الصرخة في مواجهة المستكبرين مشروع يتجدد مع كل الأحداث

 

يختزل شعار الصرخة في وجه المستكبرين الذي اطلقه الشهيد القائد – رضوان الله عليه – في جامع الإمام الهادي بصعدة بتاريخ 2002/1/17م الذي يوافق آخر خميس من شهر شوال 1422هـ، برنامج المسار الجهادي والثوري وينقذ وطن الإيمان والحكمة من الوقوع تحت وطأة الهيمنة والعمالة..
د. عبده سبيع

في الحقيقة إن الأمة العربية والإسلامية عاشت قرونا كثيرة وهي تحت الاحتلال الفكري الثقافي الوهابي وبعض الطوائف الدينية ،حتى  اعتقد الكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية أن تلك الاختلافات الدينية أو المذهبية هي أصل من أصول الدين المحمدي الذي جاء به خاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وعلى آله، فاعتنق معظم أبناء الأمة بل ربما الغالبية العظمى من أبناء  الإسلام عدة طوائف كان أكثرها معتنقو الفكر الوهابي الذي طغى على أكبر شريحة إسلامية داخل الأمة حتى سموا أنفسهم بأهل السنة والجماعة ففسروا القرآن الكريم بما يدعم فكرهم مستغلين أموال الحج لنشر ذلك الفكر الوهابي، فازدادت الاختلافات داخل الأمة بتزايد الفرق والطوائف حتى وصل الحال بكل مذهب أو طائفة إلى أن يأخذ من القرآن  ما يلبي معتقداته وأفكاره  تاركاً الآلاف من الآيات ،فظل الصراع الفكري داخل الأمة يتنامى يوما بعد يوم إلى أن خرجت الأمة في ممارساتها وتعاليمها الدينية عن الكثير من المبادئ نظرا لكثرة اجتهادات العلماء والفقهاء حتى وصل حال  الكثير من الناس إلى التردد والريب والشك في دينهم  من كثرة الاختلافات والفتاوى التي كانوا  يسمعونها في القنوات أو يقرأونها في الكتب والمجلدات ومواقع التواصل الاجتماعي، فعندما كثر المجتهدون في الدين وكثرت الفرق الإسلامية برزت الوهابية بشكل ملفت ومثير فنشرت فكرها مستغلة مقدسات الأمة كمكة والمدينة  حتى استطاعت أن  تسمِّم عقول معظم أبناء الأمة  بفكرها الشيطاني ،فاعتقد الكثير  من أبناء الأمة أن  الفكر الوهابي الداعشي هو الدين الذي جاء به محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وآله، فدجنت الأمة بالوهابية مستغلة اسم الدين  حتى أصبح  الفكر الوهابي يدرَّس في معظم  مدارس وجامعات ومعاهد ومساجد العالم الإسلامي  ولعشرات السنين، فدجنت الأمة بذلك الفكر تحت اعتبارات، فكلما كان يزداد تمدده كانت تزداد فضيحته وتكشفه داخل الأمة. …
