العام 2013م كان امتدادا صعباٍ لأعوام سبقته
نعلق آمالاٍ كبيرةٍ على مخرجات مؤتمر الحوار ونتمنى أن تكون المدخل لتحسين ظروف البلاد
لنترك الماضي خلفنا بكل مساوئه ونتجه صوب العمل لما فيه الخير لبلادنا ومجتمعنا
نأمل أن يكون هذا العام محطة لتصحيح كثيرُ من الاختلالات التي أنهكت الوطن
بين عام آذن بالرحيل مخلفاٍ وراءه الكثير من الآثار التي دلت على مروره من هنا وعام يتقدم وئيد الخطى محملاٍ بالكثير من المفاجآت التي لا أحد يعلم بعد هل تكون سارةٍ أم خلاف ذلك يقف المواطن مستعرضا عامه السابق بكل ما ناله فيه من خير أو شر آملاٍ أن يكون الحال فيه أفضل من سابقه وأن يعم الخير والسِلام أرجاء البلاد.
“الثورة” التقت عدداِ من المواطنين الذين أدلوا بآرائهم حول عامهم المنصرم وآمالهم وتطلعاتهم في عام هم على عتباته.. فإلى الحصيلة..
لابد أن يكونِ القادمْ أفضل
لم يخف أغلبية من التقيناهم حنقهم تجاه الأوضاع التي مروا بها والأحداث التي كانت البلاد مسرحا لها في العام 2013 غير أنهم وبتوقُ كبير أبدوا شيئاِ من التفاؤل والأمل في استقبال عامهم الجديد الذي يأملون أن تستقر فيه أحوال البلاد وتخرج فيه من جميع المشكلات التي تعانيها ويكون نقطة البداية لعهدُ جديدُ عنوانه الأمن والسلام والنهضة والبناءْ والرقي فها هو أمين العماري موظف قطاع خاص يقول:
الحياة العام الماضي كانت متعبة خصوصاٍ أنه كان عاماٍ عمت فيه الوطن حالة من عدم الاستقرار وهذا ما لعب دوراٍ كبيراٍ في إقلاق حياة المواطن بشكل عام حيث كنا على مدار اليوم نسمع ونشاهد ونتابع عن مشاكل تحدث في أجزاء متفرقة من البلاد وهذا بدوره يؤثر على الجانب النفسي للمواطن وعلى أعماله وتحركاته حيث لا يطمئن للعمل في مثل هذه البيئة المضطربة.. وأنا أعرف الكثير من رجال الأعمال الذين أوقفوا كل أعمالهم وظلوا طوال السنة – ولا زالوا- يترقبون ما سيؤول إليه حال البلد فإذا ما وجدوا نوعاٍ من الاستقرار فإنهم لا شك سيستأنفون أعمالهم.. وأنت تعرف أنه كلما تحركت رؤوس الأموال بشكل أنشط وأسرع كان ذلك في صالح الاقتصاد العام للدولة من حيث إنجاز مشاريع وتوفير فرص عمل للأشخاص العاطلين فالاستقرار عامل مهم لبنا البلدان.
ويضيف: أما بالنسبة للعام القادم فمع أنه ليس لأحد القدرة على التكهن بما سيكون عليه الوضع العام في البلاد إلا أنني أعتقد أنه لا بد أن يكون أفضل من العام السابق والأعوام الذي قبله حيث يفترض أن تكون مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قد طبقت ونفذت على الواقع كون المواطن معول على هذه المخرجات أن تكون هي الخطوة الأولى للخروج بالبلاد من كثير من مشاكلها الحالية وأعتقد أن أهم ما يحتاجه المواطن كخطوة عاجلة وفي المقام الأول هو تحقيق الأمن والاستقرار ليكون المواطنون كافة آمنين على أنفسهم وأموالهم وأهليهم ثم تأتي بعدها الهم المعيشي الذي أصبح يشكل هاجسا لدى السواد الأعظم من المواطنين والذين هم إما تحت خط الفقر أو محدودي الدخل..
فالناس في اعتقادي لا يطلبون المستحيل أو ما يصعب على الدولة تحقيقه لهم وإذا ما توفر لهم الأمن والنظام والقانون الذي يكون الجميع في ظله سواسية وشعروا بالعدالة وتوفرت لهم فرص عمل فلا أظن أنهم سيطلبون أكثر.
كثرة العاطلين وركود سوق العمل
هناك.. في حراج العمال حيث البسطاء من الناس الذين يسعون مبكراٍ لكسب رزقهم الممهور بعرق الكد والجهد التقينا يحيى عطاء عامل بناء حيث تحدث إلينا قائلاٍ: خلال السنة الماضية عانى الناس عموما وكنا نحن العمال أكثرهم معاناة حيث أن بقية الناس هم إما موظفين أو أصحاب حرف أو محلات أو غير ذلك وبالتالي فهم أوفر حظا منا في كسب رزقهم أما نحن وبالأخص عمال البناء فعملنا ليس بشكل دائم بل إننا نظل عاطلين أياما وأسابيع وبعدها نحصل على شغل ليوم أو أيام معدودة ثم نعود لنفس الحالة ننتظر أن نحصل على شغل آخر وهكذا وخلال السنة الماضية كانت المعاناة أكبر حيث أن كثيراٍ من أعمال البناء والإنشاء توقفت نتيجة الوضع الاقتصادي الذي مرت به البلاد وهذا مما أثر علينا حيث زاد عدد العاطلين منا وقلت فرص الحصول على أعمال نتمنى أن يكون الحال هذا العام أفضل وأن تستقر الأوضاع في البلاد وتتحرك الأعمال كي تتوفر فرص العمل لكل الناس الذين يبحثون عن كسب رزقهم مهما كان العمل مرهقا ومتعباٍ.
