للقيادة أهمية بالغة في تسيير وإدارة شؤون الدول والأنظمة والشعوب وعليها بعد الله تعوّل الشعوب في بناء أوطانهم وتطويرها وتقدمها وتحقيق التنمية الشاملة فيها، ولو تتبعنا قصص نجاح العديد من الدول وخروجها من حالة البؤس والشقاء والمعاناة والحرمان إلى حالة الطفرة الاقتصادية والحضارية والتنموية لوجدنا أن وراء هذا التطور قيادة حكيمة مخلصة عملت بكل جد وتفان من أجل الوصول ببلدانهم وشعوبهم إلى المستوى الذي يفاخرون به على مستوى العالم وما ماليزيا وباني نهضتها مهاتير محمد عنا ببعيد كخير شاهد على ذلك.
ومن الطبيعي جدا أن تتوفر في القيادة الرغبة الصادقة في صنع التغيير المنشود وأن تتحلى بروح الإصرار والعزيمة على تحقيق ما تصبو إليه وما تسعى نحو تحقيقه، وإذا ما توفرت تلكم المعطيات فإنه سيتاح وتتهيأ لها الظروف والإمكانيات اللازمة التي تمكنها من البناء والنهوض والتطوير والتحديث في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وهذا لن يتأتى إلا في ظل إسناد المجتمع لها ووقوفه إلى جانبها وتسليمه بالقرارات والخطوات التي تتخذها والتي قد تكون لها في بعض الأحيان تأثيرات سلبية عليه، ولكنه في نهاية المطاف يدرك أثرها ويلمس ثمرتها فيما بعد ويعي حينها حكمة وحنكة القيادة وبعد نظرها ورؤيتها الثاقبة للأمور وتقييمها السليم للأوضاع.
ولعل الكثير من مشاكلنا اليوم تعد نتاجا لعدم التسليم المطلق للقيادة الرشيدة الحكيمة التي تعمل من أجل الوطن والشعب ولا تتوانى في تقديم الرؤى والأفكار التي تنهض بالبلاد والعباد في مختلف المجالات، القيادة التي يتوفر فيها الإيمان (يا ايها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم) هناك قيادات ظهر للقاصي والداني بعدها عن الله وخيانتها لله ورسوله وللمؤمنين كما هو حال الزهايمري سلمان ونجله المهفوف ومتصهين الإمارات ونعجة البحرين ومن على شاكلتهم من المتصهينين ولا طاعة لهؤلاء الأوغاد مطلقا، فقد تجلت للجميع بشواهدها الملموسة الغير قابلة للتأويل والاحتمال .
على مستوى الوزارات والهيئات والسلطات المحلية في المحافظات هناك قيادات عليا مسؤولة عن قيادة الوزارات والهيئات والمحافظات وفق الصلاحيات المنوطة بها بموجب الأنظمة والقوانين واللوائح، وهذه القيادات مطالبة بتطبيق سيادة القانون وعدم تجاوزه وخصوصا فيما يخص قرارات التعيين والعزل وغير ذلك، فالوزير هو صاحب السلطة والقرار في وزارته والهيئات والمكاتب التابعة له وصلاحياته محددة وهو وحده من يتحمل المسؤولية تجاهها، والمحافظ كذلك هو المسؤول الأول في المحافظة وصلاحياته محددة وهو من يرشح مدراء المكاتب التنفيذية ويرفع للوزارات المختصة لغرض المصادقة عليها ولا سلطة عليه تحول دون تمكين من تم ترشيحه لشغل المنصب وهو وحده من يتحمل نتائج نجاحه أو إخفاقه في عمله.
القضية ليست عبارة عن شكليات ومحسوبيات نغلّبها على المصلحة العامة إرضاء لهذا الطرف أو ذاك، المسؤولية تكليف لا تشريف، ومن الضرورة التسليم للقيادة وقراراتها، فالوزير أو المحافظ لن يقبلا على نفسيهما أن يتحولا إلى ( كوزين مركوزين فارغين ) بلا صلاحيات أو سلطات لدرجة أنه لا يستطيع تغيير هذا المدير أو ذاك، قد يخطئ الوزير أو المحافظ وهذا وارد وهناك جهات رقابية عليا بالإمكان اللجوء إليها من باب الحرص على المصلحة العامة وهي من ستفصل في الموضوع وتضع النقاط على الحروف دون الحاجة للتشهير والتنازع وفتح ثغرات للعدو يتسلل من خلالها يستخدمها للتغطية على هزائمه العسكرية في الميدان.
بالمختصر المفيد التسليم للقيادة من العوامل الهامة التي تقود إلى النجاح، وعلينا أن نجسد ذلك عمليا لضمان عدم التنازع والفرقة والانقسام وتشتيت الجهود ومضيعة الوقت في مناكفات لا تسمن ولا تغني من جوع، وخصوصا ولدينا قيادة حكيمة تمثل المرجعية للفصل في أي إشكالات أو تباينات أو اختلافات في وجهات النظر، قيادة وطنية تغلب المصلحة الوطنية العليا على ما دونها من المصالح، هي المعنية بحل أي إشكالات والفصل في القضايا التي ترفع إليها ومعالجتها بحكمة وعقلانية وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، وفي الأول والأخير المنصب أشبه (بكرسي الحلاقة) لا يدوم البقاء عليه لأحد، والعاقبة دائما للمتقين.
قلت قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.