدد من الطائرات المسيّرة من نوع «صماد 3»، كما استهدفت عدداً من القواعد العسكرية في العمق السعودي، على رأسها قاعدة شرورة العسكرية ومناطق سعودية أخرى، بالطائرات المسيّرة نوع «صماد1» و«قاصف 2k»، كما تعرضت «مواقع حيوية في جيزان وعسير بعدد كبير من الصواريخ البالستية».
العملية اليمنية، حملت رسالة أيضا إلى الكيان الإسرائيلي، مفادها إنه قد يكون الوجهة القادمة للصواريخ الباليستية والمسيَّرات اليمنية، فالمسافة التي تبعده عن صنعاء (1600 كم )، هي نفس المسافة صنعاء عن أبوظبي .
لماذا قاعدة الظفرة الإماراتية؟
يُجمع المراقبون على أن قاعدة الظفرة تمثل جبهة أمريكية عسكرية واستخباراتية متقدمة على ضفة الخليج، وتعتبر المقر الرئيسي للقوات الأمريكية، ومهمّتها الأساسية حماية المصالح الأمريكية في المنطقة، وتكتسب أهميتها وفقا للنقاط التالية :
– تُشكّل قاعدة الظفرة، المقرّ الرئيسي للقوات الأمريكية في المنطقة، وتُعتبر اليوم واحدة من أكثر قواعد طائرات التجسُّس الأمريكية نشاطًا حول العالم بعد أن كان دورها مقتصرًا على إعادة تزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود .
– القاعدة التي تبعد 22 كم جنوب أبوظبي، تحتضن اليوم الفرقة الجوية الأمريكية 380، وسرب الاستطلاع الـ 99 المسؤول عن توفير المعلومات الاستخبارية الحرجة لأعلى مستويات القيادة الأمريكية، وما يقدر بـ 3500 -3800 جندي أمريكي.
– كما تضمَّ القاعدة أكثر من 60 طائرة، بينها طائرات استطلاع من طراز “لوكهيد يو-2” وطائرات “أواكس” وطائرات إعادة تزود بالوقود مختلفة الطراز، وسرب من مقاتلات الـ “إف-15” وطائرات من طراز “إف-22”، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية التي تضمّ هذا النوع المتطور من الطائرات الحربية.
من هنا جاءت هذه الرسالة التحذيرية باتجاه قاعدة الظفرة من بين جملة رسائل يمنية، تؤكد أنه لا يمكن أن يظلّ الأمريكي والسعودي والإماراتي بأمان وهم يهددون اليمن، والقواعد الأمريكية ليست آمنة، كما أن المصالح الأمريكية لن تكون بمأمن، باعتبار أمريكا هي صاحبة قرار الحرب والسلم.
قاعدة شرورة العسكرية في مرمى النيران اليمنية
كانت قاعدة شرورة العسكرية، في مرمى نيران عملية “إعصار اليمن الثانية”، إضافة إلى أهداف حساسة أخرى بمنطقة شرورة، التي تكتسب أهمية كبيرة .
شرورة هي إحدى محافظات نجران جنوب السعودية، ولها أهمية عسكرية بالنسبة لتحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، فبين منطقة شرورة وخراخير توجد قاعدة عسكرية أمريكية للطائرات من دون طيار، ومركز دعم وإسناد وخدمات لوجستية لقوى العدوان.
وتتركّز في شرورة الصحراوية كذلك مجموعة من الإدارات والمؤسسات الحكومية السعودية بينها مكاتب قضائية ووحدة السجن العام ومركز سلاح الحدود ومكاتب لمديرية المياه ووزارة المالية ووزارة الزراعة وفرع بنك التسليف السعودي وإدارات أخرى.
صنعاء تفرض قواعد اشتباك جديدة
تصر صنعاء على تكريس قواعد اشتباك جديدة في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي، حيث تؤكد عمليتا إعصار اليمن الأولى والثانية، على تنامي قوة الردع اليمنية والوصول إلى عمق دول العدوان واختراق مختلف دفاعاتها وقصف أهدافها الحساسة.
ووفقا لنائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن علي الموشكي؛ فإن هناك وفرة في الأسلحة النوعية والدقيقة والكوادر والمعلومات المهمة، وطائرات مسيَّرة تصل إلى أي هدف في دول العدوان .
لقد جاءت أعاصير اليمن لتؤسس لمرحلة توازن ردع جديدة، تنطوي عليها العديد من التداعيات الاستراتيجية، يُمكن إجمالها في النقاط التالية:
– قدرة صنعاء على اتخاذ القرار ومصداقية تنفيذ ما وعدت به من استهداف للعمق الإماراتي بالتزامن أيضًا مع استهداف للعمق السعودي ، ومن التزام فعلي في المواجهة وفي الرد النوعي .
– أصبحت الإمارات دويلة غير آمنة، وسط توقعات بتصاعد مستوى الاستهداف للأمارات، استنادًا لتجارب سابقة مؤكدة من أغلب الأهداف الاستراتيجية التي نفذتها القوى الصاروخية أو المسيّرات اليمنية، والتي وصل عدد عمليات توازن الردع إلى تسع عمليات في العمق السعودي .
وهو الأمر الذي – وفقا للعميد المتقاعد في الجيش اللبناني شارل أبي نادر- يجعل أغلب المتابعين يستنتجون أن كل عملية إعصار مستقبلية داخل العمق الإماراتي، ستكون أكثر ايلامًا من سابقاتها، لناحية نوعية الأهداف أو لناحية العدد وقدرة التأثير التفجيرية، للصواريخ وللمسيَّرات التي سوف يتم إطلاقها.
