ليكن 1443هـ عاماً حافلاً بالانتصارات وتوحيد الكلمة ضد المعتدين بعيداً عن كل الأمراض الحزبية والمذهبية والعنصرية

 

يحتفل الشعب اليمني الصامد بالسنة الهجرية الجديدة، وذكرى الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم في ظل حصار خانق وحرب اقتصادية تمس قوت المواطن الضعيف وأصحاب الدخل المحدود وارتفاع مرعب في كل المنافذ التي تحت سيطرة العدوان للجمارك والضرائب..  في بلادنا ظروف مؤلمة وأحداث دموية مزلزلة وصراعات تربعت على المشهد العام ، على مسمع ومرأى الأمم المتحدة والعالم بأسره .. وهنا يرى الكثيرون أن ذكرى الهجرة النبوية فرصة للعودة إلى كتاب الله وتحكيم نهجه وطي خلافات وإرهاصات الماضي والانطلاق نحو السلم والوحدة المجتمعية.. كما دعا العلماء والمرشدون كل أبناء الشعب اليمني إلى تصفية القلوب وتعزيز أواصر الأخوة والمحبة فيما بينهم وليكن عاماً حافلاً بالتسامح بعيدا عن كل الأمراض الحزبية والمذهبية والعنصرية, مؤكدين أن التعايش والمحبة هي الحل للأزمة الراهنة فالوطن يتسع للجميع ولا يمكن لطرف أن يلغي الآخر.

