القدس المحتلة/
لا شك أن الإعلان عن عوده قنوات الاتصال الأمريكية – الفلسطينية ما هي إلا لتمرير ضغوط إدارة البيت الأبيض على الطرف الفلسطيني للقبول بإملاءات الكيان الصهيوني باعتباره رأس رمح سياساتها في المنطقة وأداه لشرعنة وجوده وتغطية جرائمه بحق الشعب الفلسطينى .
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه إجراء اتصالات رسمية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد مقاطعة فلسطينية للإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب رداً على اعترافها بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
وقال اشتيه إنه أجرى اتصال مع “إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جوزيف بايدن ممثلة بهادي عمرو، مسؤول ملف الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية في وزارة الخارجية الأمريكية”.
وأضاف اشتيه، في بداية الاجتماع الأسبوعي للحكومة في رام الله “تم مناقشة سبل إعادة العلاقات الفلسطينية الأمريكية، خصوصاً من حيث فتح المكاتب الدبلوماسية والقنصلية، وعودة المساعدات الأمريكية، ودعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا)، وسبل دفع العملية السياسية قدماً”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أوقف كل التعاملات السياسية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد قراره في ديسمبر 2017م، الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وأوقفت الإدارة الأمريكية السابقة كافة المساعدات المادية للسلطة الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما أغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس.
وأوضح اشتيه، أنه ناقش “استعداد الرئيس أبو مازن (محمود عباس) إلى مسار سياسي جدي مبني على الشرعية الدولية والقانون الدولي وتحت مظلة الرباعية الدولية”.
ونقل اشتيه عن عمرو تأكيده “التزام الإدارة الأمريكية بما جاء في برنامجها الانتخابي وأنها سوف تعمل على تنفيذه بالتدريج “.
وتعقيبًا على ْعوَدِه الاتصالات الامريكية الفلسطينية يقول المحلل السياسي مروان كنفاني “قبل أن نرفع رايات النصر والاطمئنان للإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن علينا أن ندرك أن سياسة واشنطن هي استمرار لكافة السياسات الثابتة للرؤساء السابقين منذ عام 1948، والتي اكتوى منها الشعب الفلسطيني ولا زالت الآثار ماثلة حتى الآن”.
ويدلل كنفاني على تواطؤ واشنطن مع الكيان الصهيوني بالتذكير بأن الولايات المتحدة لم تؤيد أي قرار من الأمم المتحدة يدعم القضية الفلسطينية، واعترضت ورفضت أي قرار يتعلق بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.
بدوره حذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا بالداخل الفلسطيني المحتل، الدكتور أسعد غانم، من رهان قيادة السلطة الفلسطينية على الرئيس الأمريكي الجديد بايدن.
وقال غانم ” لا يمكن توقع تراجع الإدارة الجديدة عن قرارات الإدارة السابقة، وما دون ذلك مجرد “أوهام” تصدرها قيادة السلطة والمرتبطين بها للشعب الفلسطيني، لأنه لم يعد لديهم شيء آخر.
وبشأن إعلان رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، تطلع السلطة لعودة العلاقات مع واشنطن، قال د. غانم: إن الفلسطينيين يريدون موقفًا أمريكيًا جديًّا في التعامل مع قضيتهم، وهذا لن يكون.
وأوضح أن الاحتفاء ببايدن لن يقابله تراجع عن قرارات الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، فيما يتعلق بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة من “تل أبيب”.
وشدد المحلل السياسي الفلسطيني على وصول السلطة الفلسطينية إلى طريق مسدود جعلها تراهن على إدارة بايدن خاصة بعد قرار الأخيرة إعادة فتح القنصلية الأمريكية بمدينة القدس المحتلة وعزمها السماح باستئناف فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
إلا أن ذلك لن يقابله تغير جذري في العلاقة بين إدارة بايدن و(إسرائيل)، ولن تشكل ضغطًا عليها لتقديم تنازلات من أجل الفلسطينيين.
وقال غانم “لا يمكن تعليق الآمال على بايدن خاصة وقد أعلن أنه صهيوني أكثر من أي صهيوني آخر”.
ورجح أن يكتشف الجميع سريعًا تغيرًا جذريًّا في سياسة إدارة بايدن مثلما جرى في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما حيث شهدت “أحلام وآمال لم يتحقق منها شيء، لأن هناك لوبيًّا صهيونيًّا و”كونجرس” أمريكيًّا وقوى جدية تدعم (إسرائيل)”.
وعن إمكانية تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن “صفقة القرن”، أكد غانم أنه من غير المنطقي أن تتراجع إدارة بايدن عنها بعد أن نفذت في عهد ترامب، مشيرًا إلى أنه عند نقل السفارة الأمريكية إلى القدس دعت (إسرائيل) شخصيات بأعداد غير محدودة من الديمقراطيين والجمهوريين على حدٍّ سواء لحضور الاحتفال، إضافة إلى ضم غور الأردن الذي تسيطر عليه (إسرائيل) فعليًّا، والتطبيع مع دول عربية وترحيب بايدن وإدارته به.
الكاتبة والمحللة السياسية نور عودة رأت أنه يجب على الفلسطينيين عدم التفاؤل كثيرًا أو وضع توقعات عالية نحو ما ستقدمه الإدارة الأمريكية الجديدة للقضية الفلسطينية.
وقالت عودة في حديثها لـ”فلسطين”: بكل تأكيد بايدن لن يتراجع عن قرارات ترامب المتعلقة باعتراف الولايات المتحدة بالقدس المحتلة عاصمة للاحتلال بسبب وجود قرار سابق من الكونغرس الأمريكي.
وبينت أن هناك ملفات كبيرة لن يتراجع عنها بايدن، وهو ما كان واضحًا في جلسة الاستماع لوزير خارجيته، حيث لن يتراجع عن قرارات نقل السفارة من (تل أبيب) إلى مدينة القدس المحتلة أيضًا.
وأضافت “ولا يعرف بعد وصول الرئيس بادين إلى الحكم في البيت الأبيض ما هو مصير باقي القرارات التي كانت جميعها لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وضد القضية الفلسطينية”.
وأوضحت عودة أن هناك الكثير من القرارات التي قررها ترامب كان منها قرارات سياسية وإداري، ومنها ما يطبق بقوة القانون، لذلك من المبكر جدًّا الحديث عن إلغاء إدارة بايدن قرارات ترامب أو الرجوع عنها.
وأشارت إلى أن بايدن سيتراجع عن بعض القرارات، كإعادة دعم الولايات المتحدة للأونروا، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، لكونها تنسجم مع السياسية الأمريكية، وتأتي ضمن محاولات الرئيس الجديد لترميم علاقات بلاده الدولية ومكانتها التي حطمها ترامب.
من جانبه بيّن الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور عادل سمارة، أنه من النادر أن يتراجع رئيس أمريكي جديد عن قرارات اتخذها سابقه، وخاصة أن جميعهم يؤيدون الاحتلال الإسرائيلي.
وقال سمارة في حديثه لـ”فلسطين”: من المستبعد جدًّا أن يعمل بايدن على إبطال قرارات ترامب بشأن القدس، أو إعادة السفارة الأمريكية إلى (تل أبيب) بدلًا من المدينة المقدسة.
وأضاف “الإدارة الأمريكية الجديدة تشمل شخصيات يهودية، وهو ما يظهر حجم دعم بايدن للاحتلال، ومدى تأييده الشديد له”.
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية مطالبة بعدم الانخداع من حديث بايدن بشأن القضية الفلسطينية، خاصة أن قيادة السلطة تهيئ نفسها للعودة إلى مفاوضات التسوية .