فظل أبناء الأمة مكبلين لا يعرفون ما المخرج من الوضع السيئ للامة وكل يرى نفسه على حق ويرى غيره على باطل وأحيانا يصل الحال إلى أن  يتهم كل الآخر بالعمالة والخيانة والتواطؤ مع اليهود وأحيانا أخرى يدَّعي بعضهم الإيمان الكامل ويرمي غيره بالكفر البواح وهذا ما كانت تراه الفئة التي تسمي نفسها بمذهب الوسطية والاعتدال وتارة كانت تسمي نفسها بأهل السنة والجماعة وتارة ثالثة تسمى نفسها بالسلف الصالح والتي يعتقد دعاتها واتباعها بأنهم الفئة الوحيدة التي تتمسك بالقرآن والسنة، فقيَّم الكثير من أبناء الأمة أن تلك الفئة أو الطائفة هي الطائفة الأكثر التزاما في طاعتها لله سواء على مستوى الصلوات أو تلاوة القرآن وحفظه أو الحج والعمرة والصيام، كما قيَّم معظم أبناء  الأمة إيمان الناس من خلال ممارسة تلك العبادات التي لا تخرج على المستوى الشخصي ..وعندما كان يشاهد الكثير من الناس كثرة الصراعات والخلافات كانوا يشعرون بوجود ثغرات داخل الأمة، فكانوا ينادون ويتأوهون(( لو تتوحد الأمة، لو ترجع الأمة إلى كتاب ربها)) وبعضهم يقول ((الحل لخروج الأمة من واقعها السيئ هو أن تتوحد وتعود إلى القرآن)) غير مدركين ما قد أنتجته الطوائف والمذاهب من أفكار ومعتقدات أخرجت الأمة عن مسارها الصحيح، فالكل يفكرون حول ماهو الحل؟ وكيف الحل ولكن دون الخروج بحلول أو خطط حقيقية تخرج الأمة فعلا إلى أن هيأ الله معجزة العصر الشهيد القائد العالم الرباني قرين القرآن/حسين بن بدر الدين الحوثي- رضوان الله عليه- الذي شخَّص واقع الأمة فعرف الداء ووصف الدواء، فشخَّص الواقع السيئ للأمة حتى أنه ذكر في أول درس من دروس ((معرفة الله)) قال فيها الحقيقة إنه  إذا تأمل الانسان في واقع الحياة يجد أننا ضحية عقائد باطلة وثقافات مغلوطة جاءتنا من خارج الثقلين كتاب الله وعترة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله)).
فالشهيد القائد- رضوان الله عليه- لم يكفِّر الأمة أو يتهمها بالظلم والإجرام وإنما قال ((الأمة ضحية عقائد باطلة وثقافات مغلوطة جاءت من خارج الثقلين)) ووضح أن  الأمة تعاني أزمة ثقة بالله وقلة معرفة بالله، فقام  برسم المشروع القرآني في دروس وملازم وصل عددها إلى مائة درس ومحاضرة، وضع جميع اللبنات والخطوط التي تخرج الأمة من واقعها السيئ  وقد  صحح للأمة كل الثقافات المغلوطة والعقائد ورسم لها طريقا وفق رؤية القرآن الكريم  تصل من تمسك بها  إلى معرفة الله معرفة صحيحة ويتعمق في قلب من يقرأونها وحب الله حب رسوله صلوات ربي عليه وعلى آله ،وكذا رسم خط الانحراف الذي أوقع الأمة وأوصلها إلى ما وصلت اليه، وحذَّر الأمة من أعدائها الذين ذكرهم الله في كتابه وكشف المخطط اليهودي الصهيوني الذي يستهدف الأمة بشكل عام ويستهدف اليمن بشكل خاص، فكان من أول دروسه ((خطر دخول أمريكا اليمن)) في حين كانت الأنظمة العميلة آنذاك تخطط مع القيادات الأمريكية على استهداف المنظومة  الصاروخية، ففجرت آنذاك المئات من الصواريخ المضادة للطائرات الحربية.
