يجب علينا أن نستذكر تضحيات الشهداء العظيمة التي يقف التاريخ أمامها بكل إجلال
“رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..”
الاهتمام بأسر الشهداء مسؤولية كل أطياف المجتمع
الشهيد هو الذي قدَّم روحه ليحيا الكون من حوله، قدّم نفسه رخيصة، وترك الدنيا خلفه لنعيش وننعم في أمن وأمان بعيدا ً عن كل مشاريع الوصاية والعبودية.
لذلك خلَّد التاريخ مناقبهم، وأحيا الله أرواحهم، فهم يعيشون عند ربهم أحياء يرزقون.. فيجب تلمس احتياجات عوائلهم والاهتمام بأسرهم وذويهم وتلبية كل احتياجاتهم تقديراً للتضحيات العظيمة التي توجها الله عز وجلّ بالنصر والصمود الذي يستقي منه الأبطال انتصاراتهم في مختلف الجبهات. فالسير على نهجهم عهد على كل يمني حر .
علماء تحدثوا لـ”الثورة” في الذكرى السنوية للشهيد عن واجب المجتمع تجاه الشهداء العظماء وذويهم.. إليكم الحصيلة:
الثورة / أمين العبيدي
في البداية تحدث إلينا الدكتور محمد الماوري- أستاذ التاريخ بجامعة صنعاء قائلاً: الشهداء هم الذين زرعوا الحياة التي فيها أجمل معاني العزة والشموخ والحرية الكاملة الشعوب والأمم التي تتسم بالخيارات المستقلة وحرية السيادة.
وأشار إلى أن سنة الله تعالى أن يصطفي من عباده من يشاء فيرفع درجاتهم ويعلي من شأنهم ويمددهم بعطاء، لا ينفذ وجنة كتب لهم فيها الخلد الأبدي ونحن في هذه الأيام المباركة نعيش الذكرى السنوية للشهيد، والشعب اليمني يعيش الانتصارات الأُسطورية التي يسطرها المجاهدون في مختلف جبهات العزة والكرامة إنه فضل وبركات ومكانة شهدائنا الأبرار عند الله سبحانه وتعالى التي بفضلها نعيش في أمن وأمان.. وعن مكانة الشهيد عند الله يقول: لقد رفع الله من منزلة الشهداء وأعلى مكانتهم فهم الذين يؤتيهم الله أجراً عظيماً و عن ذلك، يقول -تعالى-: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).هو الاصطفاء الذي يختص به الله سبحانه وتعالى على من يشاء من عباده، فشهداؤنا هم عزتنا وروح كرامتنا الشامخة، فيجب علينا تجاه الشهداء أن نستذكر تضحياتهم العظيمة، التي يقف التاريخ أمامها بكل إجلال في سبيل عزة الشعب اليمني واستقلاله، والوقوف بحسم للتخلص من الهيمنة الخارجية، ضحوا بأنفسهم وجادوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل ذلك، هي مآثرهم العظيمات التي يستفيد منها الجميع في تعزيز ثقافة الجهاد والاستشهاد..
وعن واجب الجميع تجاه الشهيد يقول: واجبنا تجاههم مواصلة مسيرة جهادهم الخالدة والسير على دربهم المجيد والمشاركة الفاعلة في مواكب تشييعهم الطاهرة.
هم من باعوا أنفسهم من الله واثقين بما عنده مُستبشرين ببيعهم الذي بايعوا الله به لأنهم يعلمون أنه سبحانه لا يخلف وعده، وهم من يبذلون أقصى ما يستطيعون دون أن يلتفتوا للمقصرين والمتخاذلين من حولهم..
وعن الاهتمام بأسر الشهداء، أردف الدكتور الماوري قائلاً: أسر الشهداء مسؤولية الجميع، فكل أطياف المجتمع من مؤسسات ومنظمات حقوقية ومجتمعية مسؤولون عن كل ما يخص الشهيد فيجب الاهتمام بجميع أفراد أسر الشهداء الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصمود، فهم من يحفرون أسماءهم وصورهم في ذاكرة الخلود ولأجلهم تقام المتاحف ولذكراهم يترنم الكون ويزدان الوجود، ولذلك فإن المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء تتمثل في التوعية بثقافة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الوطن..
أما التربوي وأستاذ القرآن الكريم وعلومه في مدارس الألفية عبد الاله الشيبري فيقول: الشهيد ليس كغيره فله حال تخصه عن غيره من الناس وفضله معروف وما أعده الله للشهداء من منزلة في الدنيا والآخرة تتحدث عنها آيات القرآن الكريم، وتخبرنا عنها أحاديث نبوية شريفة فمرتبتهم في الجنة في عليين مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، والناس يموتون ويقبرون وهم في موتهم حتى تقوم الساعة أحياء يرزقون، خصهم الله بالخصائص التي يتمتّع بها الأحياء فيُرزقون ويفرحون بما عند الله، ويستبشرون بمصير من بعدهم من المؤمنين، قال -تعالى-: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا )، وأضاف بقولة: إن ثقافة الجهاد والاستشهاد أمرنا الله بها وما أصبحت أمتنا غثاء كغثاء السيل ليس لها قيمة وثروتها أصبحت لغير شعوبها، وأمرها ليس بيد أمراها ألا من يوم تركوا ذروة سنام الإسلام، الذي أنزله الله في كتابه الحكيم، حيث قال تعالى { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وأضاف: أصبح كثير من الناس يأخذون الميسور من العبادات، ولا يشعرون بأن أعظم عبادة هي الجهاد في سبيل الله وتجدهم يمنون بما يتوافق مع هواهم فقط، فنخشى عليهم أن نكون مثل بني إسرائيل، الذي قال الله عنهم {{ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}} .
وعن مغفرة الذنوب وتكفير السيئات وحب الله للشهيد يقول الشيبري: وعد الله الذين استشهدوا في سبيل الله بمغفرة الذنوب والنجاة من النار قال -تعالى-: (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ولأدخلناهم جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) وختم حديثه بقوله: الشهيد لا يصنع الحياة والأمن والأمان وسلامة الوطن لنفسه بل يضحي بأغلى ما يملك ويجود بنفسه التي بين جنبيه ليحيا الآخرون، فهم الذين أفشلوا كل محاولات الأعداء وأوقفوا كل الفتن التي كان يريدها الأعداء.
كذلك تحدث الأستاذ / حمود صالح العوبلي أستاذ اللغة العربية في ثانوية عمر ابن عبد العزيز فقال: منزلة الشهيد عظيمة في قلوب من حوله أولاً ثم عند الله تعالى، فهم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الشهادة في سبيل الله من أعظم المكارم الجليلة فمنزلتهم عالية وبركة الشهيد لا تقتصر عليه بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، فالشهداء قدموا أرواحهم فداء لنصرة كلمة الله واستقرار هذا الوطن، ولكي يعيش أبناؤهم وأهلهم وجميع أبناء الشعب اليمني حياة العزة والكرامة والسيادة، وفي سبيل استقلال الوطن من الوصاية الخارجية وما نشهد اليوم من انتصارات تاريخية وما نلاحظه من استقرار وأمان والحياة والعيش بعزة وشموخ لم نلقِ له مثيلاً على مدى عقود سابقة، وذلك بفضل شهدائنا الذين قدموا حياتهم رخيصة في سبيل عزة ورفعة هذا الوطن الغالي.