السيد القائد :بالإفراط في تعاطي القات قد يتحول العمل والمسؤولية إلى هامش في الحياة، ويتغير برنامج الحياة بالشكل الذي يلائم شهوة من شهوات النفس، ورغبة من رغباتها
من المشاكل البارزة في بلدنا بالتحديد اليمن مشكلة القات، والإفراط في تعاطيه، ويدخل ضمن المضار ، الإفراط في تناول القات، لا شك أنه يسبب الكثير من المضار على المستوى النفسي، وعلى المستوى الصحي، وللأسف الشديد من يتاح لهم ويتوفر لهم الكثير من القات، ربما البعض من الفقراء يقتصد إجبارياً، لا يمتلك من النقود ما يخوله أن يحصل على الكثير من القات؛ وبالتالي هو يقتصد إجبارياً ويتناول القليل، لكن من يتاح لهم: إمَّا لأنهم من المزارعين الذين يمتلكون مزارع القات، أو من ميسوري الحال، ويعتادون الإفراط في تناول القات، يمضغ ويتناول كمية كبيرة، ويجلس لأوقات طويلة، وكثيرٌ من القات يكون أيضاً مما يستخدم له مكافحات ومبيدات فيها السموم الفتاكة والضارة بالإنسان، يؤثِّر هذا على صحة الإنسان، يأتي التأثير على المستوى النفسي والعصبي، ويأتي التأثير على المستوى الصحي في الجسم، بسبب الإفراط تحصل الكثير من الأمراض المعروفة والمشهورة لدى الناس، وتأثيرات على المستوى الصحي في جوانب كثيرة: الجهاز الهضمي يتأثر عند الإنسان، الحالة العصبية تتأثر عند الإنسان… أشياء كثيرة تتأثر عند الإنسان، ولكن هناك ضرراً آخر يعود أيضاً إلى حالة التفكير والحالة الذهنية والنفسية لدى الإنسان، المشكلة أنَّ الكثير من ميسوري الحال ممن عادةً إما لهم مواقع في المسؤولية معينة، مواقع مهمة في المسؤولية، وإما لهم أدوار مهمة في الحياة، أدوار اجتماعية، أو أدوار سياسية، أو هم في موقع المسؤولية في الدولة، أو لديهم مسؤوليات عملية مهمة، حتى على المستوى العسكري، أو المستوى الأمني، أو المستوى الاجتماعي، وهؤلاء عندما يفرطون في تناول القات، ويتأثرون نفسياً وعلى المستوى الذهني وعلى المستوى العصبي، يأتي هذا التأثير السلبي إلى واقعهم العملي، حالة الضيق عادةً ما تكون سائدة عليهم، التوتر، الانفعال الشديد، عدم التحمل للأمور، عدم التحمل للمسؤولية، قراراتهم قد تتأثر بذلك، تصرفاتهم وتعاملاتهم قد تتأثر بتلك الحالة النفسية التي يعيشونها، ويأتي مع ذلك مشكلة إضافية، وطبعاً في شهر رمضان الجميع أو الأكثر يسهرون، ويحيون ليالي شهر رمضان، هذه إيجابية، فيما بعد شهر رمضان، مشكلة الذين يفرطون في تناول القات أنهم يعانون من السهر، إما يسهر ويجلس بشكل تلقائي ومقصود، ويجلس يتناول القات إلى آخر الليل، وإما أنه يتناول إلى وقت متأخر القات، ثم لا يستطيع النوم فيما بقي من ليله، يسهر، وعندما يكون الإنسان في موقع المسؤولية أمام الناس، إما مسؤول في الدولة، أو هو مسؤول في عمل مهم: عمل عسكري، عمل أمني، عمل اجتماعي، يؤثر هذا عليه سلباً، النهار إمَّا أنه نائم في وقت العمل، الوقت الذي يفترض به أن يكون مستيقظاً، وأن يتحرك في عمله؛ لأن الله جعل الليل سكناً، وجعل النهار مبصراً للعمل، لطلب المعيشة، للحركة في هذه الحياة، فيكون هو في وقت العمل نائماً، وفي وقت السكون والنوم والراحة مستيقظاً، فتصبح فاعليته ودوره العملي محدودين، يضيّع الكثير من الوقت المهم، من وقت العمل، والليل أكثر وقته يمضيه في “تطانين” في وساوس، في هواجس، وإذا فكَّر عملياً يفكر بطريقة غير منطقية وغير واقعية؛ لأنه لم يعد إنساناً واقعياً إلى حدٍ كبير، فقد واقعيته؛ لابتعاده عن الواقع العملي، كلما ابتعد الإنسان عن الواقع العملي، يصبح إنساناً غير واقعيٍ في تفكيره، وفي فهمه، وفي نظرته.
