حصن “دمان” في النادرة موقع أثري هام تتنازعه أيدي القبائل

الموقع يحوي كهوفاٍ صخرية اكتشفت مؤخراٍ ومنشآت لا تزال مدفونة تحت الأرض

كتب / صادق هزبر

أثارات قضية التدمير والتنقيب العشوائي لحصن حدة المعروف باسم حصن “دمان” بالنادرة بمحافظة إب جدلاٍ واسعاٍ ونزاعاٍ مسلحاٍ بين قبائل المنطقة طمعاٍ في الكنوز وكما هو حال المعالم الأثرية والمواقع في كل المحافظات تعيش حالة فوضى دون رقيب من الدولة ولا حسيب من السلطات المحلية أو هيئة الآثار ووزارة الثقافة وعبر قطاع المدن والآثار والمدن التاريخية بوزارة الثقافة نبهت لمثل هذه المواقع وأرسلت فريقاٍ لتقصي الحقائق حول اكتشافات حصن “دمان” بالنادرة

وملابسات ما يحصل حيث شمل فريق النزول الميداني كلا من الأستاذ الدكتور حمود العودي وخبير الآثار جمال محمد مكرد وعبدالرزاق راشد قطران مدير حماية الآثار بالوزارة ومالك النزيلي مدير عام المحافظة على المدن التاريخية وفهمي منصور العريقي حيث حذر التقرير من التدمير الممنهج الذي يتعرض له الموقع وكذلك غياب تام للأجهزة الأمنية وهيئة الآثار بالإضافة إلى أهمية الموقع الكبرى من الناحية الأثرية وقال التقرير إن الموقع المكتشف يعد من أهم وأكبر المواقع الأثرية المكتشفة والمتشعبة في المنطقة وتفوق مساحته كثيراٍ موقع جبل العود ويقول التقرير الذي أعده خبير الآثار الأخ جمال مكرد أن حصن حدة يعد من الحصون الشهيرة والذي يقع في أعلى جبل نقيل حدة المقابل لجبل حنسر من الجهة الغربية , والذي يذكر في بعض المراجع التاريخية منها كتب الهمداني وغيرها من كتب المؤرخين كونه يربط المنطقة الوسطى بالمناطق الشمالية والجنوبية لمحافظة الضالع (مديرية قعطبة) ويقال إن الحصن يسمى حصن دمان حيث يظهر هذا الاسم في الخارطة الجوية للمنطقة .
ومدينة النادرة التي يقع بها الحصن المذكور  تقع شمال شرق مدينة إب على بعد حوالي (38 كيلومتراٍ) تقريباٍ يحيط بها من الغرب مديرية إب ومن الشمال مديرية يِريúم ومن الشرق أجزاء من أراضي محافظة البيضاء ومن الجنوب أجزاء من أراضي محافظة الضالع وكانت مديرية النادرة في السابق تدخل ضمن مخلفي ذي رعين والعود
ومدينة النادرة هي مركز المديرية وكانت تمثل أحد أهم مراكز نفوذ الدولة القتبانيـة وأهم مراكز الدولة الحميرية فيما بعد فهي من المناطق الغنية بالآثار وكانت الدولة القتبانية تمتد من وادي بيحان وحريب شرقاٍ إلى باب المندب والتهائم وتأخذ بلاد مراد وردمان وسرو مذحج وبلاد رداع وأرض يحصب الذي فيها – ريدان – ثم أرض رعين ثم تتجه غرباٍ فيدخل بعدان والسكاسك الذي منها الجند وحمره الذي جاء ذكره في النقش كما ذكر في النقش – ذو دان – وهو موضع في جبل العود من شماله وفيها من الحصون حصن حدة , حصن شخب عمار وحصن منيف وحصن صفوان وحصن حنول ” قمران ” وحصن الرياشي.

