الصرخة من مهدها الأول إلى ساحة الصراع الكبرى.. الموقف الذي تحوّل بعد 19 عاماً إلى سلاح وقوة وعزة

 

الثورة /حمدي دوبلة

قبل 19 عاما وفي يوم الخميس السابع عشر من يناير للعام 2002م ، وفي محاضرة وسط قلة قليلة من الناس في تلك المنطقة النائية التي تتوسطها مدرسة الإمام الهادي «عليه السلام»، بمنطقة مران مديرية حيدان من محافظة صعدة، أعلن السيد حسين بدر الدين الحوثي- رضوان الله عليه- الصرخة في وجه المستكبرين، وهتف بهتاف الحرية والبراءة ، وفي اليوم الذي يليه والتي صادفت الجمعة الأخيرة من شهر شوال جاء التوجيه بالهتاف في كل المساجد بعد صلاة الجمعة ، اتسعت وتوسعت دائرة المكبرين..وإلى اليوم صارت دائرة كبيرة لا تقتصر على اليمن فحسب بل وصلت إلى كل أنحاء العالم ، صرخة تجسد الحكمة والتوفيق في الموقف من الأحداث وفي كيفية مواجهتها.
ترافقت البدايات مع الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ونشر الوعي القرآني؛ لتذكير الأمة بمسؤولياتها، وتبصيرها، وتوعيتها، ورسم مشروعٍ نهضويٍ قرآني متكامل للتحرك على أساسه ، كانت فاتحة لمشروع كبر واتسع حتى صار بحجم المنطقة وبحجم الأخطاء والتحديات الكبرى.
وقد وضع السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الضافية مساء أمس بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين النقاط على الحروف، وهو يوضح مجدداً بأن أول أهداف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن تمثل في تغيير موقف الشعب اليمني تجاه أمته فقد أدرك العدو منذ وقت مبكر بأن عودة اليمنيين إلى هويتهم الايمانية هو الخطر الأكبر على المؤامرات والأجندة الأمريكية والصهيونية في المنطقة والعقبة أمام طموحاتهم التوسعية والاستعمارية لكن هذا العدوان بكل إمكانياته فشل فشلاً ذريعاً في التأثير على الشعب اليمني وعجز عن حرف مساره وتوجهه الإيماني المصيب.
هذه الحقيقة تتأكد أكثر وأكثر بمرور الأيام فاالمشروع القرآني الذي اختطه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي لم يأت كما يقول السيد القائد من فراغ ولم يكن عبثيا ولا إشكاليا بل أتى من واقع الجراح والآلام وللتصدي لاستهداف كبير ضد الأمة.
لقد جاءت صرخة الحرية التي أطلقها الشهيد القائد في وجه المستكبرين والطغاة قبل عقد من الزمن بقاعة مدرسة الإمام الهادي – في مران بصعدة في محاضرة له حملت عنوان (الصرخة في وجه المستكبرين) جاءت في وقت بدأت فيه أمريكا التحرك الواسع لتعزيز هيمنتها وسيطرتها على اليمن وعموم بلدان المنطقة ولم تعد تكتفي بسيطرتها غير المباشرة من خلال الأنظمة العميلة بل رفعت عنوان «مكافحة الإرهاب» كذريعة للتدخل المباشر على المستوى الثقافي والفكري والإعلامي والسياسي والاقتصادي وفي كل المجالات، وكل ذلك من أجل طمس الهوية الثقافية لأمتنا الإسلامية وتسهيل تنفيذ المشاريع الصهيونية
وهنا يقول السيد القائد أن الأمريكي لم يكتف بالسيطرة غير المباشرة فاتجه إلى السيطرة المباشرة وجعل من أحداث 11 سبتمبر ذريعة وتحرك اثر ذلك على نحو غير مسبوق لاستهداف الأمة ولم يكتف بالهيمنة على الأنظمة التي من خلالها كان يضمن مصالحه، مشيرا إلى أن هذه التحركات التي فطن إلى خطورتها الشهيد القائد تزامنت مع المزيد من الطغيان الإسرائيلي في ظلم الشعب الفلسطيني.
اليوم وقد أثبتت المقاومة الباسلة في مختلف دول المقاومة صموداً كبيراً في مقارعة الأعداء ومخططاتهم يزداد الشعب اليمني ثقة وإيمانا في صوابية التوجه الإيماني الذي سار عليه وجعله منطلقا لكل تحركاته.