التقيناه وهو يحمل معه أدوات النجارة وأعمال الديكور ماجد نعمان وهو أحد العمال المرحلين من المملكة العربية السعودية يقول ماجد: بالنسبة لي كانت السنة سيئة لقد تم ترحيلنا من المملكة العربية السعودية قبل أشهر فعدنا على أمل أن نحصل على فرصة عمل هنا في وطننا إلا أننا وصلنا والسوق راكد والأعمال قليلة بينما العمال عددهم كبير لذا من الصعب على فرصة عمل ندعو الله بأن يكون الحال السنة القادمة أفضل مما هو عليه.
عام أعجف
بعدم رضا يقول سعيد الشرعبي صاحب بقالة: لا تحدثني عن العام الماضي فهو عام أعجف ذكرنا بما يسمى السنين العجاف حيث أننا لم نشعر فيه أي تحسن عما سبقه سواء من حيث الأسعار أو حركة السوق والبيع والشراء حيث أن المواطن أحجم عن اقتناء الكثير من الحاجيات التي اعتبرها من الكماليات نظرا للوضع الاقتصادي السيئ في البلاد بشكل عام وكذا بالنسبة للأفراد.
ويضيف سعيد: الكثير من الزبائن قللوا من شراء السلع التي كانوا معتادين على شرائها منذ سنوات كما أن آخرين يلجأون لشراء آجل مما راكم الديون عندهم وقلص من رأس المال عندي وإذا ما امتنعت عن إعطائهم آجلا أو أخبرتهم بأن سعر سلعة ما قد ارتفع اتهموني بالانتهازية والاستغلال فلا نحن استفدنا من خلال بيع سلعنا ولا المواطن عذرنا وأعفانا من المسؤولية حيث تجد المواطن عادة ما يتهم التاجر بالانتهازية والاستغلال وهو لا يعلم أننا في الأخير جميعنا ضحايا لوضع عام مسيطر على البلاد.
كذلك مما ضاعف مشكلتنا خلال العام الفائت الانقطاعات المتواصلة للكهرباء فذلك ينعكس سلبا على حركة البيع والشراء خصوصا بيع المواد السلع التي يجب أن تحفظ في الثلاجة.
العام القادم أتمنى أن يكون عام خير وأن تهدأ المشاكل ويبدأ الناس في التفكير في كيفية بنا البلاد ونترك الماضي خلفنا بكل مساوئه ونتجه صوب العمل لما فيه الخير لبلادنا ومجتمعنا.
هناك ما يبعث على التفاؤل
بخلاف النظرة السوداوية حول العام 2013م لدى الكثير من المواطنين إلا أنك لن تعدم أن تجد من لديه ولو قدر بسيط من التفاؤل .. يقول محمد القاضي سائق تاكسي: حقيقة السنة الماضية وجدنا بعض التحسن عن الأعوام السابقة خصوصا في أن الأزمات لم تعد كثيرة كما كانت في أعوام سابقة وخاصة أزمات البنزين والغاز حيث كنا قد اعتدنا على أن يكون هناك أزمات في هذه المواد بين فترة وأخرى وكانت تمتد لأسابيع كذلك الكهرباء فرغم الاعتداءات المتكررة على خطوطها وأبراجها إلا أنه والحق يقال يتم عودتها بفترة قياسية وهذا شيء يبعث لدينا بعض التفاؤل ومع ذلك فبصراحة السنة الماضية لم تكن أوضاع البلاد تسر فدائما كنا نسمع عن مشاكل في أماكن متفرقة من البلاد حرب تشتعل في مكان وطريق يقطع في مكان واختطافات تتم في مكان واغتيال في مكان وكأن القيامة قائمة علينا من كل جهة وهذا بكل تأكيد يؤثر علي حياة المواطن من عدة نواح أولها من ناحية الشعور بانعدام الأمن فجميعنا يعلم أن الأمن هو أساس الحياة وكما يقال الأمان قبل الإيمان فالمواطن من المهم أن يشعر بالأمن وبأن حياته هو وأولاده في أمان وكذلك ممتلكاته يجب أن تكون آمنة.. وكما قلت لك إن الأمان هو أساس الحياة فمتى وجد الأمن ستهدأ كل المشاكل التي تعاني منها البلاد فالعاطل سيجد عملا والمخرب لن يجد فرصة للتخريب والأعمال كلها ستسير بشكل جيد وهذا كله يتطلب منا جميعا التكاتف والتعاون وكل واحد يشعر بمسئوليته وواجبه تجاه وطنه وتجاه إخوانه وأبناء شعبه.