وصف أولي للموقع الأثري
ووصف التقرير الأولي لموقع حصن “حدة” أنه يعتبر من المواقع الأثرية الهامة في المنطقة وقد ذكر الحصن المذكور تحت مسمى آخر في الخارطة الجوية المصورة للمنطقة (حصن دمان الواقع بالتحديد في رأس نقيل حدة إلى الشرق من جبل العود أما جغرافيا فيقع حصن حدة المعروف بـ (دمان ) في عزلة حدة –مديرية النادرة أعلى نقيل حدة إلى الشرق من حصن جبل العود ويحيط بالموقع المذكور من الشمال (مفرق دمت)والشمال الشرقي وادي سحور ومن الجنوب وادي حجر ومن الشرق الصوبة والمنجدة ويتكون الحصن من جبلين مرتفعين ينتهيان بقمتين حادتين وبتضاريس صعبة يتوسطهما ممر ضيق في الشمال يؤدي إلى منحدرات وسهول مفتوحة ومنحدرات وواسعة في اتجاه الجنوب والجنوب الغربي ويعتبر الحصن المذكور من المواقع الإستراتيجية الهامة في المنطقة حيث يشرف على السهول والوديان بين دمت وقعطبة والمناطق المجاورة وتكمن أهمية الموقع قديماٍ بأنه يطل على أهم الطرق التجارية القديمة المارة في المناطق المجاورة له. من النقيل ومضيق هذا الحصن الذي شقت فيه طرق حديثه للسيارات أدت إلى تدمير كثير من معالم هذا الحصن ومبانيه ومنشآته الأثرية.
2- المعالم والمباني المشاهدة في الموقع
وأضاف التقرير أنه من خلال المشاهدات والاستكشافات للفريق ميدانيا للأجزاء الهامة من الموقع فقط نظرا لصعوبة التضاريس للموقع ومساحته الموقع الكبيرة والمتشعبة ومن خلا ذلك اتضح أن الموقع المذكور يعتبر من أهم وأكبر المواقع الأثرية المكتشفة في المنطقة وتفوق مساحته كثيرا لموقع جبل العود يحتوي على مبانُ ومنشآت مدفونة في مساحات واسعة من السهول المنبسطة أعلى الحصن وعلى السهول والمنحدرات للموقع لازال الكثير منها مدفوناٍ تحت الأرض برغم تعرض جزء كبير منه إلى التدمير بسبب شق الطريق الرئيس الرابط بين قعطبة ودمت التي مرت وسط هذا الموقع وأيضا الطرق المتفرعة إلى بعض القرى إضافة إلى بعض أعمال الحفريات العشوائية القليلة في الموقع ومن تلك المعالم المشاهدة على السطح حاليا بقايا أنقاض لمباني حجريه منتشرة في مساحات كثيرة في الموقع ووضوح بعض الجدران و المداميك مبانُ مدفونة كما أظهرت بعض الحفريات العشوائية في الموقع جدراناٍ ومدميك مبانُ بأحجار مهذبة.
– وضوح بعض الكهوف الصخرية الصغيرة المنحوتة على بعض الصخور
-إضافة إلى وجود كهوف طبيعية كثيرة منتشرة في الجزء الغربي للموقع على جبل حنسر ربما تكون قد سكنت واستخدمت لأعراض ما من قبل الإنسان القديم وانتشار بعض الكسار لأوانُ فخاريه في الموقع عثر في بعضها على حروف بخط المسند وانتشار بعض أجزاء من الزجاج البركاني الأسود (ابسديان ) في الموقع.
– أظهرت أعمال شق الطريق جدران لعدة مبانُ متفرقة على جانب الطريق.
التحليلات والاستنتاجات الأولية للمكتشفات في الموقع :-
كما لوحظ من خلال المشاهدات والمعتورات الأثرية الظاهرة على سطح ولمقارنات مع مواقع أثرية مكتشفة سابقا في مناطق أخرى من اليمن والمواقع المجاور للمنطقة بأن الموقع الأثري المذكور يعود إلى فترتين تاريخيتين هما ما يلي.
أولاٍ العصور التاريخية القديمة للممالك اليمنية القديمة من خلال العثور عل بعض الحروف بخط المسند تشبه بعض جدران المباني والأنقاض الحجرية مميزات وخصائص المباني التي تعود للفترة القتبانيه القرن الثاني قبل الميلاد والتي عادة تبنى بأحجار غير مهندمة وكذلك وجود أساسات لمباني بشكل غرف صغيرة مستطيلة ودائرية بأحجار سوداء وغير مهذبة في مناطق وشرفات المنحدرات تشبه كثيرا مباني العصور البرنزيه في اليمن إضافة إلى وجود الكهوف والتجويفات الطبيعية الكثيرة في الجبل التي كان يسكنها إنسان تلك العصور .

