سعيد شكابة
تريم بمحافظة حضرموت شرقي اليمن مدينة لها مميزات جمة في التفرد بالكثير من العادات والتقاليد الدينية والشعبية المتعددة التي تملك بموجبها مدينة الصديق علامة الجودة الحصرية في عبق الخصوصية .
ولعل من تلك العادات والتقاليد والصفات عادات تميزت بها الغناء تريم في شهر رمضان المبارك وانفردت بها دون غيرها من مدن وقرى محافظة حضرموت عموماً ، وإن كان البعض منها قد انقرضت وبعضها في طريقها إلى الانقراض ولكن البعض الآخر مازال مستمراً بروحانية كاملة وتميز فريد .
ومن الأمثلة على تلك العادات التي كانت سائدة آنذاك في تريم إنه عند استقبال شهر رمضان المعظم كان السلف الصالح يقومون بتقديم التهاني والترحيب بالشهر الفضيل في مساجد تريم قبل ستة أشهر من قدوم هذا الشهر المبارك ترحيباً وابتهالاً بقدومه كما أنهم يعملون عند نهايته ولمدة ستة أشهر على توديعه ، هذه العادات مازالت مستمرة وتشهدها مساجد تريم حتى اليوم ولكن ليس بمثل ما كانت عليه ، حيث يتم الآن تقديم التهاني والترحيب بالشهر الفضيل في النصف الأول من الشهر وفي النصف الثاني منه تتم عملية التوديع له .
ومن العادات أيضاً في تريم الغناء أنه عند حلول شهر رمضان كان الناس يقومون بإشعال النار في قمة أعلى جبل فيها ولكن هذه العادة انقرضت مع تطور الأمور ومواكبة التطور العلمي الهائل كون تلك العادات كانت تستخدم لإعلام أصحاب المناطق البعيدة من المدينة بحلول شهر رمضان المعظم .
تهيئة المساجد ورشها بالعطور:
وهناك الكثير من العادات والممارسات الدينية التي كانت تتميز بها مساجد تريم دون غيرها في هذا الشهر ومنها إنه في شهر رمضان تفتح مختلف مساجد تريم من أول النهار وحتى آخر الليل وتهيأ تهيئة كاملة لمكوث المصلين فيها من خلال رشها بالعطور وتطييبها بالبخور وتوفير كل احتياجاتهم ومتطلباتهم المختلفة وهذه العادة تتم في أغلب المساجد وخصوصاً مسجد الجامع ومسجد المحضار ومسجد باعلوي وغيرها وهي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا .
قراءة القرآن في المساجد:-
وفي شهر رمضان ترى الناس في تريم يجتمعون في المساجد لقراءة القرآن على هيئة حزب ويتم ختم القرآن في أغلب المساجد كل أربعة ليال ويسمى ذلك غلاق الربع ، وعند الختم يتم الاجتماع في المساجد و خصوصاً في مسجد المحضار ويكون اجتماعاً قرآنياً فريداً ومتميزاً .
وأكثر ما يميز مساجد تريم دون غيرها هو أن لكل مسجد على حدة ختمٌ للقرآن في ليلة محددة تبدأ من ليلة التاسع من شهر رمضان ((اليوم الثامن)) ولذلك يأتي الناس من شتى الأماكن لأداء صلاة التراويح وختم القرآن والابتهال بالأدعية والأذكار حتى طلوع الفجر.
الرِّوحة منذ مائة عام:-
ومن العادات والممارسات الدينية التي تتم في مساجد تريم خلال أيام شهر رمضان المبارك إلقاء الدروس العلمية وتسمى جلسات هذه الدروس «الروحة» وأغلب الأوقات التي يتم فيها إلقاء الدروس في المساجد تكون بعد صلاة العصر ويتم خلالها قراءة السير النبوية وكتب الفقه وكذلك الأحاديث والآداب النبوية وكتب التصوف ومن أشهر المساجد التي تلقى فيها تلك الدروس الآن جامع تريم والذي كان يقوم بإلقائها هناك الداعية الإسلامي الحبيب العلامة المرحوم/سالم عبدالله الشاطري عميد معهد رباط تريم للعلوم الشرعية ثم واصل بإلقائها من بعده الحبيب العلامة المرحوم/علي المشهور بن محمد بن سالم بن حفيظ رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بتريم مدير معهد دار المصطفى للدراسات الإسلامية بتريم حتى توفاه الله ثم قام بمواصلتها من بعدهم الداعية الإسلامي الحبيب العلامة/عبدالرحمن بن علي المشهور بن محمد بن سالم بن حفيظ أحد مشائخ دار المصطفى للدراسات الإسلامية بتريم عضو قيادة مجلس الإفتاء الشرعي بتريم حفاظاً عليها وعلى الأستفادة منها والحفاظ على استمرارها وإقامتها دليل اقتداء بمؤسسها الشيخ العلامة/عبدالله المحضار الذي أسسها قبل حوالي مائة عام ومازالت قائمة حتى اليوم.