إذا كان مسؤولاً في الدولة لا يداوم، يخل بالدوام، يخل بمتابعة معاملات الناس وأمور الناس في النهار في وقت العمل، في وقت حركة الناس في حياتهم، يقصر في مسؤوليته، يتحمل الوزر في ذلك، يأثم، يكون أداؤه العملي مختلاً وناقصاً، منقصةٌ فيه، في التزامه، في إحساسه بالمسؤولية، في إيثاره لرغباته وشهوات نفسه على حساب مسؤولياته وأعماله المهمة في الحياة، إذا كان مسؤولاً في عملٍ آخر على المستوى الاجتماعي، على المستوى الأمني، على المستوى العسكري يخل، يأتي نقص كبير في أعماله، خلل كبير في أعماله، تأثير سلبي في أعماله، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا، في نهاية المطاف تطال الإنسان في إيمانه وفي تقواه، يقصر تقصيراً مخلاً بالتقوى، لا يتقي الله سبحانه وتعالى في مسؤولياته كما ينبغي.
قد لا يكون في موقع من مواقع المسؤولية، ولكن على مستوى واقعه مع أسرته، فهو إما يجلس طول النهار إلى الظهر نائماً، لا ينفع أسرته بشيء، ولا يفيدهم بشيء، تسوء أخلاقه معهم، البعض عندما يوقظونه حتى للصلاة يغضب، ولا يستطيع أن يستيقظ لصلاة الفجر؛ لأنه لم ينم إلا ما قبل الفجر، أو في وقتٍ متأخرٍ من الليل، ويبقى نائماً إلى وقتٍ متأخر، يتحول إلى إنسان ليس له جدوى، ليس له قيمة في هذه الحياة، ليس له دور في هذه الحياة، لا ينفع أسرته، لا ينفع مجتمعه، وإذا قام بدور فهو دور محدود، وأعمال بسيطة، تتحول أعمال هذا الصنف من الناس إلى أعمال محدودة، جزءٌ منها أثناء وقت تخزينة القات في آخر النهار، وجزءٌ منها في الليل، ومثل هذه الأعمال تؤدى بشكل هامشي، يتحول العمل والمسؤولية إلى هامش في الحياة، ويتغير برنامج الحياة بالشكل الذي يلائم شهوة من شهوات النفس، ورغبة من رغباتها، وهذه حالة سلبية جدًّا، الإنسان إذا تحول على هذا النحو، وإذا أصبح بهذا الشكل يفقد توازنه في هذه الحياة، يفقد وضعه الطبيعي في مسيرة حياته في أعماله، في اهتماماته، في علاقته مع أسرته، بعض الآباء في المنزل تتغير طباعهم، مثلاً يتواجد في الأوقات التي هو إما مخزن، أو بعد تأثير القات، [ضابح] على حسب التعبير المحلي، ضاجر، منفعل، مستاء، منهمك في التفكير والوساوس، منشغل نفسياً وذهنياً بهمومه التي تكبر أكثر فأكثر بعد القات، ثم يؤثِّر هذا عليه سلباً في تعامله مع أطفاله، مع أسرته، لا يتحملهم، لا يتحمل الحديث معهم، وهكذا يكون متغيَّراً في سلوكياته وفي معاملاته.
أنا أدعو كل الذين يفرطون في تناول القات إلى أن يتقوا الله، أن يتركوا الإفراط، أن يقتصدوا، سواءً على مستوى الوقت، أو على مستوى الاستهلاك، وأناشد كل الذين هم في مواقع المسؤولية أن يتقوا الله أكثر؛ لأن المسؤولية عليهم أكثر، المسؤولين في الدولة، الذين هم معنيون عسكرياً، معنيون أمنياً، معنيون اجتماعياً، وأنصح كل الناس الذين يتناولون القات إلى أن يقتصدوا، أمَّا الذين لا يخزنون أصلاً لا يتناولون القات فهم في نعمة أصلاً، فليحذروا الذين لا يتناولون القات فليحذروا حتى لا يتناولونه ولا يعتادونه، وليحذروا من تناوله؛ لأنهم في نعمة كبيرة جدًّا، لا يزالون أناساً طبيعيين جدًّا في حياتهم، في نفسياتهم، في سلوكياتهم، في نمط حياتهم، ينام الليل، يتحرك في النهار، في وضعية طبيعية في أكله، في شربه، في سلوكه، فهذه مسألة ننبه عليها؛ لأن لها علاقة أيضاً بالإسراف، لها علاقة بتناول المضرات، والإفراط فيما هو مضر، وهذا ما لا يجوز شرعاً، أنا أقول للذين يتضررون وأصبح واضحاً تضررهم في صحتهم وأنفسهم، وفي الإخلال بمسؤولياتهم: لا يجوز لكم الإفراط، يجب عليكم أن تقتصدوا، يجب شرعاً عليكم أن تقتصدوا، يمثل الإخلال في هذا الجانب إخلالاً بالمسؤولية، ومضرة بصحة الإنسان وبنفسيته، ولغير ضرورة، ليس من الضروري أن يجلس الإنسان يتناول كميات هائلة من القات ولأوقات طويلة جدًّا، هذا مضر.
• من محاضرات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1441هـ