ملاحظات هامة :-
ولوحظ عدم وجود حراسة رسمية للموقع رغم أهميته ومساحته وحدوث نزاع مسلح بين القبائل على الموقع المذكور رغم أنه لا توجد أراضُ زراعية وإنما طمعا في البحث عن الكنوز الأثرية .
كما لوحظ أيضا أن شق طريق حديثه للسيارات قد دمر جزءاٍ كبيراٍ من الموقع وهذا الأمر يتكرر غالبا في أكثر الموقع الأثرية في اليمن بشكل عام لمختلف مشاريع التنمية من جهات رسمية وخاصة دون أن يتم تحميل تلك الجهات أدنى مسؤولية أو مقاضاتها عن ذلك التدمير من قبل الهيئة العامة للآثار ووزارة الثقافة وفروعها.
وغياب الرقابة عن المواقع بصفة عامة سواء في المنطقة أو في غيرها من قبل فروع الهيئة بالمحفظات علما بأنه أيضا بلغنا بأن هناك مواقع أثرية في جيشان –قعطبة –الضالع تجرف بالكامل ويتم استصلاح ارضُ زراعية.
ومن أهم الملاحظات هي الصعوبات التي يتعرض لها كوادر فرق الآثار الوطنية أثناء الأعمال الميدانية سواء أثناء البلاغات أو غيرها من الأعمال الميدانية العلمية هي عدم الاهتمام من قبل الوزارة وهيئة الآثار بتلك الفرق سواء من حيث التجهيز بالمعدات والأدوات اللازمة ووسائل المواصلات ونفقات الفرق التي تضمن تأدية عمل علمي ميداني على أكمل وجه وهذا ما حدث معنا مثلا في هذه المهمة.

التوصيات
كما أوصى الفريق بالتالي:
رفع مذكرة من وزير الثقافة إلى محافظ إب ومكتب الآثار بالمحافظة بالاهتمام ومراقبة هذا الموقع وغير من المواقع في المديرية وحسم الخلاف وتهدئة الوضع بين أبناء هذه المنطقة وتعيين حراس معتمدين من قبل مكتب الآثار بالمحافظة من أبناء المديرية والنزول الميداني إلى الموقع والمنطقة بشكل عام من قبل فريق متخصص من هيئة الآثار للمسح الأثري وتحديد هذه المواقع وإسقاطها وترقيمها في الخارطة الأثرية لمحافظة إب عند توفر الموارد المالية حسب أولويات وأهمية هذه المواقع ثم التنقيب الأثري على أسس علمية وطلب تسوير هذا الموقع الهام وغيره من مواقع المديرية والتي بحاجة إلى رصد ميزانية لذلك ويكون التواصل بخصوص هذه المنطقة وما بها من مواقع أثرية مع أ.د / حمود العودي كونه من أبناء المنطقة وله مكانته العلمية ويحظى بتقدير واحترام أبناء المنطقة بشكل عام , وله منا الشكر الجزيل على تجشمه عناء السفر والنزول معنا إلى هذا الموقع , واهتمامه الكبير في الحفاظ على تراث الأمة. والاهتمام بالفرق الأثرية المختصة لتنفيذ الأعمال والمهام المستعجلة وتزويدها بوسائل ومعدات وأجهزه ومتطلباتها الأساسية لإنجاح أعمالها
وتفعيل فانون جديد للآثار يحمي ويصون التراث الإنساني الثقافي بصفه عامة يلزم الجهات الخاصة والعامة بالحفاظ على التراث والعقاب الصارم لمن يدمر ويتاجر بالتراث والتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة التي تقوم بتنفيذ المشاريع العامة الخدمية وغيرها قبل التنفيذ لمشاريعها في المناطق والمواقع الأثرية.

قد يعجبك ايضا