ويقول السيد القائد ننظر بإيجابية إلى الصحوة والوعي والاستشعار للمسؤولية سواء في إطار المسيرة القرآنية باليمن أو في محور المقاومة بشكل عام وتحديداً المقاومة الفلسطينية وقبلها المقاومة اللبنانية باعتبارها الصحوة التي أعاقت العدو الإسرائيلي من التمدد إلى باقي البلدان، مجدداً تمسك الشعب اليمني بحقه في الحرية والاستقلال والكرامة وبحق أمته جمعاء في الخلاص من المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية وأنه جاهز في كل المسارات وبكل ما يستطيع في إطار التنسيق مع محور المقاومة للتصدي للعدو الإسرائيلي والمؤامرات الأمريكية، فاليمن يبقى بطبيعة الحال جزءاً لا يتجزأ من المعادلة التي أعلنها السيد نصرالله في أن التهديد للقدس يعني حرباً إقليمية في إطار محور المقاومة وسيقدم ابناء هذا الشعب المؤمن كل ما يستطيع وبكل فاعلية في إطار محور المقاومة وفي إطار معادلة القدس.
اليمنيون الذين رأوا رأي العين التاييد الإلهي الواضح في مسيرتهم المظفرة والمباركة في مواجهة أعداء الله والإنسانية باتوا على وعي عميق بصوابية التوجه ونبل وسمو المقصد وهم يواجهون بثبات عظيم قوى الشر والطغيان منذ نحو سبعة أعوام وقدموا خلالها أبلغ الدروس والملاحم في الإيمان والصمود والثقة بنصرالله وهاهي الصرخة التي بدأت في المناطق النائية من خميس مران بصعدة قبل عشر سنوات يصل صداها اليوم بعد كل الحروب كما يقول السيد القائد إلى كل أنحاء العالم بل و أصبحت هتاف الأحرار من على دبابات الأبرامز وعند إطلاق الصواريخ الباليستية والمجنحة وفي المسيرات الجماهيرية.
الشعب اليمني وانطلاقا من هويته الإيمانية كان في طليعة الشعوب العربية والإسلامية في دعم القضية الفلسطينية على الرغم من كل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها بسبب العدوان والحصار وتداعياتهما الكارثية، لكن ذلك لم يمنع اليمنيين من تصدر المشهد من خلال ما تجلى من تفاعل وزخم شعبي واسع مع حملة التبرعات لدعم فلسطين التي دعا اليها السيد القائد الذي حرص في خطابه البارحة أن يؤكد مجددا الثبات اليمني في مباينة الأعداء والتصدي لهم والتعاون مع محور المقاومة لتعزيز الجهود أكثر فأكثر، وأن الموقف الصحيح هو الذي يتجلى بالتصدي لخطر الأعداء والمقاطعة والمباينة لهم كما هو حال محور المقاومة، حيث تبين في كل المراحل جدوائية وقيمة وفاعلية التحرك المبني على مناهضة الخطر الأمريكي والإسرائيلي.
ويضيف السيد القائد”حين ندافع عن بلدنا أمام العدوان والحصار الذي يرتكب أبشع الجرائم يتهموننا بتنفيذ الأجندة الإيرانية وهذه نغمة بالية وحين يقاوم الشعب الفلسطيني يسارع العملاء لاتهامهم بتنفيذ الأجندة الإيرانية» ومواصلة التذرع بما يسمونه الأجندة الإيرانية في اليمن ولبنان وفلسطين، وهو منطق إسرائيلي وأمريكي.
ويشير سماحته إلى أن الموقف المشرف للجمهورية الإسلامية في إيران تجاه شعوب الأمة المظلومة مسؤول تشكر عليه فيما يبقى العار والخزي والخيانة في الولاء للعدو الإسرائيلي وتنفيذ المؤامرات الأمريكية التي تستهدف الأمة والتآمر على مقاومتها بعد أن أثبتت نجاحها في كسر غطرسة العدو الصهيوني في لبنان وفلسطين وتجلت كنماذج ناجحة رغم أنها لم تحظ بدعم عربي وإسلامي غير الجمهورية الإسلامية في إيران وسوريا فيما كانت الأنظمة العميلة في المنطقة منحازة إلى العدو وقد بدا ذلك واضحا في المواقف السعودية والإماراتية من العدوان الأخير على غزة وكيف حاول إعلامهما مساندة العدو والتقليل من شان وانتصارات المقاومة الفلسطينية .
ويؤكد السيد القائد أن الواقع العربي الذي تأثر بالإخفاقات في مرحلة معينة لم يكن إيجابيا تجاه النماذج الناجحة وفي بدايتها المقاومة اللبنانية ومن ثم المقاومة الفلسطينية التي حققت انتصارات ذات دلالات واضحة، مشيرا إلى أن المؤامرة التكفيرية التي استهدفت سوريا وحزب الله والشعب العراقي هي معركة تصب في خدمة أمريكا وإسرائيل.
ويضيف السيد القائد “بعض الأنظمة تسعى لإقامة علاقات مع إسرائيل حتى على المستوى الثقافي وهذا يخدم اليهود للسيطرة على الأمة في كل المجالات موضحا بأنه لا مبرر لكل الذين اتجهوا نحو العمالة والولاء للعدو الإسرائيلي وتنفيذ مؤامراته ولا مبرر للجامدين واليائسين”.
وهكذا يثبت اليمن من جديد انحيازه المطلق لشرفاء الأمة متسلحاً بهويته الإيمانية وبثقته بالله ونصره وتأييده لعباده المؤمنين.

قد يعجبك ايضا