مقتطفات من محاضرات الشهيد القائد السيد حسين وقائد المسيرة السيد عبد الملك بدر الدين عليهما سلام الله في ذكرى يوم الولاية الأغر
الشهيد القائد : ولاية أمر الأمة بمبادئها وقيمها وعقائدها تتجسد في الإمام علي تَدْجِيْن الأمة ثقافة مغلوطة لتتقبل ولاية من هم غير جديرين بالحكم..
الثورة / أمين العبيدي
ذكر الشهيد القائد عليه سلام الله في أحد دروسه ولاية أمر الأمة فقال: ولقد تعاقب على هذه الأمة على مدى تاريخها الكثير ممن كانوا ينتهزون ولاية أمرها ويتقافزون على أكتافها جيلاً بعد جيل وإذا ما رأوا أنفسهم غير جديرين بأن يكونوا ولاةً لأمر هذه الأمة فإنهم سلكوا طريقة أسهل من أن يكون – ولن يستطيع أن يكون – بمستوى ولاية أمر هذه الأمة، فسلكوا طريقة أخرى هي: تَدْجِيْن الأمة لتتقبل ولاية أمرهم، هي: تَثْقِيْف الأمة ثقافة مغلوطة لتتقبل ولاية أمرهم، فكان الضحية هو: المفهوم الصحيح العظيم لما تعنيه ولاية الأمر في الإسلام، فبدأ مثل معاوية أميراً للمؤمنين، ويزيد أميراً للمؤمنين، ويقول هذا أو ذاك من الخطباء أو العلماء أو المؤرخين: تجب طاعته! يجب طاعته، لا يجوز الخروج عليه، يجب النصح له!! وما زال ذلك المنطق من ذلك الزمن إلى اليوم, إلى اليوم ما زال قائماً.
ونوه الشهيد القائد بقوله : نسينا جميعاً أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يوم أشار إلى ((علي)) فإنه في نفس الوقت الذي يشير إلى شخص [علي] إنه يشير إلى ولاية أمر الأمة، إلى ولاية الأمر المتجسدة قيمها ومبادئها وأهدافها ومقاصدها في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه).
هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم عناءً كثيراً أن ينقلوا تلك المفاهيم الصحيحة لولاية الأمر إلى الأمة، لا, بل قالوا: إن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) قال: [سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يَسْتَنُّونَ بسنّتي. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟. قال: أَطِعْ الأمير وإن قَصَمَ ظهرك وأخذ مالك]!!.
كم هو الفارق الكبير بين هذا الحديث المكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بين تلك الثقافة المكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) التي تُقَدِّم ولاية الأمر بالشكل الذي يكون بإمكان أي طامع، أي انْتِهَازِيّ، أي فاسق، أي مجرم، أي ظالم أن ينالها، في الوقت الذي يقول الله لنبيه إبراهيم بعد أن سألها لذريته: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (البقرة: من الآية124).
أما قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله فيقول الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وأثناء عودته من حجة الوداع وعندما بلغ إلى وادي يسمى خم، وهو ما بين مكة والمدينة، وهو إلى مكة كما يقال أقرب منه إلى المدينة، نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)، كان ذلك في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، حيث نزلت هذه الآية العجيبة المضمون والمهمة المضمون والساخنة المضمون تأكيداً على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بأن يبلغ ما أنزل إليه من ربه، موضوع معين له أهمية قصوى بلغت أهميته لدرجة أن الله قال له في ذات الآية (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، بأدنى تأمل مع التجرد من الأهواء والعصبيات ومع التوجه الصادق نحو الله سبحانه وتعالى وطلب الهداية يتجلى لنا كم هي أهمية موضوع يخاطب الله نبيه بشأنه بهذا الخطاب ويقول له بهذا النص، وإن لم تفعل، يعني لم تبلغ هذا الموضوع فما بلغت رسالته، غياب هذا المبدأ الذي مطلوب منك وأنت مأمور من الله أن تبلغه، غيابه أو كذلك تجاهله يمثل مشكلة كبيرة تمتد آثارها السلبية والسيئة على واقع الدين بكله، حتى يبقى ما بقي من الدين بكله في كل تشريعاته في كل توجيهاته، في كل قيمه، في بقية محتواه وكأنه لم يُبلَغ، يكون عديم الجدوى، يكون عديم التأثير، تتعطل آثاره وفوائده وثماره التي هي مفترضة من دين الله سبحانه وتعالى حتى كأنه لا شيء منه في واقع الحياة.
وكذلك يؤكد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي في الدرس الثالث والعشرين من دروس رمضان فيقول: أهمية ولاية الأمر في الإسلام إنها تشكل ضمانة لاستقامة الدين، وحيوية الدين، متى ما كان الدين قائماً، والدين حياً، تكون الأمة قائمة وحية، الأمة مربوطة بهذا الدين. إذًا فهي قضية هامة جداً، ليست قضية كيفما كان إذا لم تكن حاصلة، تصبح كثير من تشريعات الدين تستغل استغلالاً سيئا بما فيها المساجد، بما فيها الصلاة، بما فيها منابر المساجد، بما فيها الحج، بما فيها الزكاة، بما فيها منطق القرآن، تقديم القرآن نفسه، فهي تشكل ضمانة ضرورية جدًا جدًا، لاستقامة الدين.
