شـــبوة.. ملتقى الحضارة وممر القوافل التجارية تبكي على الأطلال

تمتلك محافظة شبوة مواطن كثيرة ومحطات حضارية وتاريخية تمتاز بثراء يدل على عراقة وأصالة هذه المحافظة التي دارت على رحاها الكثير من الأحداث تروي أجزاء منها تلك الشواهد والمواقع الأثرية والأطلال التي لا زالت شاخصة إلى الآن وما زاد هذه المحافظة مكانة هي أنها كانت في حقبة تاريخية عاصمة لدولة بسطت نفوذها على أجزاء كبيرة من اليمن بل وجزيرة العرب وهي دولة حضرموت.. وهذا ما اكسب شبوة المزيد من الأهمية التاريخية والثراء الحضاري ناهيك عن موقعها الفريد بين الحضارات والأمم السابقة فقد كانت ملتقى لطرق اللبان الشهيرة وأيضاٍ لطرق القوافل التجارية التي كانت تجوب الجزيرة .. وبحسب الآثاريين والمسوحات الأثرية للبعثات المحلية والأجنبية التي عملت في شبوة فإن المواقع الأثرية في المحافظة تتنوع عصورها وأزمنتها منها مايعود للعصر الحجري القديم والحديث وأيضاٍ للعصر البرونزي مرورا بفترة الحضارات والممالك اليمنية القديمة وحتى العصور الإسلامية التي جاءت بعد ذلك.
أسرارمختبئة
في شبوة تختبئ الكثير من الأسرار التاريخية التي تنقل إلينا حوادث وأحداث الزمن الماضي بمختلف أزمنته وعصوره ولكن هذه الأسرار المدفونة تحت الرمال الطاهرة لهذه الأرض الغنية بأصالتها وحضارتها بحاجة إلى اكتشاف عبر تنقيبات أثرية دقيقة يقوم بها المختصون.
تمثل مدينة شبوة القديمة أبرز وأهم المواقع الأثرية والتاريخية في المدينة فهي تحكي حضارة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ ومن المعالم والمواقع الأثرية مدينتا “البناء والبريرة”.
مسوحات أثرية لشركات نفطية
تشكل المسوحات الأثرية التي تقوم بها الجهات المعنية بدعم من الشركات النفطية أكثر المسوحات في شبوة وكما يقول الأخ خيران الزبيدي مدير عام الآثار والمتاحف بالمحافظة أن المسوحات الأثرية للشركات النفطية عديدة منها ما هي لشركات التنقيب عن النفط والبترول مثل (توتوتا وهنت) والتي توزع إلى مربعات كبيرة تسمى (بلك) وهذه المسوحات ينفذها المختصون والمعنيون في الآثار ولعل أبرز تلك المسوحات ما نفذته إحدى الشركات النفطية والتي نفذها فريق من المختصين كان من بينهم مدير عام الآثار والمتاحف بالمحافظة وأثمر هذا المسح عن تسجيل 33 موقعاٍ أثرياٍ من هذا المربع الصغير جدا من محافظة شبوة والتي لا بد وعلى الشركة أن تحافظ عليها وتبتعد عنها أثناء القيام بأعمالها كلا وأهمية الموقع ولعل أبرز المواقع التي اكتشفت في هذا المربع وبحسب “الحوليات الأثرية” موقع الدوجري والذي يضم 4 مساكن أثرية و3 قبور وأيضا جربة الدوجري التي تحوي سوراٍ كبيراٍ بمسافة طويلة بالإضافة إلى عدد من المنشآت والمباني السكنية بالإضافة إلى بقايا مستوطنة سكنية تم اكتشافها في لحظة إقصاص وبالقرب من هذا الموقع تم اكتشاف قبر دائري وبالقرب من هذا الموقع أيضا تم اكتشاف مبان أو أطلال لمبان أثرية وقبور وكل تلك ومستوطنة أخرى تم اكتشافها أو تسجيلها في “سيراه” وقبرين ومبنى أثري في قارة العضيبية وقبرين ومسكن في شرج الشنظي (21) ومقابر ومبنى في شعب فربط الأسفل وكل تلك المواقع والمعالم الأثرية تعود إلى العصر البرونزي كما تم على تلة متوسطة الارتفاع تحتوي على بقايا مستوطنة سكنية وكتابات مسندية بدائية تعود إلى عصر ما قبل الإسلام وفي قارة أم العبيد تم تسجيل مستوطنة ومخربشات تعود إلى عصر ما قبل الإسلام..