كما دعا الشهيد إلى توحيد الأمة وقدم في ملازمه ودروسه خطوات توحيد الأمة،  فانتقد بشكل كبير الطوائف والفرق  والأحزاب والمذاهب بما في ذلك الزيدية، وقال(( إن المذهبية والحزبية هي السبب الرئيسي في تفرقة الأمة))، ودعا الأمة إلى التحرك وفق منهجية القرآن الكريم وترك المذهبية والحزبية والطائفية والاعتصام بحبل الله تعالى، فكتاب الله كتاب عملي يستطيع أن  يوحِّد الأمة وينهض بها نهوضا عالميا ،كما شدد على ضرورة تطبيق آيات الله وتجسيدها في الواقع العملي وإحياء فريضة الجهاد التي كانت شبه ميته.. وبدأ- رضوان الله عليه- بإعلان الصرخة في وجه المستكبرين ورافق الصرخة وجوب المقاطعة للبضائع والمنتجات الأمريكية، فقال ((انتم تمتلكون سلاحا بين أيديكم تستطيعون أن تصرخوا بهده الصرخة، ألستم تملكون صرخة)) وبدأ بالصرخة العظيمة بقوله قابضا يده مشيرا بها إلى أعلى:
((الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام))
فكانت تلك الصرخة  هي القاصمة لظهر أمريكا وللسفير الأمريكي والنظام السابق،  فما أن سمع السفير الأمريكي بتلك الصرخة حتى جن جنونه وطلب من  علي عفاش إرسال  الوساطات تلو الوساطات ليبلغوا الشهيد القائد بضرورة ترك ذلك الشعار حتى وصل الحال بعفاش إلى أن قال ((اتركوا هذا الشعار والعنوني أنا بدلا من أمريكا  ))وهذا يعكس مستوى العمالة التي كان يمثلها النظام العفاشي.
وبعد أن عجز العملاء واليهود من إقناع الشهيد القائد بترك تلك الصرخة تلقت قيادة النظام السابق عفاش طلبا للسفر إلى أمريكا، فسافر وجاء بمؤامرة شيطانية وهي إعلان الحرب على قرين القرآن الشهيد القائد -رضوان الله عليه- فشنت عليه حربا شيطانية استخدم فيها العملاء والخونة جميع أنواع الأسلحة والطائرات والصواريخ والقنابل ،وزحفت عشرات الأولوية المدججة بجميع الأسلحة من الدبابات والمدافع والصواريخ والطائرات، وقتلت تلك الحرب المئات واعتقلت الآلاف في السجون حتى تم سجن كل من كانوا يجدون لديه لاصق الشعار أو ملزمة وقد تم إعدام بعضهم  ، كل تلك الأعمال الإجرامية وغيرها  ارتكبها النظام العميل وحلفاؤه الأمريكان ظنا منهم أنهم قادرون  على القضاء على ذلك المشروع القرآني العظيم وهو في مهده ، فما كان منهم إلا أن جيَّشوا  عشرات الأولوية  لاستهداف ذلك الرجل القرآني العظيم الذي هيأه الله لإنقاذ الأمة من الضلال الذي تعيش فيه، فانتقل الشهيد القائد –رضوان الله عليه –إلى الرفيق الأعلى شهيدا فائزا بما فاز به أعلام الأمة- صلوات الله عليهم- الامام علي والحسن والحسين وزيد والهادي فصلوات الله على جدهم وعليهم أجمعين،  حيث لم تستطع قوى الشر والطغيان بالعمالة إسكات صوت الحق لأن الله متم نوره ولو كره المجرمون.. فكلما أرد الأعداء إسكات ذلك المشروع ازداد ظهوراً بفضل الله، فكان يقول – رضوان الله عليه- ((اصرخوا وستجدون من يصرخ معكم))، ولله الحمد وصلت الصرخة وعمَّت أرجاء اليمن، بل وصلت بحمد الله إلى بعض الدول  بفضل ما قدمه هذا الشهيد العظيم من مشروع استطاع اليمن بفضله أن يصمد في وجه العدوان ولمدة خمس سنوات، فما قدمه  الشهيد القائد يبهر الأمة ويبهر كل من اطلع على دروسه ملازمه ومحاضراته ، وهيأ الله من بعده  القائد العظيم المجاهد الكبير السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي الذي أذهل العالم والأمة العربية والإسلامية بقيادته الحكيمة والشجاعة وعلمه الغزير برغم صغر سنه، فسلام ربي عليه ونسأل الله العلي القدير  أن يحفظه  ويسدِّد خطاه وينصره على أعدائه وأن يجعلنا من حواريه وأنصاره وأن يجعلنا له سامعين مطيعين بحوله وقوته.

قد يعجبك ايضا