ولاية الأمر تشكل ضمانة، ضمانة دائمة، استقامة للدين، فتصبح الصلاة لها فاعليتها، المساجد لها فاعليتها، منابرها لها فاعليتها، الحج له فاعليته، الزكاة لها فاعليتها، القرآن له حيوته، وهكذا، إذا ما هناك شيء يموت الدين، وتموت الأمة..
وأشار قائد المسير في أحد خطاباته بقوله :
مفهوم ثقافة يوم الولاية، قدم الإمام عليه السلام من موقعه الذي جعله الله فيه، والذي وصل إليه بإرادة إلهية، وتربية إلهية، وتربية نبوية، بمعايير إيمانية، باعتباره في هذه الأمة بعد نبيها أرقى هذه الأمة في كماله الإيماني ومستواه الإيماني، وارتباطه بالمشروع الإلهي، من حيث العلم بهذا المشروع والمعرفة، من حيث الارتباط العملي والالتزام الحياتي لهذا المشروع الإلهي، ومن حيث الائتمان عليه، التخلق بأخلاقه، ومن حيث كذلك الالتزام بقيمه ومبادئه، علي كان في هذا المستوى في واقعه في الأمة، كان في هذا المستوى، ويأتي لهذا الدور امتدادا لنبي الله، لأنه ما بعد الأنبياء؟ هل انتهت المسألة؟! هل تنتهي ثمرة هذا النهج الإلهي، هل يغلق الله سبحانه وتعالى كل نوافذ النور هذه؟ ويترك المجال للظلمة لتطغى في واقع البشرية، هل نافذة النور تغلق عندما يعرج بروح نبي من الأنبياء؟ والنبي محمد هو خاتم النبيين، “خلاص” انتهى الموضوع؟! “يجلس الباقي في الظلام” إلى قيام الساعة؟ لا. لا بد من الاستمرارية لهذا المشروع ولهذا النهج الإلهي، ما بعد النبي صلوات الله عليه وعلى آله يأتي النص الإلهي ليقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِين َيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة َوَهُم ْرَاكِعُونَ}، مقدما للإمام علي عليه السلام ضمن مواصفاته الإيمانية الراقية، ليأتي التقديم له في البلاغ النبوي في يوم الغدير ضمن تشخيص واضح بالاسم.
(فهذا علي) وبالإشارة إليه باسمه وشخصه، ماسكا بيده، ومقدما له من فوق أقتاب الإبل، (فهذا علي مولاه) الإمام علي عليه السلام يستمر في هذا الدور، ما بعد النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ودور مهم، ودور أساسي في مرحلة العادة القائمة فيما قبل الأنبياء السابقين هي حالة اختلاف بعد كل نبي من الأنبياء، وحالة نزاع بين أمته، فهل تترك هذه الأمة لتتنازع وتختلف، وتتفرق في دينها في مفاهيم هذا الدين، أي منا يمثل الامتداد الحقيقي للمنهج الإلهي، المفهوم الصحيح والتعريف الصحيح، والمدلول الحقيق للنصوص، لا ، بعد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) تقفل ثقافة الغدير كل الأبواب على كل الجائرين والمتسلطين والطغاة لأنها قدمت النموذج، وقدمت للأمة ما يحفظ لها ويضمن لها أصالة الامتداد للنهج الإلهي ما بعد رسول الله صلوات الله وعلى آله، إن اختلفت الأمة أو تباينت أو تفرقت، ما بعد النبي، ما يوصلنا إلى النبي، من يوصلنا إلى هذا النبي؟ فنحن اليوم بعد أجيال، بعد أجيال تلو أجيال من عصر النبي إلى اليوم، أمتنا تفرقت، أمتنا اختلفت، أمتنا تباينت، في أكثر أمورها المتعلقة بهذا النهج الإلهي، إلى من نتطلع؟ هل تركنا هكذا ضحية في مرحلة من أهم مراحل التاريخ؟ أم أن هناك امتداداً لهذا النهج في أعلامه في رموزه المؤتمنين؟ الذي حسم المسألة، ولهذا لاحظوا؛ الشيء الذي كان طبيعيا أن يحصل، ما بعد حجة الوداع وأثناء حجة الوداع والنبي يخبر أمته أنه يوشك أن يدعى فيجيب، وأنه على وشك الرحيل من هذه الحياة، هو أن تكثر التساؤلات حول هذه المسائل بين أوساط الأمة، وأن تسخن الاقتراحات والنقاشات والمداولات، فماذا بعد وفاته؟ كيف؟ ماذا سنفعل؟ ما سيحصل؟ ما…؟ لكن النبي لم يترك مجالا لأن تنشغل الأمة بالتساؤلات والجدل والنقاشات والاقتراحات …الخ، لا. حسم المسألة وأوضح الحجة والمحجة لله سبحانه وتعالى، من خلال هذه النصوص وما سبقها من نصوص كثيرة ومهمة وواضحة.