الثورة / أمين رزق

البداية مع العلامة محمد عبد الاله الشرفي خطيب مسجد الصحابة الذي أوضح قائلا : حين يحتفي اليمنيون بالهجرة النبوية المباركة نتعلم منها الدروس التي نستفيد منها في حياتنا العملية .. الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام فيها من الدروس الكثير والكثير ومن أهمها التضحية والفداء ومعاني ودروس التضحية تتجسد حين تكون لله وفي سبيله وابتغاء مرضاته، كما فعل الإمام علي ومن مثله يباهي الله به الملائكة (( أُنزلا فاحرساه )) فجعل ميكائيل عند رأسه وإسرافيل عند قدميه يتأملانه وهو نائم ويقولان (بخ بخ لك يا علي من مثلك يباهي الله به ملائكة السماء ) .
وأكد بالقول : الفداء بالنفس والتضحية بها لله ورسوله من أعظم ما يتقرب به العبد لله وما أكثرها هذه السنوات ونحن نواجه الطغاة والمجرمين قتلة النساء و الأطفال.. وأضاف قائلا: إن على اليمنيين التوحد ونبذ الخلافات الطائفية والمذهبية والحزبية ورص الصفوف في مواجهة العدوان البربري الظالم  أين نحن من قوله تعالى: “وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” وقوله: “إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” فتوحيد الكلمة و الحب والتراحم حث عليه ديننا ومن أساسيات حياة المسلم وكم هي الأحاديث النبوية الشريفة المؤزرة لروابط الأخوة والوحدة الإسلامية التي يحاول أعداء اليوم طمسها وإثارة الفتن والقلاقل وسبل الصراع والنزاع باسم الحزبيات والمناطقية وقوله صلوات الله عليه وآله: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
وأما العلامة محمد الولي فيقول : نهنئ الأمة العربية والإسلامية بالهجرة النبوية الشريفة، وفي بداية هذا العام الجديد الذي نسأل الله أن يكون عام خير وأن ينزع عنا العلي القدير ما نحن فيه من بلاء وأن يكون عام أخوة وصلاح بين كل القوى السياسية اليمنية.
مؤكدا ان الأخوة وطي خلافات الماضي وصفاء القلوب مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام ضعف في حياة الأمة يوم أن تبدلت الموازين فأصبحت المصالح الذاتية فوق كل المصالح الوطنية التي تبني البلاد وتفيض بخيرها على العباد.. ودعا إلى أن يجتمع المختلفون إلى مظلة الإسلام ويتذكروا قول الله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}..الأخوة في الإسلام صفة ملازمة للإيمان, يقول تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}, فلماذا التناحر يا أصحاب العقول يا أهل الحكمة والإيمان, أما تصلون في مسجد واحد وتستقبلون قبلة واحدة وتوحدون رباً واحداً فمالذي جعل بأسنا بيننا شديداً, إنها تساؤلات تجعل الحليم حيران. لكن فلتكن صفحة جديدة في تاريخ اليمن مليئة بالحب والأخوة وسلامة الصدور ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
مضيفا بقوله : فإذا قامت الأخوة على غير الإيمان ونية إخراج الناس مما هم فيه والتقت على المصالح الدنيوية والمنافع الشخصية فإنها تورث العداوة والبغضاء مع أول صراع على الدنيا يبدو وفي أول تنافس على المغانم وابتغاء المصالح يظهر. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) فيجب أن نتعاون ونخرج أنفسنا مما ألم بنا كشعب يمني واحد قال تعالى :{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}والنفس الإنسانية القائمة على الإيمان الممتزجة بالتقوى بمجرد أن تلتقي مع ما يماثلها إيماناً وتقوى فإنها تشعر بالأنس في أول لحظات اللقاء ، وتحس بالصفاء في أول لمحات التعارف لتمتزج نفساهما كأنهما نفس واحدة ويتجاذب قلباهما كأنهما قلب واحد،فإذا بالمحبة تنبض في عروقهما ، والأخوة تسري في دمائهما والمودة تتألق في وجهيهما ، فيمسك الأخ بيد أخيه في رفق وإشفاق وحنو ليسيرا معاً في رياض الصفاء إلى هذه المعاني وغيرها أشار الصادق المصدوق  صلى الله عليه وآله وسلم يوم أن قال:((الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)) فليكن التعارف بالإسلام والإنسانية التي تجمع كل اليمنيين ليكونوا شعبا مستقلا بقرارته محبا لوطنه ولأرضه, فنسأل الله أن يؤلف بين قلوب اليمنيين.
وفي السياق نفسه يقول الشيخ أكرم الحسني يجب أن يكون شعار هذه السنة هو الحب والصفاء مهما كان الاختلاف فالقواسم التي تجمع الشعب اليمني أكثر بكثير من جوانب الاختلاف.
فأخوة الإيمان رتب الله عليها الأجر العظيم وهاكم طرفاً من ذلك الأجر؛ المتحابون في الله يعطيهم الله النور والأمن يوم القيامة يقول :صلى الله عليه وآله وسلم  (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَ اللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.. المتحابون وأصحاب القلوب البيضاء تغفر ذنوبهم كلما التقوا. اخرج الطبراني عن المصطفى  صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال: ((إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحر)).
المتحابون والذين لا يحملون في قلوبهم حقداً على أحد وعدهم الله بظل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله ففي صحيح مسلم عنه  صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال : ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي)) وهم من ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ففي الصحيحين في حديث السبعة : ((وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ)) المحبة بين المسلمين سبب لحب الملك الديان للعبد. ففي صحيح الإمام مسلم عَن النَّبِي ِّ  صلى الله عليه وآله وسلم  ((أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ  مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)). المتحابون في الله أعد الله لهم بكل زيارة  بينهم نزلاً في الجنة.. أخرج الترمذي عنه   صلى الله عليه وآله وسلم  أنه قال:((مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا )). المتحابون في جلال الله تعرف قلوبهم حلاوة الإيمان ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ   صلى الله عليه وآله وسلم  قَالَ: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ  وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)).
مشيرا إلى أن الإسلام دين التسامح والحب والاخوة وسلامة الصدور فمن أين خرج الاختلاف الذي ما أنزل الله به من سلطان؟
وأما الشيخ صابر النوفاني فيقول: صفاء القلوب وعدم الحقد وطيبة النفس وحسن الأخلاق من أوصاف العظماء، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسوة والقدوة الحسنة فما غضب يوما لنفسه وما انتصر أبدا لشخصه قال: تعالى في وصفه ((وإنك لعلى خلق عظيم))
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أحرص الناس على سلامة قلبه فكان يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ”.
وكان يقول – صلى الله عليه وآله وسلم- فيما رواه عنه ابن مسعود: “لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ” رواه أبو داوود.
ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سلامة القلوب وطهارة الصدور، فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب، فلقد كانوا رضي الله عنهم صفاً واحداً يعطف بعضهم على بعض ويرحم بعضهم بعضاً ويحب بعضهم بعضاً كما وصفهم جل وعلا بذلك حيث قال: «وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ, ولقد كان لسلامة الصدر عندهم منزلة كبرى حتى إنهم جعلوها سبب التفاضل بينهم. قال إياس بن قرة عن أصحاب النبي: (كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة), وقد قال سفيان بن دينار لأبي بشر أحد السلف الصالحين: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً. قال سفيان: ولم ذاك؟ قال أبو بشر: لسلامة صدورهم».
فيجب علينا كشعب يمني أن نجعل العام الذي رحل مرتحلاً بكل ماكان يكدر صفاء القلوب ومن العام الجديد صفحة مشرقة بصفاء القلوب.

قد يعجبك ايضا