شحة الإمكانيات
ويقول الأخ مدير عام الآثار خيران الزبيدي: إن المواقع والمعالم الأثرية في محافظة شبوة لا تحصى ولا تعد فهي كثيرة إلى درجة يصعب خلالها الإلمام بإحصائها وبالتالي يستحيل الحفاظ عليها في ظل شحة الإمكانيات وعدم الاهتمام من الجهات ذات العلاقة.
وأكد أن المواقع الأثرية في محافظة شبوة في خطر كبير ما لم يتم التحرك السريع والعاجل لتوفير الحمايات والحراسات الأمنية لها وإلا والمتربصون بها كثر.
مشيراٍ إلى أن المحافظة تمتلك متحفين الأول وكلاهما مغلقان متحف عتق والثاني متحف بيحان وهما من أكثر المتاحف احتواء على القطع الأثرية ولهذا يعمل حاليا على حراسة متحف عتق وتحول عمله من مدير عام إلى حارس لهذا المتحف كما تحول مدير متحف بيحان إلى حارس لمتحف بيحان بالتعاون مع بعض المواطنين الشرفاء الحريصين على تراث وتاريخ محافظتهم.
وأضاف: المواقع الأثرية في شبوة تصيح بعلو صوتها “دمروني خربوني أغيثوني من هؤلاء العابثين وجلهم من داخل اليمن ومن الجيران” فالمواقع الأثرية على كثرتها وقيمتها بالمحافظة إلا أنها بدون حراسة ومهملة ولا توجد لدينا الإمكانات حتى لزيارتها فما يعتمد لنا كبدل مواصلات لا يكفي حتى لموقع واحد في اليوم فكيف بعشرات المواقع .. ولهذا ندعو وزارة الثقافة إلى سرعة التحرك قبل فوات الأوان والقيام بواجبها والعناية والاهتمام وتوفير ما يحتاجه مكتب الآثار من إمكانيات فالهيئة لا تستطيع توفير الاحتياجات وأبرزها الحمايات الأمنية كون الأمن في المحافظة يعاني من وضع حرج جداٍ بحكم الظروف والأوضاع التي تمر بها شبوة واليمن ككل ونخشى على هذه المواقع المزيد من العبث والتخريب..
ودعا إلى تخصيص حراسات من أبناء المناطق أنفسهم وتشجيعهم بمبالغ مادية ولو بسيطة كي يعملوا على الحفاظ على المواقع كل حسب منطقته.
شبوة ثراء تاريخي عظيم
من جانبه أكد الأخ عبدالكريم البركاني نائب مدير عام الآثار والمواقع الأثرية بهيئة الآثار والمتاحف أن محافظة شبوة تعد من أكثر محافظات الجمهورية احتواء على المواقع الأثرية كونها تحتل مكانة تاريخية في العصور السابقة ولعل أبرز مواقعها الأثرية والتاريخية (حرايب القراميش وحريب بيحان – تمنع) وغيرها من المواقع وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
وأشار إلى أن المواقع الأثرية في شبوة تتعرض للعبث والتدمير على مرأى ومسمع من الجهات المعنية والسلطة المحلية داخل المحافظة.
وأضاف: تصلنا في الهيئة بلاغات عن تدمير ونبش تتعرض له بعض المواقع الأثرية ونحن الآن بصدد البحث والتحري وجمع المعلومات عن قطع أثرية هامة تم نبشها واستخراجها من تلك المواقع وتم تهريب هذه القطع إلى صنعاء ونحن الآن بصدد التأكد من صحة هذه المعلومات وفي حالة تم التأكد سيتم على الفور اتخاذ الإجراءات المناسبة.
ودعا السلطة المحلية بشبوة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المواقع الأثرية في سائر مديريات المحافظة وتوفير الحمايات والحراسات الأمنية لها خاصة في هذه الأيام التي يمكن أن تستغل للعبث والتخريب والمزيد من النبش للمواقع الأثرية وبالتالي فالظرف يحتم التحرك السريع والمسؤول لحماية هذه المواقع.

قد يعجبك ايضا