الرأي ذاته يراه محمد القاضي موظف حكومي حيث يقول: العام الماضي بصراحة رغم ما عانى المواطن فيه من متاعب إلا أننا لمسنا فيه بعض الأمور الإيجابية والتي لا يمكن أن ينكرها أحد فمثلا استقرار الأسعار حيث أن القليل من السلع في السوق هي التي شهدت ارتفاعا طبعا المواطن كان يأمل بتراجع أسعار السلع وارتفاع قيمة الريال إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل وبالتالي أعتقد أن علينا أن نقبل بهذا القليل المتمثل في استقرار أسعار السوق وسعر الريال لكن ذلك لا يعني الرضا المطلق حيث نعلق آمالاٍ كبيرة على مخرجات مؤتمر الحوار ونتمنى أن تكون المدخل لتحسين ظروف هذه البلاد التي عانى أبناؤها الكثير من المتاعب والأزمات والمشاكل وأبرزها الاختلالات الأمنية وكثرة أحداث الاغتيالات والاختطافات والتقطعات وكذا القصور في توفير الخدمات الأساسية للمواطن مثل الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وكذا الإضرابات التي كانت تحدث بين الحين والآخر في العديد من القطاعات الخدمية سواء في المدارس أو المستشفيات أو الهيئات والمؤسسات المختلفة والتي كان يقوم بها الموظفون نتيجة لمطالب كانوا يقولون أنهم قد طرقوا كل السبل للحصول عليها إلا أن ذلك في نهاية المطاف كان ينعكس سلبا على حياة المواطن الذي من المفترض أن تلبى احتياجاته عبر هذه المؤسسات والمرافق الخدمية.
لا نريد أن نبدأ عامنا بنظرة تشاؤمية بل علينا أن نبدي بعضا من التفاؤل في أن هذا العام سيكون محطة لتصحيح كثير من الاختلالات التي أنهكت البلاد والعباد وضاعفت من الأعباء على المواطن حتى أصبحت الحياة المعيشية في أدنى مستوياتها هي غاية غالبية الشعب.
نقطة انطلاق
كان خاتمة لقاءاتنا مع الشيخ محمد ناجي حيدرة عاقل حارة شهداء السبعين حيث تحدث إلينا قائلاٍ: نتمنى أن يحل هذا العام علينا ويتم خلاله تجاوز الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ سنوات أما بالنسبة للعام 2013م فقد كان امتدادا سيئا لسنوات سبقته من الفوضى وتدني المستوى المعيشي والصراعات السياسية والحزبية والطائفية التي يدفع ثمنها الوطن عموما والمواطن البسيط بشكل خاص.
مرت بالبلاد العام الماضي أزمات متعددة وفي جميع نواحي الحياة وكل يوم كانت تتزايد هذه الأزمات وتتوالد لتأتي أزمات جديدة.. فلو أننا تحدثنا عن المشاكل في جانب واحد من جوانب الحياة فلن يكفينا الكثير من الوقت لطرحها..
سأحاول أن أقول رسالتي باختصار وهي أولا إلى القيادات الوطنية في هذه البلاد أن عليهم أن يلتفتوا إلى المواطن وإلى معاناة الناس البسطاء الذين يظلون يلهثون وراء لقمة العيش والتي أصبحت تمثل لهم الهم الأكبر..
ثم إلى جميع القوى السياسية على اختلافها فالوطن وطن الجميع ويكفينا ما لاقيناه فمهما بلغت بكم الاختلافات والتبايانات تذكروا دائما أننا جميعا أبناء هذا الوطن وأنه بإمكاننا أن نبنيه ونعيش جميعنا في خير وسلام متى ما وجدت النيات الصادقة منا جميعا فالخلافات والصراعات السياسية على مدى سنوات لم نجن منها إلا ما وصلنا إليه من تدهور اتركوا خلافاتكم جانبا وتعالوا نبني وطننا فالمرحلة لم تعد تحتمل والبلاد شارفت على السقوط في الهاوية فإما أن نتداركها جميعا كل من موقعه ونعمل لما فيه خيرها أو نستعد لتحمل النتيجة في حال بقينا على خلافاتنا وتمزقنا وتصارعنا ونسينا أمر وطن يكاد أن ينهار بسببها.
أما الرسالة الأخيرة فهي لجميع أبناء الشعب علينا جميعا السعي لما فيه خير هذا الوطن الذي نعيش فيه ونأكل من خيراته علينا نبذ العنف والتطرف والتعصب القبلي والمناطقي والمذهبي والاحتكام جميعا للنظام والقانون والحرص على أن لا نكون أداة في تخريب الوطن ومعاول هدم له فنحن الخاسر الأكبر من ذلك.
لنجعل من عامنا الذي نحن في استقباله نقطة انطلاق لتغيير واقعنا نحو الأفضل فنحن لسنا أقل من غيرنا من شعوب العالم التي نهضت من الحضيض وها هي اليوم تزاحم أكبر اقتصادات العالم.