ـ تكريس اليمن كقاعدة متقدمة في مواجهة محور التطبيع الخليجي ـ الإماراتي.
ـ التأسيس لمعادلة ردع أوسع نطاقًا، من خلال تحول اليمن إلى لاعب إقليمي فاعل في شبه الجزيرة العربية.
ـ الكشف عن قدرات نوعية دقيقة قادرة على إصابة أهدافها بدقة هائلة على مسافة تقارب المسافة الفاصلة عن استهداف جنوب الكيان الإسرائيلي في ايلات .
– التأكيد على أن عملية “إعصار اليمن الثالثة”، على جهوزية تامة للعصف بأهداف أوسع في عمق دول العدوان، وهو ما تؤكده قوات الجيش واللجان الشعبية، على مقابلة التصعيد بالتصعيد، فيما يلمح العميد سريع الى أن اكسبو يعد ضمن بنك أهداف القوة الصاروخية والطيران المسيَّر .
نقطة ضعف كبيرة.. القشة التي قصمت ظهر البعير
على الرغم من امتلاك الإمارات ترسانة من الأسلحة الحديثة والمتطورة، حيث تواصل مراكمة السلاح مثلما بدا من خلال صفقتها لشراء طائرات رافال الفرنسية وقبلها مساعيها لشراء طائرات إف 35 الأمريكية، وأخيراً شراء صواريخ مضادة للطائرات والصورايخ من كوريا الجنوبية، إلا أن ذلك لم يحمها من الصواريخ والمسيَّرات اليمنية التي اخترقت جميع دفاعاتها الجوية، خاصة وأن لديها نقطة ضعف كبيرة، فهي – وفقا للتقارير – من أكثر بلدان المنطقة انفتاحاً خاصة في مجالات الاستثمار والسياحة والعقارات والتجارة والصناعة ذات البعد الدولي.
وتقدم الإمارات نفسها كملاذ آمن للاستثمارات ومقر للشركات الدولية بالمنطقة، كل ذلك، في حال أي هجوم عليها، يصبح ذا تأثير معنوي مضاعف، فلا يمكن أن السيَّاح أو المستثمرين الأجانب سيأتون إلى دبي وهي معرَّضة لهجمات صاروخية حتى لو كانت خسائرها البشرية محدودة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مديرة “منتدى الخليج الدولي” للأبحاث دانيا ظافر قولها: “يبدو أن أنصار الله يعرفون أن سمعة الإمارات في صميم أهدافها الاستراتيجية”، مضيفة إنهم “يأملون في تحقيق ضربة موجعة مع تكلفة متدنية لهم”.
وإزاء ذلك، اعتبر مركز «ستراتفور» الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية، أن الهجمات على الإمارات قد تؤدي إلى سلسلة من الضربات التي ستقوّض سمعة البلاد كمركز تجاري آمن، لافتاً إلى أن الإماراتيين يخشون من إثارة مواجهة عسكرية قد تخيف السيَّاح والشركات والمستثمرين، وهي ركائز أساسية لاستراتيجية الدولة للتنمية الاقتصادية.
لماذا تقلق “إسرائيل” على أمن الإمارات؟
يُمثل الدعم الإسرائيلي الرسمي للنظام الإماراتي، ترجمة طبيعية ومتوقعة في ضوء التحالف القائم بين الطرفين، وهو بحسب موقع العهد :
ـ يؤكد على أن المعركة التي يخوضها الشعب اليمني تتمدد في أبعادها ونتائجها الى الصراع مع كيان العدو.
ـ يحث ويدفع النظام الإماراتي لمزيد من التورط في المعركة ضد اليمن بالوكالة عن “إسرائيل”.
ـ يبرهن على دور الإمارات وموقعها كراعية وكعمق استراتيجي لمنظومة التطبيع الخليجي في مواجهة المخاطر التي يشكلها اليمن.
هجمات يمنية وتعتيم إماراتي
لقد حرص النظام الإماراتي على التعتيم لأي آثار عملية يمنية في العمق الإماراتي، كما حصل مع عملية “إعصار اليمن الثانية”، حيث استدعت النيابة العامة الإماراتية أشخاصا تداولوا مقاطع مصوَّرة ، تزعم تصدِّي دفاعات جوية لصواريخ يمنية، محذّرة من “إجراءات قانونية” بحق من يتداول تسجيلات مماثلة.
وزعمت بأن “مثل هذه المقاطع تعرّض منشآت حيوية وعسكرية للخطر ومن شأنها أن تمس أمن واستقرار المجتمع”، وأنّ تداولها “ممنوع قانونا” كونها “تعرَّض منشآت حيوية وعسكرية للخطر ومن شأنها أن تمس أمن واستقرار المجتمع”.
وأكدت، أنه “سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال من ينشرون هذه المواد”، محذّرة من “آثار ومخاطر ما اسمته بالشائعات وما تلحقه بالدولة من نتائج سلبية قد تصل إلى حد تهديد السلم المجتمعي وما يصاحبها من خلق حالة من الذعر والخوف بين الأفراد ”.
يأتي ذلك في وقت تمنع السلطات في دبي وسائل الإعلام من تناول عمليات الاستهداف التي تعرَّض لها مطار دبي وبعض المواقع الحساسة فيها مؤخرا .

قد يعجبك ايضا